نشرة “الإنسان والتطور”
13-4-2010
السنة الثالثة
العدد: 956
التدريب عن بعد
الإشراف على العلاج النفسى (87)
العلاقات العلاجية هى تجليات مسئولة للعلاقات البشرية الطبيعية
د. مأمون مختار: هو شاب عنده 32 سنة حاصل على بكالوريوس كلية نظرية، أبوه موظف متوسط المركز، وأمه ربة منزل، عنده تاريخ إيجابى للمرض النفسى، الأم كانت بتتعالج من اضطراب شديد
د.يحيى: اضطراب شديد، إيه هوّه؟
د. مأمون مختار: كانت بتتعالج من اكتئاب ذهانى يعنى، لمدة طويلة
د.يحيى: قعدت بتتعالج أد إيه؟
د. مأمون مختار: قعدت بتتعالج 6 سنين على الأقل
د.يحيى: بإيه
د. مأمون مختار: كانت بتأخذ أدوية، هى مادخلتش مستشفى ولا خدت جلسات، يعنى العلاج أدوية بس.
د.يحيى: وهى حاليا عندها كام سنة؟
د. مأمون مختار: هى حالياً عندها 55 سنة، وهو دخل المستشفى وقعد فيها شهرين وخرج تقريباً من أربع شهور
د.يحيى: بيشتغل ؟
د. مأمون مختار: هو حالياً مابيشتغلش كان بيشتغل موظف بشهادته العالية، موظف كويس
د.يحيى: بقاله اد إيه مابيشتغلش
د. مأمون مختار: بقاله تقريباً سنتين وقبل كده كان شغله بصراحة مش منتظم قوى
د.يحيى: هو معاك بقاله أد إيه؟
د. مأمون مختار: هو حضرتك محولهولى بقاله كده 7 شهور، إنما هو تعبان من زمان، من حوالى 12 سنة، وبعدين لما الحالة اتطورت، دخل المستشفى.
د.يحيى: دخل كام مرة ؟
د. مأمون مختار: مرة واحدة ، وقعد شهرين
د.يحيى: وهوه كان عامل إيه فى شغله وهوه بره؟
د. مأمون مختار: يعنى، مش بطال، هوه إشتغل قبل كده فى الكويت، بس سافر ورجع، وعموما مش منتظم فى الشغل بتاعه
د.يحيى: رجع بسبب المرض؟
د. مأمون مختار: مش بسبب المرض كده بصورة مباشرة، هو رجع عشان الوساوس كانت بتخليه يتأخر دايماً عن شغله، ييجى ياخد الأدوية تنيـّـمه، يتأخر برضه
د.يحيى: يعنى كان هناك لامم نفسه نسبيا ؟
د. مأمون مختار: تقريبا، بس بصراحة هوه لما دخل المستشفى هنا كانت فيه فركشه جامده خالص، لكن الدنيا إتلمت بسرعة، أنا عرضته على حضرتك قبل كده لما كنت مش عارف أقرّب واضغط على الوسواس، كنت خايف لا يتفركش منى تانى.
د.يحيى: وقلنا إيه ساعتها؟
د. مأمون مختار: قلنا إن الضغط فى المستشفى غير الضغط بره، بعد ماخرج من المستشفى زقيته على طول على الشغل، وفعلاً لقينا شغل بعد ماخرج بأسبوع على طول، وكان منتظم فيه من البداية وخفضنا جرعة الأدوية، وخففنا نوعها، والدنيا مشيت كويس
د.يحيى: طيب فين السؤال بقى، ما هى الدنيا ماشية عال العال أهه
د. مأمون مختار: المشكله دلوقتى اللى عندى فى العيان ده: أولاً هو مش ناسى خالص إنى أنا اللى دخلته المستشفى ومعتبرنى أنا المسؤول عن كده، وده الظاهر عامل مسافه كبيره جداً بينى وبينه فى العلاج
د.يحيى: طب وبعدين؟ مش هوه انتظم معاك برضاه وهوه بره؟
د. مأمون مختار: أيوه منتظم، بس زى ما يكون مافيش أى نوع من أنواع الثقه، زى ما يكون بييجى وهوه كارهنى تماماً، ومع ذلك مصر إنه يكمل معايا
د.يحيى: هو اللى بيجى لوحده، ولا أهله اللى بيجيبوه ؟
د. مأمون مختار: لأه هو اللى بيجى من نفسه ومصر إنه هو ييجى
د.يحيى: يعنى هوه بيجيلك عشان يكرهك ويمشى؟!!!
د. مأمون مختار: زى كده، يعنى هوه بيجيلى أى نعم، بس مش واثق فيا، زى ما يكون أنا حسيت إنه بييجى عشان يضمن إنى أنا ما دخلوش المستشفى، أو زى ما يكون عشان مش عايز يقعد يلف على دكاترة تانيين، حاجة كده زى اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش.
د.يحيى: هو لف قبل كده على دكاترة؟ قبل مايخش المستشفى؟
د. مأمون مختار: هوه كان مع حضرتك سنتين، كشف ومتابعة وكده، وبعدين حضرتك حولتهولى
د.يحيى: لأه يعنى، دكاترة غير حضرتى.
د. مأمون مختار: أيوه، هوه لف لفة كبيره قوى
د.يحيى: يبقى مجيئه معناه إنه مختارك أهه ، مادام عنده بدائل وخبرة سابقة. طيب ولما كان فى الكويت، كان بيتصل بيك؟
د. مأمون مختار: لما كان فى الكويت حضرتك رشحت له دكاترة هناك، وكان بيتابع معاهم بانتظام برضه لحد ما جه.
د.يحيى: ودلوقتى، وصلتوا لحد فين؟
د. مأمون مختار: دلوقتى هو عنده صعوبات كتير، وهو محدد لى مناطق نشتغل فيها ومناطق أنا ماليش الحق إنى أتدخل فيها، يعنى حاجات زى الجواز وعدم الجواز ومش عارف إيه وبتاع
د.يحيى: يعنى بيقولك إنت مالكش الحق فى كذا كذا
د. مأمون مختار: آه، بيقول لى إنت تعرض رأيك بس، القرار النهائى ليا
د.يحيى: أيوه كده، يعنى بالنسبة للقرار، ماشى، يعنى، لكن بالنسبة للكلام ما فيش حاجة اسمها ممنوع الكلام فى كذا، ومسموح فى كيت.
د. مأمون مختار: أيوه، بس برضه حكاية إنه هوه اللى بيحدد بالشكل ده، بتخلينى متكتف جداً معاه، وبصراحة فكرت أكتر من مرة إن احنا نوقف العلاج، لإنى أنا مش عارف أشتغل معاه، مش عارف أعدى المسافة اللى بينى وبينه، وساعات ألمح له إننا نبطل علاج، يتخض جداً، وأبص ألاقيه بيكلمنى على التليفون على طول أول مايخرج من العيادة يقول لى لأه، أنا مش حاوقف العلاج، أنا مصر إنى أنا آجى، وأكمل
د.يحيى: طيب ما هو ده معناه إن فيه علاقة حقيقية، حاجة كده زى الحبـّيبة ما يسيبوا بعض، ويتقمصوا، ويرجعوا، وكلام من ده،
د. مأمون مختار: هو أنا فعلا باحب العيان ده جدا ً، ونفسى أساعده أكتر من كده، بس الفترة الأخيرة حاسس بإنه بقى تقيل ، مش قصدى هوه اللى تقيل، لأه، المسئولية ناحيته تقيلة، فأنا مش عارف أتصرف إزاى فى الوضع ده
د.يحيى: طيب مش هوه ياابنى عيان ذهانى، Psychotic مش كده؟ مش دخل المستشفى شهرين، وكلام من ده، يبقى يعنى حالة محترمة.
د. مأمون مختار: آه
د.يحيى: وبعدين إنت بقالك معاه ييجى سبع شهور، بصراحة أنا شايف اللى إنت عملته معاه ده شديد الإيجابيه وكله علم وصنعة وحرفنة، كون إنك إنت قدرت تحافظ على العلاقة بالشكل العميق ده لمدة سبع شهور، وتوصلوا لصدق المشاعر دى، دى حاجة عظيمة فى ذاتها، هوه انت فاهم إن العلاقة العلاجية دى حب وخلاص، هى كده بالضبط زى ما انت بتوصف، دى هىّ العلاقات البشرية الحقيقية اللى فيها كل حاجة، دى صنعه لوحدها إنك تسمح لها تطلع زى ما هى، وبعدين نيجى بقى لحكاية ازاى تحافظ عليها، والعيان ذهانى زى ما قلنا، كونك تفتكر التشخيص وانت شغال، دا يخليك تظبط الجرعة ويوسع دايرة سماحك، وبرضه يخليك تحترم الجارى خصوصا لو كان مش مفهوم بشكل مباشر أو سهل، إحنا نحرص أول حاجة على إن العيان ييجى، وبعدين المحتوى بقى زى ما ربنا يرزق إيه اللى جواه، مجرد إن العيان يبقى حريص على الموعد، ومنتظم، وخايف لا العلاقة تنقطع، وفى نفس الوقت انت بتحبه، ومحتاس كده، ده شىء كويس، تلاحظ إنها علاقة زى العلاقات البشرية العادية مع مسئولية مهنية هادفة، إن واحد عيان ييجى، ويصر على إنه ييجى، برغم الخوف، والصعوبة، والشك، ومشاعر الكره اللى وصلتك، أو حركات المقاومة، وبرضه يصر على إنه ييجى، من غير ما أهله يجيبوه، أو يضغطوا عليه، وهو ذهانى، يبقى اسم الله على المعالج وعليه، ويبقى ساعتها تتأكد إن فيه علاقة بحق وحقيق، وأظن شفتم إن العلاقة الكويسة ماهياش حب وتحسيس وبس، الكره علاقة، والعند علاقة، والصد علاقة، والتهديد علاقة، هو ده الشىء الطبيعى، العلاقة تبقى مفيدة علاجيا، وإنسانيا لما تسمح إننا نتعامل مع كل ده مع بعضه، من غير ما نكذب، ولا نتوقف. يعنى الإشكال الحقيقى هو إننا نحافظ على العلاقه بكل اللى فيها لصالح الهدف منها، يعنى إنها تبقى نافعة للطرفين، بس خلى بالك ، يستحسن قوى مايبقاش فيه مناطق ممنوعة فى العلاقات الجدّ دى، يعنى ما يجيش يقول لك لأه ما تتكلمشى فى كذا، ونتكلم فى كيت، وبعدين لازم فى أى علاقة طبيعية إحنا بندورعلى أى عامل مساعد عشان يحافظ عليها، وينميها، هنا إنت ما قلتش أى حاجة عن محاولتك الاستعانة بالأسرة، صحيح الأم عيانة زى ما قلت فى الأول، أو كانت عيانة، إنما ده ما يمنعشى إنها تساعد، وتساعد بجد، العلاقة الحقيقية الصعبة دى عاملة زى علاقة الجواز، هو الجواز بيبقى علانية عشان المجتمع يساعد على الحفاظ على العلاقة الصعبة دى، وبرضه بنلجأ فيها لمساعدة أهل الطرفين فى الزنقة، وهنا العيان بتاعك ذهانى ما تنساش، يعنى فى أى وقت ممكن يتفركش زى ما كنت خايف عليه المرة اللى فاتت، فلازم الأسرة فى الحالة دى تقف جنبك وجنبه، زى ما وقفت جنبه ودخلته المستشفى قبل كده.
تلاحظ يا إبنى برضه إن العلاقة الحقيقية هى علاقة متغيرة بالضرورة، يعنى، تحتمل التقلبات، العلاقه اللى مش متغيره مهدده يا إما بالرخامه والتسويه الهامده، يا إما بالقطع بغير رجعة، وده برضه فى الحياه العادية، يعنى العلاقه بتبقى متغيره بكل مصاعبها، مره تصيب ومره تخيب، وهُبْ نبتدى من أول وجديد، بس خلى بالك إحنا ماتربيناش على كده، وحتى الكتب والدراما الخايبة ما بتقدملناش العلاقات بالشكل الصح، العلاقة الحقيقية هى “رايحه –جاية” معظم الوقت، فإنت ماشى تقريباً مظبوط ، بتقيس بحقيقة اللى مفروض يحصل بين البشر، لا أكثر ولا أقل، المفاجأة هى إننا ما كناش نعرف ده، يعنى اتعودنا اننا نكتفى بإن ده بيحبنى، لأ دا بيكره، وخلاص.
فاضل بقى تستعد للأزمه القادمه ، وده برضه موجود فى الحياة العادية، يعنى عليك إنك تحسبها إزاى الأزمة الجاية حاتحصل، هنا بقى نرجع للاستعانة بالمعلومات اللى عندنا، وكل ما المعلومات كانت وافية تلاقى إننا نقدر نتوقع صح، بالشكل ده ما نتفاجئشى بالأزمه اللى جايه ، وبعدين عندك متغيرات كتير فى الحالة دى لازم تعمل حسابها زى ما انت شاورت، يعنى مثلا هو حا يسافر تانى ولا عدل نهائى، وبرضه مسألة الجواز، وتخلى الخيوط فى إيديكم إنتم الاتنين طول الوقت، حكاية إنك تقول له قرار ونصيحه دا كلام سطحى بالنسبة للحالة دى، لازم تفاعل ومشاركة، وهوه فى النهاية اللى حا ياخد قراره بنفسه بعد ما توضح موقفك على الآخر،
ثم إن العلاقة الحقيقية هى العلاقة المهددة بالتوقف، وفيها إيه، زى الجواز كده، لما يكون الطرفين واخدين الحكاية جد، لازم يحطوا احتمال الطلاق، أنا آسف معلشى للمتجوزين هنا، يعنى احتمال فسخ العلاقه هو ده اللى يخليها متغيرة ومستمرة بتجدد حقيقى، فبيبقى فى ذهنك احتمال فسخ العلاقه كاحتمال حقيقى، وارد إن أى علاقه فى الدنيا تتفسخ، حتى إخوانا المسيحيين بيصعبوها حبتين إنما بيهربوا من حكاية لا فراق إلا بالخناق، بالجواز المدنى فى بلاد بره، وهنا زى ما انت عارف إيه اللى جارى طول الوقت.
إنت عارف إن نسبة الطلاق بتزيد فى كل الدنيا، وصلت واحد من اتنين ، أو اتنين من تلاته أحيانا فى بلاد بره، وده مش دليل على فشل المؤسسة الزواجية قد ما هو دليل على إن اللى بيحاولوا يعملوا علاقة مستمرة واخدينها جد من ناحية، وبرضه فيه احتمال إنهم بيستسهلوا من الناحية التانية، إحنا شغلتنا زى كده بالظبط، علاقه معرضه للانتهاء، وفى نفس الوقت واعدة بالتغيير، ده ما يفرقشى إذا كانت حب ولا كره، اللى بيفرق هل هى مستمرة للوقت الكافى ولا لأه، هل هى إيجابيه وفيها محاولة من الطرفين ولا لأه، هل هى بتصب فى عمل مفيد للإتنين ولا لأه، يعنى مثلا تيجى نقيس العلاقة بتاعتَك دى مع العيان ده أنا شايف إن العيان بيشتغل، وبيتقدم وانت بتكبر، وبتمارس مهنتك بأمانة، وبتسمح لنفسك بالحركة والسؤال، حانعوز إيه أكتر من كده.
د. مأمون مختار: لأه كده رضا
د.يحيى: لمن يرضى
د. مأمون مختار: شكراً جزيلاً