قصة قصيرة
فى الطائرة
د. أحمد حربى(1)
تجاورنا فى الطائرة التى تقلنا الى باريس.. جارتى هندية متوسطة الجمال ولكنها تتمتع بأشياء أخرى لا أعرف اسمها.. ولا يعرف الآخرون ولكنهم يسمونه سحرا أو جمال بالروح أو جاذبية أو… أو.. تتحدث الانجليزية.. تجاذبنا أطراف الحديث… شعرت كأننى أعرفها منذ مئات السنين توافقنا فى كثير من الرؤى واتفقنا فى كثير من الآراء… أحضرت المضيفة الشقراء الطعام… المضيفة تنتمى لجنس آخر يذكرنى بالاستعمار.. لم أستطع أن أكمل طعامى… سألتنى الهندية الساحرة عن سبب انصرافى عن الطعام فذكرتنى بعاطفة الأم وحبها على أبنائها… فدارت رأسى وزادت الدماء الصاعدة الى عقلى… يا الهى كل هذا فى واحدة… ذكاء وثقافة وندية فى آن اتقفنا على أن نلتقى فى مساء كل سبت فى مقهى مونبارناس… دعوتها لقضاء ليلة فى غرفتى فى مادلين وافقت… فى هذه الليلة احتجب النور طويلا عن مدينة النور.. كنت أبحث عن العلاقة الكاملة ولكن الألم الذى شعرت به هزمنى فلم أعشه كثيرا ولا تصوره الكلمات.. انتهى كل شئ.. هربت من نفسى الى مسجد بحى مونج بباريس.. بعد شهر تقابلنا فى سانت ميشيل عاملتنى برفق كأنى صديق جديد… ولمع فى عينيها ذكاء يحكى أنها تعرف كل ما أعانيه من قيود الدين وضغط القيم والمبادئ وتأنيب الضمير… والمحاكمات الدائمة التى تزرعها فينا النشأة الريفية وصراعات أخرى… العلاقة الكاملة مثل الجريمة الكاملة خرافة رائعة… والجنس بلا حب دعارة… والحب بلا جنس رومانسية ضعيفة… والزواج صيغة اجتماعية من المحتمل أنها غير فاشلة حتى الآن…
[1] – أخصائى الطب النفسى. دمنهور