الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى: الفصل‏ ‏العاشر:عن الحلم والإبداع والنوم (2)

الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى: الفصل‏ ‏العاشر:عن الحلم والإبداع والنوم (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 2-12-2020

السنة الرابعة عشر  

العدد: 4841

الأربعاء الحر:

مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى  (1)

الفصل‏ ‏العاشر:عن الحلم والإبداع والنوم (2)  (2)

 جاء في نشرة الأسبوع الماضى قول المعلم للطالب عن الأحلام.

“… إن الأحلام وكما ثبتت بأبحاث رسام المخ الكهربى، وكما عاينتها فى خبرتى الإكلينيكية تقوم بوظيفة لعلها فى نفس أهمية اليقظة، إنها بما يحدث فيها من تشكيل وتفكير وتعلم وتذكر بل وإبداع، تكمل دائرة اليقظة، بل وربما تكون أهم”.

……………..

الطالب: أهم من اليقظة؟!

المعلم: آسف للمبالغة لكنها تكمل ما يحدث فى اليقظة

الطالب: لقد حفظتك، فأغلب ما يتراءى لك تنطلق منه وكأنه الحقيقة الجديدة الأخرى، لكننى لا أخفى عليك أننى أجد من الصعب علىّ أن أسلم له بسهولة.

المعلم: عندك حق، لكننى لا أتوقف عندما يتراءى لى بل سرعان ما أجد ما يدعمه، أو يصححه أو يطوّره من واقع الممارسة!

الطالب: وكيف كان ذلك؟

ونكمل اليوم

المعلم: لقد أجروا تجارب على الحرمان من النوم وثبت أن هذا الحرمان يخل بالتوازن الكلى لمستوييات الأمخاخ (العقول) لدرجة الهلوسة والخداع الحسى وحتى الهياج.

الطالب: ياه !! شئ أشبه بالجنون، أنا خائف.

المعلم: عندك حق، هو شىء مخيف، لكنها معلومة مهمة ومفيدة.

الطالب: ولكنك تتكلم عن الحرمان من النوم وليس عن الحرمان من الأحلام.

المعلم: بل لقد أجروا تجارب على الحرمان من الأحلام (3) بوجه خاص وثبت أنه يحدث نفس الأثر الذى أخافك.

الطالب: أى والله أخافنى بحق، ولكن كيف يجرون هذه التجارب و “ينشنون” على الحلم فيحرمون المجرَّب عليه منه بالذات دون النوم الآخر؟ وكيف يعود إلى النوم من جديد؟

المعلم: لعلك لا تعلم أننا نحلم بانتظام – سواء تذكَّرنا الحلم أم لا، حكيناه أم لا، نحن نحلم لمدة عشرين دقيقة كل تسعين دقيقة أثناء نومنا وهذا ما يـُـرصد برسام المخ الكهربائى من خلال تسجيل ما يسمى “حركية العين السريعة” REM (وهو ما أسماه أ.د. أحمد مستجير (4) نوم “الريم”)، هذا غير نوع آخر من الأحلام أثناء النوم الآخر بقية النوم، وحين نوقظ النانم بمجرد ظهور علامات نوم “الريم”، أى بمجرد بداية رصد حركة العين السريعة فإننا بذلك نحرمه من نشاط الحلم وليس من النوم كله، وقد وجدوا أن نتائج الحرمان من النوم تكافئ – تقريبا – نتائج الحرمان من الأحلام، فأرجعوا الوظيفة الإيجابية الأهم للنوم إلى نشاط الأحلام وهو ما يظهر في رسام المخ باسم أحلام “حركة العين السريعة” نوم “الريم”،REM Sleep أو النوم الحالم وليس إلى النوم كله.

الطالب: ولكن أرجوك أشرح لى أكثر ما هو هذا النوم الحالم، وما هى علاماته؟

المعلم: هأنت ذا تطلب منى ما هو خارج المقرر.

الطالب: خارج المقرر، داخل المقرر، أريد أن أعرف

المعلم: يا إبنى قلت لك لا تجرجرنى، أنت حر،

النوم الحالم هو النوم الذى تحدث فيه الأحلام أساسا وتصاحبها ذبذبات سريعة للعينين، وهو يستغرق مدة عشرين دقيقة كل تسعين دقيقة بانتظام من كل ساعات النوم، ويبدو أن حركات العينين السريعة إنما تحدث لأنها تلاحق صور الحلم، أو بالتحديد تتابع تقليب المعلومات التى بها يتم تنظيمها وتشكيلها فى هذه المرحلة النشطة بانتظام.

الطالب: النائم مغمض العينين يلاحق صور الحلم! وينظم المعلومات!! يا صلاة النبى!!.

المعلم: هذا هو ما يحدث، ولقد زاد الاهتمام بهذه الظاهرة وتعمّق تفسير مغزاها ودورها، بما دفعنى أن أواصل متابعتها فى مرضاى ومن أعرف ونفسى: حتى وصلت إلى حقائق، أعنى إلى فروض، أرجو أن ننتبه إليها لأنها أمدتنى بفوائد عملية رائعة فى ممارستى العملية فى التطبيب فهل تريد أن تسمعها:

الطالب: هانذا جاهز، هل نسيت أنى طالب طب.

المعلم: أقول لك فروضا.

الطالب: لقد حفظتك وجعلتنى أحترم الفروض العاملة مثل أو أكثر من النظريات وخاصة النظريات الجاثمة .

المعلم: يا فرحتى بك، خذ عندك يا سيدى:

1- إن أهمية الأحلام ليس فى محتواها بقدر ما هى فى نشاط الظاهرة ذاتها.

2- إن الترابط الذى يحدث فى الحلم هو اجترار للمادة الموجودة ومحاولة فسيولوجية نفسية لإعادة تنظيمها، وقد وصل الأمر بعالم اسمه سمزSims  أن أعتبر أن هناك “عين داخلية” تتابع أحداث الحلم، وهذه المتابعة هي سبب فيما يسمى حركة العين السريعة.

الطالب: عين داخلية؟ كيف؟

المعلم: دع هذا الآن، ودعنا نكمل في الأهم،  ثم قد نرجع إليه

الطالب: وما هو الأهم؟

المعلم: كنا نتحدث عن كيف ننظم المعلومات المتحركة الموجودة في المخ ونحن نيام

الطالب: آه، صحيح، كيف يكون دور ما نراه في الحلم حتى لو نتأكده تنظيما وترتيبا؟

3- إنه من خلال نشاط الأحلام تنتظم المادة الموجودة والمـُـدْخـَـلة أثناء اليقظة إذْ يجرى ترتيبها بحيث تصبح أقرب إلى التناول والفاعلية عند اللزوم، فنشاط الحلم جزء مكمل لعملية التعلم إذا كنت تذكـُر ما شرحنا عن الصور المنطبعة، فإن هذه الصور هى التى تتتعتع أى تلخلخ أثناء هذا النشاط ثم ترتب مع هذه الحركة، فيلتقط  الحالم بعضها أثناء وقبيل اليقظة فى جزء من الثانية أو بضع ثوان، ثم يعيد تشكيلها بخيال سريع أسطح باعتبارها الحلم المحكى، فى حين أن نشاط الحلم الحقيقى يكون أبعد عن تناوله وأقرب إلى الإبداع الأعمق والتشكيل الأعمق أصالة، وبالتالى غير قابل للحكى.

4- وعلى ذلك: فإن الأحلام تعتبر صمام أمن ضد الجنون حتى ولو لم تتآلف مع مادة اليقظة، دون تفسير.

5- إن التناوب بين “اليقظة” و”النوم” و”الحلم” هو جوهر طبيعة الحياة العقلية النابضة السليمة حتى أنى قابلته بنبضات القلب (5) اندفاعاً وتراخيا (ثم تأكد هذا، ولكنها نبضات أعمق وأخطر وأبلغ إبداعا، وذلك حسب تطور فروض ومفاهيم الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى) (6).

الطالب: عندك، عندك لقد قلبتها محاضرة، لقد كدت أظن من فرط حماسك لوظيفة الأحلام هكذا أننا لا ننام لنرتاح ولكنا ننام لنحلم.

المعلم: عليك نور، ولكن يبدو أننا ننام لنرتاح ونحلم معا،

نحن نحلم لتنتظم حياتنا العقلية ويتثبت محتواها أثناء الصحو،

 ونحن فى الحلم نطلق مالا نستطيع أن نطلقه فى اليقظة،

 ونحن ننام لنتمكن من إعادة التنظيم بعد التشكيل واستعادة الهارمونى وهكذا باستمرار.

الطالب: ولكن قل لى ألم يكن “فرويد” على حق إذن حين أعطى الأحلام كل هذه الأهمية.

المعلم: اشهدك على نفسك أنك أنت الذى تعود لفتح الموضوع.

الطالب: إشرح  لى هذه المعلومة وكفى.

المعلم: من يدرينى متى تتوقف، أنا ما أصدق أن تنفتح شهيتك حتى أغرقك بما أتمنى أن يسمعه أحد، إسمع يا إبنى: إن لى رأيا فى هذا الموضوع قد تجده غريبا، أوجزه فيما يلى حتى لا أطيل:

الطالب: ولا يهمك، أطِلْ أطِلَ حتى “تكمل”، هذه فرصتك!!، بل وربما فرصتى حتى لو ابتعدنا أكثر عن المقرر.

 

[1] –  يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] – هذا الفصل يحوى إضافات لاحقة من فروضى الأحدث، وكثير منها لم يرد فى الطبعة الأولى!

[3] – يمكن الرجوع لبعض التفاصيل بهذا الشأن فى كتابى: دراسة فى علم السيكوباثولوجى صفحات 237، 269، 271، 238، 273، 355، 356، 637، 639، 640، 702، 703، 704، 740. ، وأيضا فى كل ما كتبت عن الأحلام لاحقا أنظر الرخاوى “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” مجلة فصول- المجلد الخامس. العدد (2) سنة 1985 ص (67 –91). وكتابى “عن طبيعة الحلم والإبداع دراسة نقدية فى: “أحلام فترة النقاهة” نجيب محفوظ ، دار الشروق، 2011

[4] – أ.د. أحمد مستجير عالم وشاعر ومبدع وزعيم المترجمين العلميين المعاصرين،  كان عميداً لكلية الزراعة من سنة 1986 إلى سنة 1995، ثم أستاذا متفرغا، كما أنه عضو في 12 هيئة وجمعية علمية وثقافية، منها: مجمع الخالدين، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، حصل على العديد من الجوائز، منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وجائزتَـيْ الدولة التشجيعية والتقديرية.

[5] – يمكن الرجوع إلى تفاصيل هذه الفكرة فى كتابى دراسة فى علم السيكوباثولوجى وخاصة صفحات 135، 136، 156، 200، 215، 246، 639، 641، 702.

[6] – نشرة الإنسان والتطور، الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى  (147)مبادىء ومنطلقات وخطوات التطبيق، بتاريخ: 15-1-2017 www.rahkawy.net

 

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *