الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (70) الإدراك (31) “العين الداخلية” تقرأ اضطراب اعتمال (معالجة) المعلومات

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (70) الإدراك (31) “العين الداخلية” تقرأ اضطراب اعتمال (معالجة) المعلومات

نشرة “الإنسان والتطور

25-4-2012

السنة الخامسة

 العدد: 1699  24-4-2012

 

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (70)

الإدراك (31)

“العين الداخلية” تقرأ

اضطراب اعتمال (معالجة) المعلومات (1)

 Information Processing

فى الفصام

مقدمة:

لم أحمد الله على ورطتى اليومية هذه (نشرات الإنسان والتطور) مثلما حمدته اليوم على هذه المفاجأة التى أسعدتنى بقدر ما دهشت لها، وقد أشرت إليها أمس وهى أننى وجدت تلك النشرات التى  تناولت حالتين اثنتين بالتفصيل، كانتا موضوع “مرور إكلينكى تعلميى” فى قسم الطب النفسى قصر العينى، وسجلتا بالصوت والصورة، بإذن المريضين وموافقتهما طبعا، فبلغت ما يربو على مائة صفحة، مليئة بكثير من التفاصيل الداعمة لهذا الفرض الحالى، والمشيرة إلى المنهج المتبع من حيث التأكيد على البداية من الممارسة الفعلية، من واقع ثقافتنا، بلغتنا وألفاظ مرضانا، ونحن مسلحين بكل ما لدينا من خبرات ومعلومات نظرية من مختلف المصادر كخلفية لما نعايش معهم.

وقبل أن أقتطف ما تيسر من هذه الحالات الآن دعما لشرح التنشيط الحاد للعين الداخلية أود أن أنبه إلى التأكيد على ضرورة ملاحظة عدة نقاط تساعد على التواصل، من أهمها:

  1. طبيعة المقابلة الإكلينكية والتأكيد على أخذ كل كلمة وخبرة يذكرها المريض مأخذ الجد باعتبارها ليست فقط حقيقته، وإنما الحقيقة التى رآها فحكاها (ما لم يثبت العكس)
  2. عدم الإسراع بالربط بين خبرة المريض الأول فى علاقته بالحاسوب، بما يحكى من أعراض بمعنى ألا نستسهل أن نفسر عمق ودقة ما يحكيه من أعراض وشكاوى بأنها نتيجة لإيحاءات ذاتية مرتبطة من مهاراته فى هذا المجال، علما بأنه لم يتعدّ مرحلة التدريب، ومن ثم النصح بعدم استسهال تفسير لغته وأعراضه بالاستسلام لما يسمى الإيحاء الذاتى ..إلخ
  3. النصح بالرجوع إلى أصل المائة صفحة (عذرا) وقد أثبتنا الروابط أمس (ونعيدها اليوم)

نشرات (4-12-2007 ، 5-12-2007 ، 27-7-2008 ، 29-7-2008، 21-4-2009، 22-4-2009، 28-4-2009، 29-4-2009، 5-5-2009،  6-5-2009، 12-5-2009، 13-5-2009، 19-5-2009، 20-5-2009).

 وعدم الاكتفاء بما نقتطف هنا فيما يتعلق بالعين الداخلية فحسب

  1. النصح بالرجوع إلى شرائح الباور بوينت (التى أثبتنا رابطها أمس ونعيده اليوم) “الحلم والإبداع والجنون” حتى تتضح للقارئ المهتم أبعاد الفرض فى حركيتها البيولوجية المعرفية المنتظمة ، فضلا عن علاقتها بالجنون والأحلام
  2. النصح بالرجوع إلى أساسية وفروض عملية فعلنة المعلومات information processing التى أعترف أننى لست محيطا بها بالقدر الكافى، وإن كنت استطعت أن ألمح تفاصيلها من شرح اضطرابها بهذه الرؤية المباشرة من المريض الأول “رشاد”، آملا فى أن أسترشد بمزيد من التفاصيل من أى صديق يعرف لغة الحاسوب ولغة هذه العملية بشكل أفضل منى.

تعريف محدود للحالة الأولى “رشاد”

  قبل أن أعرض فروضى دعونى أعرفكم بالصديق “رشاد” من جديد، ولو كان فى ذلك تكرار أرجو أن يكون مفيدا، فقد مضى اليوم بالذات على بدء نشر هذه الحالة ثلاث سنوات ويومان (من يوم 21 إبريل سنة 2009)

بل دعونى أنقل بإيجاز استهلالا سبقت به تقديم الحالة، ثم ملخص الحالة وأيضا التوصيات أو الشروط اللازمة لقراءة الحالة قبل أن ننتقل إلى الفروض تفصيلا:

استهلال:

أما أن “رشاد” (1)فصامى، فهو كذلك فقد اكتملت فيه كل محكات تشخيص الفصام فى الدليل الأمريكى الرابع DSM IV، وإلى درجة أقل، فى التصنيف العالمى العاشر ICD 10، وبشكل آخر: فى التقسيم المصرى (العربى) الأول DMP I.

أما أنه رَصَد حركية الانفصام فقد وصفها بكل ما عُرفت به (وما لم تعرف به!) إمراضية(2) الفصام: فهذا ما سوف نراه سويا من واقع شكواه، وفحصه والحوار معه

أما أنه لم ينفصم، فهذا ما حدث إذ ظل محتفظا بتماسكه، واحدا صحيحا، لم يتفسخ، ولم يتبلد، ولم ينسحب تماما، ولم يفقد إرادته الخاصة التى فَرَضَ بها فى نهاية المطاف قرار سفره للخارج (لأكل العيش) بمخاطرة متحدية محسوبة، ثم قرار عودته، ثم ما لا نعلم بعد.

أظن أن الأمر ازداد غموضا برغم هذه المقدمة المتسحبة.

المهم: سواء صح أم لم يصح : أنه فصامى، سواء صحّ أم لم يصح أنه رأى حركية الانفصام (وهى تحاول تفكيكه) ووصفها، بداخله و أيضا مسقطة خارجه، سواء صح أم لم يصح أنه – برغم ذلك – لم ينفصم، بما حاور وقرر وفعل، سواء صح أى من ذلك أم لم يصح، أتصور أنه يصعب جدا أن تصل – عزيزى القارئ – إلى ما أريدُ توصيله إلا إذا:

  1. نسيتَ تماما هذا العنوان: (فصامى” يعلمنا: “كيف” الفصام، “دون أن ينفصم”!!)
  2. حجبت جانبا كل ما سمعته عن الفصام خاصة من العامة والهواة (وأغلب الأطباء النفسيين أيضا)
  3. تذكرت أن التقسيمات الأحدث (الامريكى الرابع، والعالمى العاشر) تُوفر الاتفاق reliability (ثبات استعمال نفس اللفظ لوصف مجموعة من السلوك المرضى: الأعراض) فى حين أنها تفتقر تماما إلى المصداقية validity(إذْ لا يتضمن اللفظ المستعمل للتشخيص نفس المضمون أو نفس المحتوى أو نفس المعنى عند من يستعملونه: أنظر نشرة 2-12-2007 بعنوان “تشخيص الفصام دون تحديد ماهيته!!”).
  4. صدقتَ كل (أو أغلب) ما يقوله المريض، دون الإسراع بتكذيبه، أو اتهامه بالغموض على الأقل لمجرد أنك لم تفهمه بالقدر الكافى.
  5. صبرتَ علينا حتى تقرأ الفروض واحتمالات التطبيق وتتبع الحالة
  6. تذكرتَ أننا لا نبحث عن اسم آخر (تشخيص آخر) أكثر تلاؤما مع الحالة أو أوفق صلاحية لفهمها، وإنما نبحث أولا: فى التعرف على ما هو ماثل أمامنا، كما هو، ثانيا: القيام بما نحن مكلفون به (العلاج هنا)، أما ثالثا: (الأحداث 2012) أننا نحاول أن نفهم الإدراك من خلال فشل عملياته وتماسكها وتناسقهاوبالذات من منطلق اعتمال (معالجة) المعلومات (3)Information processing

ملخص الحالة:

رشاد (اسم مستعار) مرِضَ، جاءنا مريضا يشكو، بعد أن توقف عن العمل، وكاد يتوقف عن الحياة، جاء مريضا، وها نحن نفحصه ليس للوصول إلى تعليق لافتة التشخيص، ونحاوره، – لا نحقق معه! – لنتعلم منه معالم آليات الصحة والمرض، هو من أسرة متوسطة، فيها تاريخ إيجابى للمرض النفسى.

هو رجل فى منتصف العمر، (33 سنة)، أعزب، كان يعمل سائقا لحافلة ركاب (أتوبيس)، توقف عن العمل لمدة عامين، إلا لمدة شهر واحد، عمله فى السعودية ثم عاد للانقطاع، يعيش فى حى متوسط فى القاهرة، وبلده الأصلى قريب أيضا من القاهرة. وقد حضر بنفسه للاستشارة، وأدخل فى نفس اليوم القسم الداخلى (قسم الأمراض النفسية قصر العينى) مختارا، وكان قد أصيب بنوبة طارئة قبل ثلاث سنوات عولجت على مستوى العيادة الخارجية، ثم نوبة أخرى منذ ستة أشهر أدخل على إثرها القسم الداخلى وعولج وتحسن لكنه لم يعد لعمله.

وبالنسبة للتاريخ العائلى فقد أظهر أن خاله قد أصيب بمرض عقلى وهو فى سن 18 سنة، وأدخل مستشفى العباسية لفترة قصيرة وتعافى، ولم ينتكس بعدها، كما أن عمه قد عانى من نوبة اكتئاب وعولج بجلسات تنظيم الإيقاع (الصدمات الكهربية) وشفى أيضا.

حصل رشاد على الثانوية التجارية، ولم يكن مجتهدا دراسيا، (مع أن أختيه قد نالنا درجة جامعية)، فحول مساره إلى تعليم فنى متوسط، ثم حصل على دبلوم أعلى قليلا: (مدة الدراسة عامان بعد الثانوية التجارية)

عمل رشاد أعمالا متعددة منذ صغره (عشر سنوات): مبيض محارة، بائع فى محل، سباك، عامل طباعة، جرسون، ثم سائق فى هيئة النقل العام، لمدة تسع سنوات.

 (قبل المرض!! كان شابا نشطا اجتماعيا حاضرا) يصفه أبوه بما يلى:.

 رشاد كان عنده جروب اصحاب كان بيخرج ويسافر معهم، بس ماكانش ليه فى البنات قوى، انا كنت عايزه يتجوز من زمان بس هو عايز يكون مستقبله الأول، رشاد عنده طموح جامد إللى تعبه هو الطموح، عيبه انه عايز يطلع السلم مرة واحدة. وإللى بيطلع مرة واحدة ممكن بسهولة يقع مرة واحدة. هو لازم يأخذ الأمور بالتدريج بس هو مش فاهم كده. يعنى هو مثلا ساب الشغل فى الهيئة علشان يشتغل فى السعودية بس فى الأخر ولا حصل الهيئة ولا السعودية. وكان بيقولى انا مش عايز أطلع زيك أنا عايز أطلع أحسن منك

أما الأعراض التى جاء يشكو منها فهى موضوع النشرات التى سبقت، وأيضا موضوع هذه النشرة وربما ما يليها، وسوف نرجع إلى ما نختار منها فى الوقت المناسب.

ونكتفى الآن بهذا المقتطف الموجز من شكواه الذى يبدو عنوانا لما نريد تقديمه:

  • ” مخى عامل زى ورقتين مقفولين على بعض
  • انا حاسس ان عقلى مقفول
  • مخى صندوق مليان مش قادر أقفله …الخ”

*****

من المناقشة مع مقدمة الحالة الدكتور: (د.م)

د.يحيى: المهم: إنتِ مقدمة الحالة دى النهارده ليه؟ إيه اللى شاغلك فى الحالة دى؟ عايزة انا نتناقش فيه؟

(د.م): بصراحة أنا اتخضيت من الطريقة بتاعته اللى قعد يوصف لى بيها الحاجات، وهوّا بيحكى عن اللى حصل

د.يحيى: طريقة إيه؟ اللى هى إيه يا بنتى؟ كتر خيرك

(د.م): اللى هى قعد كذا مرة يشرح لى فى جمل مؤكدة عن إيه  اللى هو بيحس بيه فى مخه ، وفى نفس الوقت ، بيقول إنه مش قادر يشرح لى، وإن الأمور غامضة بالنسبة له.

د.يحيى: يعنى هوه بيقول لك أنا ماعرفش أوصف، ويحكى عن نوع من الغموض، وفى نفس الوقت يقول كلام ميّة مية؟ طب ما هو كده عندك حق تستغربى.

(د.م): آه ، طول الوقت عمال يوصف اللى جاله، واللى عنده بشكل كويس جدا، وهوا متأكد من اللى بيوصفه، وانا مصدقاه، ومش فاهمة إيه اللى جواه ده، وهوه عمال بيوصفه، ومش عارفه عرف اللى جوه كده إزاى.

د.يحيى: جواه إيه بقى؟ الظاهر انت شاطرة ومصحصحة عشان لسه صغيّرة، لو كنت حضرتى حالات كتير من نوع التشخيص بتاعك للحالة دى كان مخك اتلخبط، ويمكن كنت فهمتى أكتر وبوظتى كل حاجة،  دي حاجه جميله جداً اللى انت بتعمليه ده إنك قلتى إنك مش فاهمة وتحاولى تفهمى، نفهم سوا.

(د.م): فأنا كنت قاعده باحاول أسمعه، عماله أحاول أفهم هو يعنى هو عاوز يوصف إيه،  يعنى ده اللى شدنى ليه بصراحة

د.يحيى: الله يفتح عليكى ، عندك حق

(د.م): وبرضه اللى شدنى له إنى لقيته جدع، عمّال يشتغل طول الوقت ( ماعدا السنتين اللى فاتوا)، بيشتغل أى حاجة، وكل حاجة، ما بطلشى إلا الآخر

د.يحيى: إستغربتى إن واحد عنده مرض شديد إللى انت سمتيه (فصام) من غير تردد، ولا تشخيص فارقى(4) (بديل) يعنى ما فيش احتمال تشخيص تانى، وفى نفس الوقت بتوصفية بالشطارة دى، والجدعنة فى شغله، وبيحكى (هوا) بالوضوح ده ، مش كده؟

(د.م): آه

د.يحيى: ثم هو فى نفس الوقت برضه باين عليه إنه حاضر، وجاهز، وعامل معاكى علاقة جامدة، علاقة من اللى بنغلَبْ نحاول نعملها مع العيانين وما فيش فايدة

(د.م): آه بالظبط

د.يحيى: ………………

…………….. (5)

أنا متشكر جداً

حالة كويسة ومفيدة إن شاء الله

(يلتفت إلى بقية الحضور)

……… العيانيين دول ساعات بيحددوا بداية المرض، مش من ساعة ما ظهر  فى السلوك، لأه، ده من ساعة  بداية العملية الإمراضية (السيكو باثولوجى)، عادة بعد ما يتكسروا يكتشفوا إنهم اتكسروا من جوه قبل كده بمدة، يعنى هوّا بيقدر يحدد (بأثر رجعى) بعد ما يعيا: بيفتكر هى الحكاية “حوّدت امتى“، حودت جوه جوه، حودت عن السكة الطبيعية بتاعة النمو، …….. لما تظهر آثار التحويدة دى، فى شكل مرض، أو أى حاجة تانية، يقول أنا عيان من مدة كذا، مدة بعيد تمام عن البداية القريّبة، أو يقول أنا عيان من ساعة ما كذا حصل.

…………….

……………

د. يحيى : حالة العيان بتاع النهارده ده برضه فكرتنى بحالات تانية أنا اتعلمت منها حاجة لها علاقة بطريقة الحكى دى، زى ما يكون هوّه بيشوف العمليات العقلية المعرفية، كأنها بتحصل قدام عينيه، وبتتعرض بالسرعة البطيئة، كان أول مرة ألاحظ الحكاية دى، أظن كانت سنة 1971، كان دكهه عيان فصامى برضه، كان بيحكى عن صعوبة التفكير، كان بيقول إن السطر لما بيقراه بيخش بحاله ماسك فى بعضه زى سطور “اللينوتيب”(6) الرصاص اللى كانوا ايامها بيطبعوا بيها الكتب بدال ما يجمعوا الكلمات حرف حرف، المهم العيان ده كان بيحكى ازاى بيبذل جهد، عشان الكلام يمتزج بمخه، يقوم يفهمه، بصراحة أنا أيامها أعجبت بالوصف جدا، وماكنتش مهتم قوى بتفسير إزاى السطر لما يخش حته واحدة يقوم هو يضطر يبذل جهد عشان يدخّله جوا مخّه، كنت لسه ما فتحتش ملف عملية شاغلانى اليومين دول ، قصدى عملية فعلنة (اعتمال – معالجة) المعلومات Information processing، إنما لما ابتديت اشتغل فى الحكاية دى، فهمت ازاى العيان ده كان بيوصف الجزء الأول من العملية دى، وازاى إنه كان عنده حاجز أو عملية إبطاء سرعة من أول الخطوة الأولى فى العملية دى، يعنى خطوة الإدخال Input ، قبل كده بمدة طويلة، وانا نايب سنة 58 زيّكوا كده، كنت باقرأ فى كتب الطب النفسى الوصفية الجميلة ، أعتقد كتاب هندرسون وجليبسى، قريت إن من أعراض الفصام صداعات بالرأس غريبة أو شاذة،encephalopathy   Bizarre cephalic ، اللى خلانى أنتبه للحكاية دى، إن كان فيه عيان عندى ساعتها فى القسم مش عايز يخف، مابيتحسنشى، وكان بيشتكى من إن دماغه ناشفة، وإن فيها حاجة بتلقّ، وساعتها ماكنتش فاهم، إنما بعدين (من سنة 58 إلى سنة 71) ربطت ده بده، أظن ده اللى خلانى وانا باقدم تطوير للنموذج الطبى الأشمل للطب النفسى(7)، أأكد على إنى أشرح وابيّن بنوع من القياس إن عملية “فعلنة المعلوماتهى زيها زى وظيفة الجهاز الهضمى والتمثيل الغذائى، وعشان كده استعملت تعبير “التغذية البيولويجية بالمعنى” فى كتاب السيكوباثولوجى بتاعى(8)، وبرضه كان النموذج الهضمى التمثيلى موجود فى ذهنى وانا باحط نظريتى عن الأحلام، بس مديت فكرتى للقياس بعملية الهضم عند الحيوانات المجترة، يعنى زى الحيوان ما بيخزن الأكل اللى دخل معدته بسرعة فى مخزن يرجع له ويرجّعه لما يلاقى فرصة للمضغ الأكثر فاعلية وبهدوء أنجح بحيث الغداء يبقى جاهز وأسهل للامتصاص والتمثيل الغذائى، الظاهر إن الأحلام – بالقياس –  بتقوم بنفس الوظيفة، يعنى أثناء نشاط الحلم الدورى (غير اللى بنحكيه) إننا بنرجع المعلومات الزحمة، عشان عقلنا نمضغها تانى ويرتبها عشان، تسهل تمثليها وترتيبها فى المخ.

أنا حاسس إنى طولت شوية، بس المدخل ده ضرورى عشان نعرف نفهم العيان ده بيقول إيه، وبيوصف إيه، المفروض إننا كل ما نسمع حاجة ما نفهمهاش من عيان، نركنها على جنب، يمكن ييجى لها يوم تلاقى مطرحها الصحيح فى اللى جارى، يعنى دلوقتى إحنا سنة 2009، وانا باحكي لكم على عيان سنة 1958، وواحد تانى سنة 1971، وأديكو شايفين المسائل بتتربط فى بعضها لوحدها، ما دام نتعلم ازاى ما نستعجلشى لازم نأخد بالنا ونتعلم الصبر والتأجيل، بدال ما بنحشر إللى احنا مش فاهمينه، فى اللى احنا عارفينه وخلاص، كده إحنا بنظلم المعرفة، عارفين أنا بافهم فكرة الإيمان بالغيب ازاى، حاجة زى كده،الإيمان بالغيب مش تسليم للخرافة، ده احترام لفاعلية وأهمية وضرورة اليقين باللى احنا مش عارفينه، مع فتح الباب بصبر معرفى ما لوش حدود، يمكن نعرفه فى يوم من الأيام.

 نرجع يا ملك للعيان بتاعك بقى، إنتِ شايفة فيه أى علاقة بين اللى انا باقوله، وبين استغرابك لوصف العيان حالته، واللى كان دافع إنك تقدميهولنا النهاردة.

(د.م): حاسة إن فيه علاقة، بس مش قادرة أحددها قوى.

وبعد

انتهى (مقتطف اليوم) وأرجو أن أرجع مرة أخرى إلى نص شكوى المريض وعلاقتها بعملية اعتمال (فعلنة/معالجة) المعلومات، ومن ثم علاقتها بالإدراك.

وآمل حتى يحين ذلك أن أجد من يعاوننى فى تعليمى بعض أبجدية عمل الحاسوب، ليس بصفة عامة، ولكن فيما يتعلق بشكوى المريض التى يمكن أن يجدها مكتملة فى النشرات السابقة التى أشرنا إليها بالروابط اللازمة.

[1]  – (ليس هو الأسم الحقيقى)

[2]- Psychopathology

[3] – يلاحظ الصديق القارئ أننى خلال أكثر من خمس سنوات أحاول تجنب أن أحشر الكلمة الانجليزية فى النص العربى، تعلمت ذلك من المرحوم د. أحمد مستجير افتخارا بلغتى، لكننى مضطر فى هذا المقام رشوة للزملاء الأطباء حتى أشجعهم أن يتابعونى.

[4] – Differential Diagnosis

[5] –  النقط تشير إلى المحذوف الذى قد يبلغ بضع صفحات أما الأقواس فهى إضافات محدودة تعوض النقل من الأصل (صوت وصورة) إلى نص مكتوب يحتاج إلى توضيح وتحدد لتوعيض النقص واختلاف الأداة.

[6] – تطورت طرق الجمع (فالطباعة) من جمع الحروف حرفا حرفا من صندوق الحروف، إلى صب السائل الرصاص المنصهر فى ألة كبيرة تخرج سطور بأكملها من الرصاص المتجمد سطرا سطرا ترض تحت بعضها لتشكل الصفحة ثم وهذا ما يسمى “اللينوتيب” إلى المونوتيب، وهو الذى يشكل الرصاص المنصهر إلى حروف كلمات، بدلا من سطور متكاملة، وأخيرا إلى الطباعة على الكمبيوتر فالليرز، ثم الكتابة والنشر الالكترونى، وقد عاصرت ذلك شخصيا مرحلة بمرحلة، والحديث هنا عن المرحلة الثانية “اللينوتيب” أى سطور الرصاص.

[7]” –  Expansion of the Concept of  Medical Model in Psychiatry Editorial”  Egypt. J. Psychiat. (1980a) 3: 159-161.‏

[8] – كتاب دراسة فى علم السيكوباثولوجى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *