الرئيسية / نجيب محفوظ / دورية نجيب محفوظ / الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ

الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ

مركز نجيب محفوظ

        و

المجلس الأعلى للثقافة

دورية محفوظ:

 العدد: السابع  (ديسمبر 2014)

الله: التطور: الإنسان: الموت: الله عبر نجيب محفوظ

د. يحيى الرخاوى

اختلفتُ معه حول  قضيتين جوهريتين هما: الديمقراطية، والعلم، أما مصر، والإبداع، والنقد، والسلام، والحرب، والغرب، والعرب: فكنت فيها كلها طالبا مجتهدا أتعلم، وأنتهز فرصة سماحه لأضع بعض الهوامش والتعقيبات، أما عن “الدين” و”الله” وأحيانا “الأخرة”، فكان تفاهمنا حولها غير لفظى غالبا، اللهم إلا إذا قرأت عليه بحثا أعجبنى فى هذه المواقع الحساسة، أو كتبتُ نصَّا أردتُ أن أعرف رأيه فيه، ولو إجمالا قبل أن اصيغه نهائيا أو أنشره.

أنا لم أعرف هذا الرجل البسيط العملاق العبقرى الإنسان المصرى السهل الممتنع بشكل شخصى إلا بعد الحادث الغادر، تكلمت عن المرة الوحيدة التى التقيته فيها قبل ذلك فى الأهرام، وكان قد قرأ نقدى للشحاذ ([1])، وسألته فى تلك المقابلة عن خبرة عمر الحمزاوى فى الخلاء، وهل هى قابلة للتكرار، وهل تشير إلى أن ثم حلاًّ صوفيا  لمثل حالتنا هذه الأيام، فأجاب بالنفى، وأضاف أن الحل الفردى لا يصلح للجماعة، أقول إننى – فى عالم الواقع-  لم أكن من حوارييه الأقربين ولا الأبعدين قبل الحادث، كما أننى لم أعدّ نفسى من الحرافيش أبدا، لأننى منذ أصر على التحاقى بمن تبقى فى هذه  الصفوة التاريخية المنتقاة المحدودة – جماعة الحرافيش – وأنا أعد نفسى عضوا احتياطيا يلعب فى الوقت بدل الضائع، برغم شهادته فى الأهرام وغيره.

 حين تفضل وأتاح لى هذه الفرصة النادرة اكتشفت أنها سمحت لى أن أعايشه كل خميس فى هذا اللقاء المغلق بالإضافة إلى اللقاءات المفتوحة الأخرى، كان عدد الحرافيش الدائمين قد تقلص إلى ثلاثة، فكنت ألقاه مع ثالثنا المرحوم توفيق صالح، بالإضافة إلى الأعضاء “بعض الوقت” من الحرافيش القدامى (أحمد مظهر، جميل شفيق) أو العائدين من الخارج فى إجازة (عادل كامل) كما أتيحت لى فرص متعددة أن نكون وحدنا حين يغيب ثالثنا المرحوم توفيق صالح.

ثم إنى بعد زعم رحيله، عدت ألقاه على الورق أيضا كل خميس بدءا من 27/9/2007 حتى 24/12/2009، وكان ذلك تسجيلا على موقعى الخاص، حتى تجمع لى كتاب إلكترونى فى صورة مسلسلة بعنوان: “فى شرف صحبة نجيب محفوظ”([2]) بلغت صفحاته 479 صفحةA4، ولم أسجل فيه إلا ما كان يتيسر لى مما يبقى معى من أيام لقائه خلال أول تسعة أشهر من تسع سنوات، حتى اجتماع كل يوم جمعة فى منزلى لعشر سنوات تقريبا، لم أحضره بانتظام، كان منزله هو وليس منزلى، وكنت ضيفا مختارا بإذنه.

ثم إنى واصلت لقاءه بعد ذلك كل خميس أيضا بعد انتهاء كتابى المسلسل هذا حيث انتظمت فى نشر تداعياتى على ما كان يسطره يوميا فى كراسات تدريبه، وذلك ابتداء من الخميس 31/12/2009 حتى الآن (أخر نشرة 4/12/2014)، وقد أطلقت لتداعياتى العنان استلهاما مما ترك مما طفى على سطح وعيه إلى قلمه عفوا جميلا مشرقا، وقد وصلت إلى صفحة التدريب “181” من الكراسة الأولى، وما زال أمامى حوالى 1100 صفحة فى ست كراسات تقريبا. 

الكتاب الأول “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” أقرب إلى انطباعاتى أنا منه وعنه وبعض ما دار بيننا من أحاديث لم أرصدها حرفيا إلا بعد عودتى فى نفس الليلة أو اليوم التالى، فهى لا تكشف عنه بقدر ما تكشف عن انطباعاتى عن ما دار، وتعقيباتى وبعض تداخلات من تصادف حضوره من أصدقائه ومحبيه.

الكتاب الثانى الذى لم استقر على عنوانه بعد، لعله يكون: “تداعيات على تدريبات: نجيب محفوظ”، ما زلت أكتب فيه وربما إلى أجل غير مسمى، إلا أننى فوجئت من خلاله بمواجهة منهجية شديدة الإدهاش بالغة الدلالة، ذلك أنها فتحت لى قناة جديدة للتعرف عليه خاصة فى الأمور التى لم أجرؤ أن أفاتحه فيها مباشرة، ما وصلنى حتى الآن هو تأكيد لما تعرفت عليه: شخصا، ومبدعا، ومصريا، إنسانا، جميلا، رقيقا، بالإضافة إلى ما اكتشفته أولا بأول، صفحة بصفحة، عن عمق إيمانه، وروعة توحيده، واتساع موسوعيته، وجمال شاعريته، وحدة ذاكرته، وبعض فلسفته، ثم مدى وعمق حبه لله، ثم احتوائه بشراً فرداً لتاريخ كل ما كان!([3]) وصلت حجم تداعياتى على المائة وثمانين صفحة الأولى من تدريباته حتى اليوم إلى “960 صفحة “A4، ولابد أن أؤكد ابتداءً أن تداعياتى على تداعياته ليست تحليلا نفسيا، فأنا لم ولا أقوم بهذا الدور أصلاً، ولا بهذه الطريقة أبداً، ومعه هو بالذات.

ما أمارسه الآن فى ضوء ما يصلنى من إشراقات هذا النور الطافى من مستويات وعيه، يصلنى باعتباره نعمة ساقها الله إلينا، ربما لنتعرف عليه – وعلينا- أكثر فأكثر من خلال تلقائية حرة لم يكن صاحبها  يعلم أصلا أن أحدا يمكن أن يأخذها هذا المأخذ، لعل ما أتاح لنا ذلك، هو ما عرضته عليه، مداعبا مستأذنا، أن يسمح لى أن أتابع “شكل” ما يكتب، لعل لى فى تقـدُّمه فى إتقان الكتابة رأيا، وهكذا عايشته يوما بيوم وهو يقوم بتدريب يده اليمنى بعد أن أصاب العصب الذى يحركها ما أصابه من طعنة الرقبة إثر الحادث، كان حريصا على أن يرينى ما يكتب، وكنت بدورى حريصا على أن يواصل تدريباته يوميا حتى أننى كنت أتجرأ وأداعبه أحيانا إن كان “عمل الواجب أم لا”؟ فيضحك واسعا، وكان كلما ملأ كراسة أعطاها لى وهو يسألنى عن رأيى فى مدى تقدمه، وأفرح وأعلق، ولا أشجِّـع فما كان يحتاج إلى تشجيع مثلى، واستأذنته أن أحتفظ بكراسات التدريب هذه  الواحدة تلو الأخرى، حتى سلمتها بعد رحيله (المزعوم) إلى أ.د.جابر عصفور ليحتفظ بها فى أوراق لجنة الحفاظ على  تراثه، ثم طلبت منه ومن الهيئة المسئولة عن مواصلة تجديد ذكراه، أن يسمحوا لى بدراسة ما أستطيع من هذه الكراسات، فأذنوا لى وسلمونى نسخة مصورة منها، وما زال الأصل لديهم.

هذا بالنسبة لفرص حصولى على ما تيسر من معرفة عن هذا الإنسان الرائع لحما ودما، واقعا سهلا ممتنعا، وعيا حاضرا ماثلا، إنسانا رائدا طيبا فريدا، أما بالنسبة لنجيب محفوظ الروائى المبدع، فقد عرفته منذ كنت صبيا فى أوائل الأربعينات، وأنا أرجح أن أغلب جيلى، قد تشكل وعيه فى رحاب كتابات هذا المصرى القادر على أن ينقل لنا داخلنا بقدر ما يرصد لنا مجتمعنا وينمى فينا انتماءنا لهذه البقعة من الأرض التى يحبها واسمها مصر، يفعل ذلك وهو يأخذ بيدنا نحو الحق والخير وربنا والناس، ثم تعرفت عليه ناقدا لأعماله، من زوايا لم تكتمل، وقد نشر بعضها فيما نشر([4]).

كل هذه المقدمة لها أهمية خاصة بالنسبة للأطروحة الحالية التى تخص موضوعات من أهم ما تناوله محفوظ إبداعا، وأهم ما تناوله نقاده دراسة وتمحيصا، “الموت” و”الله”، بداية، أما إدخال التطور و”الإنسان” فى هذه السلسلة التى تبدا منه إليه، فهذا هو البعد الذى سيأتى شرحه فى سلسلة الفروض التى سأقدمها فى هذه الأطروحة مع تعرفى على هذا المصدر الجديد  – صفحات التدريب – إضافة لاجتهاداتى النقدية، وفروضى الشخصية، هذا علما بأننا لم نتطرق فى حواراتنا إلى إشكالة التطور بقدر كاف مع أنها شغلى الشاغل، علما بأن انتمائى للتطور بدءًا من تشارلز داروين وإرنست هيكل([5]) قد سمح لى أن أرى فى بعض المبدعين تاريخ كل البشرية، بل والحياة، مثلما وصلنى مؤخرا عن تشارلز داروين وكتبت فى ذلك ([6]).

 الجدير بالذكر أن أول تعارفنا كتابة كان عبر مجلة “الإنسان والتطور” على الوجه التالى:

بداية حول التطور:

صدر العدد الأول من المجلة الفصلية “الإنسان والتطور” فى أول يناير 1980، وكان المقال الافتتاحى فيه بعنوان “الله: الإنسان: التطور: الله”([7])، جاء فيه: “إن المناداة بالتطور إن لم تتضح أبعادها وعمقها وسماحها وموازاتها لكل ما هو حى ونشِطٌ ومتغير، فإنها قد تدخل فى دهاليز قد تستنفد جهدنا فى الاختلاف حول تفسير أية، أو تأويل حديث،…إلى أن قلت” إن التطور الحتمى لا يتعارض مع أى دين، وينبغى أن يعاد النظر فى التفسيرات السطحية المؤيِّدة، والتأويلات الخانقة المعارضة”

أرسلنا هذا العدد الأول إلى من نثق فى رأيهم، ونريد أن نسترشد بهديهم، طالبين الرأى والتشجيع، وكان هو على رأسهم، فارسل لنا فورا رأيا رقيقا، وتعليقا طيبا، سعدنا به، ونشرناه فى العدد الثانى مباشرة فى إبريل 1980، وهذا بعضه:

تحية طيبة وبعد

فقد اطلعت على مجلتكم، فكانت سبيلى – مشكورة– إلى تصور جديد لعلم النفس يماشى تطلع الإنسان المنهجي المعاصر إلى التوازن والقيم والإيمان، وثق أننى أتمنى لها الاستمرار والنجاح،…….، ولا أشك أنها تحوى جديدا، كما أعتبرها مجلة علمية ثقافية، كما أعتبرها نفحة حياة طييبة فى الركود الخانق، وفقكم الله، ودمتم للمخلص.  نجيب محفوظ: 24/1/1980

ورددت عليه ردا كان أقل بكثير مما غمرنى من نبض رسالته الرقيقة قلت فيه:

“حفظك الله – سيدى- من قبل ومن بعد، ونحن نعلم كم أنت مُجامل …إلا أننا نصدق كلماتك كما هى، ولو كانت من قبيل المجاملة، فنزهو أن نكون قد فتحنا لك تصورا جديدا لعلم النفس، وأنت الذى فتحت النفس لنا نتعرف عليها من خلال إبداعك أجمل وأكمل من أى تصور……..، فقد سافرتَ سيدى، داخل نفوس “عباد الله لخلق الله” أبعد من كل علمنا، ……….، يا سيدى يا نجيب محفوظ، أنت إنسان طيب، طيبة القادرين، طيبة مصر، وطيبة الإنسان المنهك المعاصر،

عن العنوان والغاية والمنهج

حين رحت أعد نفسى لكتابة مقال هذا العدد فى الدورية، خطر لى أن أكتبه عن الموت فى أصداء سيرة محفوظ وأحلام فترة النقاهة، حيث الموت مشروع فصلٍ فى الدراسة الشمولية التى وعدت بها بعد الدراسة التشريحية المفصلة([8])، استلزم ذلك منى أن أقرأ قبلا ما تيسر لى من دراسات نقد فى موضوع الموت عند محفوظ، فوجدت نفسى أُسْتـَدرج تلقائيا إلى العودة إلى موضوع “الله” عند نجيب محفوظ، ولم أستطع أن أتصور أنه يمكن البحث فى أى من الموضوعين منفصلين عن بعضهما البعض، وإذا بى وأنا مغمور هذه الأيام فى متابعة الإنجازات العملاقة فى العلم المعرفى الأحدث وبالذات فى العلم المعرفى العصبى والنيوروبيولوجيا، وعلوم التطور إذا بى عاجز عن استبعاد ما وصلنى مما استحدث عن التطور ومساره وغايته وارتباط كل ذلك بهاتين القضيتين الأساسيتين الموت والله، أعنى الله والموت مرورا بالإنسان إليه.

أى موت وأى إله؟

عدت إلى الدراسات النقدية التى اطلعت عليها أتساءل أى موت كان يدرسه هؤلاء النقاد الثقاة عند محفوظ؟ وهل تحدد مضمونه وأبعاده لأى منهم انطلاقا من إيقاع نبض إبداع محفوظ لمعنى للموت، أى من واقع عطاء المبدع أولا؟ أم أن أغلبهم راح يقيسه بفكرته ومرجعيته شخصيا، الظاهرة أو الخفية، عن الموت؟ ونفس التساؤلات وردت بشكلٍ أو بآخر عن الله سبحانه، وبالتالى عن التطور، الذى نادرا ما جاء فى أىّ مما قرأت، ما استُحْدِث فيه مؤخرا طبعا.

هذه قضايا مطلقة لم تحسم ابدا بشكل عام أو كامل، والجميع يتناولونها خاصة فى النقد بأبجدية تحتاج إلى مراجعة (أنظر بعد)، المبدع الكادح كدحا كثيرا ما يجد نفسه مدفوعا لإبداعه، وفى إبداعه، إلى محاولة الإسهام فى التعرف على بعض جوانب ما استعصى على الجميع حول هذه المسائل، فكيف نقيسه أو نقيس إبداعه بما هو يسعى ليبينه وهو يساهم فى كشفه بإبداعه؟ شرحت ذلك فى مقالى السالف الذكر([9]) قائلا:

“…. بعد أن امتلك ‏‏ ‏محفوظ ناصية‏ ‏الحكى أكثر فأكثر، راح يدور‏ ‏راقصا سابحا طائرا مع ‏دورات‏ ‏الحياة‏ ‏مباشرة‏ ‏دون‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏رمز‏ ‏يستعيد‏ ‏به‏ ‏أحداث‏ ‏التاريخ‏……. ‏راح‏ ‏يتناغم‏ ‏مع‏ ‏المطلق ‏وهو ‏يعرى “‏ضلال‏ ‏الخلود‏” ‏فى هذه الدنيا ويساويه‏ ‏بالموت‏ ‏الآسن‏، وفى نفس الوقت هو يضع‏ “‏الوعى ‏بالموت” ‏فى ‏بؤرة‏ ‏الحفز‏ ‏إلى ‏الحياة‏، وذلك ‏حين ‏نجح‏ ‏أن‏ ‏يرسم‏ ‏دوراتها‏ ‏وكأنه‏ ‏يدور‏ ‏معها‏ ‏مواكبا‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏الممتد‏، ‏ظهر‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏فى ‏درة‏ ‏أعماله‏ “‏ملحمة‏ ‏الحرافيش‏” وأثبته فى نقدي لها 1977 ([10]):

“يمكن أن ننتبه إلى أن محفوظ لم يفصل تحديدا ‏بين‏ ‏تاريخنا ‏(تاريخه‏) ‏وتاريخ‏ ‏البشرية‏ (‏بل‏ ‏تاريخ‏ ‏الحياة‏‏ أحيانا) إلا نادرا. لعله اعتبر – وهو على حق مثلما وصلنى أخيرا – أن كل ‏ ‏فرد‏ ‏على ‏هذه‏ ‏الأرض‏ ‏أو‏ ‏تلك‏ ‏فى ‏زمن‏ ‏محدد‏، ‏ليس‏ ‏إلا‏ ‏تجسيدا‏ ‏لمسيرة‏ ‏الحياة‏ ‏برمتها‏ ‏حيث ‏يستحيل‏ ‏فصل‏ ‏الوجود‏‏ ‏الفردى ‏عن‏ ‏ملحمة‏ ‏الوجود‏ ‏الحيوى ‏(‏التطور‏). ثم تجسيداً لبعض ناسه بشكل أو بآخر. ‏من‏ ‏هنا‏ ‏راح‏ ‏محفوظ‏ ‏يبحث‏ ‏بإلحاح‏ ‏لم‏ ‏يهمد‏ ‏عن‏ “‏الطريق‏” ‏إلى المطلق فالله، ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏راح‏ ‏يحفر‏ ‏حول‏ ‏جذور‏ ‏الحياة”([11]).

كل ذلك وهو يسعى إليه بإصرار لا مثيل له، يتحرك بكل أداة كلما لاح له أى سبيل ليعرفنا الكدح إليه، وقد وصلنى أن هذه الحركية الإبداعية المعرفية هى الأصل فى كل توجهاته، وأنه لا يجوز اختزالها إلى لفظ “صوفية” بالمعنى الشائع، وهى تحمل مخاطرة معرفية جسيمة، حتى قدرت أن كثيرا من النقاد خافوا منها فلم تصل إليهم فراحوا يصنفونها بأبجديتهم الجاهزة بما فيها “الصوفية”، و”الميتافيزيقية”، و”الاجتماعية”، فجعلت طول الوقت أتساءل كيف نقيس المتحرك بالساكن؟.

 أحاط بى هذا التساؤل وأنا أتجول فى معظم ما تيسر لى من أعمال نقدية حول هاتين القضيتين الأساسيتين، واحترمت المرحلة واختلاف اللغة وحمدت الله وواصلت السير:

 تقوم معظم هذه الدراسات النقدية بتصنيف نجيب محفوظ (وليس فقط إبداعه) باعتباره إما منحازا إلى الوضع الاجتماعى الاقتصادى، وإما منجذبا إلى البعد الميتافيزيقى، وإما مترجِّحاً بين هذا وذاك، ويختلف استسهال استعمال هذه المصطلحات من ناقد لناقد، لكنك تلمح درجة من الاستقطاب تستأهل التوقف خاصة وأن الفريقين ينتهى بهم الأمر عادة إلى الخلط بين محفوظ وبين شخوص إبداعه وكل هذا يسمح بالتعرف على إسقاطات الناقد (ومخاوفه) أكثر مما يسمح بالتعرف على إبداع محفوظ ناهيك عن التعرف على شخصه وإيمانه وكل ما يتعلق بذلك.

 الفرص التى اتيحت لى فى شرف صحبته سمحت لى أن أتعرف على بعض ملامح جهاده فى هذه المجالات وغيرها من خلال أربع قنوات متضفرة متكاملة متكافلة: اللقاءات الشخصية عبر عشر سنوات. وأعمالى النقدية لبعض أعماله. ومعايشتى لتداعياته الحرة فى كراسات التدريب، وأخيرا الأعمال النقدية المتعلقة، وكنت أنتقل من مستوى إلى مستوى فتتبلور الرؤية وتتضح الإحاطة بجوانب موقف كل ناقد أكثر من موقف نجيب محفوظ مبدعا أو شخصا أو كليهما، ولا مانع أن تقفز الأسئلة وتتفتح المسارات الجانبية لما لم أحط به علما، وهذا أدعى لمواصلة البحث الجاد بلا توقف.

لكن دعونا أولاً نلقى نظرة على المناهج والمصادر التى استَمدَّ منها النقاد الأفاضل المجتهدون آراءهم ودعموا دراساتهم حتى نحسن تلقى رسائلهم.

تنوع ومصداقية المصادر:

من الأهمية بمكان أن نتعرف قبل فحص أى محتوى نقدى أو بحثى خصوصا فيما يتعلق بتقييم موقف هذا المبدع أو حتى هذا الشخص، أن نتعرف على تفاصيل منهج البحث، ومن أهمها تحديد  مصادره، وتقييمها، خصوصا إذا كانت موضوعات البحث من المناطق الإشكالية مثل الموت أو الله.

حاولت ابتداء أن أجمع المتاح من المصادر المحتملة، خاصة ونحن بصدد قضايا إشكالية بطبعها، فما بالك وهى متعلقة بمثل هذا المبدع الفذ الذى لا مثيل له، نجيب محفوظ.

أولاً: السيرة الذاتية:

 محفوظ  لم يكتب سيرة ذاتية بالمعنى التقليدى، وإن كان لم يتردد فى الإجابة الأمينة والصادقة على ذكر ما يتذكر منها (غالبا للسائلين فى حوار معه) من أول طفولته وحتى آخر لحظاته على هذه الأرض الدنيا، ويبدو أنه كان واعيا تمام الوعى بأن أحدا لا يمكنه أن يكتب سيرته الذاتية: غالبا لأنه لا يعرفها، وأحيانا لأنه لا يريد أن يعرفها، وأحيانا أقل لأنه لا يريد أن يعرفها أحد، لهذا أعجبت بالحل الذى ارتآه حين تحايل للخروج من هذا المأزق، إذ راح يردد صدى ما خطر له أنه سيرته تاركا ترجمة تردد الصدى إلى تلال الحب، وجبال الوعى، ومسام المتلقى، وصخور الرفض، فكانت “أصداء السيرة الذاتية”.

لا أحد يمكن أن يكتب من هو، أو كيف كان هو، من مخزن ذكرياته، خاصة بعد أن تطورت علوم الذاكرة فتجاوزت فكرة أنها مخزن أو شريط تسجيل إلى أنها محيط وعقل ووعى ومرتجع رنين ممتد([12]).

ثانياً: الحوارات المباشرة مكتوبة أو حتى مسجلة:

لا شك أن هذه الحوارات هى ثروة وتاريخ، إلأ أن بحث مصداقيتها (وليس مجرد صدق رصدها) يعتبر إشكالة منهجية تاريخية لم تحل أبدا، ولا يقتصر الحرج أو احتمال الخلط  أو الاختزال أو التحوير بالنسبة لهذه الحوارات على مدى أمانة أو دقة الذى أجرى الحوار، ولا حتى على مقدار مهارة إعادة تحريره نصا أو انتقائيا، وإنما يمتد إلى النقاد والدارسين الذين ينتقون من هذه الحوارات جملا بذاتها، أو حتى فقرات بأكملها ويستشهدون بها بعيدا عن سياقها.

وقد قمت بنقد شديد لكتاب رجاء النقاش المعنون باسم “نجيب محفوظ صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته” فى مقال نشر بالأهرام بعنوان: “السهل والصعب فى السياسة والحب”([13])، وكنت فيه أعجب بتحمل نجيب محفوظ، وأتعجب من سماحه، ومن صبره على ما يذكر على لسانه برغم ألمه لأى تحريف ولو بحسن نية، وبرغم ذلك استشهد ببعض هذا المقال ناقد فاضل لغير ما أردت.([14])

ثالثاً: ما تبقى فى ذاكرة الجليس أو الصديق أو المرافق:

وهذا يسرى عليه ما جاء فى ثانيا بالإضافة إلى حدود ذاكرة وأمانة الرَّاوى، ولأضرب بنفسى – أيضا – مثلا بالعمل الذى اشرت إليه حالا “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” فقد انتبهت ابتداء أننى لم أسجل حرفا لا كتابة ولا تسجيلا إلكترونيا وأنا معه، وأننى كنت أدوّن ما بقى معى  بعد يوم أو يومين من لقائه، كما أننى اكتشفت أننى كتبت الغالبية العظمى من حوارنا باللغة الفصحى، وهذا طبعا لم يكن نقلا حرفيا، وقد انتبهت إلى ذلك متأخرا، على أن ثم استثناء كنت أثبته بالعامية مضطرا حين يتعلق الأمر بطرفة أو رواية يرويها عن آخر بنص كلامه.

رابعاً: مقتطفات من كتابات المبدع و/أو إبداعاته:

يعتبر هذا المصدر أهم وأخطر وأعجب المصادر جميعا، ذلك لأنه يمكن لمن شاء أن يأخذ منه ما يشاء لما يشاء بأية كيفية وأى مقدار  بعيدا عن سياقه، ليس فقط سياق الفقرة أو الجزء أو حتى الفصل، بل قد يكون بعيدا عن الفكرة المحورية للعمل برمته، ويمكن تصنيف تنويعات هذا الاقتطاف على الوجه التالى:

أ- بعض ما جاء على لسان أحد شخوص الرواية أو القصة فى حوارها.

ب – بعض ما جاء كجزء من تيار وعى يدور فى خلد أحد شخوص الرواية أو القصة

حـ – بعض ما جاء ضمن تعقيب الراوى فى مرحلة معينة من الرواية.

د – بعض ما جاء فى سياق الحكى الذى يسرده المؤلف ليفسر أو يكشف عن ما يراه خطر فى خلد بعض شخوص العمل.

وكل هذا يتعرض إلى تحيز وميل من اقتطف شعوريا أو لا شعوريا.

خامساً: الاستشهاد بما ورد فى نقد أعماله، وليس فى متن كتاباته

ويشمل هذا احتمالين على الأقل:

أ) الاستشهاد بمقتطف اقتطفه الناقد الاصلى من متون محفوظ وفيه كل الاحتمالات السابقة

ب) الاستشهاد برأى الناقد فى هذا المقتطف أو غيره (أحيانا دون تمييز صارم بين رأى المؤلف ورأى الناقد)

سادساً: الاستشهاد برأى المبدع نفسه (نجيب محفوظ شخصيا)

كثيرا ما يُسأل المبدع عن مغزى أو موضوع أو هدف أو طبيعة ما كتب، وقد حدث هذا مؤخرا بإلحاح فيما يتعلق بأحلام فترة النقاهة وهل هى أحلام فعلا أم إبداع نابع من أحلام؟ أم ماذا؟ وقد ناقشته حول هذه الأسئلة وكان متواضعا كالعادة فى محاولة شرح ما وصله عن طبيعة إبداعه تلك، وكتبت رأيى الذى لم يختلف كثيرا عن ردوده([15])، وأحيانا ما كان محفوظ يتبرع لسبب أو لآخر بالتعليق على ما كتب إبداعاً برأى اضطر إليه شرحا أو دفاعا، وبرغم أن هذا المصدر يبدو من أدق مصادر الحكم على المبدع (شخصا أو إبداعا) إلا أنه مصدر يحتاج إلى تقييم موضوعى أيضا، فالمبدع الحقيقى عادة  لا يعرف الرد الأقرب إلى الصحة على كثير مما يطرح عليه من تساؤلات، وكثيرا ما يفضل أن يترك الأمر للنقاد، ويعتبر نسيان المبدع لما يُسأل عنه فى هذا الصدد من أهم ما يميز الإبداع الحقيقى، خصوصا فى الشعر، وكثير مما كتب محفوظ هو شعر خالص، كذلك ينبغى أن يؤخذ رأى المبدع الأول بتحفظ حتى بالنسبة للأشخاص الذين بدوا كأنهم أشخاص حقيقيون فى حياته([16]) أو للأشخاص المتخلقين إبداعا، وحتى لو أدلى المبدع برأيه فى معنى أو نقد أو وظيفة هذه الفقرة أو ذلك العمل فينبغى ألا نأخذ رأيه قضية مسلمة، وأن يترك ذلك للناقد حسب نوع إبداعه النقدى وقدرته على إعادة تشكيل النص، وليس حسب مهارته البوليسية والتحقيقية، بل إن المبدع إذا أقر أن واحدا  أو أكثر من معارفه أو من الشخصيات العامة هو الأقرب إلى هذا أو ذاك من شخوص قصصه  ورواياته ، فإن ذلك لا يؤخذ بتسليم نهائى، فرأيه مثله مثل رأى أى ناقد، علما بأن المبدع الحقيقى موجود – ولو مؤقتا- فى كل شخوص رواياته ….

سابعا:(ثم لاح مصدر لا يتكرر): التداعى الحر:

شعرت بحرج مناسب وأنا أضيف هذا المصدر إلى هذه المجموعة، لأنه مصدر لم ولن يتكرر عبر التاريخ فى حدود تصورى لطبيعته، ذلك أنه قد  مـَثـُلَ أمامي  بالصدفة البحتة، فهو مصدر نادر لا يقاس عليه، مع أنه قد يثبت أنه الأهم والأكثر مصداقية وقد ثبت لى أنه شديد الأهمية برغم بساطته وسلاسته وعفويته، بل لقد تصورت أنه يمكن أن يثبت أنه المصدر الأول السهل الممتنع مثل صاحبه، فهو يمكن أن يعرفنا، أو أن يكمل معرفتنا، أو يصحح موقفنا من هذا المبدع النادر بالطول تاريخا، وبالعرض حضورا وإبداعا، كما يمكن أن نتعلم منه – كما تبينت مؤخرا ولم أتيقن بعد مما تبينت – بعض ملامح “التسخين([17]) للإبداع ثم مراحل الحمْل فى عملية الإبداع دون إلزام باستكمال شهور الحمل”، وقد تواصلت هذه التجربة طوال ثلاث سنوات حتى الآن، وقد أسميت هذا المصدر “التداعي الحر”  بعد أن وصلت فى دراسته إلى الصفحة المائة والثمانين من ألف ومائة صفحة تقريبا (كما ذكرت).

حين بدأت فى محاولة دراسة هذه الثروة النادرة تبينت تدريجيا أنها خرجت من شيخنا بحفز داخلى طبيعى غير مقصود، وكأنه أراد  بكرم وجوده التلقائى – دون قرار واعٍ – أن يواصل إنارتنا وتحريكنا، وأيضا تعريفنا بنفسه واهتماماته ومزاجه، وتفضيلاته، ومعلوماته، وبعض معتقداته، وجميل إيمانه، وأحيانا شطحاته البديعة، فضلا عن حركية عملية الإبداع قبل الولادة، وقد حمدت الله أننى اقترحت عليه أن أحتفظ بهذه الكراسات أولا بأول أملا فى شئ ما لم يكن محددا لا من ناحيتى ولا من ناحيته آنذاك.

وحين بدأت فى نشر محاولة قراءة هذه الكراسات بتاريخ 31/12/2009، احترت فى المنهج الذي ينبغى علي أن أتبعه، ولم يكن فى ذهنى أى تصور لموقف نقدى، فهو لم يكتب ما كتب بأية نية أن يصل ما يكتبه لأى متلق، وعلى ذلك: فكل المتاح هو أن يكون مصدر بحث لا مجال نقد.

فكرة عامة إلى عودة تفصيلية لاحقة:

بالنسبة للقضايا المطروحة فى الأطروحة الحالية عن الله: التطور: الإنسان: الموت: الله، وجدت أن عموم ما وصلنى حتى الآن من هذه التدريبات يمكن أن أحدد الخطوط العريضة له فى حدود المائة والثمانين صفحة الأولى فيما يلى:

  الوعى الإيمانى، القرآن الكريم، العلاقة بالله مباشرة، القضاء والقدر، الشعر العربى (القديم خاصة)، الأغانى القديمة وبعض الحديثة، الجمال والطبيعة، القضاء والقدر، أعلام الفكر فى الداخل والخارج، رواد الحضارة عموما، الأرض والناس، الحركة والسكون، الموت، والمصير، الصبر والتأجيل، الحب والجمال،([18]) (مرة أخرى: هذا فيما تمت قراءته: 180 صفحة فقط لا غير وما تبقى حوالى 920 صفحة).

الإبداع هو الأصل:

قلت فى مقدمة هذه المقدمة أننى لم أتطرق فى الحديث مع نجيب محفوظ طوال عشر سنوات عن الله أو الموت أو الآخرة، لم أتطرق بالألفاظ لكن كان يصلنى ما أريد بطريقة لم أعرف لها اسما إلا مؤخرا وأنا أفتح ملف الإدراك على مصراعيه([19])، ثم ملف الوجدان (العواطف والانفعالات)([20])، وحين وصلتنى طبيعة الإدراك أكثر وأوضح وتيقنت من تفوقه على التفكير، كما وصلنى أصل الوجدان كبرنامج بقائى أقدم فأحدث، وكذلك وصلنى دوره فى التطور والمعرفة الأعمق شعرت أننى وجدت ضالتى نسبيا من خلال هذه المداخل: علوم الإدراك والوجدان والتطور أكثر بكثير مما وجدتها فى مصادر التفكير والتراث والعقل المنطقى الظاهر، وخاصة فيما يتعلق بالمسائل الواردة فى العنوان.

نقد النقد وروعة أطروحة جابر عصفور:

حتى أتمكن من إتقان ربط مصادرى بالنسبة لهذه الموضوعات بالذات، رجعت إلى ما تيسر لى من نقد ودراسات تناولتْ أو حتى لمستْ من بعيد هذه الموضوعات وإذا بى أمام تحدِّ أكبر من وقتى وقدراتى، وطبعا من المساحة المتاحة لى هنا، ثم أننى وجدت أمامى بعض ما صدرت له هذه الدورية بالذات، وهو أننى وجدت فيما اطلعت عليه ما أملت فيه من مواصلة “نقد النقد”، وبكل فرحة وعرفان تذكرت تلك الأطروحه النادرة الشديده العمق والإحاطة التى كتبها أ.د.جابر عصفور فى مجلة فصول 1981عن نقاد نجيب محفوظ([21]) فرجعت إليها وأنا أتذكر كيف هزتنى وعلمتنى وأفاقتنى حينذاك، ثم إذا بها تعود إلىّ لتغنينى عن كل ما كنت أود تقديمه فى هذه الأطروحة تمهيدا لما  سوف أتناوله عن هذه الدراسات والإبداعات مما يمكن أن يسمى “نقد النقد”.

من أين نبدأ؟

حين تُختزل قضية معرفة الله إلى علاقة المبدع (محفوظ) بالميتافيزيقيا فى مقابل علاقته بالبعد الاجتماعى، أو بالعلم (دون تحديد إجرائى لأى من ذلك) أو حتى علاقته بالتصوف كما شاع عنه، تصبح المسألة فى حاجة إلى وقفة ومراجعة، وحتى نحترم جهد الباحث واجتهاد الناقد لابد من الرجوع إلى تاريخ قيام الناقد بهذا الجهد ثم تاريخ نشره، فقد حدثت طفرة معرفية فى الربع قرن الأخير هزت كثيرا من المسلمات المعرفية والعلمية السابقة، وعلى سبيل المثال لم يعد مناسبا الفصل بين الفيزيقا والميتافيزيقيا([22])، (أنظر بعد) أما البعد الاجتماعى وحتى بعض القضايا السياسية والاقتصادية، فقد أصبحت تحتاج إلى نظرات جديدة من منطلقات معرفية تطورية فيما يتعلق – مثلا – بالوعى الجمعى وبرامج البقاء التى نتعلم منها كيف حافظت سائر الأحياء التى نجحت فى الحفاظ على بقائها([23]) وهى لم تمارس السياسة ولم ترسٍّ دعائم ديمقراطية حديثة، ولم تكتب روايات أو تقرض شعرا، هذا لا يعنى التهوين من النظر فى أى من ذلك: لكنه يدعو إلى ضرورة امتداد النقد والتفسير مستنيرين بما استجد من معارف عن التطور والوعى الجماعى وبرامج البقاء ومن ضمنها العواطف والوجدانات الأساسية، التى تعتبر جذور العقل الوجدانى الاعتمالى([24]) والعقل البيولوجى.

المطروح الآن، مهما بدا متواضعا لكنه واعد وقوى، أن يساهم الإبداع على مستوى النص الأول وعلى مستوى الإبداع النقدى المتوالى فى دعم مزيد من الكشف المعرفى أكثر فأكثر لهذه المسائل المشكلة والشائكة، حيث لم يعد العلم المؤسسى ولا النقد التقليدى قادرا على تغطيتها، إذ لا يخفى أن ورطة الإنسان المعاصر تحتاج أكثر فأكثر إلى مواجهة عوامل الاغتراب فالإنقراض المتزايدة، الإبداع هو الأقدر على حفز وتنمية الوعى الجمعى الذى يتوجه به النوع البشرى – مثل سائر الأنواع التى بقيت – ليحافظ على بقائه، ومن بعض مظاهره البعد الاجتماعى ولكن من أسس تشكيله وإعادة تشكيله ما يسمى العقل البيولوجى([25]) وهو الذى يتجلى فى الإبداع أساسا وهو القادر على الحيلولة دون تحول هذه المعارف الأصلية إلى أيديولوجيات دينية أو أيديولوجيات علمية معوقة، المبدع الحقيقى ينتمى أساسا ومباشرة إلى هذا الوعى الجمعى الإيجابى، وإلى العقل البيولوجى معا، وهو يحاول أن ينشطه ويدعمه فيظهر فى المحيط الاجتماعى فى سعيه نحو العدل والحرية و(التوت والنبوت) كما يظهر فى المحيط الإيمانى على أنه الوعى الفردى فالجمعى فى السعى على مسار التطور المفتوح النهاية متضمنا دعم برامج البقاء تماشيا مع أصول حركية الإيمان البيولوجية.

وبعد

بعد هذه المقدمة الطويلة التى لا أود أن أعتذر عن طولها، إذ مازلت أحسب أنها لازمة، أعرض بعض نقاط  انطلاقى فى هذه الأطروحة كأساس جوهرى قد يبين موقفى على الوجه التالى:

كما ذكرت: الناقد الذى يقوم على فحص ونقد وإعادة تخليق نصٍّ بذاته، أو تقييم مبدع بذاته، إنما ينطلق من موقفه الشخصى ظاهرا أو باطنا بل كليهما، وأنا لا أطلب ولا أتوقع أن يلتزم الجميع بموقف علمى أو عقائدى أو منهجى واحد، وإلا ففيم الاختلاف، وفيم نقد النقد، الاختلاف وارد فى هذه القضايا المطروحة هنا أكثر من أية قضايا أخرى، الوعى والله، والموت، والتطور!!، فكل هذه المسائل تتعلق بأمور لم تحسم نهائيا أبدا، برغم كل الجهود المطروحة لفحصها وبرغم الإنجازات المعرفية وغير المعرفية (بما فى ذلك  إنجازات الحدس والإدراك الأشمل والوجدان الاعتمالى المعلوماتى)([26]) أقول إذا كان الأمر يتعلق بأمور مازالت بهذه الصعوبة فهو يحتاج إلى مواصلة الكشف طول الوقت وهذا ما يساهم فيه الإبداع بكل أشكاله وتجلياته وبالتالى ينبغى أن تكون البداية منه لا من خارجه.

لتوضيح ذلك: فكل إنسان عنده تصور شخصى – مهما خفى عليه – بالإضافة إلى معتقد ظاهر عن هذه القضايا، وفى رأيى أن التصور الباطن أرسخ وأقوى تأثيرا على هذه المسائل بالذات، فالذى ينطلق للبحث فى قضية الموت (بعد التفرقة الأساسية بين “الفقد” و”الموت”) إنما يبدأ من معتقده هو، بما فى ذلك معلوماته الجاهزة عن الموت، ثم هو يروح يقيس الإبداع أو المبدع أو كليهما بهذا المقياس الذاتى مهما تصور غير ذلك، وهو ينتقى من الأدلة والمراجع والمقتطفات ما يدعم معتقده الظاهر أو الخفى.

من هنا يمكن القول أن البداية الأوْلى بالجهد، والأقرب إلى الموضوعية والإبداع النقدى خاصة بالنسبة لهذه المسائل ينبغى أن تكون من النص الإبداعى حتى نتعرف على مستوى عمق المبدع وطرائق سعيه المعرفى الإبداعى بكل مستويات وعيه ليكشف ويضيف إلى أغلب المتاح ليكون إبداعا!! فإن لاح للناقد أن مبدعا بحجم محفوظ أو طاغور أو النفرى أو ديستويفسكى أو تشارلز داروين أو أينشتاين أو إرنست هيكل:  يسعى من خلال إبداعه إلى محاولة كشف لأية زاوية أو جزئية تقترب من هذه الإشكالات،  فعليه أن يتحسس ماذا أضاف هذا المبدع أولا، وأن يأخذ منه إليه، لا أن يقيسه بمقياس من خارجه ابتداءً (أو حتى نهايةً) سواء كان مقياسه مقولة علمية ثابتة، أو تفسير نص راسخ تفسيرا معجميا أو جامدا أو نافيا، أو بمقياس مدى التزام المبدع بقضايا ناسه واحتياجاتهم الجوهرية، ضمن حساب جهاده المعرفى.

موقع العلوم الأحدث:

المتابع لنقاد نجيب محفوظ، وخاصة فيما يخص هذه المسائل المشكلة لابد أن يلاحظ استعمالهم أبجدية تقليدية آن الأوان للنظر فى مراجعتها بعد الإنجازت العلمية والمعرفية الأحدث التى تتعلق بطبيعة المعرفة، ومناهلها، ومن ذلك:

1- يؤكد معظم النقاد على انتماء محفوظ لما هو “علم”، وأنه يعتبره المنقذ لمحنة الإنسان المعاصر، وأنه يأمل أن يقوم بكل العمل بما فى ذلك إعادة المصالحة مع الدين.

 أفلا يحتاج ذلك مواكبة أزمة “العلم” الراهنة (2014)، ومتابعة أحدث إنجازات الثورة عليه، وبه، واختراقاتها المنهجية والوجدانية([27]).

2- يقيس أغلب النقاد موقف محفوظ بما يصرح به أو يورده من أن “العقل” هو الوسيلة الأسلم لقيادة البشر إلى صالحهم، دون إغفال العاطفة طبعا، لكن تظل للعقل القيادة والسيادة.

 لكن أى عقل يقصد أو نقصد بعد أن تأكد أن للإنسان عدة عقول معا([28]) “هنا والآن”.

3- يعتبر أغلبهم أيضا أن ما ورد فى إبداع محفوظ، وأحيانا فى أقواله هو دعم محدود لمفهومهم عن التصوف، وقد يربطون ذلك بتفهمه لما أسموه “ميتافيزيقا” دون اعلانه ذلك مباشرة.

وفى رأيى – حسب ما وصلنى منه ومن إبداعه- أنه إن لم يكن التصوف طريق معرفة كما أوضحت العلوم الكموية الأحدث([29]) فلا يمكن أن ينتمى إليه محفوظ بما شاع عنه.

4- يهتم بعض النقاد بتغليب اهتمام محفوظ بالبعد الاجتماعى، وصراع الطبقات، وتحيزه لإرساء العدل، وتوفير العيش الكريم (التوت والنبوت) كهدف أسمى فى معظم إبداعه.

هذا صحيح، وهو لا يتعارض مع أى مما سبق.

5- يركز أغلب النقاد أيضا على المبالغة فى ترجمة تناول محفوظ للقضايا التى تتعلق بالله إلى منظومات رمزية محددة، ثم يجرى استنتاج موقفه ليس فقط فى إبداعاته، بل وموقفه الشخصى أيضا بشكل اختزالى أو إسقاطى غالبا.

وهذه هى القضية التى تحتاج لتغطيتها إلى التعمق فى معطيات العلوم الأحدث.([30])

6- معظم النقاد الذين تناولوا قضية الموت عند محفوظ، أغفلوا التعامل مع الموت باعتباره إعادة ولادة([31]) يمثل أزمة نمائية وجودية تطورية.

صدمة إفاقة من الخيال:

هاجمنى خيالى فجأة فجسد لى ناقدا بارعا غامر بكل أدواته وشجاعته ليتعاطى نقد قصائد، أعنى مواقف ومخاطبات النفرى، وكان عنوان بحثه “الله فى قصائد مواقف النفرى ومخاطباته!!!([32])”، فيا ترى ما هى منطلقاته وكيف تكون النتيجة؟، وهل  يسمح أحد مرّ على قصائد نثر النفرى أن يقترب من نقدها تحت هذا العنوان؟ يصلنى أحيانا إبداع محفوظ وجهاده وكدحه فى هذه المنطقة من نفس المنطلق، وعلينا أن نحترم مدى الجهد المطلوب لتغطية بعض ذلك.

علاقة منظومات المعرفة ببعضها البعض:

حذرت باكرا من وصاية علم النفس وخاصة التحليل النفسى على النقد الأدبى حتى لو رفع لافتة التفسير النفسى للأدب وقلت تحديدا منذ ثلاثة عقود: إن الأصل فى التعرف على النفس وأغوارها والوعى ومستوياته هو الإبداع والإبداع الأدبى خاصة بل والإبداع الشعرى بوجه أكثر تخصيصا، الإبداع على مستوياته المختلفة إنشاءً ونقداً، واستشهدت بمن سبقونى كما يلى:([33])

“…يكاد‏ ‏يجمع‏ ‏النقاد‏ ‏والدارسون‏ ‏على ‏أن‏ ‏أحدا‏ ‏لم‏ ‏يدّع‏ ‏وصاية‏ ‏لعلم‏ ‏النفس‏ ‏بخاصة‏، ‏والعلوم‏ ‏النفسية‏ ‏عامة‏، ‏على ‏الإبداع‏ ‏الأدبى، إن ‏ما‏ ‏اتفقت‏ ‏الغالبية‏ ‏عليه هو‏: ..‏أن‏ ‏الأدب‏ ‏وعلم‏ ‏النفس‏ ‏منهجان‏ ‏متوازيان‏ ‏فى ‏إرتياد‏ ‏الحقائق‏ (‏التى ‏تمثل‏ ‏هذه‏ ‏الحياة‏، ‏والتى ‏تشكل‏ ‏علاقة‏ ‏الإنسان‏ ‏بها‏).. ‏وليسا‏ ‏متداخلين‏”، “.. ‏وأن‏ ‏الميدان‏ ‏الصحيح‏ ‏الذى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تستغل‏ ‏فيه‏ ‏نتائج‏ ‏الدراسات‏ ‏النفسية‏، ‏هو‏ ‏ميدان‏ ‏النقد‏ ‏الأدبى‏”([34]) ‏و‏”‏أن‏ ‏الكاتب‏ ‏المبدع‏ ‏يعبر‏، والعلم‏ ‏يفسر‏… و‏إن‏ ‏الإبداع‏ ‏يسبق‏ ‏الكشف‏ ‏العلمى ‏بزمان‏”([35])، حتى بشهادة أهلهما، ‏بل‏ ‏إن‏ ‏توصية‏ ‏مناسبة‏ ‏بنسيان‏ ‏حقائق‏ ‏هذا‏ ‏العلم‏ (‏علم‏ ‏النفس‏) ‏تبدو‏ ‏لازمة‏… ‏لتحقيق‏ ‏الشرط‏ ‏الأول‏ ‏للخلق‏ ‏الأدبى”([36]‏)وهكذا‏ ‏يبدو‏ ‏أن‏ ‏الأدب‏ ‏فى ‏مستواه ‏الإبداعى ‏الأول‏ ‏قد‏ ‏تخلص‏ ‏بوضوح‏ ‏من‏ ‏أية ‏وصاية‏ ‏علمنفسية‏. ‏لكن‏ ‏الإشكالية‏ ‏إنتقلت ‏إلى ‏مستوى الإبداع النقدى‏، ‏على ‏أساس‏ ‏أن‏ ‏العملية‏ ‏النقدية‏ ‏أقل‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏تلقائية‏ ‏الإبداع‏، ‏وأنها‏ ‏أكثر‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏تعدد‏ ‏مصادر‏ ‏المعرفة‏، ‏ومن‏ ‏بينها‏ ‏العلوم‏ ‏النفسية‏.‏……، ‏وما‏ ‏زال‏ ‏الخوف‏ ‏واجبا‏ ‏من‏ ‏تدخل‏ ‏هذه‏ ‏العلوم‏ ‏تدخلا‏ ‏معطلا‏ ‏أو‏ ‏مشوِّها‏، ‏خصوصا‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏بجرعة‏ ‏غير‏ ‏محسوبة‏، ‏أو‏ ‏غير‏ ‏مناسبة”‏.

هذا ما كان منى سابقا بالنسبة للعلوم النفسية، فكيف الحال بعد مضى ثلث قرن حدثت فيه نقلة معرفية هائلة، هل ما زال الإبداع إنشاء ونقدا يحتفظ بحق السبق، ليس فقط سبق العلوم النفسية جميعا لكن أيضا أو أساسا فى العلوم المعرفية الجديدة؟

الإجابة: نعم، وبالذات فى هذه المسائل التى عجز العلم المؤسسى، والتراث المعجمى أن يغطيها بكفاءة مناسبة، لذلك مازلت مصرا على عدم مشروعية تفسير الإبداع بالعلم عامة، وبطريقة أكثر حسما تفسير النص الإلهى بالعلم التقليدى([37])، لما فى ذلك من اختزال وتشويه لكلا المنظومتين، لكن العلوم المعرفية الأحدث كسرت حواجز كثيرة، ولا بد من وضع ذلك  فى الاعتبار مواكبة للإنجازات على الناحيتين، فمثلا كـُسر الحاجز بين الفيزيقا والميتافيزيقا،([38]) كما كسر الحاجز بين المعرفة الصوفية وبين العلوم الكموية.([39]) كذلك كسر الحاجز بين الفاحص والمفحوص فى منهج البحث الفينومينولوجى([40]).

حين عدت أتابع وأراجع بعض إبداع نجيب محفوظ وجدت أن ما وصلنى من انجازات علمية معرفية فى الربع قرن الأخير قد ظهرت ملامحه فى إبداعه باكرا قبل كل هذه العلوم المعرفية الأحدث بشكل مخترق ومكثف، ولكن بلغة الإبداع وليس بلغة هذه العلوم طبعا، لكننى ظللت رافضا أن أقيس سبقه هذا على روعته بمقاييس تلك العلوم، بل ضبطت نفسى وأنا أقيس مصداقية بعض هذه العلوم بصفاء حدسه الإبداعى واختراقه.

وحين رجعت إلى أغلب نقاد محفوظ وخاصة الذين تناولوا هذه القضايا الشائكة وجدتهم مازالوا يقيسون إبداعه بل يقيسون موقفه هو شخصيا بتلك المقاييس التقليدية الأقدم!! صحيح أنه لا ينبغى – كما أكدت سابقا وأعيد ما جاء فى أطروحتى الأولى سنة 1983 أن تصبح أية منظومة معرفية أو إبداعية وصية على الأخرى، لكن الواجب أن نواكب التقدم فتلزم المراجعة ونقد الذات ونحن نقوم بالنقد الجديد برؤية جديدة، وتضفرٍ أحدث بين قنوات المعرفة المتكاملة.

حين ظهر العلم المعرفى ثم العلم المعرفى الأحدث اتهمه العلم السلطوى  التقليدى([41]) بأنه أرتكب هرطقتين وهو يحطم طقوسا ومسلمات مقدسة لديهم، الهرطقة الأولى: “أن التفكير ليس فقط بالرموز” والهرطقة الثانية: “أن المعرفة ليست فقط فى الدماغ”، هذا العلم المعرفى الجديد اتهم بالهرطقة تماما كما اتهم كوبرنيكس وكفّر بأمر كنيسة القرون الوسطى، وكما ألحَدُوا تشارلز داروين رغما عنه، من هنا جاءت وقفتى أمام نقاد محفوظ فى هذه المنطقة لا لأقيس النقاد بدورى بمدى إلمامهم بهذه العلوم الأحدث، ولكن لأنبه إلى حدود استعمال اللغة الأقدم والمعارف تتوالى بكل هذه السرعة والإحاطة!

البدء فى المراجعة (نقد النقد):

تنوية مبدئى(1):

قبل الدخول إلى المراجعة تفصيلا أود أن أحدد أبجديتى الخاصة، وهى ليست خاصة جدا، لكن ذلك قد يوضح ما سوف أناقشه لاحقا بشكل أرجو أن يكون مفيدا.

اولا: حين استعمل لفظ الجلالة “الله” فأنا أعنى الطريق المعرفى إلى الله، ذلك أقرب وأكثر اتساقا مع ما وصلنى من إبداع محفوظ وحدوسه، ومن هذه العلوم الأحدث أيضا، ومن كدح الساعين إليه.

ثانيا: فضلت عدم استعمال كلمة “التصوف” إلا نادرا مهما كانت شائعة ومهمة، لأننى لاحظت سطحية استعمالها غالبا حتى فى الدراسات النقدية، وأفضل أن استعمل تعبير “المعرفة الكدحيه” وهو مصطلح يحتاج إلى تعريف سوف أعود إليه لاحقا.

ثالثا: لا ألتزم بالتعريف المعجمى لمعظم المصطلحات الأساسية واستعمل كل لفظ فى سياقه للغرض من استعماله وخصوصا ألفاظ “الوعى” و”التطور” وحتى “الموت” و”الولادة”.

رابعا: سوف أحاول تجنب الاستشهاد بنصوص مقدسة إلا اضطرارا وفى الهامش إذا لم أجد بديلا حتى أتجنب ما يسمى التفسير العلمى للنص الالهى أو حتى التفسير القرآنى (أو التراثى) للنص المحفوظى.

تنوية مبدئى(2):

 أنا لم، ولا، أطلب من أى ناقد أن يلم بالعلوم الأحدث أو الأقدم، لأننى كما بينت منذ ثلاثة عقود، أعتبر الإبداع (الأدبى خاصة بما فى ذلك الإبداع النقدى) أسبق لسبر غور النفس الإنسانية من كل العلوم التى تتناولها، بل إن العلوم الحديثة التى أشرت إليها حالا قد انطلقت من استلهام الإبداع الأدبى الأصيل أكثر من أنها نتائج معلومات من العلم التقليدى، وقد تأججت نار خصومة بين هذه العلوم المعرفية الأحدث، وبين العلوم المؤسسية باهظة التكاليف، لهذا فكل ما سوف أعرضه فى هذه الأطروحة من معالم وتوصيف علوم حديثة هو تمهيد محدود حتى يمكن بعد ذلك بيان كيف سبقت  إبداعات محفوظ فى الكشف والإضافة والإنارة لهذه المناطق الحساسة، مما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن  الإبداع هو الأوْلى بالبدء منه.

وبعد (أخيرة):

أتوقف هنا عند نهاية هذا الجزء الأول من هذه الأطروحة آملا أن أكمله فى أجزاء تالية (لم استطع أن أحدد عددها) ولا استطيع الوعد بالوفاء بها وعدًا موقوتا، لهذا فضلت أن أثبت بعض عناصرها فى نهاية هذا الجزء آملا أن تشمل الأجزاء التالية بعض ما يلى:

1-  مواكبة محفوظ الدائمة للتطور، ودورات الحياة، والنمو، والحركة والتغير الكيفى([42])

2-  الموت يسبق الحياة، ويصنعها، وهو إعادة ولادة للفرد أو الجماعة (عند محفوظ).

3-  الولاف المتجدد بين مستويات الوعى (تعدد العقول) على طريق الجدل طريقا إلى الله. (فى إبداعات محفوظ)

4-  أزمة العلم التقليدى المعاصر، وحدس إبداع محفوظ بالعلوم الجديدة.

5-  الله والتطور والموت والإنسان فى صفحات تدريبات نجيب محفوظ.

أما الأعمال التى اخترتها بصفة مبدئية لأعود إليها بالتفصيل نقدا للنقد فمنها حتى الآن:

1- “الموت: فى قصص نجيب محفوظ”، رسالة أستاذ فى الآداب قدمتها د. ناهد فضلى الدجانى، الدائرة العربية – الجامعة الأمريكية، بيروت، 1970.

2-  “الإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ”، محمد حسن عبد الله، دار قباء للنشر 2005.

3- “الله فى رحلة محفوظ الرمزية”، جورج طرابيشى، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى مارس 1973، الطبعة الثانية ابريل 1978، الطبعة الثالثة نوفمبر 1988.

4-  “نجيب محفوظ الثورة والتصوف”، د. مصطفى عبد الغنى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 2002.

5- “الشحاذ”، يحيى الرخاوى فى “قراءات فى نجيب محفوظ”، الهيئة العامة للكتاب سنة 1992 مواصلة النقد الذاتى، وأعمال أخرى لمحفوظ([43]) وغيره ([44]).

وأخيراً: دعونا نتحمل مسئولية ما ترك ولنا وما ترك فينا أطال الله عمره.

[1] –  يحيى الرخاوى: “الشحاذ” نشرت القراءة الأولى فى مجلة الصحة النفسية 1970، ثم فى كتاب حياتنا والطب النفسى، القاهرة، دار الغد 1972. ثم فى “قراءات فى نجيب محفوظ ” الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992، وفى هذا النشر الأخير قام الناقد (أنا) بنقد دراسته الأولى  بنفسه نقدا قاسيا سوف يعود إليه فى حينه.

[2] – “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” www.rakhawy.org

[3] – هذا موجز لمقال كتبته بعد رحيله بعنوان  نجيب محفوظ: حكاية بلا بداية ولا نهاية، ونشر في مجلة العربى الكويتية، عدد ديسمبر 2006 وجاء فيه: “لعل‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏كان‏ ‏يصف‏ ‏نفسه‏ ‏حين‏ ‏أعلنها‏ ‏على ‏لسان‏ ‏أب‏ ‏يخاطب‏ ‏ابنه‏ ‏فى ‏مستهل‏ ‏روايته‏ “‏العائش‏ ‏فى ‏الحقيقة‏” ‏وهو‏ ‏يقول‏”… ‏كن‏ ‏كالتاريخ‏، ‏يفتح‏ ‏أذنيه‏ ‏لكل‏ ‏قائـل‏، ‏ولا‏ ‏ينحاز‏ ‏لأحد‏ ‏ثم‏ ‏يسلم‏ ‏الحقيقة‏ ‏ناصعة‏ ‏هبة‏ ‏للمتأملين‏”. ‏التاريخ‏ ‏الذى ‏يعـنيه‏ ‏محفوظ‏ ‏هنا‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏ ‏المكتوب‏ ‏فى ‏كتب‏ ‏التاريخ‏ ‏أو‏ ‏وثائقه‏، ‏وإنما‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏ ‏الحى ‏الماثل‏ ‏فى ‏وعى ‏الإنسان‏،. ‏إن‏ ‏تعبير‏ ‏محفوظ‏ “‏كن‏ ‏كالتاريخ‏..” ‏لا‏ ‏يفيد ‏التشبيه‏، ‏بقدر‏ ‏ما‏ وصلنى وهو ‏يحدد‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏التاريخ‏، ‏وكأنه‏ ‏يقول‏ “..‏أنت‏ (‏أنا‏) ‏التاريخ”.

[4] – يحيى الرخاوى: قراءة فى “رأيت فيما يرى النائم” (نجيب محفوظ) – عدد أكتوبر 1983- مجلة الإنسان والتطور

 – يحيى الرخاوى: قراءة فى “ليالى ألف ليلة” (نجيب محفوظ)- عدد يوليو 1984- مجلة الإنسان والتطور

 – يحيى الرخاوى: “دورات الحياة وضلال الخلود ملحمة الموت والتخلق “فى الحَرافيش” – مجلة فصول – المجلد التاسع – العددان الأول والثانى – أكتوبر 1990. وفى كتاب “قراءات فى نجيب محفوظ” الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992.

– يحيى الرخاوى:”قراءات فى نجيب محفوظ ” الشحـاذ، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1992

– يحيى الرخاوى: “أصداء الأصداء”تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية” المجلس الأعلى للثقافة، 2006

–  يحيى الرخاوى: الخطوة الأولى نجيب محفوظ: آخر البدايات” دورية نجيب محفوظ، العدد الأول ديسمبر 2008

– يحيى الرخاوى: “الأسطورة الذاتية: بين سعى كويلهو، وكدْح محفوظ” دورية نجيب محفوظ، العدد الثانى ديسمبر 2009

– يحيى الرخاوى:  “قراءات فى الزمن مقدمة عن: حركية الزمن، “وإحياء اللحظة” فى إبداع (أحلام النقاهة)”  دورية نجيب محفوظ، العدد الثالث ديسمبر 2010.

– يحيى الرخاوى:  “مصر فى “وعى محفوظ” عبر قرنين، تتجلى فى: “حديث الصباح والمساء” دورية نجيب محفوظ، العدد الرابع ديسمبر 2011

– يحيى الرخاوى “عن طبيعة الحلم والإبداع” دراسة نقدية: أحلام فترة النقاهة نجيب محفوظ” دار الشروق 2011

– يحيى الرخاوى:  “حديث الصباح والمساء” يكشف: جدل الإنسان المصرى مع ثوراته عبر قرنين” دورية نجيب محفوظ، العدد الخامس ديسمبر 2012

– يحيى الرخاوى: “تشكيلات الخلود بين ملحمة الحرافيش”، و”حضرة المحترم” دورية نجيب محفوظ، العدد السادس ديسمبر2013.

[5] – إرنست هيكل  1919 – 1834 (: Ernst Haeckel)  فيلسوف  وعالم أحياء ألماني· قام بتقديم نظريات تشارلز داروين  وطور نظرية حول أصل الإنسان.كان هيكل طبيب ثم أستاذ لعلم التشريح المقارن و كان من أوائل العلماء الذين اعتبروا ان علم النفس هو فرع من علم الفيزيولوجيا، وهو صاحب نظرية الاستعادة Recapitulation Theory وأن ألتطور الفردى Ontogeny يكرر التطور الحيوى Phylogeny وهى من أصول  نظريتى التطورية الإيقاعية Evolutionary Rhythmic Theory

[6] – نشرة “الإنسان والتطور”:3-8-2014، “تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى” (وليس من “ديله”) www.rakhawy.org، وفى مقالى فى مجلة العربى الكويتى عن محفوظ 2006 وضعت فرضاً يقول: إن محفوظ:‏ ‏إبداعاً وشخصاَ هو‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏المصادر‏ ‏التى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تساعدنا‏ ‏للتعرف‏ ‏على ‏أنفسنا‏ ‏تاريخا، وربما حاضرا، ثم أملا فى مستقبل واعد ‏.‏

[7] – قارن العنوان بعنوان الأطروحة الحالية

[8] – “انطلاقا من أننى قمت بنقد العملين نقدا تشريحيا فقرة فقرة، ولم أبدأ بعد فى الدراسة الشمولية لأى منها” إلا فصلا واحدا عن “الطفل فى أصداء  الأصداء” (هامش 4) نشر كملحق للدراسة التشريحية وكتبته لأبين ما أعنيه بالدراسة الشمولية.

[9] – يحيى الرخاوى: ” نجيب محفوظ: حكاية بلا بداية ولا نهاية” مجلة العربى الكويتى – عدد ديسمبر 2006

[10] – أنظر هامش رقم (4)

[11] – من مقال مجلة العربى الكويتية أيضا: أنظر الهامش رقم (3).

[12]- Rupert Sheldrake: The extended mind &  morphic resonance (first published 2009) 

ورابط المحاضرة:  http://www.youtube.com/watch?v=R2jvhhGS7HQ#t=27

مع العلم بأنى قمت بتفريغ المحاضرة بالعربية فى موقعى الخاص www.rakhawy.org أنظر أيضا  نشرة الإنسان والتطور  19-3-2014،  “تحرير العلم من الأموال القذرة”: فى نفس الموقع.

[13] –  يحيى الرخاوى: (السهل والصعب فى السياسه والحب) مقالة الأهرام 30/8/1998 عن كتاب رجاء النقاش “نجيب محفوظ صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته”

[14] – أخذ د.مصطفى عبد الغنى فى كتابه “نجيب محفوظ الثورة والتصوف” مكتبة الأسرة– الهيئة المصرية العامة للكتاب2002، بعض كلامى على أنه دليل على أن نجيب محفوظ كان يعانى من ضعف ذاكرته بدليل أنه لا يتذكر ما كتب (ص 218).

وبما أننى أنا الدكتور الرخاوى فإنى أقر وأعترف أننى كتبت هذا الكلام إعجابا بشجاعة هذا الرجل وأن تساؤله “أنا قلت هذا”!!؟ كان تعجُّبا لا عجزا عن التذكر.

[15] – فى حديث نشر لى فى مجلة إبداع العدد الأول، يناير – مارس 2002، “أحلام نجيب محفوظ تعد من قبيل المنامات … أم هى أحلام يقظة؟”، كان السؤال : هل‏ ‏معنى ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏أحلام‏ ‏فترة‏ ‏النقاهة‏ ‏ليست‏ ‏من‏ ‏واقع‏ ‏أحلام‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏؟

الإجابة: علاقة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏بطبقات‏ ‏وعيه‏ ‏علاقة‏ ‏وثيقة‏ ‏رائعة‏، ‏لدرجة‏ ‏أن‏ ‏الفصل‏ ‏بين‏ ‏مستويات‏ ‏وعيه‏ ‏وبعضها‏ ‏يصبح‏ ‏تعسفا‏ ‏يحرمنا‏ ‏من‏ ‏سيمفونية‏ ‏إبداعه‏ ‏المتداخلة‏، ‏محفوظ‏ ‏ليس‏ ‏من‏ ‏الروائيين‏ ‏الذين‏ ‏أفرطوا‏ ‏فى ‏كتابة‏ ‏ما‏ ‏يسمى ‏تيار‏ ‏الوعى، ‏أو‏ ‏أدب‏ ‏الحلم‏،…… ‏‏ولعل‏ ‏تجربة‏ ‏محفوظ‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏العمل‏‏ ‏هى ‏محاولة‏ ‏للتزاوج‏ ‏بين‏ ‏أدب‏ ‏الأسطورة‏ ‏وأدب‏ ‏الوعى ‏الآخر‏، ‏أو‏ ‏دعنا‏ ‏نتقدم‏ ‏لنسميه‏ ‏أدب‏ ‏تعدد‏ ‏مستويات‏ ‏الوعى‏”. ‏

[16] – مثلما قيل عن شخوص فى:  المرايا – حكايات حارتنا – أصداء السيرة: وغير ذلك.

[17] – هذا ما تبينته فى الصفحات الأربع الأخيرة (177، 178، 179، 180) من نشرات كراسات تدريب نجيب محفوظ. www.rakhawy.org. ولا أعرف ماذا سيأتى بعد ذلك فى الصفحات التالية!!

مفاجأة (فى آخر لحظة مساء الأثنين 22 ديسمبر 2014): قبل أن أقوم بتسليم هذا المقال مباشرة، كان علىّ أن أكتب تداعياتى على الصفحة التالية (182) وإذا بى أفاجأ بأنه عاد للجمل المتباعدة والسطور المستقلة فكدت أتراجع عن فرضى هذا، لكننى لم أفعل ولن أفعل، هو حر ينتقل بين هذا وذاك كما يشاء، ومازال أمامنا 900 صفحة تقريبا يتأكد فيه الفرض أو يختفى أو تظهر فروض جديدة، والله المستعان.

[18] – هذا – طبعا- فضلا عن أبوته الحانية طول الوقت، فى كل صفحة تقريبا، علما بأننى كتبت هذه العناوين من الذاكرة، دون الرجوع إلى أية صفحة من المائة وثمانين صفحة التى أتممت قراءتها

[19] – ملف الإدراك (من 10/1/2012 حتى 10/3/2013)   www.rakhawy.org

[20] – ملف الوجدان (ومازال ممتدا) www.rakhawy.org

[21] – جابر عصفور “نقاد نجيب محفوظ”، مجلة فصول – المجلد الأول – العدد الثالث – أبريل 1981.

[22] – ريتشارد موريس “حافة العلم، عبور الحد من الفيزياء “الفيزيقا” إلى “الميتافيزيقا” The Edge of Science، Richard Morris ترجمة مصطفى ابراهيم فهمى،  Crossing the Boundary from Physics to Metaphysics, الطبعة الأولى 1994

[23] – “الانقراض: ﺠﻴﻨﺎﺕ ﺴﻴﺌﺔ. ﺃﻡ. ﺤﻅ ﺴﻴﺊ” ﺍﻟﻤﺅﻟﻑ: ﺩﺍﻓﻴﺩ ﻡ . ﺭﻭﺏ  ﺘﻘﺩﻴﻡ: ﺴﺘﻴﻔﻥ ﺠﺎ. ى. ﺠﻭﻟﺩ .ﺘﺭﺠمة:  ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ .المشروع القومى للترجمة – المركز الأعلى للثقافة – 1997 “الذى تبقى من كل الأحياء عبر تاريخ الحياة هو واحد فى الألف وانقرض 999”

[24] – سوف أعود لحدس محفوظ بكل هذا فى بقية أجزاء هذه الأطروحة، وهنا أكتفى بالتذكرة بأن “عرفه” (العلم) فى نهاية أولاد حارتنا قد أرجع زوجته “عواطف” (لاحظ الاسم) وهو يبحث عن طريقة علمية لإحياء الجبلاوى.

[25] – نشرة “الإنسان والتطور” 24-8-2014: “التطور والعواطف والعقل البيولوجى” www.rakhawy.org

[26] –  Robert Langs: “The Evolution of the Emotion-Processing Mind With an Introduction to Mental Darwinism”. Karnac  Books 1996.

[27] – نشرة “الإنسان والتطور” 19-3-2014: “تحرير العلم من الأموال القذرة” www.rakhawy.org

[28]- Daniel C. Dennett: “Kinds of Minds Towards Understanding of Consciousness Daniel C. Dennet”. Published by Basic Books A Member of the Perseus Books Group, 1996.

الكتاب مترجم بعنوان “تطور العقول” وصادر عن “المكتبة الأكاديمية” وترجمة د. مصطفى فهمى إبراهيم، القاهرة –  2003. انظر أيضا نشرة “الإنسان والتطور” 2-1-2008: “أنواع العقول (وإلغاء عقول الآخرين)، الطريق إلى فهم الوعى”.www.rakhawy.org

[29] – فريتجوف كابرا: “التصوف الشرقي والفيزياء الحديثة” ترجمة وتحقيق: عدنان حسن، الناشر: دار الحوار – دمشق2006.

[30] – بول ديفيز “الاقتراب من الله، بحث فى أصل الكون” ترجمة: منير شريف، مراجعة: عبد الرحمن الشيخ، المركز القومى للترجمة، 2010.

[31] – تناول حسين عيد بعض هذا البعد فى كتابه: “نجيب محفوظ: رحلة الموت فى أدبه” الدار المصرية اللبنانية، 2006، فيما يتعلق بأحلام فترة النقاهة.

[32] – وصدمة أخرى من خيال أرفق فضلت أن أضعها فى الهامش رفقا بنفسى وبالنقاد حيث تصورت ناقدا موسوعيا أمينا يعتقد بصحة كل أو أغلب ما جاء فى “علم الكلام” أو حتى فى “علم الكلام الحديث” وقد خطر له أن يقوم بنقد موقف محفوظ من الله بنفس عنوان جورج طرابيشى “الله فى رحلة محفوظ الرمزية” فماذا يمكن أن تكون النتيجة؟!!

– [33]يحيى الرخاوى: “مقدمة‏ ‏عن‏:‏ إشكالية‏ ‏العلوم‏ ‏النفسية‏ ‏والنقد‏ ‏الأدبى” مجلة فصول المجلد الرابع – العدد الأول 1983.

[34] – ‏عز‏ ‏الدين‏ ‏إسماعيل:‏ “‏التفسير‏ ‏النفسى ‏للأدب‏” ‏دار‏ ‏المعارف (1963)‏. القاهرة‏.

[35] – ‏فرج‏ ‏أحمد‏ ‏فرج‏ (1982) ‏التحليل‏ ‏النفسى ‏والقصة‏ ‏القصيرة‏ ‏فصول‏ ‏مجلد‏ 2 ‏عدد‏ 4 ‏ص‏ 175.‏

[36] – ‏سامى ‏الدروبى (1971) ‏علم‏ ‏النفس‏ ‏والأدب‏: ‏القاهرة‏. ‏دار‏ ‏المعارف‏ ‏ص‏ 120.‏

[37] – بدعة التفسير العلمى للقرآن!!

[38]  – أنظر هامش رقم (20)

[39] –  أنظر هامش رقم (26)

[40] – يحيى الرخاوى: “الباحث:‏ ‏أداة‏ ‏البحث،‏ ‏وحقله… فى دراسة الطفولة، والجنون” عدد أكتوبر 1980 – مجلة الإنسان والتطور. وأيضا نشرة “الإنسان والتطور”: 20-7-2014، “الباحث والمواجدة والنكوص الإبداعى (فى مجال دراسة الجنون والوجدان).

[41] – authority    high-church computationally سلطة الكنيسة الحاسوبية العليا.

[42] – أنظر هامش  رقم (25).

[43] – أنظر هامش رقم (4)

[44] – يحيى الرخاوى: مثلا: عالم الطفولة من ديستويفسكى- حركية العلاقات البشرية جدلا وامتدادا فى الإخوة كارامازوف” فى تبادل الأقنعة “دراسة فى سيكولوجية النقد” هيئة قصور الثقافة – 2006.

    – يحيى الرخاوى: “الموت.. ‏الحلم.. ‏الرؤيا ‏(‏القبر‏/ ‏الرحم‏)‏ “أفيال” فتحى غانم” عدد يوليو 1983 مجلة الإنسان والتطور.

    – يحيى الرخاوى “ليل آخر” د. نعيم عطية”  عدد‏ يناير 1984 ‏- مجلة الإنسان والتطور.

   – يحيى الرخاوى “الجنس: قراءة نقدية فى “بيع نفس بشرية” تأليف: محمد المنسى قنديل – مجلة الإنسان والتطور- عدد‏ أكتوبر‏1987/مارس 1988.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *