مجلة الإنسان والتطور
عدد أكتوبر 1983
وقال فى المدح
د. عادل مصطفى
لا تبحثوا عـنه
لا تنبشوا زوايا الكهف
ولا تمضوا (1) أحشاء الحظيرة
فقد رأيته يتململ بالأمس
همزه الذى يقلق السلام
سول له ان يذبح أمانه السمين
يقترف السؤال
ويرتكب الخروج
***
لا تفتشوا عن مسروق
لا تعروا سوءات الإدراج
ولا تجرحوا ذمة الأغطية
فقد أنسل وحده
لم يصر زادا ولم يتقلد تميمة
حين طعن الخوف
وكتم أفواه الندم
وركل الكهف
وارتمى فى حضن الهاوية
* * *
لا تلعنوه
فقد نفض الأسماء وعانق الأشياء
وقبل الماء وتعارف مع السماء
واحتفت بقدومه برار بكر
فصفقت له بأجنحة العقبان
وابتسمت بمساحب الأفاعى
ورقص له الأفق متحزما بقوس قزح
وسكبت السماء فى عيونه خلاصتها الموجزة
* * *
لا تنتظروه
فقد خانكم
وذهب مع الجياد البيض
فاغتسلوا فى نور البعيد
وركبوا شلال الأجمل
واستلقوا فوق العشب المتنفس
وسبحوا فى مجاهل المدى
واستنطقوا طوايا المصير
* * *
لا تنتظروه
فقد ذهب مع الجياد البيض
المنبت (2)
سلام عليك هاويتك
يا من جرؤت على أن تحمل خشبة الاختيار
وأن تقلق الكون وتنخر فى خوخة العالم
يا غصة فى خلق الموت
يا صدعا بين الأشياء
سلام عليك فى هاويتك
تنغمدك مغبة سحيقة لا يطالها الندم.
زجوم القطيع تطبع على اكتافك أختام الألوهة
الغبن رتبتك
الجروج نياشينك
الرمز يتوب على يديك
الالفاظ تعترف لك
الغد يسترق إلى منفاك ليلعق فودك
ويعابث أجفانك
الأتى يتداول عملتك
ويهرب إليك خبزك وعزاءك
البطل (3)
نم هنا هنا
ما أمجدك
كنت طريقا يا فتى
بحيث غادرت الحظيرة
لم تخش أنياب البرارى والصقيع
ولا وعيد الليل لما أوعدك
وكنت عملاق الصفة
بحيث طالتك سيوف العاصفة
وسائغا لمنجل الأعصار لما حصدك
نم أيها الجديد
نم وتوسد ذلك الشطأ الجديد اللينا
طبت هنا
وطاب عشب وسدك
صلاة إلى ديموس
ديموس
أيها المعبود الواحد
ذوبنا الحقب والدهور
ضربنا فى السهول والحزون
طوفنا فى المشارق والمغارب
جبنا بلاد الهند والسند
وبلادا تركب القمر
فما وقعنا على غير ظلال باهتة لجلالك
وها نحن نثوب إليك
أيها السباق المدهش
نعرف مهمتنا
نخدم ونسدن
ننسخ خواطرك الولادة
ننضد تجشؤاتك المؤتلفة
ندغدغ لك مكامن الشبق
نحمل عنك ذيل الجمال
نطوب (4) لجام الرزانة
نطيب حافز الذهب
ننخس الوهم ليفصل شقشقاتك
على مقاس الفيروس والذرة
والمريخ والزهرة.
لأجلك يا ديموس الواحد
فضضنا الدهشة
فقأنا الزهو
دجنا الحرف
نتفنا أجنحة “لا”
وباركناك فباركنا
ولا تطردنا من الحظيرة بحق البقل والعلف
وأمنا على بطوننا التى خففها الجوع
وعلى ظهورنا التى أثقلها العيال
وصل الجراية ما وصلنا الصلاة
آمين.
* * *
“لا”
نغمتان
سلم النبل
توقيع البطولة
شفرة الوجود
موت الموت
سيولة الحياة
ترنمت بها
جاوبتنى الأشياء
جاوبنى أهل الزمن الآتى
خلف مضارب الفلك
فى نفس الوقت الذى يلعننى فيه
أهل زمانى
يرجموننى
أموت
يموت موتى
وتبقى “لا”
سارية المفعول
يرددها الآتى
وترددها الأشياء.
[1] – بضم التاء وتشديد الضاد
[2] – بميم مضمومة وتاء مفتوحة وتاء مشددة
[3] – شعر
[4] – بتشديد الواو كسرها.