“يومياً” الإنسان والتطور
21-8-2008
العدد: 356
أحلام فترة النقاهة “نص على نص”
نص اللحن الأساسى (حلم 83)
رأيت الكارتة مقبلة حاملة فاتنة درب قرمز ويجرها جواد مجنح، اتخذت مجلسى فيما وراءها وفرد الجواد جناحية فابتدأت ترتفع حتى علت الأسطح والمأذن، وفى ثوان وصلنا قمة الهرم الأكبر وأخذنا فى عبوره على ارتفاع ذراع، فجازفت وقفزت إلى قمته وعيناى لا تتحولان عن الفاتنة وهى تعلو وتصعد، والليل يهبط والظلام يسود حتى استقرت كوكبا مضيئا.
التقاسيم:
تمددتُ وحيدا على قمة الهرم لا أجرؤ أن أنظر إلى الكوكب الذى أصبحتْه، والذى ظلّ يغمرنى بنفس الدفء الذى كنت أشعر به فى حضنها، وقلت فى نفسى “هكذا أضمن”، اعتدلت ونظرت إلى أسفل وفوجئت أننى أرى حجارة الهرم حجرا حجرا منفصلة لا تجمعها كتلة واحدة، فتجسد القبح واختفى الهرم كأنه تشظى حجارة كيفما اتفق، حاولت أن أَنزل ولو درجة واحدة، فلم أستطع، وملأنى الرعب المثلج،
أرجعت بصرى إلى السماء، إليها، مازالت تضئ، وتأكدت أنها سوف تظل تضئ بنفس الوفرة، وأنها سوف تساعدنى فلا تنزلق قدمى أثناء الهبوط، قلت لها بعينى، ولماذا الهبوط، أليس الأسهل أن تشدينى إليك، قالت على العين والرأس، لكننى لا أعرف أين اضعك بعد أن أشدك وأنت لا تدور معنا.
قلت: سوف تعلميننى، وسوف ندور.
قالت: أنت لا تدور إلا حول نفسك.
قلت: ما أعرفه أن أى كوكب يدور حول نفسه ليدور مع غيره حول وفوق الكون.
قالت: أنت تحفظ كل قوانين الحب والفلك والرياضة، لكنك لا تمارسها.
قلت: دعينا من النقاش الآن وقولى لى إلى متى أظل هكذا وحيدا فوق قمة الهرم، أنا أخشى أن أموت جوعا لما لا أعرف هكذا.
قالت: فاقفز إلى السطح على بركة الشيطان، وابدأ …
فقفزت فرحا بالنجاة، والوعد الجميل.
***
حلم 84
رأيتنى فى شارع الحب كما اعتدت أن أسميه فى الشباب والأمل. ورأيتنى أهيم بين القصور والحدائق وعبير الزهور. ولكن أين قصر معبودتى؟. لم يبق منه أثر. وحل محله جامع جليل الأبعاد. رائع المعمار. ذو مئذنة هى غاية فى الطول والرشاقة. ودهشت. وبينما أنا غارق فى دهشتى انطلق الأذان داعيا إلى صلاة المغرب. دون تردد دخلت الجامع. وصليت مع المصلين ولما ختمت الصلاة تباطأت كأنما لا أرغب فى مغادرة المكان. لذلك كنت آخر الراحلين إلى الباب. وهناك اكتشفت أن حذائى قد فقد. وأن علىّ أن أجد لنفسى مخرجا.
التقاسيم:
….أخرجت التليفون المحمول ورحت أحاول أن أتذكر رقم معبودتى وأنا أعرف أنها لم يدخل التليفون العادى إلى قصرهم أبدا، والعجيب أنها ردّت، وتعرفتْ على صوتى دون أن أذكر اسمى، قلت لها أريد حذاء مقاس 44، قالت ماذا؟ أين أنت الآن؟، قلت قرب باب مسجدكم، قالت ليس لنا مسجد، قلت: المسجد الذى حلّ محل قصركم، قالت: وليس لنا قصر، ولم يكن أبدا لنا قصرا، قلت: قصركم فى شارع الحب والشباب والأمل.
قالت: وهل صليت المغرب جماعة.
قلت: وضاع حذائى.
قالت: أحسن.
وانقطع الخط، وظهرت علامة أن الشبكة مشغولة، فأعدت المكالمة فرد علىّ صوت رجل غريب، فأقفلت السكة وأعدت الطلب فرد علىّ صوتها (ليس الصوت المسجل) أن الرقم المطلوب غير موجود بالخدمة وأن علىّ أن أحاول فى وقت لاحق، وارتفع أذان العشاء وعرفت أن هذا ما كانت تعنيه “بوقت لاحق”، وحين ختمت صلاة العشاء وهممت بالخروج، وجدت حذائى فى نفس المكان الذى كان اختفى منه.