قصيدة الصمت
شعر: عباس الصهبى
كنت…
أحب الصمت
فالزهرة تشرق من برعمها…
المتفتح فى صمت
وصلاة العابد هامسة..
كالصمت
لكننى
منذ فارقت العينين الصافيتين
وتألمت
وتحطمت
أصبحت..
لا ألعن غير الصمت
أدركت..
أن الصمت العاجز.. موت
وأنا ..
أن الصمت العاجز.. موت
وأنا..
أكره لغة الموت
***
حيتنى..
وككل صباح… وجدتني
أتعبد فى محراب الصمت
ونسيم الصبح الرائح والغادي
يسكب فى أنفى عطرا..
كنت له أدمنت
ضحكت..
فتبسمت
ورمت نظرتها..
تفتك بالأعماق المطعونة
انصال حناجر مسنونه
عدد الأهداب
حاولت مرارا…
ألا تصطدم النظرة بالنظرة
حتى لا يتفجر فى قلبينا…
ينبوع عذاب
لكنى حين استسلمت..
لوقع النظرات… الطعنات
فرت من رأسي..
أسراب الكلمات
فسكت..
وصوبت أنا الآخر نظره
كانت كالقطره
سقطت
غرقت..
فى أمواج شواطئ…
عينيها
ولمحت على ومض النظره
شيئا.. أبصره أول مره
ما هذا؟
ماذا يحدث؟
بوحي.. بوحى يا شفتيها
هى ذى.. الآن..
قد اعتدلت فى وقفتها
تمسك يدها اليسرى…
بحقيبتها
وتسلم.. وتقول “وداعا”..
وتقول..
تقول
تتحدث فى موعد طائرة
عن زوج – لا تعرفه – ينتظر بصبر..
لتطير إليه
عن عش مضفور القش
لن يشقى الالفان مرارا…
فى نسجه
فتودعها.. أعين أحباب ورفاق
وتحيط بها..
أحداق خلف الأحداق
تومض بالحسد المشتعل..
برغم رماد الانشفاق
أدركت الآن
ما كانت تعنيه منذ شهور
من أن الوقت يمر
والغصن الأخضر…
سوف يشيخ
والزهرة لن تصمد..
حين يجىء شتاء ممطر
***
خدعونى.. إذ قالوا:
”إن الصمت.. بلاغه”
حقا.. أن الصمت بلاهه!
هاأنذا..
فى الميدان الواسع وحدي
أشنق.. صمتى
أتحسس.. صوتى
لا صوت.. ولا صمت
أصابتنى لعنة من..
إذ شهدوا.. سكتوا؟!
لا صمت.. ولا صوت
لا صوت.. ولا صمت
وأنا..
من كان يحب.. الصمت
فالزهرة.. تشرق من برعمها..
المتفتح فى صمت
وصلاة العابد.. هامسة
كالصمت
لكني..
مذ فارقت العينين الصافيتين
وتألمت
وتحطمت
أصبحت..
لا ألعن غير الصمت
أدركت..
أن الصمت العاجز .. موت
وأنا.. أكره لغة الموت!
(أول شتاء 1985)