“نشرة” الإنسان والتطور
12-2-2009
السنة الثانية
العدد: 531
أحلام فترة النقاهة “نص على نص”
نص اللحن الأساسى: (حلم 133)
جائزة مقدراها مائة جنيه لم أعرف قبلها من النقود إلا راتبى الصغير فأملت أن تكون الخطوة الأولى فى طريق الثراء، فكم من زميل بدأ من الصفر ثم أصبح من كبار الأغنياء وسألت أحدهم عن الوسيلة فضحك وقال لا تسل عن الوسيلة فلا يجهلها أحد ولكن سل عن الشخص والزمن.
التقاسيم:
وسألت عن الشخص أولا، فقيل له إنه يسكن فى حجرة مميزة فى المقابر بعد الخلاء مباشرة، فانطلقت وأنا أحمل الحقيبة وبها المائة جنيه، وأنا على يقين أننى سأجده، وأنه سيدلنى على طريق الثراء، وحين وصلت إلى أول المقابر وجدته ينتظرنى، وبادرنى قائلا: قلت أوفر عليك عناء البحث. ومد يده مباشرة إلى الحقيبة، وكأنه كان يعرف مسبقاً كل شىء فسلمتها له دون تردد، فاستدار وقال اتبعنى، وكلما جد فى السير وأسرعت خلفه زادت المسافة بيننا وأنا لا أجرؤ أن أناديه حتى كاد يختفى، لم أستطع صبرا وفتحت فمى لأصرخ فيه أن انتظرنى، فلم يخرج صوتى أصلا، واختفى الرجل وتوقفت وأنا أتحسر، وتصورت أنه لو حضرنى فى تلك اللحظة ذلك الذى نصحنى لقتلته، وإذا به يتمثل لى أمامى، فراح غضبى فجأة، وحل محله عتاب رقيق .
قلت له: أهكذا؟ قال: أنت بحثت عن الشخص ولم تبحث عن الزمن؟ فقلت له: هل كان ينبغى أن أبحث عن الزمن أولا؟ قال: بل عنهما معاً دائما. قلت: ولكننى لا أعرف كيف.
قال: ولا أنا.
ثم قهقهه وانصرف.
****
نص اللحن الأساسى: (حلم 134)
جمعتنا المواعيد فى الطريق الزراعى فجعلنا ننشد الأشعار ونغنى ما طاب لنا من الألحان حتى سرقنا الوقت فغاب قرص الشمس ونحن لا ندرى فتذكرنا أنه عند هبوط الظلام يترامى إلينا عواء الذئاب من جهات كثيرة.
التقاسيم:
…. حلّ الظلام كثيفا وكأنه ظلام عدة ليالٍ مجتمعة، ولم يصدر من جوف الليل أية إشارة لعواء ذئاب أو حتى نباح كلاب، فلم نطمئن، وبدا أن ثمة مفاجأة تنتظرنا، ويبدو هذه المرة أن ثَمَّ شعوراً عاما جعلنا نتقارب أكثر وكأننا قطط صغيرة تحتمى بحضن أمها الغائبة الحاضرة، واتفقنا دون كلام أن نؤجل التساؤل بل والكلام، لكن بنفس التوافق الجماعى اتفقنا أن نغنى معا أية أغنية جماعية دون صوت، والعجيب أننا غنينا نفس الأناشيد والأشعار، وكلما انتهت واحدة، وبدأ أى منا التالية شاركناه دون إشارة، وتمنينا أن نظل على هذه الحال أطول مدة. ومضى الزمن سحرا ساحراً حتى بدأ حفيف الفجر يتسحب وهو يذيب دفء الظلام، ولاح لنا قرص الشمس من الناحية الأخرى، فتذكرنا أنه عند طلوع الشمس يترامى إلينا عواء الذئاب من جهات كثيرة.
****