الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (72) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (72) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

19-4-2012

السنة الخامسة

 العدد: 1993

M_AFOUZ

ص 72 من الكراسة الأولى
19-4-2012

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ

أم‏ ‏كلثوم‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

فاطمة‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ

الرحمن‏ ‏خلق‏ ‏الانسان

هدي‏ ‏ورحمة‏ ‏للعالمين

لا‏ ‏حياة‏ ‏لمن‏ ‏تنادى

استوى‏ ‏علي‏ ‏العرش

نجيب‏ ‏محفوظ

 13/4/1995

القراءة:

الرحمن علم القرآن خلق الإنسان

 ورد هذا النص صفحة التدريب رقم (15) نشرة  18-2-2010 ، وأيضا فى صفحة التدريب رقم (47)، نشرة 1-12-2011، وصفحة التدريب رقم (54) نشرة 19-1-2012 ، صفحة التدريب رقم 55، نشرة 19-1-2012، وصفحة التدريب 55، نشرة 26-1-2012 ، صفحة التدريب 65، نشرة 15-3-2012

وأذكر أننى ناقشتها بالتفصيل فى صفحة التدريب 54 ، نشرة 19-1-2012

إلا أننى الآن وأنا أعود إلى ذلك، يحضرنى الفن الإسلامى، وبالذات الأرابيسك خاصة وكأنه نابع من تجاوبه مع هذه الصورة الجميلة أو لعله يستوحيها.

لا حياة لمن تنادى :

وردت هذه العبارة فى صفحة التدريب رقم  6 ، نشرة 14-1-2010 ، وأيضا ورد فى صفحة التدريب رقم 32، نشرة 11-8-2012، وقد رجعت آنذاك إلى الأصل واستسمحكم باسترجاع البيتين معا وهما لعمر بن أبى ربيعة:

وقد أسمعتُ إذ ناديت حيا  ولكن لا حياة لمن تنادى

ولو نارا نفختَ بها أضاءت ولكن أنت تنفخ فى رماد

ثم أعود فأؤكد رأيى فى أنى رجحت أن شيخى استحضرهما لجمالهما، وليس لأنه يرى ذلك، ولكنه يظل المتفائل المسئول أبدا.

استوى على العرش :

ورد هذا النص “الرحمن على العرش استوى” فى صفحة التدريب رقم 49، نشرة 15-12-2011،  وحين رجعت إلى ما سَبق أن قرأته منه وفزعت من جديد لما جاء من تكفير فى أحد التفاسير بنص يقول:

“يجِبُ أن يكونَ تفسيرُ هذه الآية بغيرِ الاستِقرارِ والجلوسِ ونحوِ ذلكَ ويَكفُر من يعتَقِدُ ذَلِكَ”

  ثم إن نفس المفسر راح يؤكد ما ذهب إليه بهذا الحكم الدامغ بالتكفير هكذا:

 الذى يعتقدُ أن معنى قولِ الله تعالى: “الرحمن على العرش استوى جَلَسَ أو استقرَ أو حاذَى العرشَ: يَكفُر.

* * * *

النص الوحيد الجديد فى هذه الصفحة هو: “هدى ورحمة للعالمين”

سبق أن ورد  ذكر كلمة “الهدى”  فى عديد من الصفحات السابقة، وقد جاءت بتشكيلات مختلفة مثل:

–  “الهدى” لمن اهتدى”: (نشرة 28-1-2011  العدد 881 صفحة التدريب 8) – (نشرة 28-1-2010 صفحة التدريب 9)

الهدى” من الله”: (صفحة التدريب (14)  نشرة  18-2-2010 – صفحة التدريب (23)  – صفحة التدريب 56)

 “الهدى” من عند الله”: (صفحة التدريب ( 8) نشرة 28-1-2010 ،  صفحة التدريب (30) نشرة 28 -7-  2011)

 – “الله “يهدى” من يشاء”: (نشرة 28-1-2010 صفحة التدريب 9)، ، وأيضا (نشرة11-2-2010، صفحة التدريب 12) ، وأيضا: (نشرة 8-9-2011، صفحة التدريب 36)

–  “ولد “الهدى” فالكائنات ضياء”  (نشرة 23-6-2011   صفحة 26) – (نشرة 4-8-2011    صفحة 31)

–  “الهدى” هدى الله”  (نشرة 6-10-2011 صفحة 38)

(ومن شاء أن يرجع إليها، فعنده الروابط)

………….

………….

 إلا أن ورودها هنا مقترنة بالرحمة له شأن آخر لم يخطر على بالى من قبل: لماذا يقترن الهدى بالرحمة هكذا بهذا التواتر، علما بأن هذا الاقتران يتكرر فى القرآن الكريم ويغمر مساحة هائلة من البشر على اختلافهم : اختلاف مواقعهم ومواقفهم،

 I- فهذا الجمع بين الهدى والرحمة يحضر فى كتابنا الكريم (على سبيل المثال لا الحصر) موجها إلى كل من:

(1) موسى (وآله)

“ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ”. 

سورة الأنعام الآية  154

(2) وقوم يؤمنون

وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة الأعراف الآية  52

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة الأعراف الآية  203

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة يوسف الآية  111

وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة النحل الآية  64

(3) والذين هم لربهم يرهبون

وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ

سورة الأعراف الآية  152

(4) وللمؤمنين

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

سورة يونس الآية  57

وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

سورة النمل الآية  77

 (5) وقوم يوقنون

إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ

سورة الجاثية الآية  20

………

II- أما عن “هو” هذا الذى فيه كل هذا الخير من (الهدى والرحمة) لكل هؤلاء فهو:

1)  الكتاب والألواح (وهى قريبة من الكتاب)

ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

سورة الأنعام الآية  154

وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة النحل الآية  64

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

سورة القصص الآية  43

الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ

سورة لقمان الآية: 3

أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ..

سورة الأنعام الآية  157

وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة الأعراف الآية  52

وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ

سورة الأعراف الآية  152

(2)  وهو ما يوحى به الله سبحانه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام (وهو أيضا الكتاب)

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة الأعراف الآية  203

(3) والموعظة

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

سورة يونس الآية  57 

(4) وقصص الأولين

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

سورة يوسف الآية  111

………….

………….

وبعد

مرة أخرى عدت أتساءل: ما الذى يجمع الهدى إلى الرحمة هكذا بهذا التواتر،

 فالهدى كما نعرفه، ما يشاع عنه فى المعاجم أنه أقرب إلى “المعرفة” و”الرشد” و”الرشاد” (المعجم) وهذا يقربه إلى، أو يضعه فى تحديدا، مجال التفكير والمعرفة الصحيحة كما ذكرنا

وحسب المعاجم: الهدى: هو الاهتداء إلى ما هو أحسن “هَدَاهُ إِلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ ” : أَرْشَدَهُ . ” هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى الإِيمَانِ أَوْ لِلْإِيمَانِ ” “وَوَجَدَك ضَالاًّ فَهَدَى” “هَدَاهُ الطَّرِيقَ أَوْ إِلَى الطَّرِيقِ أَوْ لِلطَّرِيقِ ” : عَرَّفَهُ وبيَّنه له

أما الرحمة فهى أقرب للعاطفة: رحِم يتيمًا رقَّ له وعطَف عليه ” ضربه بلا رحمة ولا شفقة، – رحِم اللهُ فلانًا: تعطَّف عليه وأحسن إليه ورزقه، الرَّحمة: نداء لالتماس المغفرة والصفح أو لاستثارة الشفقة

وقد رجعت إلى التفاسير أبحث عن سر هذا الجمع بين الهدى والرحمة فاسعفتنى جزئيا:

 جاء فى “مقاصد القرآن” للمؤلف: “صديق بن حسن بن علي البخاري”

– “… نكتة لطيفة للشيخ الشعراوى إذ يقول: “والهدى هو الدلالة على الخير بأقصر طريق، وقد نزل القرآن لهداية قوم قد ضلوا؛ فلما هداهم إلى الصواب وأراهم النور أراد أن يحفظ لهم هذه الهداية”، ويعلق صاحب “التحرير والتنوير” على كون القرآن هدى ورحمة للمؤمنين قائلا: “أما كونه هدى للمؤمنين فظاهر. وأما كونه رحمة لهم فلأنهم لما اهتدوا به قد نالوا الفوز فى الدنيا بصلاح نفوسهم، واستقامة أعمالهم، واجتماع كلمتهم،

 ولم أرتح لهذا التفسير لا من الشيخ الشعراوى ولا من صاحب التحرير والتنوير.

وفى تفسير آخر: الهدى ما يرجع من التبيان إلى تقويم العقائد والأفهام والإنقاذ من الضلال، أما الرحمة فهى ما يرجع منه إلى سعادة الحياتين الدنيا والأخرى، والبشرى ما فيه من الوعد بالحسنيين الدنيوية والأخروية….

ولكننى لم أجد اجتهادا جيدا يفسر الجمع الحميم بين “الهدى” و”الرحمة” هكذا، وكأنهما كلمتان رصتا بجوار بعضها والسلام.

………….

………….

ما وصلنى الآن جديدا بفضل تدريبات شيخى هو أن الكتب التى أهدانا إياها رب العالمين، بقدر ما فيها من الرشاد والإرشاد، فإنه لا يكتمل الرشاد إلا بالوصول إلى هذا التناغم والدفء والرضا المتبادل بيننا وبين ربنا من خلالها وهو ما تشير إليه الرحمة، وربما كان ما ألهمنى هذه الوصلة هذه الأيام هو ما  يشغلنى حاليا (ملف الإدراك كله)، من لزوم التفرقة بين “التفكير القح”، و”الإدراك الكلى” فجاءت هذه المواكبة بين الهدى والرحمة تعلن أنهما إذا اجتمعا فى تضفر هكذا تكاملا، وبالتالى تكون الرسالة قد وصلت إلى صاحبها بحقها،

حين جاءنى مؤخرا أن القرآن الكريم هو “وعى خالص” تصورت أنه حين يخاطب ما يسمى القلب أساسا، كناية عن كلية الإدراك، فهو مبعث رحمة لا مثيل لها إذ يتناغم مع وعى المؤمن فى اتساق متكامل، حتى تكون الرحمة – كما فهمتها الآن – هى دليل الهدى وعمقه ومن ثم الإيمان (وليس فقط العقيدة أو حتى الإسلام).

شكراً يا شيخى

لولا تدريباتك وتلقائيتك وصبرك، ما اهتديت إلى أى من ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *