“يومياً” الإنسان والتطور
3-7-2008
العدد: 307
أحلام فترة النقاهة “نص على نص”
نص اللحن الأساسى (حلم 69)
هذه غابة تتوسطها هضبة هرمية الشكل، يُصعد إليها من خلال ممرات حجرية مدرجة مزينة بصفوف النخيل وأحواض الزهور وجواسق العاشقين. خلوت إلى صاحبتى، وسبحنا معا فى مناجاة غيبت عن وعينا الوجود، وبغتة انتترت صاحبتى واقفة وفى غمضة عين غادرت الجوسق. وقمت لألحق بها وأطمئن عليها فاعترضنى صوت كالرعد ينطلق من مكبر صوت ويحذر الناس من وجود قنبلة زمنية ويدعوهم إلى مغادرة الهضبة بلا إبطاء ولا تردد، واندفع الناس نحو الممرات الحجرية وأنا أتلفت، وجمعنا رجال الأمن فى موضع على بعد آمن، وبحثت عن صاحبتى فلم أعثر لها على أثر.. ترى أين اختفت؟ وهل ثمة علاقة بينها وبين الجريمة؟ وألا يجرنى ذلك الى الاتهام رغم براءتى؟
وسمعت أقرب الواقفين إلى وهو يقول لصاحبته إن قلبه يحدثه بأن المسألة ليست أكثر من بلاغ كاذب. وسألت الله أن يصدق حدس الرجل ولكنى لبثت ممزقا بين التفكير فى صاحبتى وتوقع الانفجار!.
التقاسيم:
لم تمض أكثر من دقيقة، ولم أكن قد غادرت الهضبة بعد، وحدث الانفجار، وتناثرت الحوائط والجواسق وأحواض الزهور وثار غبار كثيف وجرى كل الناس فى كل اتجاه، وبسرعة رقت سحابة الغبار حتى اختفت لنجد أنفسنا جميعا بخير، مع أن المكان كان قد أصبح أثرا من بعد عين.
فرحنا بالنجاة ورحنا نضحك وكأن شيئا لم يكن، واشتدت الفرحة بمجموعة لا أعرف كيف انتقى أفرادها بعضهم البعض، فكونت دائرة على جانب، وراحت تصفق وتتمايل، فاقتربت منها فوجدت صاحبتى ترقص فى وسطها وهى عارية إلا من بعض قميص نوم لا يخفى شيئا، خجلت أن أناديها فتنكرنى، أو يسخر منى الناس، وقد يتصورون أننى أنا الذى سمحت لها بذلك، أو ربما تمادى أحدهم وتصور أننى أرتزق من وراء ذلك، فانصرفت وأنا أتلفت ورائى.
… هذا شارع اصطفت على جانبيه صفوف النخيل، ما الذى أتى بى إليه، أين المبانى؟ واصلت المشى أسرع حتى كدت أركض فانتهيت إلى نهايته، فإذا بى أمام مبنى جوسق فخم بدا لى كأنه قصر السلطان، وحين اقتربت منه تبينت أنه فندق ذو نجوم كثيرة، وبمجرد أن دخلت إلى قاعة الاستقبال، فوجئت بصاحبتى فى حضن مدير المكان وهما مستغرقين قى مناجاة غيبت عن وعيهم الوجود، وفجأة انتترت صاحبتى، وغادرت المكان، ولم أعرف إن كانت لمحتنى فتعرفتْ علىّ أم لا، ثم سرعان ما انطلقت مكبرات الصوت مثل تلك التى كانت فى الغابة وأعلى، وهى تعلن عن وجود قنبلة زمنية داخل الفندق.
لم يهتم أحد هذه المرة، وجاء النادل يسألنى عما أطلب:
فقلت له: أنت تعرف مطلبى
فأحنى رأسه وانصرف وكأنه سيجيبنى إلى مطلبى.
فصدقت نفسى، وصدقته.
* * *
نص اللحن الأساسى (حلم 70)
نادانى الشوق لرؤية الأحباب فتوجهت صوب الحى العتيق. وكالعادة قطعت الطريق مشيا على الأقدام حتى بدا لى البيت القديم وذكرياته. ولم أضّيع وقتا فأخذت فى الصعود نحو الطابق الثالث والأخير. ولكن دهمنى إرهاق غير يسير عند منتصف السلم جعلنى أفكر فى تأجيل الرحلة لولا أن طبعى يأبى التراجع وبجهد جهيد واصلت الصعود حتى بلغت البسطة الثالثة. ومن موقفى الجديد لاح لى باب الشقة غارقا فى الصمت والسكون، فعلمت أنه لم يبق من الصعود سوى عشر درجات هن ختام السلم لكنى لم أر درجة واحدة، ووجدت مكانها هوة عميقة فخفق قلبى خوفا على آل البيت.
ومع أن الوصول بات متعذرا إلا أنى لم ألتفت إلى الوراء، ولم أفكر فى التراجع، بل ولم أفقد الأمل. وجعلت ألصق بصرى بالباب الغارق فى الصمت والسكون وأنا أنادى، وأنادى، وأنادى من الأعماق.
التقاسيم:
… التفت ورائى وإذا بالسلالم التى صعدت عليها قد اختفت هى الأخرى إلا من البسطة التى أقف عليها وقد تعلقت فى الهواء، وعرفت أنه لا مخرج من هذا المأزق إلا بالطيران، فاستعدت أحلام طيرانى، ولبست أجنحتى، وتوكلت على الله، ورحت أصعد فَرِحاً بنجاتى غير مصدق.
وكلما صعدت إلى سماء جديدة زاد شوقى لرؤية الأحباب.