نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 6-1-2013
السنة السادسة
العدد: 1955
الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (143)
الإدراك (104)
الإدراك والحلم والإبداع (5 من ؟)
مقدمة:
جاء فى النشرة السابقة فى هذا الملف ما يلى:
“فلتسمحوا لى أن نؤجل الحديث عن علاقة الموت بالإدراك الآن، فهو الموضوع الأصعب والأخطر والأكثر تحديا، وأكرر مرة أخرى بفرحة لا بعتاب، أن الذى جرنا إلى هذا الحديث هو أ.د. السامرائى..”
وإذا برسالة رقيقة يرسلها أ.د. السامرائى عبر “شعن” إلى الزملاء فى الشبكة الرائعة، يطلعنا فيها عن خبرته من زيارة إلى داخل أهرام الجيزة منذ سنتين، وهو يحكى فيها بأسلوبه الجميل وصدقه الخاص عن المعنى والدلالة وعلاقة هذه الخبرة بالموت والأكوان العليا والتحرر من جذب الأرض، حتى وصل به الحماس إلى فكرة عصفت بخياله يصفها بنص كلامه قائلا: “….يبدو إن للهرم قدرات علاجية، ويبدو وكأنه اكتشاف علاجى فيزيائى للعديد من الأمراض ومنها النفسية والعقلية، وفقا لإمكانيات ذلك العصر،..” إلى أن قال: “وعلى أكثر الظن أن الكاتب الطبيب إمحودب قد أراد به التطبيب والتعبير الفلسفى عن أفكاره ومداركه“.
ثم يتحفظ قائلا: “.. ولا أدرى إن كانت الأهرامات ذات مساهمات علاجية فى المجتمع المصرى أنذاك؟ ” وهو يربط ذلك بمشاعره الشاعرة التى انتابته أثناء الزيارة.
ولى تحفظات فقط على التعميم، لكن ليس عندى أدنى شك فى خبرته الرائعة وصدقها وشاعريتها، بل إننى غبطته بشكل ما عليها، فهى تكاد تكون عكس خبرتى من الزيارة الوحيدة التى قمت بها إلى داخل الهرم منذ أكثر من ستين عام!!
لكن الذى لفت نظرى بالنسبة لموضوعنا الحالى هو تلك الفقرات التى أورد فيها لفظ الإدراك تحديدا وهى كالتالى:
” إن التواجد داخل الهرم، يستحضر حالة السطوع فى الأعماق ويقدح مشاعل الرؤية والإدراك داخل ظلمات الجمجمة فترى ما لم تكن ترى، وقد تدرك الإدراك! وبين هو الذى رأى وبين الذى يريد أن يرى، مسافة يختصرها الهرم المصري، ويكشف عنها بغموض وتعقيد وكأنه تعبير رمزى عن مستويات إدراكية لا تعرفها الأجيال المعاصرة.
فقد حّلق الذى إبتدع الأهرامات فى فضاءات الإدراك الساطع الفياض، وركب براق التجلى وأنوار اليقين فطاف الأكوان فى لمح بصر.
ثم: يختم خبرته الجميلة بأن يفتح علينا الباب من جديد قائلا:
ويبقى السؤال، ونحن نتناول موضوع الإدراك، يتصل بمناهج وآليات وتطبيقات الإدراك، التى يبدو بأن الذى أبدع الأهرامات كان يتقنها، وهو الذى يرى ما لانرى عبر الأجيال!!
بصراحة قررت أن أحذر أن أنساق وراء هذه الدعوة الجديدة الشديدة الإغراء حتى لا تسحبنا بعيدا عن مسارنا، ونحن ما كدنا نجنّب موضوع الموت مرحليا، وخاصة وأنا لا أفخر بأجدادى هؤلاء حتى حسدت هذا الصديق الشاعر الجميل الذى استلهم كل ذلك من خبرة لم أخرج أنا شخصيا منها بافكار رائعة مثل أفكاره، ولا عشت مشاعر رائقة مثل التى عاشها، فمع انبهارى بالعظمة والدقة والعلم الذى أنجز هذا الإعجاز الهندسى الراسخ، كانت تزاحمنى – بمجرد ذكر الأهرامات – مشاعر رافضة للسخرة والتقديس والسيطرة، فكنت وأنا داخل الهرم (مرة واحدة حين كنت طالبا كما ذكرت) أشعر بأن أحجاره تثقل ظهرى مثلما كانت تثقل ظهور أجدادى الذين عاشوا السخرة من أول بناء الهرم حتى حفر قناة السويس ثم يا ترى ماذا ينتظرهم الآن!!
شكرا يا عم صادق، وعذرا، وبعد إذنك سوف أؤجل العودة إلى مناقشة علاقة الإدراك بالموت الآن، حتى أنتهى من علاقته بالحلم والجنون والإبداع، ثم نعود أو لا نعود حسب ما إذا كنا قد استطعنا أن نمتلك “مناهج وآليات وتطبيقاتالإدراك” كما امتلكها أجدادنا، وإن كنت أرجح أن أجدادى شخصيا كانوا ينتمون إلى من امتلكوا سواعد وظهور رفعت كل هذه الأحجار، وهم يتواصلون مع الكون الأعظم بآليات أبسط وأرحب وأكثر اختراقا، وهم يفترشون العراء غالبا بجوار هذه الحجارة العملاقة التى تخيفنى شخصيا حتى وهى مرصوصة هذه الرصة التى لم تقنعنى أبدا بعظمة الموت، ولا حتى بعظمة العلم الذى رصّها، فقد كنت دائما أتصور أن العمال الذين ماتوا أثناء العمل كان مقعدهم عند ربهم أقرب وأطيب، والله أعلم.
شكرا يا عم صادق، وعذرا، وبعد إذنك ننتقل إلى علاقة الإدراك بالجنون أولا.
الجنون والحلم:
سوف أتجنب فى هذه المرحلة تفصيلات المقارنة وسأكتفى الآن بالإشارة إلى بعض أوجه الشبه والاختلاف بين الحلم والجنون، مما قد يفيدنا فى المقارنة الأساسية اللاحقة بين الحلم والإبداع.
الجنون الذى سأتناوله هنا (1) هو الجنون بمعنى التناثر، والاغتراب، واللغة الخاصة، وضرب الزمن، وهو أقرب مايكون إلى المستوى الأعمق من الحلم المقابل لنشاط الحلم البدئى الأوّلى أثناء نوبة النوم النقيضى (نوم الريم)، (= الحلم الفعل/الحلم الحركة/ الحلم بالقوة= الحلم الخام). فى حالة الجنون يحدث مثل هذا التنشيط الذى يحدث فى الحلم، لكنه يحدث أثناء اليقظة، فتـقـتحم المادة المـنَـشـّطة عشوائيا وعى اليقظة، ملتحفة بوعيها الخاص، ليتداخل المستويان فى بعضهما فيحدث التشوش والخلط، فضلا عن أن الظاهرة الإيقاعية فى الجنون عامة عادة ما تتجلى فى بعد زمنى أطول يقدر بالشهور وأحيانا بالسنين، وهو مايشار إليه باسم الجنون الدورى Periodical وأيضا المتفتر Intermittent (وهذا هو الأساس لكل الأنواع الأخرى من الجنون من منظور معين) (2)
إن أهم ما يعنينا هنا هو أن وجه الشبه بين الحلم والجنون يزداد كلما اقتربنا من بداية العمليتين: بداية الحلم، وبداية الجنون؛ أو بتعبير أدق، كلما اقترينا من عمق المستوى الأول لنشاط كل منهما، ثم يظهر الاختلاف مع تقدمنا إلى المستويات التالية. على أن غلبة “السلبية” (غايةًًً وناتجاً) فى حالة الجنون، وغلبة “الإيجابية” فى حالة الحلم، لا تعنى بالضرورة أن الجنون كله تناثر وهزيمة وانسحاب، أو أن الحلم كله إبداع وولاف ونمو؛ فقد يتعدل المسار فى الأول، فى أية لحظة، تلقائيا، أو بتدخل علاجى تكاملى خلاّق، كما أنه من الوارد ألا يقوم الحلم بوظيفته التنظيمية فيصبح نشاطا دائريا منغلقا يفرغ الطاقة لمجرد أن يحافظ على توازن متجمد فى محله، دون نمو أو تدعيم للمعرفة.
الإبداع، يشترك أيضا مع كل من الحلم والجنون فى البدايات (المراحل الأولى)، ولكن مساره ونِتاجه يختلفان، مع اختلافات نوع الوعى وتكامل مستوياته، واتساع المسؤولية، واتجاه الغائية، وفعل الإرادة، وأخيرا الطبيعة الولافية للناتج وآثاره
الخلاصة المرحلية:
نوجز – فى خطوط عامة - ما قدمناه، حتى الآن، بما يسمح بالمقارنة حين ننتقل إلى الجزء التالى:
1- إن المخ البشرى، والجسد البشرى، والوجود البشرى، من أبسط مستوى داخل خلوى (بما يشمل تمثيل البروتينات)، فى حالة إيقاع حيوى نوبى بما يحقق تنظيم تركيبه، والحفاظ على دفع النمو. وما الحلم والجنون والإبداع إلا بعض مظاهر هذه النوابية الحتمية سلبا (الجنون) وإيجابا (الحلم -غالبا- والإبداع- دائما).
2- إن مايحكىعن محتوى الحلم ليس هو هو النشاط الحالم، بل هو جزء يسير جدا من نهاية عملية يكاد لا يمكن رصد تفاصيلها السابقة بما يربطها بعضها ببعض، وإن أمكن رصد والتقاط بعض علامات ما تدل عليه.
3- إن الحلم ليس ظاهرة تفريغية بديلة تحدث أثناء النوم، بل هو تنشيط بيولوجى معرفى منتظم يمثل جرعة معرفة مكثفة تلقائية بعيدة – فى ذاتها – عن المتناول فى ذاتها، وإن كان يمكن رصد نتائجها الإيجابية.
4- إن ما يسمى حلما إنما يتم – بشكل عام – على مرحلتين أساسيتين (درجتين من درجات الوعى) : مرحلة التقاطه – تذكره- (وفى الواقع أنها - جزئيا- عملية تخليقية فى الذاكرة الأعمق = الحلم الفعل/الحلم الفج)، ثم مرحلة روايته أو تسجيله، أى مرحلة إعادة تخليقه ومراجعته (الحلم المحكى/ بالتأليف أو بالتزييف، حسب درجة ونوع علاقته بالحلم الفعل).
5- إن المعطيات الحديثة، من معامل الأحلام، لا تولى اهتماما خاصا لما يسمى “سبب الحلم” أو “دافع الحلم”، بمعنى تحقيق رغبة، أو تعويض نقص، إذ أنها تؤكد على الفهم الأعمق للطبيعة التلقائية الإيقاعية للنشاط الحالم أساسا.
6- إن لغة الحلم، ليست كلاما ناتجا عن بنية لغوية راسخة، ولاهى لغة مصورة لابد من إعادتها إلى مفاهيمها اللفظية أو الرمزية ليمكن شرحها وتفسيرها، ولاهى نتاج العمليات الأولية البدائية تماما، لكنها لغة حيوية جديدة، متجددة، يختلط فيها العيانى بالمجرد، وتتكثف فيها المفردات المتنوعة، فتقوم صياغة الحلم الإبداعية بترتيبها بالقدر الممكن لروايتها. وهكذا تختلف جرعة الأصالة والإبداع فى رواية الحلم بقدر قدرة الحالم الراوى على تحمل الغموض واحتواء التناقض واستيعاب المعلومات المحركة فى كل اتجاه، وأيضا بقدر تماسك توجهه، وعمق حرية حركية إبداعه
7- إن نشاط “الحلم بالقوة/ الحلم الخام” يقوم بوظيفة تعليمية معرفية تنظيمية، كما أن نشاط الحلم المروى هو نوع الإبداع التلقائى بدرجة تشكيل أقل عمقا، وهو ما يجرى فى مستوى الحلم بالتأليف، كما يمكن أن يكون إحلالا بالخيال المفاهيمى، فيكون أقرب إلى ما يسمى “أحلام اليقظة”.
8- إن علاقة الحلم بالجنون بالإبداع هى علاقة مركبة؛ حيث يجمع بينهم منبع واحد، ثم تفرقهم ظروف تناسُب جرعة التنشيط مع فعل الإبداع القادر على لمّ وتوليف وتكامل هذا الفيضان الدورى المناسب (الحلم) أو المفرط العشوائى (الجنون النشط).
9- إن ظاهرة “الحلم” (بغض النظر عن حكى محتواه) تمثل حتم الإيقاع الحيوى، ونوابية التنشيط، ونـُـظم إطلاق الطاقة، ونشاط حركية التناقض، التى نتاجها هو ما نسميه “إبداع الشخص العادى”، بمعنى “تغيـّره المستمر المتراكم الموزع على مدار الإيقاع الحيوى على مدى حياته”. (فى حالة الصحة الإيجابية أكثر منه فى حالة العادية أو فرط العادية)، وهذا هو ما أسميته فى الأطروحة الأصل: الإبداع اليوماوى (3) لكل الناس،باعتبار أن الإيقاع الحيوى إذ يتجلى فى الحلم خاصة كل ليلة، إنما يحافظ على إعادة التشكيل البيولوجى، على مستوى غير ملموس عادة، وأيضا بعيدا عن الوعى الذاتى الظاهر فى أغلب الأحوال، وكما أن استقبالنا لذلك والحيلولة دون إجهاضه بعلم سطحى أو تفسير متعجل هو إسهام فى دعم آلية طبيعية على مسار التطور.
وبعد
فى الندوة الشهرية التى تعقدها جمعية الطب النفسى التطورى فى دار المقطم للصحة النفسية قدمت موجزا عن علاقة الإدراك بالأحلام بالوجدان، وإذا بى أنتبه أن ما اطلعت عليه لإعداد هذه الندوة من تفاصيل عملية معالجة المعلومات، التى قدمناها من منظور إكلينيكى ونحن نقرأ حالة فصام ذات دراية فائقة (نشرة 13-5-2009: فصامى يعلمنا: “برامج الدماغ وزحام المعلومات؟”)، (نشرة 2-6-2009 “كيف” الفصام، “دون أن ينفصم”!! بعض معالم للمناقشة)، أجد فى تلك الأبحاث احتراما شديدا لوحدات الزمن بالغة الصغر، وهو الأمر الذى شغلنى وأنا أتساءل عن مشروعية الفروض التى أقدمها، كما تعلمت مما أطلعت لتحضير هذه الندوة معلومات تفصيلية غاية فى الأهمية طمأنتنى إلى أن ما يصلنا فى الممارسة الإكلينيكية يمكن أن نجد له يوما ما يساعد فى تدعيمه مع تطور قدرات الرصد والقياس، وحتى إن لم ألحق هذه الآلات والمناهج فى حياتى، فأنا واثق من قدرة إنسان العصر على امتلاكها إذا انتصر على غول التكاثر وعمى التسلط، ذلك أن أملى فى المستقبل لا يرتبط بوجودى، بقدر ما يرتبط بفروضى، والله سبحانه وتعالى المستعان.
[1] – يستعمل لفظ “الجنون” عند معظم الذين يكتبون فى النقد أو الإبداع استعمالا فضفاضا لا يجوز، وخاصة بعد تعدد تصنيفات الذهان (الجنون Psychosis) إلى عشرات الأنواع، لذلك أحدد من ناحيتى أن الجنون العضوى التشريحى المباشر مستبعد فى هذه الدراسة (مثل الخرف أو الجنون الناتج عن أورام فى الدماغ..إلخ). إن ما أعتبره الجنون الأم أو الجنون الأصل (إن صح هذا التعبير) الذى يرد فى هذا الفصل، وفى كل الفصول هو الفصام بكل مراحله، وبالذات فى شكله التفسخى Disorganized وأحيانا التدهورى Deteriorated مضافا إليه – أحيانا– بعض أنواع الجنون الأخرى التى ليست سوى محاولة بديلة للحيلولة دون التمادى فى التفسخ والتدهور بأشكال أقل إمراضية (وإن كانت أخطر أحيانا) من العملية الفصامية(دراسة فى علم السيكوباثولوجى) وتحديد الجنون فى هذا السياق الحالى بأنه “الجنون النشط” يشير إلى نوع الجنون ذى الأعراض الإيجابية مثل: الهلاوس والضلالات والتفسخ النشط، والهياج، فى مقابل الجنون المندمل أو السلبى الذى هو أقرب إلى الانسحاب والهمود والتبلد والتخثر، أو لتقريب الأمر للقارئ: فإن الجنون النشط هو أقرب إلى مرحلة إضرام الحريق، أما الجنون المندمل فهو أقرب إلى الرماد المتخلف بعد الحريق ، كما أن العملية الذاهانية المؤدية إلى التفسخ الفصامى هى المراد بها الجنون أساسا، وهى العملية التى تصل فى نهايتها الأخطر إلى نوع من التدهور السلبى الذهانى أيضا، لكنه أبعد ما يكون عما يراد به حين نستعمل لفظ الجنون فى هذه الدراسة بوجه خاص.
[2]- المعنى المقصود هنا هو التأكيد على أن الاضطرابات العقلية (فيما عدا ما استبعدناه سالفا من أمراض عضوية تشريحية) يمكن أن ترجع إلى خلل فى الإيقاع الحيوى هو ما نحتنا له مصطلح “سيكوباثوجينى” Psychopathogeny ، وبالتالى: فالمتوقع أن تظهر فى شكل دورى، وهذا ما كان شائعا عبر التاريخ، وهو وارد حالا بصورة أقل وخاصة فيما يسمى الجنون الدورى، وتعتبر سائر أنواع الجنون، من هذا المنطلق، بمثابة إيقاع حيوى فاشل أو منحرف أو مشوه يعلن عجز الإيقاع الحيوى العادى والإبداعى أن يستوعب حركية دورية الوجود البيولوجية، ويمكن أن يرجع فى تفاصيل ذلك إلى “دراسة فى علم السيكوباثولوجي”. هامشlink. المنظور يفترض امتداد القانون الحيوى Biogenic law هكذا: الميكروجينيا (لحظة إبداع الفكر) تعيد الماكروجينيا (أزمة النمو) التى تعيد الفيلوجينيا (نمو الفرد برمته) التى بدورها تعيد الفيلوحينيا.أما أن يكون مسار المرض متفترا remittent فهو يشير أيضا إلى نوابية المرض، غير أن مآل كل نوبة يكون سلبيا، بمعنى أنه يترك اندمالا (خفوتا، ورمادية، وانسحابا) فى الشخصية بصفة متكررة مع تكرار النوبات.
[3] – Circadian