نشرت فى الاهرام
14-11-2005
الانتخابات، وأبسط معايير التغيير
من حق كل مرشح، وكل حزب أن يقول ما بدى له أثناء الدعاية، الواقع يقول: كل شىء مشروع فى الحب والحرب والسياسة، وبالذات فى الانتخابات. مع ذلك لابد أن نعد بعض المحكات والمعايير التى يمكن أن نقيس بها التغيير الذى وعدونا به. دع جانبا الأرقام الرسمية عن الدخل القومى، ومعدل التضخم، ونسب البطالة، هذا كلام كبير صعب الفهم ما لم يترجم إلى سلوك ومظاهر فى البيوت والمدارس والشارع.
إذا زرت بلدا لا تعرفه، وأردت أن تتعرف على ما إذا كانت هناك دولة تحكمه، وعن مدى احترام مواطنها لدولته، و مدى احترام الدولة له، ناهيك عن مدى تحضره وإبداعه وإنتاجيته، فأنت لا تحتاج أن تفحص نصوص القوانين أو تدرس مواد دستورها، ولا أن تعرف مدى انتشار الأمية، أو عدد دور السينما والمتاحف، كل ما عليك هو أن تمشى فى الشارع، أو تقود سيارتك، أو تدخل إلى دورة مياه عامة، أو تنتظر فى صف أمام شباك، أو تشاهد تكدس السيارات على جانبى الرصيف أو فوقه، أو تلاحظ الخوف من كسر إشارات المرور (وليس بالضرورة احترامها)، أو تقضى حاجة من قسم بوليس، وسوف تعرف أى دولة تحكم هذا البلد، ثم مدى حضور هذه الدولة فى وعى الناس، وليس فقط فى أوراق التحقيق أو أقسام البوليس. إذا تغير أى من ذلك فى الشارع المصرى، أو المدرسة، أو العمل،.. بعد الانتخابات، فقد حدث التغيير أيا كان من تولى أمرنا، وإلا، فلننتظر خمس سنوات أخرى، داعين الله والناخبين أن يولوا من يصلح، ويغيّر.
حين هتف صلاح عبد الصبور فى”ليلى والمجنون”: “… يأتى من بعدى من لا يتحدث بالأمثال…إلخ” وكذا حين قال صلاح جاهين “إفعل أى شىء تقرره، وستجد مثلا يبرره”، كان كلاهما يحذرنا من الاكتفاء بإطلاق الأمثال سخرية أو فرجة أو تبريرا، ومع ذلك لم أستطع أن امنع نفسى من أن أتقمص بعض الوعى الشعبى هذه الأيام وأن أنسج على منواله، سمعت حدس الناس يصف ما حولى يمينا ويسارا، حكومة وأهالى، هجوما ودفاعا، من خلال أمثال شائعة تقول: (1) إللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش(2) أسمع كلامك أصدقك أشوف عمايلك أتعجب (3) “مِـن شقـفة لطوبة يا قلبى ما تحزن (4) جوّزوا مشكاح لريمة، ما على الاتنين قيمة (5) موت ياحمار على ما يجيلك العليق (6) اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى (8) وقت الله يعين الله (9) ” قال تعرف الكذبة من إيه؟ قال من كبرها. إلخ،
نسجت على منوالهم أقول (ا) قالوا للمرشح إوعد، قال جالك الفرج !!(ب) كلام الدعاية الانتخابية مدهون بزبدة، تحط عليه “الواقع” يسيح (ج) إنت تريد، وأنا أريد، وبوش يفعل ما يريد. ومنعت نفسى أن أواصل، ذلك أنه حضر إلى – فى خيالى- مرشحان فى نفس الدائرة، يحتج كل منهما على حدة أنى أعنيه بالمثل الفلانى (نفس المثل)، قلت كيف وكل منكما يقف على الطرف النقيض للآخر؟ ولم أقل طبعا، “إللى على راسه بطحة يحسس عليها”.
ودعوت الله أن يولى من يغير، وان نعرف كيف نقيس ما تغير بأبسط المعايير.