نشرت فى الدستور
8 – 3- 2006
أسئلة غامرة، وإجابات غير حاضرة
برغم كتابتى هذه الزاوية بهذا الاسم “تعتعة” منذ الإصدار الأول للدستور، إلا أنه مازال بعض الأصدقاء والقراء يسألنى عما أعنيه “بالتعتعة”. فى أول عامود “دستور يا الدستور” بتاريخ 3/5/1997 كتبت أننى أخذت هذا اللفظ من بيت أبى نواس القائل:
وما الغرمُ إلا أن ترانىَ صاحيا وما الغنمُ إلا أن تتعتنى الخمرُ
فنسجت على منواله قائلا:
وما الغرمُ إلا أن ترانى ساكنا وما الغنمُ إلا أن يتعتعنى الرأىُ
والتعتعة بالرأى أقل من التعتعة بالسؤال المثير المتحدى الذى لا يجد له إجابة جاهزة. غمرتنى الأسئلة من هذا النوع بفيض لم استطع صده، فرأيت أن أسجل بعضها – مجرد بعضها – لعلها تعتعنى مع القراء جماعة فتكون أكثر ثوابا.
عزيزى القارئ لا تتعجل فى الإجابة ولك أن تلعننى إذا زادت التعتعة عن حدودها. وهل أنت، أو أنا نعرف حدودها؟
مجموعة الأسئلة الأولى:
من الذى يمثل الشعب المصرى الآن؟ مشاهدوا مباريات كأس الأمم الأفريقية، أم أهالى ضحايا العبارة؟ أم مربو الدواجن المضارين بكلٍّ من حقائق شفافية الحكومة جدا، ورعب المسئولين، ثم هلع الناس؟ وما علاقة المنظرة بالشفافية بالعشوائية؟ أمْ أنهم منتفعوا الحزب الوطنى؟ دون سواهم؟ أم أنهم حزب المحجبات الملتزمات والسائبات معا؟ وذويهم؟ أم أنهم مِنْ الشباب مرتدى كاسكيتات محمد عطية (ستار أكاديمى)؟ أم هم سكان ورواد القرى السياحية على الساحل الشمالى والعين السخنة؟ أم هم فلاحو قرية أم جمص مركز ملوى؟
الجواب الجاهز يقول إن الشعب يتكون من كل هؤلاء!! فيقفز السؤال التالى يتحدى: ليكن. فماذا عن هذه الحكومة؟ حكومتنا تمثل مَنْ فِى هؤلاء؟
المجموعة الثانية؟
إلى أين تتوجه حركة كفاية بعد ما كان؟ وماذا يعنى حزب الوفد الآن؟ ومن هم ناخبوا الأخوان المسلمون؟ ثم من هم الإخوان المسلمون حالا؟ وما علاقتهم بجمود الأصوليين فى الأزهر؟ وهل يوجد بحث علمى حقيقى فى الجامعات المصرية؟ وماذا تريد أمريكا بالضبط قبل وبعد البترول؟ وما هو حجم و ضحايا الهولوكوست الجديد؟ ومن المستفيد مما يجرى فى العراق وفلسطين ونيجيريا؟ وهل ستقطع حماس يد السارق أم تؤجل ذلك إلى حين استرداد الأرض المحتلة سنة 1967؟ أم المحتلة سنة 1948؟ وماذا قال سعد زغلول للدكتور نعمان جمعة فى حلمه الذى حلمه الدكتور نعمان ليلة السبت قبل الماضى ولم يخبر به أحداً؟ وما مصير حسن شحاتة؟ وكيف سيتصرف عمرو زكى فى روسيا بالملايين التى بيع بها؟ وماذا فعلت وزارة التربية والتعليم بالمدرسين الذين حصل تلاميذهم على شهادة الإعدادية دون أن يفكَّوا الخط؟ وما هو المقابل للجنة والنار فى الديانة البوذية؟ وهل ستُقبل توبة معالى الوزير السابق “أشرف مطاوع عبد الستار” إذا تبرع بأمواله التى جمعها أثناء الوزارة للأعمال الخيرية؟
المجموعة الثالثة:
كم واحد فى مركز كفر الزيات يقرأ الأهرام الاقتصادى؟ وما علاقة ما يدور فى أتيليه القاهرة بأسعار الأسماك السليمة والمسمومة؟ وهل يوجد بديل عن الديمقراطية المشبوهة المدعومة بالشركات العابرة للقارات غير الحكم الشمولى؟ وهل يعنى ذلك أن نقبلها هربا من الحكم الشمولى؟ وهل يمكن إيجاد معدّلة ديمقراطية أحسن منها؟ وهل يصِّدق صدام حسين نفسه؟ وأين يقع قصر دبليو بوش فى الجنة؟ وهل شارون يتذكر ما فعل فى الأبرياء فى فترات إفاقته؟ وهل سيدخل برتراند رسل، أو جارثيا ماركيز، أو ديستوفسكى النار؟ ثم ماذا عن طاغور و برنارد شو؟ وبأى حق يطلبون من نجيب محفوظ أن يقول غير ما يعتقد؟ وكيف سيتحسن اقتصاد مصر بعد أن يتزوج السيد الشاب جمال مبارك جميلة الجميلات؟ وإلى أى مدى يتسطح خيال الأطفال بواسطة برامج الأطفال؟
أسئلة خاتمة:
لمن أكتب هذه الأسئلة؟ وبأى حق يريد منى القارئ أن أجيب عليها دونه؟ وهل أنا-هكذا- ألعب فى المساحة المتاحة لى من الدستور؟ وماذ يتبقى مما تحرك بفضل هذه الأسئلة فى وعى من لعننى وهو يقرأها؟ وهل علمتم الآن ما أعنيه بالتعتعة؟ وأيضا وصل إليك كيف يكون السؤال مسئولا؟ وكيف يكون السؤال هو إجابة فى ذاته؟
وأخيراً كيف كنا سنتمكن من زيارة “أبو يحيى” (إبراهيم عيسى) حيث هو، لو صدر “الدستور هكذا” عدداً أو أثنين أيام عبد الناصر؟
ومتى أتوقف عن عدم التوقف؟