نشرت فى الدستور
23-11-2005
أنا عندى إيه يا دكتور؟
أسئلة المرضى وإجابات الأطباء؟ (1)
أسئلة المرضى على العين والراس. قانونا: فى بلاد التمدين والحقوق التى هى، من حق المريض وأهله أن يسألوا عن اسم المرض، وطبيعته، واحتمال الشفاء، واسم الدواء، وطبيعة عمله، وأعراضه الجانبية ، وبدائل العلاج….إلخ ، وعلى الطبيب أن يجيب على كل هذا، إجابات موضوعية دقيقة مدعمة بالأرقام والاحتمالات، وإذا كانت الإجابات سهلة نسبيا فى سائر فروع الطب فهى من أصعب ما يكون – لمن يحترم علمه- فى الطب النفسى خاصة. تلك الثقافة الخواجاتية هى جيدة لها تاريخها الطويل، وبها نوع جيد من التعامل المنضبط، وكذا وكيت، لكن ثقافتنا شىء آخر، لها تاريخ آخر، وعيوب أخرى، ومزايا أخرى.
أحيانا يكون ذكر اسم المرض تجميلا لا توضيحا، فالأطباء لم يتفقوا على ما تعنى هذه الأسماء وإن اتفقوا على علاماتها، هناك، فى بلاد بره لا يستطيع الطبيب ألا يرد، أما هنا، فالطبيب والد رغما عن كل القوانين، ويمكنه أن يعمل الصالح لمريضه أولا.
انقلبت العلاقة فى تلك البلاد المتمدنية جدا بين الطبيب والمريض إلى علاقة وثائقية قانونية، فيها من الخوف من الخروج عن النظام العام، أكثر مما فيها من الهدف إلى العلاج الأنجع والأبقى، مهمة الطبيب الأولى هناك أن يحمى نفسه من المساءلة القانونية خوف العودة عليه بالتعويض الذى يصل إلى ملايين الدولارات، بعض زملائنا الذين هاجروا يسمون الذى يمارسونه هناك “الطب الدفاعى”Defensive Medicine وهم يعنون بذلك أن مهمة الطبيب الأولى هى أن يدافع عن سلامة أدائة على الورق، ثم يأتى شفاء المريض فى المقام الثانى..، حين كانت سعاد حسنى –الله يرحمها – تصف برود الواد التقيل الذى هو حسين فهمى، كانت تصفه بأنه “جراح بريطانى”، أغلب الأطباء الآن هناك، عليهم أن يتصفوا بهذه الميزة الحامية لهم من الانحراف عما أوصت به شركات الدواء والمحامين وشركات التأمين، ماذا وإلا!! أحد أبنائى الأطباء المهاجرين قال لى “أنا لم أعد أعمل طبيبا، وظيفتى الآن لها اسم أفضل، أنا “مدير طب”، الطبيب يعالج، أما “مدير الطب” فهو يدير آلة الطب، وعليه أن يحافظ عليها دائرة حسب البرنامج الموضوع لها، إلى أن يراجع االبرنامج المهندس الكبير (الشركات والأبحاث الحقيقية والزائفة).
هل معنى ذلك أن ما عندنا أفضل؟ طبعا لا . هو مختلف ، ويمكن أن يكون أفضل بشروط، ولكن هذا يحتاج إلى تعتعة (أو تعتعات) أخرى.