نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 20-4-2019
السنة الثانية عشرة
العدد: 4249
بعض معالم علاج النفس
من خلال الاستشارات عن بُعد
مقدمة:
بمجرد ظهور نشرة السبت الماضى حتى وصلنا ترحيب فى بريد الجمعة كان أكثره دفئا وصدقا هو رسالة الابن والزميل د. طلعت مطر هذا نصه:
د. طلعت مطر
باب رائع ومطلوب لكل تلاميذك الكبار والصغار. ولا أعرف كيقية التواصل إن كنت أريد رأيا أو نصيحة . هل عن طريق هذا التعليق الذى ينشر فى بريد الجمعة؟
د. يحيى:
ترسل ما تشاء يا طلعت فأنت الابن الأكبر، وأنت الزميل المبدع، وسوف ننشر ما ترسل مع الرد فى نشرة مستقلة بهذا العنوان: “استشارات نفسية”
ثم قد نعيد ما تيسر من تعليقات عليه فى “بريد الجمعة” إذا ما ورد لنا ما يفيدنا جميعا.
شكرا دائماً
(ثم إذا سمحت قد نجمعها فى كتاب مثل الاستشارات السابقة)
بارك الله فيك
وهأنذا استسمح الابن طلعت أن يكون هذا الرد بمثابة “الدعوة عامة” لكل من يهمه الأمر.
****
الاستشارة الثانية
الحق فى الخوف أثناء الممارسة
د. نعيمة
“… مريض فى المستشفى (مستشفى نفسى حكومى) قال لى بصراحة أنى ديكتاتورة، متسلطة، وأن سبب توتره وضيقه فى المستشفى هو أنا، وذلك خلال علاقتى به أثناء النوبتيجية والأنشطة، والمريض تشخيصه (اضطراب شخصية: مضادة للمجتمع Antisocial)
قال أنه لا يريد أن يتعامل معى، وأن هذا هو سبب مشكلته (أن يجبر نفسه على التعامل معى ولو خمس دقائق فى الأسبوع)
والآن أنا باخاف من مواجهته؟” ماذا أفعل؟
الرد:
د. يحيى:
ابتداءً يا دكتورة نعيمة اسمحى لى أن أوجز ردى اليوم، كل ما أستطيع أن أقوله بصفة عامة، أرجو أن تعتبريه “فتح كلام” ونحن نتحسس بداياتنا فى هذا الباب القديم الجديد، وإذا كان لديك أية تفاصيل عن هذا المريض أو هذه الصعوبة أرجو أن ترسليها وسوف أواصل الرد تفصيلا، أما الآن فأكتفى بما يلى:
أولا: لا تجعلى التشخيص حتى لو كان اضطراب شخصية “مضادا للمجتمع” حائلا بينك وبين المريض فهو ليس بالضرورة مضاد للمجتمع العلاجى مثلا، وإن كان موقف الضّدية والرفض من مرضانا هو عادة للمجتمع الخارجى الذى قد يستحق الرفض خاصة إذا تمادى فى الاغتراب، إلا أن هذه السمة (رفض المجتمع) قد تمتد إلى المجتمع العلاجى، لكن لابد من الإنتظار حتى يصل الفرق بين مجتمع الاغتراب والمجتمع العلاجى للمريض، وحينئذ سيعرف أبعاد ما هو مضاد له، أعنى مضاد “لأى مجتمع تحديدا” … الخ
ثانيا: ما يقوله المريض ليس بالضرورة هو ما يشعر به أو يعايشه فإذا أعلن كراهيته، فهذه بداية علاقة على أية حال، لعلها دعوة لبداية جديدة.
ثالثا: أما أنك تخافين من مواجهته، فبرغم أن هذا جائز أيضا، إلا أنه ليس نهاية المطاف، ويمكن أن تأتنسى بالزملاء والمرضى، ليس لمجرد أن تتغلبى على خوفك، ولكن لتنمية القدرة على الاستمرار فى المواجهة “معا” واحترام الخوف فى نفس الوقت.
رابعا: العلاقة الحقيقية يا ابنتى تحتمل تنشيط كل ما خلقنا به من وجدانات، وهى تكون أصعب وأخفى حين تقتصر على اتنين حتى لو كان التواصل بينهما عبر الوعى البينشخصى، وكلما زادت مشاركة وجدانات أخرى من الوعى، زاد احتمال التآلف الجدلى، وهذا لا يأتى بالغاء ما نحسه من عواطف سلبية لحساب ما نعتقد أنه إيجابى، وإنما يأتى بالاستمرار والمواجهة والاحترام لكل مشاعرنا بما هى حركية دائبة نحو غيرنا.
****