نشرة “الإنسان والتطور”
31-7-2012
السنة الخامسة
العدد: 1796
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (97)
الإدراك (58)
الإدراك بين الصورة والرمز والأنغام
هامش مهم:
أثناء المناقشة، أمس، الأثنين، مع (زملائى وزميلتى) الأصغر حول الإدراك وعلاقته بالاحساس وصلنا إلى عدة وجهات نظر لاحت منها “فروض” مهمة أكتفى اليوم بأن أشير إلى بعضها حتى نعود إليها ونحن نواصل بحث الملف.
أولاً: أن الإدراك أقدم وأشمل من كل الحواس خاصة الحواس الخمس.
ثانياً: أن الحواس تتخلق لاحقا من الإدراك باعتباره الحاسة الكلية “الأم”.
ثالثاً: أنه توجد مرحلة قبل تميز الحواس (جدا) تشترك فيها أكثر من حاسة فى إدراك ما يصلها، وهذه منطقة تقع بين الحواس الخمس وبين الحاسة الداخلية الأشمل، وقد لا نستطيع – مثلا- أن نفصل حاسة الشم عن حاسة التذوق فى كثير من الأحيان.
رابعاً: أن التأليف بين نشاط الإدراك والحواس واللون والمساحة والظل هو أساس الإبداع فى الفن التشكيلى.
خامساً: أن التأليف بين نشاط الإدراك وحركية الزمن، والإيقاع الحيوى ومستويات الوجود المتصاعدة فى هارمونية جدلية هو أساس الإبداع النغمى (الموسيقى).
سادساً: أن الإدراك مرتبط بالصورة وتقسيم الزمن وتشكيله وضبط الإيقاع أكثر بكثير من ارتباطه بالرمز فى ذاته.
سابعاً: أن الشعر الحقيقى لا يكون شعرا إلا إذا استطاع أن يستعمل الألفاظ كأدوات جديدة يشكل بها نغما وصورا أخرى، لها إيقاع آخر وحضور آخر.
ونكتفى اليوم بأن نورد صورتين تمثلان خبرة شخصية لمثل ذلك، لم أقصد ساعة كتابتها أىٍّ من هذا التنظير اللاحق، وكلاهما ترسم كيف تشكلت الصورة من علاقتى “بالكلمة”.
* * * *
الصورة الأولى:
كلمة: لم تدعْنى أختبئْ
تجمَّعتْ، تحدّت،ْْ طرقتُ بابها:
تمنّعتْ
أغلقتُنى عنها..، استردّتْْ
وسادََ صمتٌ صاخبُ
-2-
عاودتُُ طرق بابها، فلاحتْْ.
واجهتُها، احتويتُها، احتوتْنى
دفعتُها، تـمَلّصَتْ
هَـَربتْ
ولم تدعْنى أختبئْ
-3-
أبوحُـها؟ أرسلـُها؟ أربطُـها فى رجِـلِـها، الحمامهْ؟
يسمعُنى؟ يجيبُنى؟ يعيُـنَـنى علِـيْـها؟
يعيُـنِـنى بها؟
تضم نفسها وتنزلقْْ
تفرّ رجلىَ اليسارْ، من فوق سَطْـحَـها
أقفز فوق رأسِـهَـا،.. تحْمـِلُنِى
أخاف سقطة ً مفاجئهْْْ
يُـرَفْـرفَ الهواءُ نمتزجْ
تكوننى، أكـونُـها،
تنبت حولىَ الحروف أجنحهْ
4/6/1982
الصورة الثانية من قصيدة :
ياليت شعرى ..، لستُ شاعرا.
…..
…..
-2-
تدقُّ بابى الكلمة، أصدّها.
تُغافل الوعى القديم، أنتفضْ.
أحاولُ الهربْ،
تلحقنُى، أكونُها، فأنسلخْْ.
-3-
أمضى أغافلُُ المعاجِمَ الجحافلْْ،
بين المَخاضِ والنحيبْ،
أطرحُنى: بين الضياع وَالرُّؤى.
بين النبىَّ والعدَمْ.
أخلّق الحياة أبتعث.
أقولُنى جديدا،
فتولًدُ القصيدةْ.
14/9/1983