دورة حياة الدودة البشرية
د. وفاء الليثى
لأنها القنوعة المطيعة كان عليها أن ترضى أمها والجميع فتقبل أقل القليل وتسعد برضاء الجميع عنها.
وتعلمت الطفلة الانجاز. أصبح لزاما عليها أن تنجز ما يطلب منها سواء أكان المطلوب واضحا أو خفيا فقد اكتسبت القدرة على رؤية الطلبات الخفية أيضا.
حتى اللعب كان بالنسبة لها نوعا من الانجاز فليس مسموحا لها أن تخسر. كان لزاما عليها أن تكسب دائما وأن تكون فى المقدمة دائما. لأن الطلبات الواضحة والخفية لا تنتهى فهى دائما مقصرة ودائما مذنبة وعليها دائما أن تبحث عن شئ مفقود، وعن نقص عليها أن تكمله. كانت فى سياق دائم تجرى وتلهث وتقلق وتنفعل لتحقق ما لا يتحقق. ولأن السباق طويل والهدف غامض كانت العثرات كثيرة وكلما تعثر أكثر زاد لهاثها لتعوض ما فات وتكمل ما لا يكتمل ..
ووسط هذا الانهاك والغموض واللهاث كان هذا التساؤل ‘ما هو الهدف؟’ ..
وهنا أطلت حقيقة فى شكل تساؤل … هل من الممكن أن يكون الموت هدفا؟…
ولأول مرة سكنت الحركة واختفى الغموض وحل الهدوء محل القلق فقد تحقق .. الهدف
وبعد الحادث … لم يعد هناك ما تخشاه. لم يعد فى حياتها من تبغى ارضاءه ومن تنجز لأجله. اكسبتها الوحدة قوة لم تألفها من قبل. تعلمت أن تقول وأن تفعل فقط ما تريد وكأن القوة هدف فى حد ذاته.
وتعودت هذه الصعوبة التى كلفتها أن تخفى عواطفها فى بئر سحيق بلا قرار. ولكن بين الحين والحين كان يعاودها ذلك الحنين القديم الى الآخر حتى لو كان الثمن ارضاءا أو انجازا ولهاثا وغموضا. وفى زحمة الحياة وأثناء لحظة من لحظات الضعف البشرى وجدته. ورغم الخبرة والجراح القديمة سقطت على بابه وخارت قواها فاستبدلت القوة بالضعف والصمود بالاهتزاز وعادت الى العثرات. وكلما تعثرت أكثر كلما ازداد بها تمسكا وازدادت له ارضاءا ولكن هل يرضى أبدا ؟؟؟.
وبرغم الوعى فهى لازالت تدور فى فلكه وعندما تنهك من الدوران أو تصحو من الغفلة يلح عليها شبح الموت من جديد كهدف حتمى سوف … يتحقق. وتحتار بين اللاحياة والموت .. ولكن تبقى الوحدة أملا ومحاولة من جديد، فهل تقدر عليها ؟؟.