الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (75) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (75) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

10-5-2012

السنة الخامسة

العدد: 1714

 M_AFOUZ

ص 75 من الكراسة الأولى

10-5-2012

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فكما‏ ‏أنتم‏ ‏كنا‏    ‏وكما‏ ‏نحن‏ ‏تكونون

قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام

ألقت عليه جمالها الأيام

‏ ‏ماشئت‏ ‏لا ما شاء‏ت ‏الاقدار

فاحكم‏ ‏فأتت‏ ‏الواحد‏ ‏القهار

صنت‏ ‏نفسى ‏عما‏ ‏يدنس‏ ‏نفسي

نجيب‏ ‏محفوظ

 16/4/1995

 القراءة:

لست متأكدا إلى أين سينتهى بنا المطاف بالنسبة لهذا التكرار الذى أصبحت أتقبله بسهولة، وربما بترحيب، ودعونى أعترف أنه قد يوفر لى بعض الوقت حين تتزاحم علىّ المهام، لكنه يحرمنى من صحبة شيخى الذى ألقاه كل أسبوع كأنى ذاهب إلى بيت توفيق صالح حين كانت الحرافيش حرافيشا، مع أننى ظللت ومازلت أعتبر نفسى إحتياطيا حتى الآن، برغم ماورد من شهادته مرة وأثنين مما أشرنا إليه سالفا.  (نشرة 25- 3 – 2010 “فى شرف صحبة نجيب محفوظ) ، (نشرة 1- 4 – 2010 “فى صحبة نجيب نجيب محفوظ).

المهم ما ورد سابقا كان كما يلى:

(1) فكما‏ ‏أنتم‏ ‏كنا‏  ‏وكما‏ ‏نحن‏ ‏تكونون

 وردت فى نشرة: 13-10-2011، صفحة التدريب 39  

(2) قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام

    ألقت عليه جمالها الأيام

ورد هذا النص فى (صفحة التدريب رقم (39) بتاريخ: 13-10-2011) ، وأيضا ورد فى (صفحة التدريب رقم (53) بتاريخ: 12-1-2012).  

(3) صنت‏ ‏نفسى‏ ‏عما‏ ‏يدنس‏ ‏نفسى

ورد هذا النص فى صفحة التدريب رقم (4) بتاريخ: 7-1-2010، وأيضا وردت فى صفحة التدريب رقم (12) بتاريخ: 11-2-2010، وأيضا وردت فى صفحة التدريب رقم (42) بتاريخ: 3-11-2011

****

أما الجديد اليوم فهو

‏ ‏ما شئت‏ ‏لا ما شاء‏ت ‏الاقدار …  فاحكم‏ ‏فأنت‏ ‏الواحد‏ ‏القهار

 وهذا من شعر ابن هانئ الأندلسى أو أبو القاسم محمد بن هانئ بن سعدون الأزدى الأندلسى (326 – 363هـ ، 937 – 973م) وهو من أعلام شعراء المغرب العربى والأندلس فى عصر الدولة الفاطمية. لقب بـمتنبى الغرب لأنه كان أشعر شعراء المغرب العربى على الإطلاق، وهو معاصر للمتنبي

ونقرأ مطلع القصيدة كالتالى:

ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ        فاحكُمْ فأنتَ الواحد القهّارُ 

و كأنّما أنتَ النبى محمّدٌ     وكأنّما أنصاركَ الانصارُ 

أنتَ الذى كانتْ تُبشِّرنَا بهِ     فى كُتْبِها الأحبارُ والأخبارُ

………………

…………….. 

 (إلى أن قال)

هذا الذى تجدى شفاعته غداً      وتفجَّرَتْ وتدفقَتْ أنهار

هل يا ترى حين كتب شيخى هذين البيتين بعد أن قفزا إلى قمة وعيه كان يريد أن ينبهنا إلى عمق وقدم وتاريخ هذا التأليه الذى يصبغ علاقتنا بحكامنا منذ الأزل، فينهانا عنه: أنْ كفَى؟؟!

 ولما كان هذا الشاعر قد عرف بأنه متنبى الغرب، فقد أثار فىّ رفضى لعلاقة المتنبى التذللية بسيف الدولة وخاصة فى قصيدته الميمية:

واحر قلباه ممن قلبه شِبَمُ   ..  ومن بجسمى وحالى عنده سقم

وهى التى أشرت إليها سابقا وكانت مقررة علينا فى شهادة الثقافة العامة سنة 1949 (ما يقابل الثانية الثانوية) وقد سبق أن أشرت إليها فى (نشرة 30-6-2011 صفحة التدريب 27) ، كما أشرت إلى رفضى لهذه العلاقة فى نفس النشرة، وأيضا أشرت إلى رأى شيخى فى ذلك باعتبار أن هذا لا يعيب هؤلاء الشعراء، فهم كانوا بمثابة وزراء إعلام حكام هذا الزمان، وبصراحة لم أقتنع، فأى وزير إعلام هذا الذى يقول للسلطان أن مشيئته هى فوق مشيئه الأقدار، حضرنى بيت الحسن بن هانى (ابو نواس) وهو يمدح صحبته وهم يعاقرون الخمر قائلا:

دارتْ على فِتْيَة ٍ دانَ الزمانُ لهمْ،     فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا

صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها        لَوْ مَسّها ضرٌّ مَسّتْهُ سَرّاءُ

وهذا شعر ظريف طيب، يصف الخمر وهى تدخل السرور على الضرّ الذى قد يمسها، وأنها تكاد تُخضع الزمان لإرادة شاربها – ربما فى الخيال – إذا ما طاب السكر والقصف، أما أن يقدم هذا الشاعر الأندلسى إراده هذا السلطان على القدر، ويشبهه بالله الواحد القهار، ثم بالنبى عليه الصلاة والسلام، ثم يجعله البشرى التى بشرت بها الكتب السابقة وكأنه يكلم نبيا فعلا، حتى يصل الأمر إلى أن يكون الشفيع وخامد النار، فلا أعتقد أن هذه هى وظيفة وزير الإعلام اليوم ولا أمس ولا غدا كما يفسرها شيخى.

بصراحة أنا أكاد أقر أن الإعلام، وليس وزير الإعلام يقوم بمهمة تجميل آراء وقرارات رؤساء هذه الأيام، ليس فقط فى عالمنا العربى بل فى كل الدنيا، ولكن بطريقة أخبث وأخفى، كما أعتقد أن القليل من هؤلاء الرؤساء هو الذى يجعل لعبته مكشوفة هكذا اللهم إلا إن كان أبلها مثل الأبله بوش الابن الذى نصبه نفسه رسول نشر الخير عبر العالم مدعوما بزيف الإعلام وطغيان المال فنصب نفسه هاديا البشر إلى طريق “محور” الخير ليبرر إعلانه الحرب على من قرر أنه “محور الشر”، وهات يا قتل فى ملايين الأبرياء دون تمييز، وهات يا استيلاء على موادهم الخام، وإرغامهم على التبعية، ومازال المسلسل مستمرا.

هذا التأليه الصريح عندى أرحم وأشرف من التاليه الخفى

وبعد

فإذا علمنا أن هذا (الواحد القهّار) الذى ألههه هذا الشاعر الأندلسى هو المعز لدين الله وهو الذى  سلّم مدينة غرناطة بيده ووقع بالعشرة عند تسليمها لمندوب الملك الإسبانى فرديناند، ورحل عنها إلى الأبد، ناجياً بجلده وتاركاً شعبه بين يدى اعداءه !!!فعلينا أن نعيد النظر فى كل مثل هذا التقديس الظاهر منه والخفى، القديم والحديث وهو الذى تحول إلى غسيل المخ بالإعلام مع تصدير المبادئ المُسَخّرة لخدمة المال ومديرى السّخرة وأهل الاستغلال والغطرسة “كلا إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى”.

والبركة فى مثل هؤلاء الشعراء، وبدائلهم الأحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *