نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 24-6-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4680
الأربعاء الحر
مقتطف من كتاب:
دليل الطالب الذكى فى: علم النفس
انطلاقا من: قصر العينى (1)
مقدمة:
انتهى المقتطف السابق والطالب ينتهزها فرصة ليشكو – مثل أغلب الطلبة – من صعوبة التحصيل ولا يكاد يربط ذلك بالذاكرة، فأجدنى مضطر أن أطيل في نشره اليوم برغم خوفى من أن تصل إلى أصدقائنا كأنها إرشادات تقليدية معادة.
الطالب: ولكنى بدأت سؤالى عن كيف يساعدنى علمك أن استذكر التشريح والفسيولوجى والكيمياء، فقلبتها لى دوائر كيمياء، وتفاعل أحماض وكل هذا الكلام.
المعلم: يا سيدى هناك بعض القواعد التى تسمى تدريب الذاكرة Memory Training وهى توضع أحيانا تحت اسم “الاقتصاد فى عملية الاستذكار” Economy in Memorizing فإذا شئت أن تستعين بها أقولها لك يا سيدى، رشوة موقته.
الطالب: يا ليت، قلها بالله عليك فأنا طالب أذاكر بصعوبة شديدة.
الفصل الخامس: الذاكرة والاستذكار (3)
المعلم: 1- عليك أولا أن تبعد المشتـِّتـَات Distractions سواء كانت خارجية مثل صوت مذياع نشاز أو داخلية مثل التفكير فى حادث مؤلم أو فى مهمة أخرى او فى أمل لم يتحقق (مثلما فى احلام اليقظة).
2- ثم حدد هدفك من الاستذكار Identify Your Task فإذا كنت تريد معرفة أبعاد موضوع معين فحدد ذلك ابتداءً وإذا كنت تريد أن تراجع درساً بذاته فاعلن ذلك لنفسك بوضوح… وهكذا.
3- ثم حاول ان تفهم ما تريد أن تستوعب، دون ان تتوقف عند الفهم وتكتفى به، ولنواصل بقصد حفظ ما فهمت.
4- فإذا كان الموضوع متشعبا فابحث عن علاقات بين أجزائه، سواء كانت هذه العلاقات ظاهرية، أو علاقات تشابه، أو علاقات تعارض، فإن ذلك يربط الموضوع ببعضه لا محالة.
5- فإذا انتهيت من حفظ موضوع ما، فلا تتركه حتى تراجعه لنفسك وبذلك تدرك ما أهملتَ من نقاط، وما فاتك من إتقان، وما تحتاج إليه من مراجعة.
6- وحتى إذا عرفت أنك أحسنت التسميع فلا تكتفى بهذا، ولكن عليك أن “تثبت” الموضوع الذى قد حفظته حقيقة وفعلا ويسمى هذا أحيانا زيادة التعلم Overlearning.
7- وبالنسبة للوقت، فكل الأوقات تصلح للحفظ ولكن ربما كان أفضل الأوقات هو ما أحسست فيه بخليط من الحماس والهدوء الداخلى، وربما كانت المراجعة الصباحية لما استوعبت فى الأمس القريب عاملا مساعدا على تثبيت المادة.
8- وأخيرا فإن استيعابك الموضوع ككل فى بداية الأمر لتلم بكل أطرافه، ثم تجزئته إلى اجزاء تتقن كل منها على حدة، ثم الربط بين الأجزاء، كل ذلك قد يفيدك فى استيعاب المادة بشكل أكيد مطمئن.
9- وعليك بعد كل هذا بالمراجعة بين الحين والحين، ولا تسمّع لنفسك شيئا طال عليك العهد به، إلا إذا راجعته أولا حتى لا تفقد ثقتك بنفسك.
10- وقد يفيدك أن تستعمل أكثر من حاسة فتذاكر بصوت مرتفع أحيانا
الطالب: تذكرنى هذه النصائح المعادة بإذاعتك “تذكرة نجاح” فى الثانوية العامة.
المعلم: بصراحة إنى أخجل حين أعطى النصائح هكذا مسطحة، وأفضل أن تصل إليها بنفسك، ولكنى أعجب حين ألتقى بعد سنوات ممن أفاد من مثل هذه البرامج فائدة لم تكن فى حسبانى، وصدٍّقـْنى أن خبرتى مع هذا البرنامج هى من بين دوافعى لكتابة هذا العلم بهذه الطريقة.
الطالب: وأنا أيضا أحس أنها نصائح يصعب اتباعها وإن كانت قد تفيد، ولكن الواحد منا وما تعود.
المعلم: بالضبط: الواحد وما تعود، ولو أن “التعود” كما اتفقنا هو تعلم أيضا.
الطالب: ولكن ماذا يفيد لو اتبعت كل هذه النصائح ثم نسيت ما حفظت، إنه يخيل إلى أنى أنسى كل شئ أولا بأول.
المعلم: إن حديثنا لا يكتمل إلا إذا تناولنا موضوع “النسيان” هذا، وأنا مسرور أنك قلت “يخيل إلى”، لأنه فى خبرتى فإن أغلب من يأتينى يشكو من ضعف الذاكرة لم يثبت بأى فحص أو اختبار، أو امتحان أنه فعلا ضعيف الذاكرة، وإنما هى عدم ثقة بالنفس، والطمع.
الطالب: الطمع؟
المعلم: نعم الطمع، إذ يبدو لى أن الواحد منكم يريد أن يسترجع مائة صفحة فى نصف دقيقة، ولا يريد أن ينسى ولا كلمة طول الوقت، فإذا نسى أى جزء، وهذا طبيعى، هوّل الدنيا وجاء يشكو من النسيان.
الطالب: هل تعنى أن النسيان كله وهم فى وهم؟
المعلم: النسيان حقيقة هامة، ولكن شيئا مما نتعلمه لا يختفى من ذاكرتنا أبدا، كل ما هنالك أنه يبتعد عن متناول وعينا، ويستعصى أحيانا على استدعائنا إياه.
الطالب: أفهذا هو النسيان.
المعلم: بالضبط.
الطالب: وكيف نقلل من النسيان.
[1] – يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982 ) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net