الأهرام : 4-3-1981
الثقافة قيمة وفعل تغيير
ان الحديث عن هموم الثقافة حديث يطول ويقلق فى نفس الوقت (ولو كان هما واحدا لاحتملته، ولكنه هم وثان وثالث)، وقد تعرضت كلمة الثقافة لاستعمالات خاصة ومتنوعة كانت تخل بمحتواها التضمينى، فمنذ عهد قريب سمعنا عن ازمة المثقفين باعتبارهم مغتربين عن الواقع العملى، وفى نفس الوقت سمعنا من يطلب “الثورة الثقافية” باعتبارها الوسيلة العنيفة ليكون الشعار المثالى فعلا واقعيا فوريا، كما تدخلت الترجمة فى غموض الموقف حيث اقترنت العوامل الثقافية فى بعض الكتابات بما يشير الى العوامل البيئية بشكل او بآخر، وأول ما يهتم له من يتناول هذا الموضوع هو اعادة تعريف الثقافة وتمييز متضمنائها المتباينة أحيانا، نميز أولا بين الثقافة كانفصال واستعلاء وعقلنة وبديل عن الممارسة الابداعية اليومية، وبين الثقافة كابداع ايجابى شديد التأثير على كل الدوائر المنطلقة من بؤرته، فالأولى رفاهية ندرة من الناس استغنوا بزينة العقل عن فعل الواقع وابداع الثورة والثانية تواصل ورسالة معرفية رائدة يتردد اثرها فى كل البقاع ليعيش الانسان اعمق وارقى، وهموم الثقافة تتصل بالحالتين بلا جدال، إلا انى ساكتفى بتناول المعنى الايجابى الثانى وانا اقدم الثقافة كقيمة تمارس
وقد تناولت هذه الصفحة هموم الثفافة من زوايا غاية فى الأهمية من حيث ضرورة اتساع رقعة النشر وتدعيم سعر الورق وتناسب الجزاء المادى مع الجهد المبذول وارتفاع الاسعار الى آخر هذه القضايا الملحة. الا أن هذا كله لا يكفى لتصبح الثفاة المعرفة. الفعل عاملا مؤثرا فى نمو مجتمع ما ورسم خطاه وتوجيه ناسه، فلا سك أننا نحتاج أن نعرف ونعيش – ثم يعرف اطفالنا من خلال ذلك – أن الثفاة قيمة فى ذاتها تستحق السعى اليها والافتخار بها، ولا يتم ذلك الا بممارستها كقيمة يومية لها عائد نفسى ونفعى مباشر (مثل الشطارة والوسامة والرفاهية وخلافه – وقبل ذلك جميعا). فالحاصل على الدكتوراه