“يومياً” الإنسان والتطور
17-8-2008
العدد: 352
التدريب عن بعد
الإشراف على العلاج النفسى (14)
(سوف نكرر فى كل مرة: أن اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).
ضبط الجرعة، ونقلات الاهتمام
القياس بالنتائج المتوسطة طول الوقت
د.فتحى فراج: صباح الخير يا دكتور يحيى
د.يحيى: صباح النور
د.فتحى فراج: هو عيان عنده 39سنة، خريج هندسة، فاتح زى شركة صغيرة كده، شركة صغيرة .. شركة كمبيوتر فيها خدمات للصحفيين والجرايد والحاجات دى، هو متجوز وعنده ولد واحد، كان حضرتك حولتهولى من سنة ونصف، حضرتك حولتهولى هو ومراته عشان أقعد معاهم جلسة يعنى مزدوجة، هوه وبعدين هيا، كانت شكوتهم لما جم إن هما مش عارفين يمشوا حالهم، يعنى مش متوافقين مع بعض، حاجة زى كده.
د.يحيى: بتشوفهم على إنهم وحدة زوجية couple ولا كل واحد مستقل
د.فتحى فراج: حضرتك كنت قلت إن أنا أشوف كل واحد لوحده، الأول، وماشوفهومش مع بعض إلا لما اتعرف على كل واحد كفاية.
د.يحيى: وبعدين؟
د.فتحى فراج: لما جه لى، هو كان عصبى شوية، وبياخد كحول شوية
د.يحيى: قد إيه؟
د.فتحى فراج: مش كتير، بياخد يعنى ممكن يوم إتنين فى الإسبوع، يشرب 3 قزايز بيرة وخلاص
د.يحيى: لوحده
د.فتحى فراج: لا مع أصحابه
د.يحيى: مابيشربش مع مراته أبداً
د.فتحى فراج: لأ خالص، هى تركيبتها تقليدية شوية وراسية حبتين، وماكانتش عارفة تلاحقه.
د.يحيى: تلاحقه فى إيه، هوه كان بيشتكى من إيه؟
د.فتحى فراج: هما كانت شكوتهم إن هو بيتحرك ونشط وملئ بالحيوية، وهى مش عارفة تلاحقه
د.يحيى: وبعدين
د.فتحى فراج: إشتغلت معاهم حوالى أربع شهور، كان أغلب الشغل مع الزوجة، هوا كان بياخد دوا خفيف خفيف، كانت معظم القعدة معاها هى، الجلسة كانت ساعة وكانت متقسمة بينهم هما الأتنين كان أغلب شغلى معاها، هى مابتشتغلش، ست بيت، حاولت أعرض عليها إنها تحاول تشتغل حاجة بسيطة كده وإنها تحاول تتحرك شوية، إنما أبدا.
د.يحيى: السؤال بقى
د.فتحى فراج: أصل هو المسار طويل شوية، هو بعد ألاربع خمسة شهور دول هو اختفى، ماجاش، بطل يجئ
د.يحيى: إختفى منك، ولا منها؟
د.فتحى فراج: اختفى منى
د.يحيى: أصل اختفى دى كلمة كبيرة، غير “بطل ييجى”.
د.فتحى فراج: المهم رجع بعديها بخمس شهور، وحكى لى بقى قصة إن هو كان جاله هلع اضطر يروح للدكتور (….) وهو أستاذ برضه، فكتب له أدوية كتير، وكده اتحسن من الحالة الطارئة، وبعدين جاله شغل فى السعودية، وسافر السعودية واشتغل هناك، أنا كنت قلت لحضرتك هو فى الفترة اللى كان بيجىء فيها فى العلاج، كان بيجيله فترة كده مهتم بالسياسة أوى بيتكلم فيها كتير، حتى ساعات كانت تاخد الجلسة كلها، أسكته ما يسكتش، كان بيتكلم وكإنه بيخطب فى مظاهرة، جامد شوية فى السياسة
د.يحيى: أنهى سياسة حدد لى؟
د.فتحى فراج: السياسة بتاعت القهاوى والقعدة على القهاوى، يعنى المثقفين، وشوية الحاجات دى يعنى
د.يحيى: هى دى سياسة؟
د.فتحى فراج: على قد ما هو بيقول
د.يحيى: لأ يعنى، لا دخَل حزب ولا جماعة من المحتجين، ولا كتابة فى الجورنال، ولا حاجة من دى؟
د.فتحى فراج: لا لا، مافيش كلام من ده، يعنى زى واحد من المحتجين وبس
د.يحيى:.. ولا بيطلع مظاهرة ولا حاجة، يعنى قاعدة على القهوة ودش كلام
د.فتحى فراج: حاجة زى كده، بس هو الشهادة لله مثقف جداً، وبيفهم فى حاجات كتير، أنا ما بافهمشى فيها، وهو كان قعد خمس سنين بيشتغل فى البحر فعرف حاجات مالهاش حصر.
د.يحيى: طيب وبعدين؟
د.فتحى فراج: هو كان جه فى مرة كده وقال لى إنه عايز يقابل حضرتك أصل هو بيفكر فكرة إن هو يعمل إعتصام وحاجة كبيرة كده
د.يحيى: طيب وإيه دور حضرتى؟
د.فتحى فراج: هو مافيش سبب واضح بس هوا دا طلبه
د.يحيى: طيب ما احنا متفقين إنه يقابلنى كل أربع مرات، إيه الجديد؟
د.فتحى فراج: هوا ما طلبشى قبل كده، فأنا انتظرت لما يطلب
د.يحيى: أهلا وسهلا، فيه حاجة جديدة؟ جاب سيرة اللى انا باكتبه مثلا؟
د.فتحى فراج: لأ، بس زى ما يكون هوه فى أزمة، ومحتاج دعم من واحد كبير، أو السياسة دى عامله له تعويض
د.يحيى: الله يفتح عليك، ما انت ماشى صح اهه، هل عندك تفاصيل عن احتمالات الأزمة اللى بيمر بيها؟
د.فتحى فراج: هوا كان راح السعودية وقعد خمسة شهور، كان جى فى حالة صعبة شوية، وحالة الهلع رجعت له شويتين.
د.يحيى: هى جت له بعد ما أنا حولتهولك، ما كانشى جئ بيها.
د.فتحى فراج: آه
د.يحيى: وبعدين؟
د.فتحى فراج: أنا ما ربطشى بين الحالة دى، وبين علاقته بزوجته، مش عارف ليه.
د.يحيى: هوا هوا مين اللى كان جه عندى يكشف الأول؟ هوه ولا مراته؟
د.فتحى فراج: هما الأتنين جم لحضرتك كشفين وراء بعض، فى نفس اليوم.
د.يحيى: هما الاتنين ؟ ولا واحد قاطع كشف عشان التانى يرضى يكشف؟
د.فتحى فراج: هما الاتنين قطعوا كشف مع بعض فى نفس اليوم، ودخلوا لحضرتك ورا بعض
د.يحيى: أظن فاكر، بس أصلها تفرق، ساعات أى واحد منهم يبقى عايز يوهم نفسه إن التانى هو اللى عيان، وكلام من ده، فيه فرق بين إنهم يتفقوا على الاستشارة، ويبقوا مفتوحين لأى حتمال، وبين إنهم يلعبوا على بعض، وكتير بنكتشف إن الطرفين سلام، وإن المرض فى العلاقة مش فى كل شخص على حدة.
د.فتحى فراج: المسألة دلوقتى ما عادش لها دعوة مباشرة بالعلاقة اللى بينهم، مراته انقطعت ما عادتشى بتييجى لما سافر، وهو بعد ما راح السعودية واشتغل شغلانة كويسة، وكان بياخد مرتب كويس أوى ، راح داخل فى السياسة والإدارة وبوظ الدنيا خالص، رجع هنا على مصر مش على بعضه، مع إنه لسه بياخد الدواء، وابتدت السياسة تهيج عليه، وهومحبط من ناحية الفلوس، وطبعاً الحجات اللى عملها مع شريكه هنا، وهى اللى خلته ييجى يقابل حضرتك خلت شريكه يفرض شروطه، يقلل من دوره خالص.
د.يحيى: نرجع للسؤال برضه
د.فتحى فراج: السؤال إن أنا يعنى..، أنا العيان إبتديت أتعامل معاه دلوقتى على مستوى أقل حماسا، .. موقفى انا بقى أقل، موقفى من ناحيته زى ما يكون متغير، حسيت إنى يعنى زى ما يكون كل اللى عايزه إنى ألم الدنيا، وبس ألصمه يعنى.
د.يحيى: ما هو ده حقك فى مرحلة حصل فيها كل التغيرات دى، سفر، وفشل، ورجوع وحوسة، زى ما يكون إنت بتهدى اللعب لحد ما تتجمع تانى المسألة فى مظاهر ومواقف معينة، تتبلور عشان تحددوا الأولويات، وبعدين نبتدى نمسكها واحدة واحدة، المتغيرات الجديدة بتفرض توجهات جديدة ، وبتفرض توزيع الاهتمام على نقط أكتر من نقط، إنت بديت فى العلاقة الزوجية، ودلوقتى لقيت قدامك إحباط، وتهزىء وقلة قيمة، ونقص فلوس، راحت السياسة علت عليه، وبعدين الفلوس، مش معنى كده إن الشغل فى السياسة مرض أو عرض، بالعكس، لكن التوقيت والطريقة هوا اللى احنا بنتكلم فيه دلوقت، ثم إيه حكاية مراته فى الهيصة دى، حصل إيه؟
د.فتحى فراج: أنا لقيت نفسى عايز ألم الدنيا بس وخلاص، مش عايز أفتح حاجات جديدة
د.يحيى: هى مش جديدة قوى، على فكرة هو انت كنت اشتغلت فى العلاقة الجنسية بينهم، وشفت علاقتها بالتغيرات دى، ما هى زى السياسة، إما يشتد الاهتمام وإمتى يختفى، ما هى الحاجات ماسكة فى بعضها.
د.فتحى فراج: لأ ما شاتغلتش قوى، الست كانت بتقفل عادة، عموما العلاقة دلوقتى قليلة شوية
د.يحيى: المسألة مش قليلة ولا كتيرة، المسألة الربط بين الأمور وبعضها، يعنى ميكانزم الإزاحة فى البنى آدمين على قفا مين يشيل، ده يسمّع فى ده، وده يسمع فى ده، مش مسألة كتيرة ولا شوية، نوع العلاقة.
د.فتحى فراج: يعنى ماشية، هى ما بقتشى زى الأول أوى، مراته كانت دائما تقول إن العلاقة كويسة، بس أنا ما بقابلهاش دلوقتى، هى بطلت تيجى يعنى هو بقى بيجى لوحده، هو انا سؤالى مازال إنى خايف أحكم عليه من جوايا بالفشل، وأوقف الدنيا، واحرمه من حقه فى المحاولة من جديد.
د.يحيى: هو مش لسه بيجى لحد دلوقتى بانتظام؟
د.فتحى فراج: أيوه بييجى، بس مثلاً لما بيتكلم إن هو حا يعمل مشروع جديد، ما بابقاش متحمس لتشجيعه زى زمان، وهوه أصله طول الوقت عنده مشاريع، وهو نوع شغله يحتمل ده، فأنا مش عارف هل أتصنع واغصب على نفسى واتحمس زى زمان، ولا هو خلاص إنحكم عليه إن الدنيا تبقى ماشية روتين بقى وخلاص، ولا من حقه يجرب تانى ولا يحاول تانى، حتى طلبه مقابلة حضرتك، ما اتحمستش له قوى
د.يحيى: إعمل اللى انت عايزه، بس شغله سيبه ما دام شاطر مهما فشل، يا أخى هوا انت حاتشاركه؟ دا راجل عنده خبرة، وإمكانيات، وطموح، وما بيهمدشى، ودى حاجة جيدة، ينبغى أن تؤخذ فى الإعتبار، الراجل ده ما فشلشى لا مع مراته، ولا مع اخوانا السعوديين، وهوه باين عليه له موقف ما قدرشى يطنّش، لا معاها ولا معاهم، مش معنى كده إنه صح على طول، بالعكس، باين على حساباته فالته حبتين، ومع ذلك ما ننساش كل الإيجابيات اللى وصلتك وما فيهاش أى مبالغة، مش انت قلت إن عنده إشى ثقافة وإشى اهتمامات عامة، وإشى ذكاء، وبعدين يا أخى إنت تفرح إنك أمين مع مشاعرك، على شرط ما تخليهاش تتدخل أوى فى قراراته، ممكن تقوله على مشاعرك بصراحة، ما فيهاش حاجة، هوه حا يحترمها، ومن ناحية حاتخليه يمكن يتحداك وينجح، وتقلل اعتماديته على العلاج، لكن برضه خلى بالك، يمكن لما تقوله كل فى نفسك تهز ثقته بنفسه.
د.فتحى فراج: ما هوه ده إللى محيرنى
د.يحيى: يا أخى ما هو لازم تحتار، ده منتهى الأمانة اللى انت بتعمله ده، إمال إحنا عاملين الإشراف ليه، وانت حاتكبر ازاى، أهم حاجة إن احنا نبقى أمناء حتى مع مشاعرنا، إحنا عامل مساعد فى حياة الناس، لا أكثر، إنما ما احناش أولياء أمورهم، برغم دور الأب اللى احنا قبلنا بيه فى ثقافتنا، وهو دور رائع، بس حتى الأب الحقيقى له حدود برضه،
د.فتحى فراج: يعنى دلوقتى أعمل إيه؟
د.يحيى: إعمل إللى انت بتعمله بالظبط، تعلن موقفك، وتعلن إنك تحت الطلب، وإنك واقف معاه فى جميع الأحوال، وإن الفشل وارد، لكن المرض ما هواش مبرر له، وهو راجل يعرف فى البيزينس والحياة العملية أحسن منى ومنك، وإيه يعنى لما يتكسر مرة واتنين ويقوم تانى، إيه المانع؟
د.فتحى فراج: ما حضرتك بتقول إن ما فيش حاجة اسمها موقف محايد
د.يحيى: يا بنى يا حبيبى، هو الأمر لما يوصل إنك تعلن له موقفك بهذا الوضوح، وتقوله على حيرتك، وإنك أقل حماسة، ومع ذلك مش حا تتدخل فى قراراته، وحا تفضل تمشى جنبه فى اللى بيعمله، سواء فى الشغل أو فى البيت، من غير ما يظلم إللى حواليه، تقوله كل ده، وتستمر طول ما هوه بييجى، فين الحياد إللى فى الموضوع، إنت صنايعى بتاخد مقابل صنعتك، وبتأدى واجبك، وبتتحرك معانا فى حدود قدرتك، حا تعمل إيه أكتر من كده.
د.فتحى فراج: هو إيه الحدود إللى نقف عندها فى مشاعرنا فى الحالات دى
د.يحيى: حدود إيه يا راجل يا طيب، هو احنا حانعمل جدول ضرب للمشاعر؟ كل ما علينا هو المصارحة، والمباشرة، وإعلان التغيير اللى بيحصل لنا أول بأول زى ما انت بتعمل، واحترام كل ده، وطرحه بجرعات متوازنة مع العيان أول بأول هو كل المطلوب، ما تحملشى نفسك مسئولية نجاحه أو فشله، إنت تعمل إللى عليك كطبيب، وهو يعمل إللى يقدر عليه، والأمور بتصلح نفسها ما دام ماشيين سوا سوا وبنتعلم، وناخد وندى، سواء معاه، سواء هنا فى الإشراف
د.فتحى فراج: يعنى المفروض إنى أقبل هدوئى وفتور حماسى بالمقارنة بزمان
د.يحيى: طبعا، إحنا بنعالج العيانين بكلنا، مش بس بعقلنا، والموجود فينا حايوصلهم غصبن عننا، إحنا بنعيش الموجود، ونقيس نجاحنا ونجاحهم بخطوات متوسطة أول بأول، وبعدين الجرعة بتتظبط لوحدها،
د.فتحى فراج: جرعة إيه؟
د.يحيى: جرعة التدخل، وجرعة النصيحة، وجرعة الاعتمادية، يا أخى زيها زى جرعة الدواء بس مش فى جدول ضرب ثابت، إحنا بنمشى حسب النتايج سواء بالنسبة للأعراض أو لحالته شخصيا، أو لعلاقاته، كل ده بيبقى جوا الحسابات حتى لو مش بالوضوح ده.
د.فتحى فراج: طيب وحكاية مراته، أفتحها من جديد، ولاّ أسيبها لما هو يفتحها
د.يحيى: طبعا تسيبها ونص، إسمع لما أقولك، الظاهر إن المؤسسة الزواجية دى حاتنيها تمثل تحدى واقعى محتاج لشغل كتير، مش منى ومنك، يمكن من التطور والتاريخ، وكل اتنين بيسوها شعوريا ولا شعوريا بطرق مختلفة، ما ينفعشى نتدخل فيها قوى إلا لما يقولوا آه، واخد بالك، ساعات بيبقى اللى مخليها تستمر جانب واحد من وظيفتها، ساعات جنس ناجح، ساعات الأولاد، ساعات الاحتيجات المادية، وده مش وحش قوى على شرط ما يبقاش فيه كذب كتير، يعنى ما يبقاش على حساب حاجات تانية غالية قوى، يمكن يعرفوها ويمكن ما يعرفوهاش، إحنا ما نفحرشى إلا لما نشم الدخان، احنا واقفين ستاند باى لا بنبالغ فى التلصيم، ولا بنفحر كتير, وربنا يستر، مش انت ان شاء الله حا تتجوز قريب زى ما قلت لى
د.فتحى فراج: أيوه،
د.يحيى: عالبركة، برضه واحدة واحدة، وما تفحرشى كتير من الأول
د.فتحى فراج: ربنا يستر
د.يحيى: ولا يهمك.