الافتتاحية
… ثم هانحن أولاء نسقط بوعينا يقظين – مرة أخرى – بين أيدى الناس بعد فترة كمون نشط (أنظر نهاية الافتتاحية) فيجدنا القارئ مرة أخرى فى “الإنسان والتطور” مع باعة الصحف – إن صلح التوزيع- فيشترينا أو يقلبنا إذ نعود للنمط العادى فى الصدور، بأمل غير عادى فى الاستمرار.
1- كمون أم عدم؟
ولنا ولكم أن نتساءل: ماذا أفدنا من هذا الكمون الاضطرارى/ الاختيارى؟
وهل بعده يمكن أن تصدر الإنسان والتطور كما هى؟
فلو نعم؟ ففيم كان الكمون وإعادة ترتيب الأوراق؟
أم أن ما حدث أثناء هذا الإصدار الخاص المحدود لا بد وأن يضطرنا إلى توجه آخر وأسلوب آخر؟ قد يتغير الأسلوب والشكل، ولكن هل يمكن أن يتغير الهدف؟
ولكن ما الهدف؟
لقد حددنا ذلك فى العدد الأول الصادر فى يناير 1980
فهل حدث بعد أربعة عشر عاما ما يدعو للمراجعة؟ مراجعة الهدف؟
يمكن القول أن شيئا لم يتغير فيما يتعلق بالتوجه العام، فالهدف هو الهدف: ألا نفقد الأمل، وألا نركن إلى فكر جاهز، وأن نتيح مساحة ما لما ليس كذلك، وأن نؤكد على حقنا فى هوية مستقلة عن كل من الماضى والمستورد[1]، نؤكد على هوية متكاملة تنطلق جنبا إلى جنب مع المحاولات الموازية جذريا فى كل العالم التحتى[2].
إذن فالهدف هو الهدف: أن نعى التهديد بالانقراض فـ.. نقول “لا” للأنقراض والضمدر، نقولها بما نفعل، ونكون. وتصدر “الإنسان والتطور” تعلن وتساهم فى ذلك.
أما عن الوسيلة، فماذا كانت الوسيلة قبلا؟ وهل تحددت طوال تسع سنين من الصدور العام المنتظم؟ ثم خلال أربع سنوات من الصدور الخاص الكامن والواعد المتاح؟ ثم حالا بشكل متحد؟ مستكشف هكذا؟
لا أظن أن الإجابة بالإيجاب. بمعنى أن وسيلتنا لم تتحدد. وعلى ذلك فمجرد الظهور العام العادى من جديد هو استمرار فى عملية البحث عن وسيلة، مع العلانية.
ومازلنا نذكر حب وتحذير ورفض الأديب الناقد الذكى علاء الديب بعد العدد الأول حين قال لنا ما موجزه: “ما هذا كله؟ واحدة واحدة. ليس كذلك”
فقلنا له فى العدد التالى: “شكرا: نعم…ولكن….”.
فنحن الآن – كما كنا قبلا- فى منطقة “لكن” هذه.
وقبل أن نعاود الإلحاح والتكرار دعونا ننظر حولنا، مواطنين عاديين يتمنون أن يشاركوا بما أوتوا من وعى وأمل وفعل وإبداع، ننظر لنرى ونرصد ونقر، ونعترف، ثم نمضى أو ننطلق.
ماهذا الذى يجرى الآن؟
ومن البديهى أنه لا يمكن شرح ما آل إليه الحال من كل جانب فى كل موقع، فنكتفى بعرض أمثلة توصيفية عامة (ثلاثة) ننتقل بعدها إلى تحديد أخص (فى أمثلة تطبيقية نسبيا) لعل هذا وذاك يسمحان لنا بتحديد بعض ما نستلهمه فى المرحلة التالية.
2-أمثلة:
أولا: اختفى النظام العالمى القديم، وكان لا بد أن يختفي، وقد سبق أن توقعنا هذا الاحتمال فى العدد الأول من هذه المجلة (يناير 1980).
ثانيا: لم يتحدد – ويكاد لا يوجد أصلا- ما سمى بالنظام العالمى الجديد، فظاهرالأمر أن أمريكا تحكم العالم، ولكن لا أحد يعرف – تحديدا- من يحكم أمريكا، ومن يحكم من يحكم أمريكا، ولو صح الافتراض القائل أن الذى يحكم أمريكا هو إسرائيل – إسرائيل الداخل والخارج: أو إسرائيل المهجر والمأوي…إلخ -، فهذا لا يكفى أيضا لتحديد موقف الناس العاديين -أمثالنا- من معنى هذا التعبير الغامض والمخيف والمضلل فى آن، تعبير ” النظام العالمى الجديد”، لكننا نعى تماما أنه ليس من البطولة أو “المنظرة” أن يقف إنسان يقظ ضد نظام – أى نظام يقال عنه أنه جديد – يقف ضده نتيجة لهواجس وشكوك وتمسك بقديم لم يستطع أن يقاوم الزمن، ولكن فى الوقت نفسه لا ينبغى أن ننقاد وراء إشاعة بلا معالم لمجرد إجماع غامض حول شيء ولد سفاحا فى ظروف مشبوهة.
نحن نميل إلى أن نعلن النتيجة بطريقتنا الخاصة، وهى أنه : لم ينجح أحد: فالعالم المثالى مات، والعالم النفعى لم ينجح، والعالم الدينى تجمد، والجميع ينتظر الفارس المجهول[3].
وإذا كان هذا قد حدث على المستوى العالمي، فهو أكثر وضوحا فى بلدنا هذا فى وقتنا هذا،حيث نكثر من الحديث عن نظام بلا معالم: وحيث رحنا – دون أن ندري- نخاف بلا حدود، ونأمل بلا وعود، ومن خلال هذا وذاك رجحت الغالبية الطافية أن ترتد إلى ما تصورته دينا وعبادة: تجمدا بكل عنفوان القسوة والعمي.
ثالثا: على صعيد الفكر والمنهج تبلورت أكثر فأكثر النقلة الضرورية لمسار آخر، وهى النقلة التى لم نشارك فى جانبها الإيجابى أصلا، ذلك أنه بعد أن استنفدت كل الأفكار الأحادية والانفرادية والمادية المسطحة أغراضها، وهى تؤكد السعى لتحقيق ما لوحت به، تبين بأمانة التاريخ أن شيئا- ذا بال- من ذلك لم يتحقق، وبكل أمانة واضطرار راحت تلك الأفكار والمناهج الفاشلة المسطحة رغم شيوعها: تتحرك بعيدا عن البؤرة، أحيانا إلى الظل، وكثيرا إلى الضمور فالعدم، فأفسحت بذلك المجال إلى أحد سبيلين:
الأول: تحدد عند أولاد العم حاملى لواء التكنولوجيا ورموز الحضارة، حيث راح أهل النعمة والحرية يصوغون مناهج، ويولدون أفكارا، ويتجاوزون مضايق ويعدلون أنفسهم بأسرع ما يمكن وما لا يمكن.
والثانى: وهو ما غلب عندنا، أو قل عند أغلبنا، وقد كان فى اتجاه أن نندفع إلى الاتجاه الآخر فرحين بهذا الفشل الظاهر لما كان يسمى الاتحاد السوفيتي، وكأن هذا الاتحاد -الله يرحمه- كان هو هو ما يدعيه أو يلوح به، صحيح أن فشل هذا الصرح المحدود بتاريخه هكذا فتح الباب لإعادة النظر فى أصول ما بنى عليه من أفكار، فرحنا نتصور أن فشل هذا التقدم القزم يكفى لتبرير رفض أى أمام، وأى حركة، وكأننا رحنا نرمى السلة بالطفل الذى فيها.
وبألفاظ أخري: لقد بدا أن عدم تحقيق آمال إنسان فى التقدم كما وعد بها ولوح نظام كان يبدو ناجحا عادلا عملاقا،يبدو أن ذلك قد أصبح مبررا لما نهوى إليه من نكسة انتحارية نتقى بها شر مغامرة التقدم عن طريق آخر، وكأن الموت الأكيد والأعين مغمضة خير من القفز إلى أعلى مجهول أيضا، رغم أننا على يقين من أنه أعلى واعد بالإمساك بحبل هو فى المتناول فعلا بشهادة من أمسكوا به قبلنا، ورغم سقوط آخرين ممن حاولوا أيضا.
نعم رحنا نتقى بالانتحار القومى مغامرة الإبداع، وقد تشكل انتحارنا فى صورة هذه الاندفاعة إلى الدين بلا دين، لنعلن تسليما بلا إبداع، واستعلاء بلا عمل، وغطرسة بدون إضافة أو ريادة، وكانت النتيجة اجتياحنا من داخلنا بالهرب فيما سمى خطأ الصحوة… فالجماعات.. فالقتل العشوائي، وإذا بنا نحن لسنا نحن، ولا هم، ولا شيء …..إلخ.
3- إذن ماذا؟ هنا والآن؟
بعد هذا التعميم نرجع إلى الجو الأكثر محلية والتوقيت الأكثر آنية لنتعرف -على – ما وصلنا إليه هنا فى مصر بعد هذه السلسلة المتصلة والمجتهدة من الأخطاء والمحاولات، نتلفت فنرى الكثير مما يحتاج للرصد (حيث سيترتب عليه تحديدا كيف سنواصل الصدور، ولماذا ولمن) فمثلا::
1- لم يتكون فى مصر طوال أربعة عقود ما ينبغى أن يتكون….، إذ لا يوجد شارع سياسى بعد، رغم – وبسبب- ثورة يوليو وما بعدها حتى الآن. وإنما الموجود هو سوبرماركت إدارى يسمى حكومة، تحيط بالشوارع المؤدية إليه دلالات شاطرات، لهن بطاقات تموينية خضراء، تسمين أنفسهن حزبا وطنيا، يليهن بقية الناس فى طوابير ذاهلة تتسوق الخطب فى المناسبات، وتعد كسور المنح، وتسمع الأخبار، وحالة الطقس ودرجات الحرارة، وتقرأ الحوادث والإعلانات المبوبة، فهم يتسوقون فتات السياسة من صفائح قمامة سوبر ماركت الحكومة، ويخطفون بعضها من على عربات النصف نقل التى تملكها دلالات ما يسمى حزب الحكومة.
2- وفى الوقت نفسه تحولت زوايا الصلاة الصغيرة إلى بوتيكات سياسية فى بئر سلم السياسة ( تعمل بين أوقات الصلاة وتستعمل نفس المكبرات)، وتختلط الإعلانات عن محتويات بوتيكات السياسة (بما فيها البمب وحلاوة سد الحنك) بأصوات الآذان بشخشخة صندوق النذور، والنتيجة أنه لا دين ولا سياسة، ويظل الشارع السياسى خاويا رغم توزيع عقود وهمية من الحكومة بقرب الفرج للمتضررين من زلزال الفراغ وحرائق الأسعار، وتنتشر جمعيات توظيف الضياع تستغل الباحثين عن هوية أو دور أو حلم.
3- كذلك انتشرت الغرز السياسية الكلامية، تواصل رص الكلمات القديمة فى حجارة جوزة حديثة تعمل بالكهرباء، والماركة يابانية أو حتى تايوانية أو أمريكية أطلنطية (زيادة فى التخفي) وتسمى نفسها بأسماء حركية متعددة مثل: حقوق الإنسان، ومنظمة العفو، ولجان الإغاثة، والعلمانية والتنوير..إلخ. وهى بهذا تحافظ على تراث قديم أيضا، رغم الديكور وتغيير الاسم والسجل التجاري، وتتمسك بكراسى المقهى أو الغرزة، فيظل الشارع السياسى شاغرا إلا من دخان الجوزة و المفرقعات (بالاضافة إلى نشاطات زوايا بئر السلم والمكبرات).
4- وقد كادت الجامعة أن تصبح هى الأخرى أقرب إلى “قهوة الموظفين” إياهم، حيث تتقاضى الغالبية بحماس كاذب بدل بطالة (يسمى مرتبا) مقابل إنتاج عدد من العقول المبرمجة وقود الضياع والنكسات – وباستثناء الجهود الذاتية لبعض الخريجين سواء بالتخلى عن قيد الشهادة أوالقبول بذل الغربة “إياها”، لا يجد الباقى ما يفعله ولا حتى أن ينتظر قرارات القوى العاملة. وكأن الجامعة المنبر، والجامعة البحث، والجامعة القدوة.. قد آل مآلها إلى مؤسسة توزيع صكوك وهمية، تعلن تخريج فعلة مرتزقة فى بلاد الله عند خلق الله، حسب رضا الكفيل، والباقى – الأغلبية- هم من “المنتظرين” الذين لم يعودوا يعرفون تحديدا ماذا أو من هم فى انتظاره. (ربما ينتظرون التغيير الوزارى رغم يقينهم أنه لن يتغير إلا الاسم ووزن الجسم وربطة العنق.)
هذه مجرد أمثلة للخطوط الموجودة على السطح والشارع الخالي.
4- فلماذا العودة؟
أما والأمر كذلك بهذا الوضوح وتلك الصعوبة فلماذا نعاود الصدور؟ أعاد يهم أن يقرأنا أو لايقرأنا بضعة مئات بلا تواصل؟
أليس الأولى بنا أن نظل نخدش جدار الزمن بحجارة ماسحة بهذا الصدور الكامن تحت الطلب، الذى أرسينا قواعده طوال سنين الاحتجاب الفائتة؟
لا طبعا
5- البعث الحتمي:
لا … لأن الأمر ليس كذلك -رغم كل ذلك.
فثمة وعى آخر يتكون، وثمة حركة بطيئة تزحف، وثمة نبضات متفرقة تتجمع، يحس بكل ذلك من يثق بالحياة، وبالحق، وبالحركة، وبالله، انتفاضة حقيقية لا يمكن أن تخطئها عين حريصة على الإسهام فى أى شيء مهما صغر حتى يكبر.،
هى الحركة البطيئة المثابرة قبل كل هذا الضياع والفراغ والكذب، و بعده، حركة تحيط وتتحفز لتقفز من خلال كل ذلك، بل هى تطل من ثناياه الآن بالرغم منه، ودليل ذلك:
1- إن الاندفاعة الدينية إلى وراء كادت تصل إلى مداها، فانكشفت حين شوهت ما هو مصري، وأهانت ما هو مسلم ( المصرى المسلم أو القبطى لا يقتل خفيرا أمام كنيسة، ولا يطعن أمين شرطة لا يعرفه، ولا ينتحر بلا هدف، ولا يخون نفسه وتاريخه !!!).
2- والذاكرة القومية بدأت تقلب أوراقها لعل وعسي، ورغم أن هذا ليس، ولا ينبغى أن يكون، هدفا فى ذاته، إلا أنهاتذكرة، فمن شاء ذكره، ذكر: أننا قادرون مثلما كانوا قادرين.
3- واليسار لم يعد يسارا جامدا، فاتجهت المحاولات إلى تحوير الموقف بالحركة الفاعلة “هنا والآن” فعلا (رغم عدم إعلان ذلك) فى مقابل الجمود “هناك هكذا”، حتى لو كان الجمود على قيم العدل والحرية أو قيم التسليم واليقين. ومراجعة اليسار ليساره هو أمر واعد بلقاء الحركات فى توجه تكاملى فعلا.
4- والحلول الذاتية فى زيادة مستمرة (فى مجالات الاقتصاد، والهجرة، والتعليم، ثم ربما التفكير) وهى حلول تبدو فردية، لكنها، حتى ولو لم تقصد، تصب فى محيط الذات القومية الممتدة فى المجتمع بالطول والعرض، صحيح أن المسألة ما زالت قاصرة على الاقتصاد بمعناه المحدود الممثل فى شطارة تجنب المجاعة رغم كل شيء، لكن الأمل هو أن ندرك الترابط الحيوى بين الاقتصاد والفكر والإبداع.
5- وفى نفس الوقت فإن الحيرة الفردية قد وصلت غايتها حتى لم يعد يمكن الصبر عليها، ومع فشل الانتماءات الزائفة، لا بد أن نتوقع ولادة تجمـعات حقيقية، مهما تباعدت وصغرت،، وإلا فماذا يعمل الفرد- وسط كل هذا- لو أصيب بمحنة الوعى بكل هذا، أو بعض هذا؟.
يجن؟
أو يطفأ بالثراء أو بالتأجيل فى دين لم ينزله الله.
أو يصدر الإنسان والتطور كل ما هو إنسان وتطور!!!!!!
ولعلنا نتذكر دائما أن المطلوب هو إبداع جديد من واقع جديد، حذرين طول الوقت من الاستيراد من منطق اليونان ونصوص الشراح الأقدم، وديمقراطية الأمريكيين المحدثين، وحلول الكتب التى نفدت طبعاتها،لأن كل هؤلاء هم مجرد نقط انطلاق، وليسوا مصبنا، ولا مثلنا الأعلي.
6-يا حضرة الحكومة !! نحن معك فهل تسمعين؟ هل تسمحين؟
ثم إنه بعد الشعور بالتهديد هكذا:تهديد وصلنا كلنا، مسلمين ومسيحيين وعلى كل ملة ودين، مفكرين وكسالي، منتجين وطفيليين،، حكومة وأهالي، تهديد لا جدال فى معناه إذ راح ينذر الجميع أن من يجرؤ أن يكون إنسانا يفكر فهو ليس منـا (ليس من مـن؟ إلى من؟ إلى أين؟) وبعد أن وصل هذا الشعور بالتهديد العام إلى كل الناس ونحن منهم، وجدنا -مع غيرنا- أن الجهاد ضد كل هذا هو فرض عين لا فرض كفاية، وأن الله سبحانه سوف يحاسبنا كلنا إذ نأتيه الآن يوم القيامة فردا، سوف يحاسبنا على التخلى عن الجهاد لإعلاء كلمته، وتكريم خلقه، ولو أننا احتججنا أمامه بنص لم يملأ وعينا، أو بتفسير لم يرتضـه منطقنا بعد علم وجهد كافيين، فإنه سوف يلقى عملنا فى وجهنا، فلا حجة لمن على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره، واحتجاجنا بألفاظ شرح نص لا يفجر وعينا هو من قبيل هذه المعاذير التى لا تصلح لأحد هناك، قد تنفع أمام الشهر العقاري، أو أمام جمع من الناخبين، أو أمام لجنة ترقى إلى درجة أستاذ ليس له تلاميذ ولا معني، قد تصلح لكل ذلك الحجج والأعذار، لكنها أبدا لا تصلح أمام خالق هذا العقل ليفكر، ومرسل هذه الأديان لتحضر، ومكرم هذا الإنسان ليرقي، ومهما أخذنا معنا من نصوص لم تملأ وعينا، وحروف لم تقنع شرف وجودنا، أخذناها مختبئين فيها، معتدين معها بطول لحية أو قصر قميص أو حجم عمامة قائليها، مع ذكر الاسم والعنوان ورقم البطاقة الانتخابية ودفتر الشيكات، فسوف يتبرأ كل هؤلاء منا، ومن كل تفسير خالف الفطرة مهما صورت له خيالاته وأطماعه شكل الألفاظ ورموزها، سوف يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا.
فانتبهوا يرحمكم الله
ثم ها نحن نعاود الظهور الظاهر بعد ذاك الظهور الكامن !!!! نعود ونحن نشعر تماما بهذا التهديد لنحمد الله على كل حال.
ونحن نحمد الله على طلوع الشمس وحسن النية
فمثلا:
رغم صدور أخبار الحوادث -ناهيك عن حدوثها- وأخبار النجوم (التائبات والتائبون والعاملات والعاملون !!) صدرت أخبار الأدب لتسمح بمساحة حقيقية للحركة، فتوجه أملا واعدا، وتحاور وعيا طازجا لعل وعسي، فيحررنا صدورها من تصورنا أننا كنا نقوم بأى من هذا
وصدرت علاء الدين بأقل قدر من الخيال. ليكن، دعونا نأمل فى تربية أخف وصاية، وأقلام أكثر شطحا إبداعيا مثل شطح الطفل الحقيقي
وصدرت نصف الدنيا وكل الناس، طباعة مصقولة، وأثمان والعياذ بالله، لكنها علامة رقى وإتقان، وفى كل خير
ولا نورد أكثر من مجرد أمثلة، لكن الصدور الحق الذى يستحق وقفة وتحية، هى تلك المجلة التى لا يصدرها إلا مصري، وهى مجلة “كاريكاتير”، مصرية مصرية، بما فى ذلك حسها العربي، تطمئنك كل أسبوع أن مصر مازالت تنبض شجاعة ونقدا وإبداعا وخفة ظل، ليست بعكوكة ولا زغزغة، بل هى مصر تصارع الإرهاب برسم واحد لو رآه شاب لكره نفسه وهو يطمس وعيه، ونحن نشعر أنها مجلتنا فنتطفل على مائدتها دون استئذان، واثقين أنها ستفرح بنا كذلك.
فنحمد الله أننا مازلنا نتحرك أفرادا رغم عجزنا جماعات، وأنه ما زالت لنا حكومة ـ رغم بعدها فراسخ، شيء أفضل من لا شيء – (بلد له حكومة هو دولة أو كنظام دولة حتى يأذن الله بالفرج)
ولا ننسى أن نحمد الله على انعقاد مؤتمر مينا هاوس بعد عقد ونصف من.. من ماذا؟؟ إسألوهم مع السماح، (بسيطة كانت بطارية الساعة الكوارتز قد نفدت!!!)
وبمجرد عقد ما يسمى السلام الجزئى الربع ربع إلخ، وبمجرد أن تظهر معالم دولة وديوان محاسبات، وبمجرد أن تهدأ أصوات المكبرات، يبدأ الجهاد الأكبر ويصبح صدور هذه المجلة ألزم (حتى لو وزعت عشرة أعداد لا أكثر)
فنحمد الله آخرا على صدورنا هكذا ثانية، ونحن أكثر وعيا بفراغ الشارع السياسى الذى لم يوجد أصلا، وفراغ العقل الإبداعي، واسترخاء جيب الحكومة، وفى نفس الوقت أكبر يقينا أنه لم يعد فى الأمر خيار، إما أن نعيش أو نموت.
يا حضرة الحكومة كيف يمكن أن نقنعك بأننا نقف بجوارك رغم كل ذلك؟ كيف يمكن أن تصل إليك هذه الكلمات البسيطة المهمة وكل من يهمه الأمر من رجالك يصر أن يستمر فيما لم يعد ينفع، وأن يحاول ما سبق أن فشل، وأن يستهين بأى محاولة أخري، وأن يمتهن وعى الناس بالتفرد بالرأى والفعل والهبل.
كيف نقف معك أيتها الحكومة؟ ونحن والله العظيم ثلاثة نريد ذلك، لا من أجل بقائك أو إيمانا بدورك، ولكن من أجلنا نحن، إذ لا مفر من إنكار أننا جميعا فى نفس المركب التى توشك أن تغرق.
ولا يصلنا رد طبعا، فتخرج “الإنسان والتطور” من صدورها الكامن إلى صدورها العادي، لعل وعسي، لتبريء ذمتنا أمام التاريخ ورب العالمين.
7-ما قيمة هذا الآن؟
هل نريد أن نقول إننا نمثل شيئا أو نضيف شيئا ونحن نتحرك فى محيط وعي، بضع مئات على أحسن تقدير؟
هل نريد أن يخيل إلينا أننا نمثل ما ليس كذلك؟ ما ليس حكومة وليس أهالي- ما ليس يسارا وليس يمينا- ما ليس جامعة وليس مركز أبحاث، ماليس محو أمية وليس أمية؟
إن التعريف “بما ليس هو”لابد أن يكون قيمة إبداعية رائعة، تقترب من الإيمان بالغيب بلا خرافة أوتسليم، أفليس كل ما ليس هو يتشكل إلى ما هو؟ وهل نحن مازلنا بعد كل هذه السنوات ظهورا: إلا فى مرحلة التشكل الممتد؟
بحساب التاريخ : نعم نحن دائما فى البداية: بداية دائمة متجددة، الحياة كلها على مدى الوعى البشرى بدايات، وهذا لا يعيبها، بل إنه يعطى لكل فعل-مهما صغر- معنى ودلالة
ونحن نعرف احتمال أن يكون كل ذلك مجرد تنفيث فردى لا فاعلية له، ولكن يحتمل أيضا أن يكون شيئا آخر بعد ذلك:
يحتمل أن يكون فعلا علامة على التاريخ.
ويحتمل أن يكون إعلانا أن شيئا ما يبقي.
ويحتمل أن يكون تلويحا بشيء جيد مجهولة معالمه التفصيلية، لكنه موجود.
8-المساحة والفاعلية
كنت قد انتهيت يوما إلى تعريف للوعى البشرى (وهوالثروة التى يتفجر منها كل شيء من التشكيل إلى الإيمان إلى تغيير النوع إلى آخره) ، تعريف يقول إن الوعى هو ساحة ومساحة وحركة فى توجه مثابر، ثم يتشكل كل ذلك فى رموز قابلة للتوصيل والتجدد و…و…و…
فماذا عن موقفنا ونحن نعاود الصدور من هذا التعريف؟
هل نمثل وعى ثلة منغلقة؟
هل نحن رمز مستقبل غير منظور؟
وماذا عن المساحة التى نتحرك فيها، والتوجه الذى نتحرك إليه (لو افترضنا أنها حركة غير مغلقة تدور حول نفسها.
لا بد من الاعتراف أن المساحة شديدة الضيق، ولكن هذا ليس مسئوليتنا وحدنا.
وأن الفاعلية شديدة الضعف – إن وجدت أصلا- ولكن هذا ليس مبررا للتوقف.
فلنصر أننا لم نتوقف.
وها نحن نوالى الإصدار العلنى العام لنجرب من جديد.
ومن خلال التجربة على المستوى العام هكذا، سوف نقول لكم بقدر ما تقولون لنا: ماذا؟
ثم: إذن ماذا؟
9-ذكر ما كان
كان حلما أن نصدر بانتظام، وأن نحرك، وأن نضيف، وأن نقول وننصت، كما كان محور هذا الفكر التطورى الذى تصدر المجلة لتعبر عنه هو أن تتناوب اليقظة مع النوم كما يتناوب الحلم مع اللاحلم، فلما احتجبت المجلة عن الصدور العام لغير ما سبب جديد ظاهر، فالصعوبات المادية هى هي، وتواضع التوزيع أوانعدامه هو هو، وعدم تميز المخاطب هوهو، لكن المجلة بقرار ذاتى قررت أن تحتجب، فاستجبنا محتجين. فحاولنا محاولة متواضعة حديثة جدا، قديمة جدا، أبعدتنا قليلا، بل كثيرا عن عدد غفير من القراء لفترة ليست قصيرة:
ذلك أننا قررنا أن نرتب الكم الهائل من المعلومات التى استطعنا أن نعلنها طوال ثمان سنوات، وأن نواصل الصدور بانتظام كامن دون أن نكون فى المتناول العام.
ووجدنا لذلك قياسا فى التاريخ. كما لمحنا له معالم مستقبلية.
ذلك أننا نظرنا فى التاريخ قبل ظهور المطبعة بشكلها الحالي، فوجدنا أن الأفكار والآراء والرؤى كانت تكتب وتنسخ باليد، ثم تتداول فيما بين عدد قليل أو أكثر من القليل قليلا بنسخ فنسخ – حسب الطلب عادة-، ثم تعيش ما شاء لها وعى الناس أن تعيش، وما استحقت ذلك من واقع مسئولية وتناسب التاريخ المحيط واللاحق، لا من واقع وفرة الإعلانات أو رضا الهيئات الرسمية.
ثم نظرنا فى المستقبل فوجدنا أن أشرف أشكال الإنتاج سيكون الإنتاج حسب الطلب (وليس تسويق ما هو منتج والسلام) بمعنى ألا يـصدر المنتج إلا بعد أن يطلبه المستهلك فعلا، فلا يغمر السوق بمالا لزوم له، وبالتالى لا يضطر المنتج إلى الإغارة على عقل المستهلك بإعلانات كاذبة..إلخ
ثم نظرنا فى الحاضر فوجدنا بين أيدينا هذا المكمتر (الحاسوب) بما يقدم من إنجازات الجمع والطبع الحديثة.
فجمعنا هذه الرؤى الثلاث، فإذا بنا قادرون على الصدور كمونا، شريطة أن نظل نصدر بانتظام، وقد كان.
لم نتوقف عددا واحدا، ولم نضف جديدا، اللهم إلا ترتيبا رصينا، دوريا، متاحا لمن يطلبه معلنا بشكل ما، فكأننا كنا نقوم بما يقوم به الحلم من ترتيب للمعلومات بشكل دورى منظم، فالحلم – كما تقول الأبحاث الحديثة ليس مجرد تحقيق رغبة أو تحويل موقف، لكنه ترتيب دورى للمعلومات بحيث تصبح متاحة وفاعلة بشكل أكبر أثناء اليقظة.
وهذا ما كان بالضبط.
إذن فقد واصلنا إعادة الترتيب والصدور (أنظر بعد) مطمئنين إلى قارئ يطلبنا ويشاركنا هذا التنظيم الدوري، وإلى قارئ ينتظرنا ويسأل عنا، فنجزم له أننا نصدر حقيقة وفعلا، وأننا تحت الطلب، ولسوف يري.
وهكذا رحنا نرتب البيت من الداخل، ونعيد التنظيم والصقل، حتى تصورنا أن هذا الصدور الذى أسميناه: “فى المتناول”هو أقوى من الصدور الذى يقيم بدرجة الانتشار وقدرة الإصدار العام.
وهاكم بعض التفاصيل: قررنا قرارا هو النفاذ بعينه، فسار الأمر كالآتي:
1- ظللنا نصدر فى صورة أعداد خاصة – هى إعادة تنظيم وصقل وترتيب لمرحلة التجريب والتلقائية.
2- أتحنا الفرصة من حيث المبدأ- للتعريف بصدور هذه الأعداد لمن يطلبها
3-نقوم بإصدار كل نسخة، بأمر مباشر للمكمتـر(الحاسوب)، على أن نرسل العدد لمن يطلبه كلما وصلنا طلب بذلك، مقابل تكلفة طباعته الخاصة، مضافا إليها أجرة البريد.
4-نحافظ بذلك على الانتظام فى الصدور، ولا نتكلف شيئا يخرب بيوتنا ويعجزنا فى النهاية، ونسجل (للتاريخ- وبعض حاملى أمانته الآن) ما ينبغى أن يسطر أثناء تواجدنا فى هذه الفرصة (هذه الدنيا: بمساحة أعمارنا المحدودة) تلك المساحة التى أتيحت لنا بالتواجد هكذا لهذه المدة.
هذا ما كان حقيقة كالخيال وبالعكس،
لكن يبدو أن التواصل فى واقع الأمر كان ضعيفا حتى العدم، لكنه فى واقع الحلم: كان ثابتا وأكيدا وملحا ومرصودا، وفى المتناول (وما زال كذلك).
لكن القاريء الأبعد عنا لم يبلغه ما كان، والقاريء الأقرب منا لم يحتج أن يلح فى الطلب دون أوان، وعامة الناس لم تتعود هذا النوع من الإصدار ” تحت الطلب” الذى يبدو سريا أو حتى خياليا.
وتكاثرت المشافهات وبعض المكاتبات تسأل، وتتعجب، ولا تصدق، ونحن نؤكد وفاءنا وانتظامنا واستمرارنا ولا نصدق. ثم قررنا أن هذا الطور لا يستحق كل هذا الدفاع والتأكيد، ولا يكتسب شرعيته إلا إذا لحقه طور معاودة الصدور العام العلنى مرة ثانية.
فعدنا- والعود أحمد.
عدنا بعد أن رحلنا إلى لغة المستقبل، متمثلين مخطوطات التاريخ.
أما الأعداد المتاحة التى صدرت بالطريقة المحدودة السابق شرحها، والتى لابد وأن تكون تحت أمر وإذن القارئ الذى يطلبها، فنجد من الواجب أن نقدمها للقارئ الذى قصرنا فى حقه ليجمع بها – إن شاء- ما سبق أن عرفنا به، وهى جميعا أعداد خاصة، وقد أثبتناها فى ملحق خاص فى نهاية هذا العدد.
هذا العدد:
قبل أن نقدم هذا العدد لابد من أن نعترف أن نصف مادته على الأقل قديمة، وقد احتفظنا بها فى فترة الصدور الكامن هذه طوال هذه المدة، وبالتالى فقد هدتنا إلى ضرورة ألا نتغير، وإن كنا قد تراجعنا فى عجالة عن كثير من مادة التخصص فى الطب النفسي، فإن ذلك يبدو لنا ضرورة مؤقتة، مع تذكر أن بعض ما أبعدنا عن قارئنا فى الأعداد الأخيرة أن جرعة التخصص ألحت حتى كادت تطمس معالمنا الأولي.
ويجد القارئ فى هذا العدد ملامح الروح القديمة :
فنرحب بلا تردد بفكرة جديدة عن تطور الهوية الجنسية يكتبها د. أسامة عرفة من واقع الممارسة الإكلينيكية ولا يتردد أن يعارض ويتجاوز بها فرويد، فلا نتردد فى نشرها، فيذكرنا ذلك بترحيبنا بفكر محمد يحيى مذ كان طالبا بالجامعة وهو يضيف همسة متواضعة إلى نظرية المعرفة فنسارع بنشرها غير هيابين أصلا
لكنا نحسب أن القارئ الذى انتظم معنا بالقدر الكافى سوف يفتقد باب الحوار، وباب التجارب العشوائية مما كنا نطلق عليه أحيانا: الكتابة الطليقة، حيث نلتقط الحقيقة من أصولها لكننا نأمل أن المادة الأدبية على قلتها مازالت تحتفظ بنفس رائحتها التى تميز هذه المجلة، فتلك اللوحة التى قدمتها سها النقاش تفرض حضورها الشعرى بلا جدال، كذلك الشعر المنشور يذكرنا بترحيب المجلة بمختلف المحاولات (وفى انتظار عودتك يا زرزور، أنت وزمرتك، لعل الأمور قد اتضحت، والوعى قد تمادى نضجا)
ومهما كان مستوى ما سمحت به الظروف هذا العدد فإننا نعلن تراجعنا الواعى عن التمسك بحكاية الفصحى رغم المخاطر المهددة.
ثم يحل الزميل الأديب الجم التواضع ” محمد المخزنجي” ليكون معنا ونحن نعود، فيحدد ويستدعى مزيدا من القص المتميز، ثم إن باب النقد قد أنقذ بموجز قديم للزميل إيهاب الخراط عما تبقى فى وعيه من رائعة ألبرتو مورافيا 1934.
أما باب الحوار الذى تناولنا من خلاله كل محظور، والذى كنا نرى أنه من أشرف مظاهر حضور الوعى الموضوعي، ومن أهم علامات التقرب إلى الله، فهو غائب هذا العدد طبعا نتيجة هذا الكمون الذى حال بيننا وبينكم، فخطر ببالنا أن نفتعل حوارا هو موجز لقضايا ظللنا ندور حولها (نحن هيئة تحرير هذه المجلة) أسبوعيا طوال السنة الماضية، وذلك أملا فى ألا ينقطع الخيط، فقررنا أن نؤلف حوارا مما جري، وأن ننشره وكأنه هو، لعله يصبح مثل البيضة “الرؤوبة” التى تضعها الفلاحة لفراخها حتى لا تبيض فى “الـمحــمة”، أو مثل صاحب برج الحمام الذى يشترى حماما ويطيره حتى يجلب الحمام إلى برجه، نعم: نحن نحتاج للحوارمثل القارئ وأكثر.
وكذلك نلتمس العذر لفقر أوغياب المادة المتخصصة فى الطب النفسى هذا العدد، فاكتفينا ببعض ما رأيناه جديدا بالإضافة إلى الموسوعة النفسية التى لامــست قضية السببية، ونحن أحوج ما نكون إليها هذه الأيام، لا للتعرف على طبيعة سببية الأمراض النفسية فحسب، بل للتعرف على الضياع التسليمى للماضى الراسخ على وعينا، وعلى التفكير التبريرى المشل والعمى عن البديهيات والفطرة.
ثم لعله من غرائب الصدف أن تعود متتابعة الناس والطريق فى جزئها الثانى مع ظهور هذا العدد، ذلك أن كاتب هذا العمل قد وجد نفسه فى خبرة جديدة سمحت له أن يعود إلى ذاته ليجد وعيه وقد اكتظ بالناس حتى ازدحم الطريق، وبعودة هذا الباب هكذا فجأة -خاصة لمن يتذكر هذا النوع من السيرة الذاتية المتخفية فى أدب الرحلات- يثبت من جانب آخر حتمية الكمون فالبسط.
الحمد لله، والعود أحمد.
[1] يارب نركز على هذه المقابلة ‘الماضى « المستورد’بدلا من الاستقطاب الخاطئ بين ما يسمى الأصالة والمعاصرة.
[2] وخاصة عالم الناس الذين لا يكتبون أو ينشرون فى مجلات مثل هذه المجلة، لكنهم يشاركوننا رفض النظام العالمى الجديد والبحث عن هوية تشارك إيجابيا فى النظام الإنساني/الكونى الأكيد
[3]- ومع هذا المشوار العالمى من التواصل الملتهب عبر قنوات الاتصال والسفر، نكتشف أن من حق كل فرد ( عالمى جديد) أن يعتبر نفسه الفارس المجهول المنتظر، فإذا شطح به الخيال: فليكن المهدى المنتظر: حلال عليه، ولعل هذه المجلة تتراوح بين ما هو الفارس المنتظر وما هوغير ذلك ، ربنا يستر).