…. أن تملأ الوقت بما هو أحق به!!! (2)

نشرت فى الدستور

19-11-2008

السنة الثانية

العدد: 446

…. أن تملأ الوقت بما هو أحق به!!! (2)

فى نشرة أمس، قدمت اعتذارا عن تأجيل مناقشة حالة عادل (الحق فى الألم: عودة إلى ملف الإدمان)، وفيها رحت أواجه مسئوليتى عن وقتى من ناحية، وعن واجبى إزاء من أغرتهم هذه النشرة اليومية بنوع آخر من التواصل والحوار هو لا غنى عنه بحال، من ناحيتى ومن ناحيتهم، ثم نشرت مقدمة كتاب كامل تقريبا، كنت قد عثرت على مسودته بين أوراقى (حاسوبى) بالصدفة وأنا أبحث عن “ماهية الغرائز، والبيولوجيا، والبرمجة الحيوية…” (الغرائز).

 أثناء قراءتى أمس لهذه المقدمة التى كتبت منذ ثلاث سنوات، اكتشفت أن على أن أضيف غريزتين (برنامجين حيويين) أخريتن إلى الكتاب وهما :

• برنامج (غريزة) الكشف والدهشة فالمعرفة
• ثم برنامج (غريزة) التشكيل فإعادة التشكيل تطورا ونماء.

والظاهر أننى كنت قد أدمجتهما فى الغريزة التوازنية الإيقاعية بحق أو بغير حق.

منذ أمس والسؤال هو هو ما زال  يلح على، هل أنا أملأ وقتى بما هو أحق به؟

لن أتناول ذلك تنظيرا مرة أخرى، سوف أكتفى بأن أثبت، إضافة إلى المقدمة أمس، بعض مقتطفات من ذلك الكتاب المسودة؛ لأواصل السؤال والتساؤل عن الأحق بملء الوقت،  شاكراً للمرة الكذا الإبن الصديق جمال التركى، وكل من نحا نحوه بالحب والنصح والدعاء.

اسم الكتاب من جديد: الطب النفسى والفطرة ، وهذه بعض المقتطفات:

المقتطف الأول:

كلمة الفصل:

o  إن دينى يتكون من إعجابى المتواضع بهذه الروح غير المحددة التى تتجلى فى التفاصيل الصغيرة التى يمكن أن ندركها دون وساطة عقلنا الهش

o  إن أجمل ما يمكن أن نعايشه هو “الغموض” . إنه مصدر كل الفن الحقيقى وكل العلم. إن من لا يشعر بهذه العاطفة فلا يتوقف ليحتار ويقف مأخوذا  فى دهشة،  ليس إلا ميتا مغمض العينين.

أينشتاين 

•  “My religion consists of a humble admiration ofthe illimitable superior spirit who reveals himself

  in the slight details we are able to perceive

  without our frail and feeble mind.”

• “The most beautiful thing we can experience isthe mysterious. It is the source of all true art and

  all science. He to whom this emotion is a

  stranger، who can no longer pause to wonder and

  stand rapt in awe، is as good as dead: his eyes are

  closed.”

Einstient

 

من أقوال ابن عربى

•   لا يزا ل حكم الشرع ينزل من الله على قلوب المجتهدين إلى انقضاء الدنيا
•   (الاجتهاد عندنا بذل الوسع فى تحصيل الاستعداد الباطنى الذى به يقبل التنزّل الخاص)

 من مواقف النفرى

وقال لى                                                                       

•    المعرفة التى ما فيها جهل هى المعرفة التى ما فيها معرفة
•    القرب الذى تعرفه مسافة، والبعد الذى تعرفه مسافة

        وأنا القريب البعيد بلا مسافة

المقتطف الثانى: تذكرة بالفرض

” ثمَّ نزوعٌ حيوى تلقائى (غريزى) لتناسق الإنسان  بين هارمونيته الذاتية وبين دوائر أوسع فأوسع من الهارمونية المحيطة الممتدة إلى الوجود الأوسع/ الكون/الأعظم المفتوح النهاية إلى ما لا نعرف (الغيب). هذا ‏النزوع‏ ‏إلى ‏التناسق‏ ‏مع‏ ‏الكون‏ ‏الأعظم،‏ ‏‏‏هو‏ ‏مثول‏ ‏عيانى، (‏وليس‏ ‏تجريدا‏ ‏مثاليا‏) ‏برغم‏ ‏كونه‏ ‏مجهولا ‏ ‏كله أو أغلبه. هذا النزوع بقوانينه وحركيته هو من أهم ما يميز ما يسمى الفطرة، وهو ما نسميه هنا “قانون حركية البرمجة الحيوية”.

المقتطف الثالث: دراية فائقة، وتوصيل محتمل

1) ‏إن‏ ‏هذه‏ ‏الغريزة‏ ‏الأولية‏ مثلها مثل‏ ‏الجنس‏ ‏والعدوان‏، ‏ليست‏ ‏خاصة‏ ‏بالجنس‏ ‏البشرى، ‏بل‏ ‏إنها‏ ‏أعم‏ ‏ ‏ ‏وأقدم‏، ‏وهى -‏غير‏ ‏الجنس‏ ‏والعدوان‏- ‏قد‏ ‏يتعدى ‏حضورها‏ ‏العالم‏ ‏الحيوانى ‏إلى ‏عالم‏ ‏النبات‏ ‏وغيره‏.‏

‏2) ‏إن‏ ‏الإنسان‏، ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تميز‏ ‏نصفا‏ ‏مخه‏ ‏الكرويان‏ ‏عن‏ ‏بعضهما‏ ‏البعض‏ ‏قد‏ ‏اكتسب‏ ‏ما‏ ‏يعرف‏ ‏بـ‏ “‏الوعى‏” ‏الأمر‏ ‏الذى ‏أدى ‏إلى ‏بزوغ‏ ‏ما‏ ‏يسمى ‏بـ‏ “‏الذات‏” ‏و”الدراية‏”، من هنا تأكدت الهوية الشخصية‏ ‏منفصلة‏ ‏عن‏ ‏الآخر، ‏فى ‏مواجهة‏ ‏الموضوع‏ ‏والعالم‏.‏

‏ 3) ‏إن‏ ‏دراية‏ ‏وعى ‏بعض‏ ‏من‏ ‏رحم‏ ‏بهم‏ ‏الحق‏ ‏تعالى ‏المسيرة‏ ‏البشرية‏ ‏بهذا‏ ‏الدفع‏ ‏الغريزى الحيوى ‏دراية‏ ‏واعية‏ ‏مبدعة، ‏أتاحت‏ ‏لهم‏ ‏الفرصة‏ -‏بفضله‏ ‏سبحانه‏ ‏ورحمته‏ – ‏لاستقبال‏ ‏الوحى ‏الكاشف‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الغريزة‏ ‏من‏ ‏ناحية، ‏وعن‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏الحقائق‏ ‏المنظمة‏ ‏لسيمفونية‏ ‏الكون‏ ‏الأعظم‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏أخرى، ‏حيث‏ ‏الإنسان‏ ‏نغمة‏ ‏فيه‏ ‏ومنه‏.

 ‏مثل‏ ‏ذلك‏ ‏يتواتر‏ ‏إبداعا‏ ‏أيضا‏ ‏عند‏ ‏من‏ ‏هم‏ ‏أقل‏ ‏من‏ ‏ذلك‏.‏

المتقطف الرابع: جدل العلاقة بالذات إلى الموضوع إلى المطلق

يبدو أن حركية هذه الغريزة شديدة الارتباط بإيقاع النمو الذى يتصف أساسا بجدل متصاعد، ودورات متتالية بتكثيف لا يمكن اختزاله كما يصعب وصفه.

 لهذا نكتفى فى هذه المرحلة بعرض إشارة محدودة إلى بعض المستويات المتصاعدة على الوجه التالى:

ا) ‏جدل‏ ‏داخل‏ ‏الذات‏ ‏بين‏ ‏منظومات‏ ‏الذوات‏ ‏الماثلة‏ ‏تطورا،‏ ‏والمُنشطة‏ ‏تربويا‏: ‏نحو‏ ‏تخليق‏ ‏ما‏ ‏يسمى – تركيبيا‏- ‏بالناضج‏ ‏المتكامل‏.‏ (إشكالات النمو)

‏ب) ‏جدل‏ ‏الذات‏ ‏والموضوع‏.‏ (إشكالات العلاقة بالآخر)

‏جـ) ‏جدل‏ ‏الذات‏ ‏مع الموضوع إلى الكون‏ ‏الأعظم‏ (‏الموضوع‏ الأساسى ‏للأطروحة‏ الحالية)‏

‏كل هذا يجرى فى مسار‏ ‏دورى ‏استعادى (‏إيقاعى ‏حيوى‏) ‏مستمر مفتوح النهاية،

 الأمر الذى يتم تنشيطه دوريا ‏خاصة‏ ‏أثناء‏ ‏أزمات‏ ‏النمو

إن‏ ‏ما‏ ‏يهم‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏التأكيد‏ ‏على ‏الجدل‏ ‏والإيقاع‏ ‏الحيوى ‏طول‏ ‏الوقت، ‏وذلك‏ ‏لتحقيق امتداد ‏الذات‏ ‏بإبداع‏ ‏مضطرد‏ ‏متناوب‏ ‏مستمر،‏ ‏فى ‏اتجاه‏ ‏تحقيق‏ ‏التكامل‏ ‏مع‏ ‏التناسق‏ ‏الكونى ‏المفتوح‏ ‏النهاية‏.‏

****

وبعـد

أى الأمور أحق أن أملأ بها وقتى وقد بدأتُ الربع الأخير من قرن من الزمان؟

أن ألملم مثل هذه المسودات التى اقتطفت منها ما تقدم فى كتاب متكامل، قد يفيد؟ على حساب اليوميات؟

أن أقدم هذا العمل وغيره على أجزاء فى يومياتى المتلاحقة؟

أن أركز فى اليوميات على ما هو طب نفسى وخاصة عرض الحالات ومناقشتها من واقع ثقافتنا الخاصة جدا؟

أن أكون تحت أمر وإذن بناتى وأولادى الذين يحتاجون إلى الاستفادة من خبرتى وممارستى فى هذا البلد بالذات؟

 حتى لو جاءت الإجابات بأن كل ذلك هام جد جدا:

فما هو الأهم الآن؟

“أحقّ“  صيغة تفضيل

وأن تملأ الوقت بما هو أحقّ بالوقت.

لا يكفى تعداد الأهمية بجوار بعضها البعض،

لا مفر من التفضيل!

رأيكم على العين والرأس

وأنا أكاد أعرفه مسبقا رغم أنه يشمل كل النقائض

ثم أنى على يقين – فى البداية والنهاية – أن ربى سيهدينى إلى ما هو ” أحقّ” بوقتى.

فلماذا السؤال؟!!!