نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 20-11-2013
السنة السابعة
العدد: 2273
التوحيد جوهر ثقافتنا وثقافة كل المؤمنين (1)
ثقافتنا الإيمانية، تتمحور حول نفى الشرك بكل ملة ودين، وبالتالى التأكيد على أنه لا يوجد دين بذاته له الحق فى الاستيلاء على حق أى منا أن يعايش حضور ربه فى وعيه، امتدادا إلى منتهى ما وسع كرسيه سبحانه، ومن ثم : انطلاقا إلى ما بعده (الغيب)، وقد حاولت أن ابين أن هذه الثقافة ليست خاصة بنا تحديدا، لكنها جديرة أن تساهم فى تخليق حضارة إنسانية دائمة التجدد والإبداع، كدحا إلى وجه الحق تعالى، وفى نفس الوقت أردت أن أنبه من خلال ذلك إلى أن الدعوة إلى فصل رجال الدين عن التحكم فى السياسة وبالتالى عن التحكم فى عقول ووعى وسلوك الناس، وهى دعوة مشروعة وضرورية، لا ينبغى أن تمتد بغفلة إلى الإسهام فى فصل هذه الثقافة التوحيدية الراقية (الإيمان والتوحيد) عن وعى كل البشر.
إن الدين ليس هو الإيمان وإنما هو الطريق إليه، وان الإيمان هو الطريق إلى الله، وليس غاية المراد فى ذاته، وأن الله حاضر طول الوقت فى وعى البشر جميعا حتى من لم يسمّه كذلك، من كل هذا يمكن أن أخلص مرة أخرى إلى أنه لا يجوز أن يُختزل الإيمان إلى الإسلام ، ولا إلى أى دين، ولا أن يترادف معه، فما الإسلام – مثلا- إلا خطوة نحو الإيمان، الذى إذا دخل القلب (كل مستويات الوعى) صار طريقا إلى وجه الله، ينقى الوعى البشرى والوجود البشرى من كل شرك، الأمر الذى يناقض، ويواجه –غالبا- دعاوى الأديان الزائفة، المحلى منها والمستورد ، الأصلى والمضروب .
ثم أختم بمقتطفين من أعمالى النقدية، ربما يوصّلان المعنى أوضح:
الأول: ” …. تناول ديستويفسكى حضور الله سبحانه فى وعى الإخوه كارامازوف واحداً واحداً ليعلن بطريق مباشر وغير مباشر أن هذا المتغير (حضور الله فى الوعى) هو أساسى فى بناء الشخصية، ومن ثم فى تحديد نوعية الحياة، بحضورها الآنى فى الفعل اليومى، يستوى فى ذلك تسليم إيفان الملحد بأنه.. إذا فقدت الإنسانيه هذا الإعتقاد بالخلود فسرعان ما ستغيض جميع ينابيع الحب….، او رأى ديمترى أنه: أنك إذا أنكرت الله تنتهى إلى زياده سعر اللحم.. الخ.
الثانى: “…. ظل نجيب محفوظ يلح حول هذه القضية بكل إصرار ومثابرة من أول زعبلاوى حتى الحرافيش إلى أصداء السيرة، مرورا بـ”الطريق” دون إستبعاد أولاد حارتنا، وأيضا مع تذكر خبرة عمر الحمزاوى فى نهاية “الشحاذ”، ورحلة ابن فطومة.
انتهى المقتطفان
أما تجليات هذه الحقيقة فى الفعل اليومى، بما فى ذلك السياسة، فلهذا حديث آخر.
[1] – تم نشر هذا المقال فى موقع “اليوم السابع” بتاريخ 14-9-2013