نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 24-9-2013
السنة السابعة
العدد: 2216
الثلاثاء الحرّ:
نبذة: محاولة نفى الترادف بين الدين والإيمان والسلطة الدينية، مع التأكيد على حتم حضور الله فى الوعى الفردى والجمعى إلى الوعى المطلق طول الوقت، عبادة وكدحا إلى وجهه تعالى.
فصل الدين عن السياسة، أم فصل الناس عن ربنا؟ (1)
الدين ليس حلية إضافية لمن شاء أن يرتديها، يا حبذا فى السر، والإيمان ليس نشاطا ثانويا يمارسه من يشاء وهو يتأمل هائما فى وجـْد خاص بعيدا عن معترك الحياة.
كذلك السياسة ليست هى ما يمارسه رجال السياسة فحسب، فالإنسان سياسى بطبعه، وهو سياسى رغم أنفه، حتى لو لم يذهب إلى الصناديق أو يمشى فى مظاهرة، فكيف بالله عليكم يرتفع النقاش هكذا بعيدا عن الطبيعة البشرية، وعن المسيرة التاريخية، وعن التنظيم الإلهى بزعم فصل الدين عن السياسة؟
الذى لا بد أن تفصل فصلا تاما هى وصاية من احتكر تفسير الدين فى وقت معين من حركية تطور الإنسان نحو وجه الله، وبالتالى استولى على حق كل البشر الآخرين فى الاجتهاد نحو خالقهم إبداعا وعبادة وتسبيحا، ينبغى أن تفصل هذه الوصاية تماما ودائما دون أى استبعاد لحركية الإيمان للرقى بالبشر وتكريمهم فى كدحهم حمدا لله على ما أكرمهم به من عقول ووعى وفطرة سليمة، إن هذه الوصاية البشرية المحتكِرَة لا بد أن تحول بين الإنسان الفرد وربه لو أنه سلم لأصحابها أن ينوبوا عنه فى استعمال وعيه وكدحه إلى وجه ربه، وهو يحمل أمانته، ويعمر أرضه، ويسبح له.
ما دمنا سنلقاه كل منا فردا فردا، ما دام سيتبرأ منا الذين اتبعناهم دون إعمال وعينا الإيمانى قبل ومع عقولنا، وما دام “.. هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها” ، فعلينا ألا نسلم عقولنا ووعينا لغيرنا، خاصة إذا امتلك هؤلاء الوصاة أدوات السلطة القاهرة والماسخة، لأنهم لن يكتفوا بفرض طريقة السلوك، بل ايضا وقبلا طريقة التفكير، مع أن الله هو الذى خلق لنا حدس الإدراك، ونبض القلوب التى فى الصدور، نعرفه ونؤمن به ونسبح له من خلالها دون وصاية.
كل ما دعوت له فى مقال أمس، أعيده اليوم مع إضافة بين قوسين، وبعض التحديث، لأنه بدا لى مما وصلنى من تعليقات أننى عجزت عن إيضاحه كما ينبغى.
نبهت أمس أنه علينا أن ننتبه تماما ودائما ألا يستعمل الإسلام فى الداخل والخارج، من أى إنسان كان، مسلما وغير مسلم فى أى مما يلى:
(1) للحصول على سلطة (من كراسى مجلس الشعب إلى كرسى الرئاسة).
(2) للاستيلاء على سوق، أو حلفاء تابعيين أو قتلة مأجورين (القاعدة، وأوباما والقوى المالية العالمية المفترسة من ورائهم).
(3) للحصول على مواد خام تحت يد بعض المسلمين (بترول الخليج أوغاز المتوسط).
(4) للتفرقة بين أهل الأديان، بل بين أصحاب الدين الواحد، تمهيدا لبتر الفئة المخالفة لدين العولمة الجيد.
(5) للاستيلاء على توجهات الوعى البدائى، لبرمجة العامة لصالح غير وجه الله
بالله عليكم هل يوحى أى من هذه الآراء بدعوتى لفصل الدين عن السياسة فى حدود ما أوضحت اليوم؟
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 10-9-2013