لغة الجسد
د. مها محمد كامل
تعلمت من جسمى الكثير الكثير عن هذه اللغة، وسأكتفى هنا بالكلام عن حديث الجسم لصاحبه ولن أتعرض لكيف تكون هذه اللغة وسيلة للاتصال بالآخرين .
ولكننى أريد أن أعتذر للقارئ أولا عن ضعفى فى اللغة العربية إذ أنى أحس بتوقف تعليمى اللغوى عند المرحلة الابتدائية، ولن أشرح هنا” كيف يمكنك الحصول على الثانوية العامة دون أن تسمح إلا لأقل القليل من المعلومات بالتسرب إلى داخلك”،
لهذا مقام آخر .
وربما كان عجزى اللغوى عاملا مساعداً دفعنى إلى الإنصات والفرجة المستمرة حتى سمعت” همس سكوتى “
وهمس سكوتى وأن بدأ بيدى ووجهى إلا أنه امتد بعد ذلك ليشمل كل جسمى بما فيه من خلايا وأنسجة ………
– مالى اليوم أحس بالأمر وهو يصدر من مخى إلى يدى بالتحرك وكأنى أستطيع أن أتبع خط سيره
– أرى يدى وهى تنقض على أى شئ أمامى فأدرك معنى” الطمع”، والفرق أننى اليوم أرى الطمع فى يدى بذاتها، أحس بوجوده، بالذبذبات التى يحدثها. كنت اعرف الطمع كصفة.. ككلمة، أما أن أراه مجسداً وأحس به فتلك كانت المفاجأة وكانت البداية .
بداية رؤية كنت أحسها ولا أدرك معناها ولا أستطيع التعبير عنها فى كلمات
– أذنى أصبحت قادرة على تمييز الأصوات بحساسية غريبة فإذا بى أعرف تماماً من أى طبقة يصدر هذا الصوت. عرفت الصوت الذى يصدر من سابع أرض وننقيضه الذى يصدر من على القشرة .
– عقلى يحدثنى شاكياً من كثرة” التلفيق والتلزيق”
– فمى ينطق الكلمات بثقل لأدركه تماماً، وقد لاحظت فيما بعد أن حركات الفم أدق ما يكشف عن الاكتئاب .
– أحس بشفافية غريبة أخاف أن ينفضح أمرى بسببها
– ولا أجرؤ أن أتكلم عما رأته عينى أو أن أكمل:………
وهذا على سبيل المثال ما يمكن أن يتعلمه من أراد أن يكتشف بعض جسمه وأنا لست على علم، فربما نشرت الأبحاث التى تناولت هذا الموضوع بالتفصيل مثل
“ لغة العيون “ “ لغة الخلايا وعلاقتها بمرض السرطان”.
وإنما أردت فقط أن أذكر كل من يريد أن يفهم مريضا ان يحترم لغته الخاصة أولا،
ثم يجذبه وبخبث شديد إلى اللغة الخارجية .
ثم أطرح السؤال :
كيف يعيش من أراد أن يحترم جسمه ؟؟؟
كيف يعيش من اكتشف أن داخله” أرق من النسيم “ ؟؟؟
والكتب مليئة بالنصائح والتعليلات لكل مايبعد الإنسان عن نفسه وعن فطرته، والله سبحانه وتعالى أوضح لنا كيف نحافظ على فطرتنا .
ولكن داخلى يصرخ كيف يستمر هذا على أرض الواقع ؟
يقال بالتوليف والولاف، ولكننى لازالت أسمع صدى الصراخ – مدركه أن التنفيذ صعب صعب صعب. ولنحمد الله أن هذه اللغة الخاصة غير قابلة للابتذال، على ما أعتقد .