1-8-2012
تعتعة الوفد
الإعداد للثورة القادمة (2من3)
الثورة القادمة قادمة، متى؟ هذا هو الذى لا يمكن تحديده، لكن يبدوا أنها أقرب مما نتصور، فما دام مشروع الثورة الحالية قد أصيب بشيخوخة مبكرة بهذه السرعة دون ذنب أصحاب الفضل فى انبعاثه، وقد منح بعضهم عن طيب خاطر دماءهم وحياتهم لإنجازه، ومع ذلك تعثر وشاخ بفعل فاعل، ما دام الأمر كذلك فقد لزم أن نعيد النظر ولا نتوقف عند البكاء على لبن مسكوب، فمهما كان المآل محبطا فى المرحلة الحالية، فإن ثمة مكاسب قد تحققت على مستوى أخر، لفعل آخر، فقد كسبنا الثقة، وجربنا آليات تغييير لم نكن نحلم بها، ولاحت لنا آمال تشكيل دولة لها معالم مؤسسات، …إلخ.
فى مرحلة التقاط الأنفاس الحالية ما يسمح لنا أن نعيد النظر فى قواعد ومراحل الإعداد للثورة القدمة، آملين أن يكون الإعداد أكثر وعيا وأقدر على استمرار الثورة القادمة ونجاحها، إنه لا يكتب لأية ثورة أى نجاح إلا بإعداد طويل متراكم، بعضه مرتبط بالتحريض والإثارة، والأهم منه مرتبط بإعادة تشكيل الوعى القادر على استلام المسئولية فى الوقت المناسب، لا يكفى الانتباه إلى صوت نفير البداية الزاعق دون خوض الحرب حتى تحقيق النصر.
الثورة إبداع جماعى يتم فى أطوار متتابعة من الحشد والتراكم على مستوى أعمق، حتى يظهر فى نبضة الدفع الإطلاق (إطلاق اندفاعة فعل التغيير)، لا يكتب لثورة أى نجاح إلا بإعداد طويل متراكم بعضه مرتبط بها بشكل مباشر، والآخر خفى فاعل ينمو باضطراد مع أنه كثيرا ما يكون بعيدا عن بؤرة الوعى الخاص والعام، ولا نكتشفه إلا بعد رفع الغطاء وبداية الانتفاضة فحمل مسئولية التغيير، ثم إعداد جديد وهكذا، نحن قد لا ننتبه إلى تسمية الثورة ثورة ، إلا مع هذا الانطلاق، ولا نكتشف مدى متانة الحشد، وترتيب التراكم إلا من قدرة هذا الانطلاق على إعادة التشكيل، الثورة لا تكون ثورة بمجرد الانطلاق مهما كان المنظر وحسن النية، وكذا بالقدرة على دفع زخم الطاقة المتجمعة، وكذا القدرة على تحمل مضاعفات التفكيك، والقدرة على مواصلة إعادة التشكيل،
تعالوا نرد على الذين فوجئوا بوعى الشباب فى حركيتهم الباكرة، حتى عزى بعض المحللين كل الحركة إلى تحريك خارجى، فحرم الشباب من فضل المبادأة الباكرة والشجاعة والتضحية، فى حين أرجعها آخرون إلى ما جد على الشباب من قدرات أحدث فأحدث على التواصل والتنظيم عبر تكنولوجيا قادرة وسريعة وحادة لم تكن فى متنولهم من قبل، لكن قليلين هم الذين عنوا بالبحث فى فاعلية وتأثير الأصوات والأفكار والتحريك والإبداع التى كانت تجرى فوق وتحت السطح طوال تلك السنين مذذ كان هؤلاء الشباب أطفالا،
هذا هو ما أريد الإشارة إليه فى هذه السلسلة من المقالات
الأسبوع الماضى، وجت نفسى بعد أن قلبت فى أوراقى عبر عشرات السنين أعود إلى لغة أهلى فى الشارع أعرى الجارى حالا، استعدادا للصورة القادمة التى لاحت معالمها باكرا بشكل أوضح بزيارة الست كلينتون، انتهت الأرجوزة الأسبوع الماضى كالآتى:
لله الحمد الله أكبر
على أىّ فلول عامل “عنتر”
وأوباما حسين فِهِم الإسلامْ
ولقاه دين موضهْ مقاسُه تمام
ولا “بوسنة” و”قاعدة” ولا “فيتنام”
ولقونا ناس حلوين خالص
أحْلى كبده واحْلى قوانص
طعم الببسى
اسألوا شِيلسِى
كتبت ذلك بلغة وعى الشارع المصرى الجميل الذى يحذق التفكير التآمرى بشكل ذكى، الأمر الذى تعلمته من فلاحى بلدنا قبل قراءة كتاب “نظرية المؤامرة لـ ماتياس بروكرز، بعشرات السنين ، فلاح بلدنا يقول عن الأمر الذى يُخفى غير ما يُبدى “هـَلـْبـَتّ فيه إنــــَّهْ” (يعنى: لا بد أن فى الأمور أمور؟) وكنت قد وعدت فى نهاية المقال السابق أن أخصص هذا المقال لعرض بعض مقتطفات تشير إلى الدور الذى يمكن أن يكون قد لعبه هذا القلم فى الإسهام فى الإعداد لهذه الثورة بشكل أو بآخر.
ورطة رئيس الوزراء الجديد:
وقبل أن أكمل فوجئت بتكليف شاب دمث الطلعة خفيف اللحية، مصرى الحضور، سمح الإسلام، فوجئت بصورتة هو ويبتسم جدا فى ربكة طيبة وهو يحاول تشكيل وزارة “ترضى جميع الأطراف”، رجحت أن ذلك بتوصية سيادة الرئيس، أكثر منه بقرصة أذن من حكيم من حكماء المجلس العسكرى. قلت: أكمل ألارجوزة الحالية لأجارى الأحداث قبل أن أرجع إلى تاريخ الإعداد القديم نتعلم منه ونضيف إليه ونحن نجهز للثورة القادمة:
(تكملة الأرجوزة:
ورطة رئيس الوزارة الجديد)
والراجل الذوق دقنه خفيفهْ
والبسمة حلوة وظريفة
إيد بتطبطب، ماسكة صابونة
والإيد التانية فيها ليفة
= خد لك حتة؟
– لأ مش عايز
= وعشان خاطرى!
– حاضر جاهز
= طب وانت كمان آدى نصيبك
– حاعمل بيه إيه يا سعادة البيه
= أهو بركة من ريحة الإسلام
وحبيب النابى يصلّى عليه
اسم الله عليه، اسم الله عليه
“…أنا عمرى ما قلت انى سياسى
دا انا واحد من ضِمْن الزفـَّة
وباحاول أشدها وانــا راسى
بس لقيتها من غير دفــــَّة
المركب مخرومة من جوّه
وباجرجَرْ فيها ما بـْتــَنـْجـَر
خدوا بالكوا يا ناس إنت وهوّه
دا الجارى مش حايجيبها لبر
أنا كنت وزير إنما ناسى
أنا كنت يادوب كده رايح جىْ؟
الكرسى كبير مش بمقاسى
وانا أعمل إيه يا سى عبد الحى!
= بالهمّة معانا يا أخينا
حاضر على شرط أبقى قبطان
= طب بس تعالى ورّينا
إيش ضمّنى؟؟ إدّينى أمانْ!!
– دا البرنامج جاىْ لنا مختوم
من أبلهْ كلينتون وأوباما
مشاريع ياما، وديون ياما
= طب مين حايسدّ؟
ما تدقّـّش ما هو كله بيتعـَـدّ
= وانْ فلــّسنا؟
– برضه بيتعدّ!!
وبعد
رحت أقلب فى أوراقى لأقارن عبر أكثر من أربعين عاما، وقلت أثبت بعضه للتذكرة والإفاقة، لأن الثورة القادمة سوف تكون أقسى غالبا، وأقوى لزوما، وإليكم بعض ما كان:
(1) نبدأ بحكاية قديمة من أيام جمال عبد الناصر، لعبها فى حينها رشوة وذكاء، لكنها استـُعملت طوال ستين وحتى بعد 25 يناير بنفس الطريقة للرشوة والتزييف أيضا، وهى حكاية الـ 50% عمال وفلاحين!! وهاكم بعضها:
………………
إلعيال الشغالين هُمَّا اللِّى فيُهمْ،
باسُمُهمْْ نـِـْلَعْن أبو اللِّى خلّفوهم
“باسْمُهُمْْ كل الحاجات تِبْقى أليسْطَا
والنسا تلبس باطِيسْـطَا
والرجال يتحجّـُبوا، عامِلْ وأُسْطَىَ”.
………………
يعنى كل الناس، عُمُومْ الشعب يَعْنِى:
لمْ لابد إنه بيتغذّى لِحَدّ ما بَطْنُه تِشْبَـْع.
وامّا يِشْبَعْ يِبْقى لازِمْ إنُّه يسْمَعْ.
وان لَقَى سمْعُه ياعينىِ مِشْ تمامْْ،
يِبْقَى يسجد بعد ما يوطّى ويِرْكَعْْْْْْْْْْ.
بَسّ يلزَقْ ودنه عَالأْرضِ كـِـوَيِّسْ،
وانْ سِمْعِ حاجَةْ تِزَيَّقْ، تبقى جَزْمة حَضْرِةْ الأخ اللِّى عـيّنْ نَفُسُهْ “رَيّسْ”،
لاجْلِ ما يْعَوَّض لنَاِ حرمَانْ زمَانْ. إمّالِ ايِهْ؟
واللِّى يشبْع مِنكُو أكل وشُـوفْ، ركوعْ، سمَعَانْ كلامْ،
يِقَدْر يـِنَامْ:
مُطْمَئِنْ،
أو ساعات يقدر يِفِـنْ.
واللى ما يسمعشى يبقى مُخّهُ فوِّتْ،
أو غراب على عِشُّه زَنْ.
أكتفى بهذا القدر اليوم أيضا لأكمل الأسبوع القادم ببعض ما كان من “تحضير” للثورة المجهضة حتى نحسن “الإعداد” لما سيكون من ثورة أو ثورات، وفى المقال القادم سوف نعرى بعض فرقعات السادات، ثم عينة من استعباط وثقل أيام مبارك، وعينة أثناء زيارة أوباما جامعة القاهرة