الوفد : 7-3-2012
أرجوكو سيبونا حاتلقونا حانصالح بعض لوحدينا !!
الله يرحمك يا نجاة يا بنت الناس، لماذا لم تقولى لى من بدرى حتى لا أقول الكلام الذى قلته مساء الخميس الماضى فى برنامج “نظرة” مع الأستاذ حمدى رزق فى قناة “صدى بلدنا؟” سألنى الأساذ حمدى ضمن أسئلته المثيرة عن موقفى من المجلس العسكرى، وحضرتنى الآية الكريمة “خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) فانبريت أقول: إنّه مجلس له وعليه، وأن أخطاءه لا ينبغى أن تنسينا موقفه الذى أنقذنا من حمامات دم كان يمكن أن يقدم عليها النظام الآفـِل دون تردد، فهو نظام ليس أذكى من المرحوم القذافى، لا هو أرحم من الأسد، فإذا جاء مجلسنا العسكرى هذا، ووقف بجوار الناس لا الحاكم، فهذا فضل لا يجوز إنكاره أمام أى خطأ ارتكبوه لقلة الخبرة أو بحسن النية، ثم إن علينا أن نتذكر أن السياسة ليست هى العمل الأصلى لهذا المجلس، فالجيش للحرب، وجيشنا العظيم لم يقصّر فى أى حرب منذ 1948، وكل الهزائم، بما فى ذلك الهزيمة السرية سنة 1956، كانت نتيجة لخيبة الساسة واستذكائهم، وليست لتقصير الجيش أو جبن أفراده، ثم إنه لا ينبغى خلط الأوراق بين الجيش المصرى العظيم، والمجلس العسكرى المؤقت، كما أشرت فى الحديث إلى أننى أتوقع قريبا أن يتفرغ الجيش لمهمته الأصلية، فالجيش للحرب، مثل كل جيش فى دولة حديثة محترمة، وحتى اشتغاله عندنا حاليا ببعض المهام المتعلقة بالتنمية الاقتصادية ينبغى أن يقتصرعلى الإنتاج الحربى الذى يحتاج لسرية خاصة، تاركا السياسة والاقتصاد لأهل السياسة والاقتصاد، وأضفتُ متطوعا أننى أعتقد أنه لا أحد فى هذا المجلس مهتم بأن يبقى جالسا على هذا الكرسى المزعج يقود الناس إلى ما لا يتقنه، ثم إنى نبهت إلى ما كتبته هنا الأسبوع الماضى عن “ثقافة الحرب”، وهى مهمة الجيش الأولى سواء أعلنت الحرب أم لا، وذلك بتوعية أفراده جميعا بأن الحياة حرب متصلة مع كل أعداء الحياة، وعلى رأسهم مشروع الدولة العالمية، والمالية الشرسة المحتكرة، وأن ثقافة الحرب لا تعنى إعلان الحرب، وإنما تفيد ضرورة أن يعيش كل فرد ينتمى إليها طول الوقت يقظا مستعدا جاهزا، وحين يكون الجيش قدوة فى هذا الصدد، سوف يمكن نشر ثقافة الحرب إلى كل أفراد الشعب ليصبح بمثابة الاحتياطى الجاهز لأى احتمال إغارة على الوطن، وعلى الحياة، وعلى عامة الناس، بأى أسلوب فى أى مكان.
كنت متحمسا فى البرنامج أحاول أن أعطى هذا المجلس العسكرى حقه، وأن أعترف بجميله، وأن أوصى باستكمال دوره لهذه الشهور المتبقية وهو يحظى بالاحترام اللائق، ولم أكن أعرف – لفرط انشغالى نهارا- أنه فى نفس نهار الخميس (كان الحديث حوالى العاشرة مساء) كان هذا المجلس نفسه قد أقدم على تلك “العَمْلة المهببة” التى لم أجد لها تفسيرا إلا فى أغنية نجاة الصغيرة التى عنونت بها هذا المقال، حتى أغنية نجاة لم تسعفنى لأفهم بعض الذى جرى، فنجاة تعزو ما يحدث لها هى وحبيبها إلى “عمايل الأيام”، (مهما الأيام تعمل فينا …، ما بنستغناش عن بعضينا!)، لكن الأيام هنا لم تعمل فى المجلس وأمريكا شيئا نعلمه حتى يعودا إلى بعضهما البعض هكذا بهذه المفاجأة وهذه السرعة، فيضرب المجلس عرض الحائط بكل إنجازاته هو شخصيا، وبهيبة القضاء، وبالكرامة الوطنية، وبالقانون، وبالاتساق الأخلاقى، وبالذكاء المعقول.
تذكرت أغنية نجاة وقلت وأنا اتحسر ألما: “نحن مالنا نحن”، هم يتخاصمون ثم يتصالحون سرا وعلانية، هم أحرار، إيش أحشرنا ولا مؤاخذة ما داموا لا يستغنون عن بعضهم هكذا، كا تقول نجاة؟ لكن يبدو أن القياس غير دقيق، فهم الذين أدخلونا فى خصامهم غصبا عنا، دون أن نطلب، ودون حتى أن يفهمونا: لماذا الآن؟ وما قصدهم؟ ومـَنْ مع مَنْ؟ وإلى أى مدى؟ نجاة تتحدث فى الأغنية عن أنه مهما بلغ الخصام، فأطرافه أدرى بكيفية حله، لكننا نحن – الشعب (وليس بالضرورة مجلس الشعب، لعل أغلبه يعلم!!) لم ينمُ إلى علمنا أنه كان ثَمَّ خصام، ناهيك عن طبيعة هذا الخصام، كما أنه لم ينم إلى علمنا صراحة، من فرط الشفافية!!، أنه كان هناك ودّ خاص قبل هذا الخصام حتى نستطيع أن نتابع القصة الغرامية ونحن نتوقع خصاما ثم صلحا ثم خصاما، فنقوم بدور العوازل نزكى نار الشقاق، أو دور أهل الخير نصلح ذات البين، صحيح أنه ثارت شائعات وشائعات تشير إلى احتمال وجود مثل هذا الود من تحت لتحت، وجوده من قبل الأحداث، ومع أطراف كـُثر لا يجمعهم إلا الرغبة فى خرابنا لصالح من لا يرحم، لكن شعبنا الطيب لا يستسلم لمثل هذه الشائعات بسهولة!!
طيب دعونا نفترض أنه كان هناك تحت الأمور أمور، فما هذا الذى حدث على حين غـِرة ، فأثار كل هذه الزوبعة، دون سبب مرسِّب واضح؟ أما كان أوْلى بهم أن “يخلوا الطريق مستور”؟
بدون تمهيد إلا إرهاصات غامضة، واتهامات هادئة متبادلة، وجد الناس، كل الناس، أنفسهم مشاركين فى قضية قديمة، تجددت فجأة حتى الاشتعال، نفس هذه القضية كانت أحداثها ووقائعها تجرى همسا بما يشبه الاتفاق العرفى أنه “فوّت وانا أفوّت”، وشعبنا طيب لم يدقّ كثيرا، ولعله قال: المهم أن يكتمل ما بدأ لصالحنا مهما كان الدافع غامضا، أو مشبوها، ومهما كانت الاتفاقات التحتية جارية تدّعى الذكاء، المهم أن نكمل نحن بناء مصر، و”اللى ييجى منّه أحسن منّه” أو حتى استشهادا بمثل أقسى يقول “شعرة من دقن الخنزير”، أو مثل أنذل يقول : ” خد بنت الندل وخاصمه”،
وبرغم كل هذه الاحتمالات على المستوى الأعلى، وبرغم كل هذا التفويت على المستوى الشعبى، فوجئنا بالسادة الذين هم فوق، يشعلون حريقا كنا نحسب أنه ليس لنا فيه ناقة ولا جمل، صحيح أننا كنا نتمنى أن تكون الأمور بهذه الصراحة، وفى إطار الشرعية، لكن أحدا لم يكن يعرف تفاصيلها، ولا أحد طالب بتعريتها هكذا فى هذا الوقت بالذات، فجأة وجدنا عنترية وفروسية تأتى من فوق، وكلام عن الاستقلال التام أو الرفض الزؤام، فجأة وجدنا لنا وزيرة رأسها برأس السيدة كلينتون نفسها، وحتى كونداليزا رايس، ولا يهمها، فجأة وجدنا عندنا رئيس وزراء يقول ما يردده الشباب الحر الآن، وهو ما كان محظورا أيام الانحناء غير المعلن، فجأة وجدنا النور الأخضر يفتح أمام قضائنا الشامخ، فيبادر باستعمال قانون واضح وقديم وغير استثنائى ولا طوارئى، فتحزّمنا ورقصنا وقلت ما قلته فى سهرة الأستاذ رزق ومن بينه أنه لا بد أن المجلس العسكرى وراء هذا الموقف البالغ القوة المشع بالكرامة والعزة والاستقلال، قلت ذلك وأنا أذكر أنه بدأ خير بداية، ويبدوا أنه سوف ينهيها خير نهاية بهذه الخطوة الشجاعة غير المنتظرة!!
لم أعرف أن العكس كان ينتظرنى، وأنها أسوأ نهاية، لم أعرف هذا الذى جرى إلا من صحف اليوم التالى (الجمعة) مع أن المصيبة كانت قد تمت بكل فصولها فى نهار الخميس !!
ألم يكن أولى بكِ يا ست نجاة، وأنت تطربينا بكلمات عبد الوهاب محمد قبل هذه الفضيحة حتى السادة الذين هم فوق أن يكون التنازل واحدة واحدة كما كنت تغنين
ادّ ما نتخاصم ياعواذل اهو حبة بحبة بنتنازل !!
أمّا أن يعلن الخصام هكذا دون أن نطلب نحن إعلانه، ثم نفاجأ بهذا التنازل الفضيحة يهبط علينا كله هكذا مرة واحدة من أفواه القرب، وليس “حيّة بحبّه” فلا بد أن تفسيرا سيأتى مع صياغة الدستور (أولا!)!!، مع أن مجلة ميكى تضع حل اللغز فى نفس العدد فى أسفل الصفحة بالمقلوب
هل أحدٌ (غير بطوط) عنده تفسير؟
مالذى جعلهم يشعلونها هكذا؟
هل أحد منا طلب منهم ذلك، لا سمح الله؟
وما الذى جعلهم يطفئونها هكذا فجأة فيهب علينا رمادها يعمينا فلا نفهم أكثر؟ ونحن لا ينقصنا العمى
هل جاء دورهم ليطلبوا منا هم أيضا أن “نتسلى” بحل هذا اللغز؟
ومن هم أطراف اللعبة الحقيقيون؟
وما فائدة انتخاب مجلس الشعب ؟
وكيف نطلب من الشارع احترام القضاء وأحكامه فى حين أن السلطات الأعلى لا تحترمه هكذا؟
هل نحيل المسألة كلها إلى “المفتش سرور”؟
أم إلى عصابة القناع؟
أم إلى “أبو زنة”؟