اليوم السابع
الخميس 30-1-2014
التجريم العام + اليأس التام = دعوة للتطهير العرقى
من حق الإعلام، بل من واجبه أن يكشف الستار عن بشاعة ما يجرى من هؤلاء القتلة والمجرمين والإرهاربين إلى آخر ما يستحقون من مثل هذه الأوصاف وأكثر، لكن ليس من حقه أن يضع كل هؤلاء فى سلة واحدة ثم يتخذ من إصلاحهم أو توبتهم أو تنويرهم أو إفاقتهم موقف اليأس المطلق مهما بلغت بشاعتهم، المعادلة التى يتجنب الوعى بها كل هؤلاء هى كالتالى: التجريم العام لفئة بذاتها مع اليأس التام منها مائة فى المائة هى دعوة ضمنية إلى التطهير العرقى الذى يكافىء إزالة ورم خبيث لا أمل فى شفائه حتى لا ينتشر فيقضى على الجسم كله ويتنزع منه الحياة.
ضمن حوارى مع الإعلاميين المضيفين الذين أشرت إليهم أمس، قلت: ماذا يفيد الناس أن يواصل الإعلام ذم وقذف وتعرية وهجاء وقدح هؤلاء الإخوان، مع أنهم هم أنفسهم يقومون بعمل اللازم فى تشويه أنفسهم أكثر من أى إعلام مضاد، إن ما يقومون به مما لا يخفى على المتابع العادى والرأى العام والإعلام المتوازن قد أوصل لكل الناس إلا من هم على قلوبهم أقفالها مدى القسوة والإهانة وعدم الانتماء والتخريب التى يمارسونها جهارا نهارا أمام الشخص العادى،، وقد ظهرت أثار ذلك فى تشكيلات متنوعة مثل التجمعات والمسيرات والمعارك الشعبية التى تعترض طريق مظاهراتهم وتجمعات احتجاجاتهم، وأيضا ظهرت فى موجات الكراهية حتى التقزز التى تقفز إلى وجوه المصريين الطيبيين حين يذكرون أمامهم، فإذا كان الأمر كذلك فما هو المبرر أن يركز الإعلامى تلو الإعلامى فى التأكيد على أنهم “وحشين جدا جدا” “ومش كويسين خالص”، إلى أن قال: و”مجرمين” و”قتلة” و”خونة” و”جواسيس”، هذا ما نسميه فى بلدنا “بيخطَّطْ فى المتخطط”، وقياسا “بيشوه المتشوه”.
برغم كل ذلك تظل كل هذه الأحكام هى المنطق العام والشائع الجارى، والأنباء المرسلة، المفروض أننا بعد الانسياق وراء كل ذلك ألا نتمادى فى التعميم على فئة من المصريين المسلمين لا يقل عددهم – فى نظرى – عن مليون أو اثنين، وأن يظل الحكم بالإجرام أو الخيانة أو القتل قاصرا على فئة منهم دون مجموعهم معا دون استثناء، وذلك بعد أن يصدر القضاء حكما نهائيا على شخوص منهم – أو من غيرهم – لهم أسماء ورقم قومى ومحامون وعليهم أدلة ثابتة فحكم دامغ.
كلما كتبت ذلك أو مثل ذلك، أو دعوت لهم أو لبعضهم بالهداية، تصور الأصدقاء وغير الأصدقاء أننى أدافع عن الإخوان أو حتى أننى إخوانى، ومع أننى لا أعتبر أن هذا فى حد ذاته صفة علىّ أن أتبرأ منها، لدرجة تحرمنى من حقى أن آمل فى رحمة ربنا وهدايته، لأى مخطئ وأى مجرم بل وأى كافر، نبهت ابنى الإعلامى من أن جمع هذا المليون أو أكثر دون تمييز، ووصفه بنفس الصفات واتهامه بنفس الاتهامات بل وإصدار الإحكام عليهم جماعة بأنهم لم يعودوا يصلحون مصريين أو مسلمين ولا حتى بشرا، ليس له معنى إلا طلب إبادتهم من على وجه الأرض، أو على الأقل إزالتهم من أرض مصر،أليس هذا هو التطهير العرقى بعينه؟ مع أننا نحن المصريين شعبا وحكاما، حالا وتاريخا، أبعد ما نكون عن مثل ذلك، بألفاظ أخرى: لو صحت كل الصفات التى نلصقها بهم، وكل الجرائم التى نحملهم مسئوليتها، وكل التعميم الذى نمارسه على كل أفراد جماعتهم، وفى نفس الوقت كنا على يقين من يأسنا من إصلاحهم أو توبتهم يأسا مطلقا مائة فى المائة كما يتردد، فإن ذلك لا يعنى إلا التخطيط بأسرع ما يمكن للتخلص منهم جماعة وأفرادا، بكل الطرق الممكنة، ينزعج من يسمع ذلك لكنه يصر على هجومه ويصر على يأسه، ولا يبقى فى حقيقة موقفه إلا أن “التطهير” هو الحل.
أنا لا أتصور أن أيا من الإعلاميين الذين رفضوا أملى فى كثير منهم أو دعائى لهم بالهداية بشرا خلقهم الله فيهم وفيهم، أن ايا منهم فكر فى تطهيرهم عرقيا، وبالرغم من ذلك فإن اليأس المطلق والتعميم غير الانتقائى ليس له معنى إلا هذا، التطهير حتى مع وقف التنفيذ، حتى لو ظل فى غيابة اللاشعور.