نشرة “الإنسان والتطور”
2-3-2010
السنة الثالثة
العدد: 914
التدريب عن بعد
الإشراف على العلاج النفسى (81)
هل تصلح العلاقة العلاجية “عن بُعد”؟
(رسائل غير مباشرة، للأطفال خاصة)
د. أشرف مختار: هو بس فيه عندى حالة ولد صغير عنده حوالى 8/9 سنين كده فى سنه رابعة إبتدائى
د.يحيى: مين اللى حوله لك ؟
د. أشرف مختار: هو والده كنت حضرتك محوله لى
د.يحيى: حولت والده بس؟ ماحولتهوش هو؟
د. أشرف مختار: آه، هو من حى شعبى، وهو ولد كويس قوى، أبوه جابه لى من حوالى 6 أسابيع كده، هو أبوه بعيد شوية، بس راجل جدع، وأنا أعتبرت، يعنى وصلنى إنه واحد محترم، هو كويس فعلا
د.يحيى: أبوه بيشتغل إيه؟
د. أشرف مختار: أبوه شغال فى قطاع أعمال، ومستور قوى يعنى.
د.يحيى: كنت محول لك أبوه ليه ؟
د. أشرف مختار: حضرتك كنت محوله لى عشان كان جاى بأعراض زى ما تقول اكتئابية كده، يعنى هو متجوز اتنين وكان ده عامل له شوية مشاكل، ومش عارف يعدل، وبيحاول يوصل للمثالية، وحاجات كده وده كان عامل له مشاكل مش قليلة
د.يحيى: مربى دقنه؟
د. أشرف مختار: لأ أبدا، هو أب طيب جداً، وحاضر، بس هو غايب عنهم معظم الوقت، يعنى شغله فى شرم الشيخ، غايب جسدياً يعنى، إنما حاضر فى وعى العيال كويس قوى، وبرضه حاضر فى وعى أمهاتهم كويس قوى برضه، برغم إن هو متجوز اتنين يعنى
د.يحيى: ومخلف من الاتنين؟
د. أشرف مختار: ومخلف من الاتنين، آه
د.يحيى: متجوز الاتنين بقاله قد إيه؟
د. أشرف مختار: الأولانية دى بقالها حوالى 15سنة والتانية بقالها حوالى 10 سنين تقريباً
د.يحيى: مش هو بيشتغل فى شرم الشيخ ؟
د. أشرف مختار: آه
د.يحيى: حد من مرتاته دول معاه فى شرم الشيخ ؟
د. أشرف مختار: لأ
د.يحيى: يعنى بيجى فى الإجازة يرعى البيتين؟
د. أشرف مختار: آه، وعدل بقى وحاجات كده، هو الولد اللى انا باشوفه ده هوه الاكبر من الست التانية، وعنده أخت أصغر منه بسنتين
د.يحيى: مش انا حولت لك أبوه الأول، هوه أبوه عامل إيه دلوقتى ؟
د. أشرف مختار: هو أبوه ماشى كويس قوى، وخلص مشاكله تقريباً والدنيا هديت، وقدر يدبر أموره، وماشى الحال.
د.يحيى: والولد بقاله قد إيه معاك؟
د. أشرف مختار: لأه، هو جالى بالظبط من 6 أسابيع، ماشفتوش غير مرة واحده
د.يحيى: يا راجل شفته مرة واحدة، يبقى كشف ده ولا علاج نفسى وإشراف وكلام من ده؟
د. أشرف مختار: زى ما حضرتك علـّمتنا إن العلاج النفسى ممكن يكون زى الحب كده “من أول نظره”، ثم إن علاقتى بأبوه وتحسُّنه، خلـّتنى أحس إن دى مش مرة واحدة
د.يحيى: عندك حق، طيب ماشى، وبتسأل على إيه دلوقتى ؟
د. أشرف مختار: هوا أنا شفت الولد، لقيته كويس جداً ومصحصح، بس زى ما تكون أمه هى حاسه بمسئولية غياب الأب، فبتزودها فى الحماية شويتين.
د.يحيى: يعنى إيه ؟
د. أشرف مختار: عندها “فرط حماية” Over Protection يعنى
د.يحيى: يعنى إيه فرط الحماية؟ يعنى بتعمل إيه؟ مش احنا اتفقنا نوصف التصرفات قبل ما نحط يفط وأوصاف خوجاتى
د. أشرف مختار: يعنى هى شديدة التدخل فى تفاصيل كل سلوك بيعمله الولد، يعنى مش مدّية له مساحة له لوحده يتحرك فيها، هو الولد شاعر بده قوى وزى ما يكون بيطالب بحقه ده وهو فى السن دى بدرى كده، أنا حسيت إنه بيمر فى فترة الاستقلال بدرى بدرى، وإنه عايز يثبت وجوده وحاجات زى كده، هوه بيحب ياخذ دور قيادى مع بقية الأطفال، وأمه قلقانة عليه جداً فجابوه لى
د.يحيى: أمه بتشتغل؟
د. أشرف مختار: لأه، هى قاعده فى البيت مابتشتغلش، فأنا شفت إن الولد مافيهوش حاجة، وقلت لها إحنا داخلين على امتحانات، وأنا شايف إنه مفيهوش حاجة
د.يحيى: هوه فى سنة كام ؟
د. أشرف مختار: رابعة حضرتك، رابعة إبتدائى، أنا قعدت معاه شوية وبتاع، وقلت له إنت مافيكشى حاجة ياحبيبى، لو عـزت حاجة إبقى كلمنى فى التليفون، الحقيقة إديته تليفونى المحمول، يعنى تعاطفاً معاه، يعنى حسيت إن هو يعنى محتاج إنه يحس إنى موجود ساعة ما يعوزنى
د.يحيى: عليك نور، مش ده اللى بنقول عليه “فى المتناول”، يعنى Available طب وأمه؟
د. أشرف مختار: قلت لها تخف عنه شوية، على مسئوليتى، ولو احتاجتينى أنا موجود، ما حسيتشى إنه هو يعنى موصوف له جلسات العلاج النفسى وكلام من ده، لقيت إنه كفاية كده وبس.
د. يحيى: طيب، ما انت ماشى صح أهه، هوه فين السؤال بقى؟
د. أشرف مختار: يعنى هوه ينفع إنه يبقى علاج نفسى من غير علاج نفسى؟
د. يحيى: حلوة دى، هوا انت لازم تكبس على نفسه عشان يبقى علاج نفسى، مش انت صاحبته أهه؟
د. أشرف مختار: تقريبا
د. يحيى: بأمارة ؟؟
د. أشرف مختار: هو الولد كان تقريباً بيكلمنى مرة فى الأسبوع تقريباً، فى حاجات ممكن تبقى بسيطة يعنى، لكن المكالمة بتبقى مهمة بالنسبة له وليّا
د.يحيى: باين عليك صاحبتـُه يعنى
د. أشرف مختار: تقريباً، الحقيقة أنا كنت بابقى فرحان بمكالمته فعلا، أنا مش عارف امتى امتحاناته حاتخلص، يعنى هو حايبدأ قريب، أظن بداية الامتحانات على طول الشهر الجاى ده، ومستنى يييجى أشوفه بعد الامتحان، بس أنا شايف إنه مالوش فائدة حقيقية إنه ييجى جلسات وبتاع، كل المطلوب إنه يندمج أكتر مع اصحابه، وتخف عنه أمه شوية، وخلاص.
د.يحيى: بصراحة عندك حق، هو انا ماليش خبرة مباشرة مع الأطفال، ساعات بيجوا لى مرة واحده يعنى وخلاص، يا أحولهم يا يخفوا من بره بره، يعنى نتصاحب قوام قوام، نقول كلمتين ولا ضحكتين قوام قوام، أبص الاقى ربنا يسهل وخلاص، بصراحة أنا سهل علىّ أصاحب العيال بسرعة وألاعبهم حسب سنهم، وأحيانا الواد من دول أخليه يشتم أبوه بعد ما أخرج أبوه بره الأوده، أو لما مثلا يكون بيشخ على روحه، أقول له بدل ما تشخ عليه ما نشتمه أحسن، وبعدين نصالحه، طبعا دى مش قاعدة، وبرضه مش قلة أدب لأنه بيشوف علاقتى بأبوه بعد ما ننده له من بره، وقد إيه أنا باحترمه، وعاذره، فيفهم بسرعة إن دى مش شتيمة، من غير ما نتكلم، ده فى الحالات البسيطة اللى باحس فيها إن المشكلة فى الأهل أكتر، وخلى بالك عندنا إحنا فى بيئتنا وثقافتنا، من السهل أظن إن الطفل يبقى له أب واتنين وتلاتة، وبسرعة، والطبيب والد، لكن طبعا فيه حالات بتبقى عايزة شغل ووقت وبرامج وكلام من ده، و الحالات دى أنا باحولهم على طول للى بيعرفوا أكتر منى، أنا سمعت من “مى” بنتى مؤخرا إنها بتعمل علاج جمعى لعيال عندهم ذاتوية (أوتيزم)، اللى بيسموها غلط “توحد” وكلام من ده، وإنها جابت نتيجة معاهم بالعلاج الجماعى ده، بصراحة فرحت جدا، خصوصا إن فكرتى بسيطة جدا عن الذاتوية دى، فكرتى إنها قطع كل وسائل المواصلات بين العيل واللى حواليه، زى “شَلَلْ علاقاتى“، يبقى نشتغل فى العلاقات، مش العلاج الجمعى هوه تنمية علاقات برضه؟ مش كده ولا إيه؟ هى “مى” بتقول إنها لقت نتائج طيبة، وانا على قد ما استغربت فرحت، لأن ده بيثبت إن العلاج الجمعى مش كلام أساسا، فبالتالى الفرض ماشى، أنا بالرغم من إنى ماعنديش خبرة فى الأطفال بس أنا باحس إنها يمكن تكون مهمة سهلة بالنسبة لفكرة العلاج من منظور نمائى اللى احنا بننتمى ليها، يعنى إحنا بنستلم الطفل فى حالة حركة نمو جارية بطبيعتها بحكم سنه، مش بنضطر نفك الكلاكيع اللى حوطته ووقفته، الطفل يادوب بنحوده الناحية الصح، ومع الوقت والفرص بيعملوا اللازم، أحسن من اللى بنعمله مع الكبار ونقعد نعتل ونحزق على ما يسمح ويرحرح سنتّين
د. أشرف مختار: ويا عالم!!
د.يحيى: أظن إن “اللعب” و”المساحة” و”الآخرين” هما مفتاح النمو عامة، وهمّا همّا اللى الأطفال محتاجينه، ويمكن يكون علاجهم الأساسى هوه فى توفير ده، ما هو لو انت قعدت تكلم العيل ومتصور إن ده العلاج يمكن يضحك عليك، وان كان جدع يضربك، بصراحة أنا باحس إنى اقدر أصاحب عيال عندهم تلات سنين من غير ولا كلمة، أنا عندى عيانين كبار بيجيبوا معاهم عيالهم فى سن تلات اربع سنين أو أكبر شوية، أول ما يخشوا العيا ده يجروا علىّ ويلفوا حوالين المكتب ويلزقوا فى الكرسى بتاعى، تقريبا فى حضنى وانا باكلم أمهم، وأمهاتهم بيقولوا إن هما اللى بيطلبوا ييجوا فى الاستشارة، وبيسألوا عن المعاد وكلام من ده، أنا مش متأكد إيه اللى بيجرى، أنا ما عنديش حاجة خاصة، بس الظاهر هما بيبقوا عارفين بياخدوا إيه من الواحد من غير ما يعرف، ودول ولا هم عيانين ولا حاجة خلى بالك، أنا آسف باتكلم عن نفسى شوية، بس هوه ده اللى حاصل، آه يعنى، أنا فيه عيال عيانين مصاحبنّى لدرجة إن أمهم وهى جيّالى العيل من دول يصرخ عشان ييجى معاها، وأول ماتخش البيت من دول تسيب أمها قاعده على الكرسى وتيجى جرى تقعد جنبى طول ما أنا باكلم أمها وانا حاطط إيدى عليها، واقعد أفكر فى الحرية، والحركة، والسكات، ما هو كل ده ممكن يسموه علاج نفسى، فاللى أنت عملته ده كويس خالص إنك أنت صاحبت الواد، وما استـُدرجتش للجلسات والعلاج بالكلام لمجرد إنهم استشاروك، أظن الولد ده ما وصلوش احترامك له بس، دا يمكن وصل له برضه احترامك لأبوه، برغم يمكن صعوبتك وانت بتتقمصه عشان تفهم يعنى إيه متجوز اتنين، وازاى راضيين هما الاتنين، وإيه حكاية العدل دى، الحاجات دى كلها بتوصل للأطفال بسهولة، وبدون ولا كلمة، مش انت قعدت تقول فى الأول إن الراجل ده برغم غيابه الجسدى، إلا إنه حاضر فى وعى عياله، دول ودول، مش كده، يبقى انت راخر بتوصلك حاجات تخليك تستعمل تعبيرات مش مألوفة زى “حاضر فى وعى عياله” ده كلام مهم، إحنا طبعا ما حاولناش نفسر سلوك الأم وحكاية فرط الحماية دى بعدم أمانها هى نتيجة إن جوزها متجوز واحدة تانية، بس خلى بالك دى الزوجة التانية، يعنى مطمّنة أكتر شوية، ولو إن بينى بينك، تلاقى جوّاها بيقول اللى عملها مع مراته الأولانية، يمكن يخليه يعلمها معانا احنا الاتنين، وده شعور مقبول، إنما الظاهر ما وصلشى لك أى رابط بين احتمال عدم أمان الأم، مع تصرفها مع الإبن بالشكل ده، وأنا رأيى مانفحّرشى كتير ما دام الأمور ماشية، والعلاقة بينك وبين الولد بدأت، وبينك وبين أبوه اكتملت، يبقى موقف الانتظار الإيجابى هنا هو المطلوب لأى مدة مهما طالت.
د. أشرف مختار: يعنى ما فيش داعى أسأل عليه فى التليفون إذا اتأخرت مكالمته
د. يحيى: الظاهر انت بتحبه بصحيح، إنما بصراحة ما فيش داعى، إلا مثلا بعد ما تتصور إن نتيجة الامتحان ظهرت وما قالولكشى ممكن من باب حب الاستطلاع، أو من باب الحب برضه من غير استطلاع يا أخى، إحنا بنى أدمين عاديين، نعمل اللى بنحس بيه لصالح اللى بيثقوا فينا، وطبعا إذا كنت لسه بتشوف أبوه يبقى طبعا حا تسأل عنه لما يجيلك، تسأل من غير لهفة لحسن تقلب أبوه يبقى زى امه.
د. أشرف مختار: وده كفاية إنى اتطمن؟ أبقى عملت اللى علىّ؟
د. يحيى: يا أخى ما انت عندك المحكات اللى بنقيس بيها الدنيا ماشية ازاى، إنت بتحسبها للعيال زى ما بنحسبها للكبار، مش احنا بنقول للكبار النوم والدراسة أو العمل والاختلاط هما الترمومترات قبل الشكوى والأعراض وكلام من ده، أهو برضه نقول للعيال وأهاليهم، المذاكرة، واللعب، والنوم، واللماضة هما العلامات على إننا ما شيين صح، مش كده ولا إيه ؟
د. أشرف مختار: كده، متشكر جدا
د. يحيى: البركة فيك.