الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الحلقة الرابعة والثلاثون الثلاثاء‏: 14/2/1995

الحلقة الرابعة والثلاثون الثلاثاء‏: 14/2/1995

نشرة “الإنسان والتطور”

29-7-2010

السنة الثالثة

العدد: 1063
Photo_Mafouz

الحلقة الرابعة والثلاثون

الثلاثاء‏: 14/2/1995

….دقائق‏ ‏هى ‏التى ‏أمضيتها‏ اليوم معهم‏ ‏فى ‏العوامة  “فرح بوت”

 هذه الجلسة، وهذه العوامة، وهذه الثلة، لها تاريخ ‘طيب مستقل، بعضهم أراد أن يطلق عليها اسم  “الحرافيش”، وكرر تصريحاته تلك فى وسائل الإعلام، غالبا بحسن نية، أضاف البعض الآخر مضافا إلى الثلاثاء فأصبحوا  “حرافيش الثلاثاء”، وربما هذا هو ما بلغ محمد سلماوى المرة تلو الأخرى، فربما أراد أن يحدد رأى الأستاذ فى هذه المسألة، ربما، فنشر لاحقا ما سوف أثبته حالا.

نفيت مرارا أننى برغم تكريم الأستاذ لى بالسماح أن أكون من الحرافيش الاصليين، إلا أن شعورى بأن هذا تاريخ لا يصح أن يمس، كان يزداد يوما بعد يوم،  ظللت أكرر للأستاذ ولنفسى تعبير أننى من “الاحتياطى” الذى قد أتيحت له الفرصة للعب مع بعض الفريق الأساسى فى الوقت بدل الضائع، وظل هو يصر على أن التاريخ يتجدد ما دمنا أحياء، ولم أهدأ قليلا إلا بعد شهور كثيرة حين نشر الأستاذ محمد سلماوى لاحقا ، فى الأهرام،  رأى الأستاذ صراحة وتحديدا، وبرغم ذلك  عاودنى الشك فى موقعى الذى حدده الأستاذ، مع أنه كان بمثابة تقديم أوراق اعتمادى علانية، انتبهت  -لاحقا-  كيف أن الأستاذ حين خاطب سلماوى فى الحرافيش كان يتحدث بلغة الماضى معظم الوقت، مؤيدا رأيى أن الحرافيش هى تاريخ أكثر منه حاضر حالا. وثانيا : أن من ذكرتُ سالفا ممن سمعت أسماءهم من الحرافيش  من الأستاذ أو من توفيق صالح ليسوا هم كل، ولا أغلب، الحرافيش، وإليكم ما جاء لاحقا على لسان الأستاذ إلى سلماوى.

الأهرام فى 29 / 2 / 1996      حوارات نجيب محفوظ

من بقى من  الحرافيش؟                       حوار مع  محمد سلماوى

…… إن ما يميز “الحرافيش” هو أنها كانت علاقة صداقة إنسانية وفنية وفكرية وسياسية، أى أنها كانت جامعة لكل شىء، لكنهم للأسف تناقصوا الآن، بعضهم بالوفاة مثل أمين الدهبى وفريد أمين وصلاح جاهين وعاصم حلمى، الذى كنا نسميه “الكابتن” وبعضهم بأن تغير فى أسلوب حياته مثل مصطفى محمود الذى اتجه إلى الدين والتصوف وكانت بداية ذلك بالتليسكوب، دعانا فى مرة إلى بيته وجعلنا ننظر جميعا إلى السماء والنجوم من خلال هذا التليسكوب فرأينا جلال السماء الذى كان أول منبه له على عظمة الله جل جلاله.

وأقول (كلام سلماوى) : لكنى ألاحظ أن “الحرافيش” كانوا يمثلون أعمارا وأجيالا مختلفة.

فيقول الأستاذ: إن علاقة “الحرافيش” لم تكن علاقة أعمار وإنما علاقة عقول لذلك كانت تتخطى السنين والأجيال، ولست أعرف من كان أكبرنا سنا.. قد يكون أنا، وما بينى وبين صلاح جاهين مثلا كانت هناك عدة أعمار، ومع ذلك فقد خُطف صلاح منا قبل الآوان، و أذكر أنه فى أواخر أيامه اتصل بنا تليفونيا ولم نكن قد رأيناه منذ فترة طويلة، وقال لنا: أنا لا أخرج الآن من غرفتى وطلب منا أن نذهب إليه، فذهبت إليه أنا وعادل كامل وآخرون، وكان قد تغير كثيرا، حيث كان يمضى ليله ونهاره فى غرفته لا يبرحها، وكأن هذه الزيارة كانت للوداع، فقد دخل بعدها فى حالة الاكتئاب الشديد وحدث ما حدث.

وأساله من الباقى الآن من “الحرافيش” فيقول: الباقون والذين ما زالوا يتقابلون بصفة منتظمة هم: أنا وتوفيق صالح وحرفوش جديد انضم إلينا له عظيم الأثر فينا جميعا هو الدكتور يحيى الرخاوى أما أحمد مظهر وبهجت عثمان وجميل شفيق فهم غير منتظمين، مظهر لصحته والآخرون لمشغولياتهم، وعادل كامل أصبح الآن مقيما فى أمريكا بصفة مستمرة، وهكذا، صفصفت الحرافيش علىّ أنا ويحيى الرخاوى فى بيت توفيق صالح وشوربة العدس التى تجيدها زوجته والتى اعتبرها أفضل شوربة عدس فى المدينة.

(إنتهت وجهة نظر فى الأهرام بالتاريخ المذكور عاليه )

 فى اعتقادى أنه لا يوجد وجه للمفاضلة أو للتنافس بين ثلة أى يوم وأى يوم آخر، بعض محبى وأصدقاء الأستاذ القدامى، كانوا يحضرون كل الجلسات كل الأيام تقريبا، ذات مرة، وأمام إصرارى اقترحت على الأستاذ بعد أن تركنا توفيق صالح لأسباب خاصة، أن يعتبرنا  نحن الجدد “امتداد الحرافيش” تمييزا لنا عن “الحرافيش الأصل”، هذا الامتداد هو الذى أتاح للصديقين زكى سالم، وحافظ عزيز أن يعوضوا تناقص الحرافيش المطرد بما فى ذلك الأستاذ توفيق صالح، قلت للأستاذ إن الامتداد هو الأدق وصفا لموقفنا نحن الجدد، فيرفض ويؤكد أن الامتدادا هو تكملة للأصل،  فأداعبه مذكرا إياه أن ثم شارع  بالقرب من الاستاد على جانب كوبرى الفنجرى  فى العباسية اسمه شارع امتداد رمسيس، وهو مختلف تماما، حاضرا وتاريخا عن شارع رمسيس العتيد، فيضحك الأستاذ ويستغرب، ويكاد يستبعد أن هذه هى العباسية التى نشأ فيها،  أن ثم شارعا  فى العباسية اسمه امتداد رمسيس، وليس له علاقة بشارع رمسيس العتيد، ويرفض رأيى محتجا بأننى بذلك أظلم الحرافيش الجدد، وأرى أن حجتى انقلبت ضدى، فأعترف بذلك، وأفهم من كل هذا أن الحرافيش أصبح مفهوما قائما بذاته بغض النظر عن الوحدات البشرية التى تكونه، وأذكر اننى سألته مرة عن لماذا سمى رائعته التى اعتبرها (كما وصلنى تماما ) أعظم أعماله باسم “ملحمة الحرافيش”، وما العلاقة بين ثلة الحرافيش وبين الملحمة ، ولا أحصل على جواب شاف، وإن كنت قد فهمت من أحاديثهم أن التسمية ترجع أساسا إلى اقتراح أحمد مظهر، وعلاقته بالتاريخ رائعة رائعة ولم أكن أعلم ذلك عنه، ولا أعتقد أن كثيرين يعرفون عنه بعض ذلك.

فعلا لا يوجد تنافس، ولا حتى وجه شبه بين أية جلسة وأية جلسة، بين أية ثلة وأية ثلة، اللهم إلا فى التنافس فى حب الأستاذ والرغبة فى الاقتراب منه، أكثر من الرغبة فى الانتساب إليه، ناهيك عن الظن أحيانا فى شبهة ترجيح قرب أحدنا إليه أكثر من الآخر، الأمر الذى لم ألحظه بأية درجة تتناسب مع هذه المقارانات الخفية، اللهم إلا فى أول مقابلة معه فى مستشفى الشرطة، وأنا أسأله عن أسماء الأصدقاء الذين سوف أضمنهم روشتة العلاج من ظاهرة “الافتقار إلى الناس”: “نقص الناس” (قياسا على نقص الفيتامينات)، (أنظر نشرة 4-10-2007 “الحلقة الثانية”). سألته يومها: من يريد أن يسمح له بزيارة منتظمة فى يوم بذاته، ساعتها  ذكر لى أول ما ذكر زكى سالم ، ولم أكن قد التقيته ولا مرة قبل ذلك، ثم ذكر جمال الغيطانى،(وكان توفيق صالح خارج مصر، وربما لهذا لم يذكره)،  ثم أضاف:  “ثم ما يرون وترى”، ولما لم تكن لى معرفة بالأقرب فالأقرب، ولا الأطيب فالأطيب، لذلك رحت أستهدى فى تنظيم جدول الزيارات فى مستشفى الشرطة  برأى الاثنين المختارين  آنذاك، ولم نحتج إلى أسماء أخرى كثيرة، فقد خرجنا من المستشفى بعد بضعة أيام .

من أكبر ما حيرنى وأنا أتعلم من مواقفه ومشاعره هو:  كيف لا يفرق هذا الأب الجميل بيننا هكذا، ناقشته فى ذلك أحيانا بطريق غير مباشر، حتى حكيت له ما قاله لنا والدى يوما أنه ” سئل أعرابى من أحب أولادك إليك، قال مريضهم حتى يشفى، وبعيدهم حتى يعود، وصغيرهم حتى يكبر، فهز رأسه وترحم على أبى، جسدت لى حكاية أبى هذه ذلك الموقف الأبوى للأستاذ حين يمرض أحدنا أو حتى حين يمرض أى فرد من اسرنا ويبلغ الأستاذ الخبر، لم يكن أحد منا يصاب بأية وعكة مهما كانت خفيفة، إلا وسأل الأستاذ عنه طول الوقت حتى يعود بالسلامة،  ولا يقتصر سؤاله على رغبته فى الاطمئنان، بل كثيرا ما كان يوصينا بما تيسر من وصايا عملية وعاطفية واجتماعية، وكان يمتد هذا التراحم الودود –كما ذكرت- إلى ما يصله إذا توعك  ابن أو ابنة أى منا ،

نرجع مرجوعنا إلى حكاية فرح بوت وجماعتها، كنت قد سألت الأستاذ قبل ذلك عن قصة علاقتهم بهذه العوامة،  فحكى لى وهو يضحك نبذة عنها قال:  إنها بمثابة وقف من محب كريم هو الأستاذ الدكتور “إبراهيم كامل”، أستاذ الجامعة ورجل الأعمال، وحين استفسرت منه عن ماذا يعنى  بكلمة “وقف”، ضحك وقال هو وقف ولكنه ليس تابعا لوزارة الأوقاف التى كنت أعمل بها، وإلا لما عتبناها، ثم أضاف: إن كونه وقفا يعنى أن المجتمعين لا يدفعون شيئا فى هذا اليوم لأنهم ضيوف صاحب العوامة، فتذكرت، وذكرت له ما يمكن أن يقابل ذلك فى قريتنا، وكيف كنا ونحن بعد صبيانا نلف على الدواوير الواحد تلو الآخر، وكل أسرة كبيرة تفتح دوارها لسهرة رمضان حيث يقرأ القرآن على فترات متباعدة ليتبادل الناس الحديث، وكنا نعرف أى الدواوير تقدم ماذا، هذا قرفة باللبن، وهذا دار سينى (لست متأكدا منه هل هو بالسين أو بالصاد – شىء أقرب إلى القرفة لكن يقدم مع بقايا قشر أخشاب شجره)،  ولم أنجح أبدا أن أميز بين طعمه وطعم القرفة، وكان التمييز فقط بوجود تلك القشور، ودوار آخر فيه حلبة حصا ممتازة،  الأستاذ يرحب دائما بذكرياتى عن قريتنا وعاداتها، وقد لاحظت ذلك عموما وعددته  من باب حب استطلاعه وشغفه بمعرفة كل ما لم تتح له فرصة معرفته على أرض الواقع مباشرة

 نكمل الحديث عن مزيد من تاريخ “فرح بوت”، قال لى الأستاذ  أنه قد حدث تطور فى تفاصيل موقف “المنتفعين” بالوقف، ذلك أنه فى البداية يبدو أن بعض الأصدقاء ما صدق أن الوقف وقف بحق، وأنه دعوة مجانية فعلا، حتى قد اخذوا راحتهم فى الطلبات كما و”نوعا”، لكن الباقين، وهم الأكثر، انتبهوا إلى مغزى التجاوز فى ذلك قبل ان ينتبه صاحب الوقف، وخوفا من الحرج تصارحوا مع بعضهم البعض، حتى تم الاتفاق على “سقف”، و”نوع” الطلبات، بطريقة ودية سرية.

لاحظت من أول يوم أن الأستاذ يحب هذا المكان، ويحب هذه الثلة، بدا لى أنه كان فرحا منتشيا هذه الليلة أكثر قليلا من كل ليلة، تأكدت أنه ‏ ‏يتمتع‏ ‏بهذه‏ ‏الصحبة‏ ‏بشكل خاص وبانطلاق خاص، جماعة شديدة التنوع، ثرية الاطلاع، وافرة المعلومات، تحيطه بحب حقيقى طول الوقت، فيتحابون بين بعضهم البعض من خلال توحد توجه حبهم نحوه: ‏جمال‏ ‏الغيطانى ‏طيب عريق بحدة صعيدية أحيانا، ‏والقعيد‏ ‏طلِق صريح لا تنفد جعبة أخباره، يسأله الأستاذ بمجرد أن يحضر عن “نشرة الأخبار”، وأذكر أننى تحدثت عن بعضهم سابقا ، لكن هناك غيرهم ممن لم تتح لى فرصة الاختلاط بهم حتى أحكى عنهم، حيث هذه الكتابة تختص بالشهور القلائل الأولى ، فقد لحق بهم مثلا عبد الرحمن الأبنودى، فى فترة كنت قد انقطعت نهائيا عن زيارة العوامة إلا فى المناسبات، كما كنت قد توقفت عن كتابة هذه اليوميات.

قبل مغادرتى العوامة اليوم فضلت أن أعلن الجميع بما انتهيت إليه من تحديد أماكن اللقاء التى استقر الرأى عليها  بالتجربة والخطأ، واقترح أحدهم ، ربما القعيد ألا نثبـّتها هكذا، وأيضا ألا نعلنها، وان تكون قابلة للتغير باستمرار، واعترضتُ، كما اعترض أغلب الحاضرين، وكانت مبررات الاعتراض أن من أراد أن يعرف خط سيرنا من الجماعات أو غيرهم، فهذا لن يكلفه إلا متابعتنا لبضعة أيام من بعيد لبعيد، قبل أن ينفذ ما يدبر، رجحت بسوء ظن احتمال قلق القعيد من أن يكون لقيامى وحدى شخصيا بترتيب هذه التفاصيل فضل معين، وأنا حديث عهد بصحبة الأستاذ مقارنة بأى واحد منهم، مال القعيد على واحد بجواره، ليس الغيطانى، وهمس إليه بما لم أسمع، فسارعت أنفى أن مستشفاى سوف يكون ضمن هذه الأماكن (ولم أذكر الأسباب التى ذكرتها فى نشرة: 1-7-2010 “الحلقة الثلاثون“) ارتاحت أسارير القعيد فرجحت أن ظنى كان فى محله وهو يهمس لجاره، لماذا اشعر أنى عامل عملة حين أقوم بحسم الاختيارات المتاحة دون مشورة الباقين، علما بأنه لم يكن يمكن استفتاء أفراد كل جماعة على حدة، وكنت أضحك مع الأستاذ حين أقول إننى سوف أثبت له أن الديمقراطية معطـِّلة، وأننا لو طبقناها لاختيار الأماكن لجلسنا أنا وهو فى المنزل ننتظر نتائج التصويت، ويضحك عاليا ويتنازل عن تعميم استعمال الديمقراطية لأسباب موضوعية ، فأضحك بدورى وأقبّـل رأسه.

المهم وصل الجميع جدول أيام الأسبوع، وكان الجديد هو تحديد أن يوم الأحد، وهو اليوم الذى ظل متذبذبا حتى الآن سوف يكون فى فندق  ‏سوفيتيل‏ ‏المعادى (؟؟؟) (وإن كان قد تغير بعد ذلك إلى فندق شبرد، واختص فندق سوفيتل المعادى بيوم الأربعاء) .‏

من بين ما‏ ‏التقطته‏ ‏من‏ ‏حديث‏ ‏الليلة‏ ‏كان‏ ‏عن‏ ‏ذكريات‏ ‏الغيطانى ‏مع‏ ‏وزير‏ ‏الدفاع‏ ‏زميل‏ ‏صدام‏ ‏وقريبه، ‏والذى ‏أعدمه‏ ‏ ‏بيديه‏ ‏شخصيا، ‏حيث‏ ‏أطلق‏ ‏عليه‏ ‏الرصاص‏ ‏بنفسه‏ ‏من‏ ‏باب‏ ‏”المعزة” ‏ ‏الخاصة،  ‏وسرى ‏حديث‏ ‏عن‏ ‏تعدد‏ ‏الأديان‏ ‏والأعراق‏ ‏فى ‏العراق‏ ‏وخاصة‏ ‏فى ‏الشمال،  ‏وأن‏ ‏وجود‏ ‏شيعى ‏بين‏ ‏قادة‏ ‏الجيش‏ ‏كان‏ ‏بمثابة‏ ‏وجود‏ ‏جاسوس‏ ‏اسرائيلى ‏فى ‏الجيش‏ ‏المصري، ‏ولم‏ ‏ينس‏ ‏الغيطانى ‏وصف‏ ‏سحر ‏ ‏الطبيعة‏ ‏فى شمال‏ ‏العراق، ‏وكيف‏ ‏أنه‏ ‏أجمل‏ ‏من‏ ‏سويسرا فعلا، ‏ووصف‏ ‏اختلاف‏ ‏الأديان‏ ‏والأعراق‏ ‏وتعايشهم‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏أنه‏ ‏شيء‏ ‏أشبه‏ ‏بالموازييك‏ ‏وليس نغمات نشاز متجمعة عشوائيا، وأن ذلك يمكن أن يرجع إلى تلقائية ما فى هذا الشعب، أكثر من تظيم سلطوى مكتوب، ثم ذكر أن‏ ‏ثمة‏ ‏جماعة محدودة‏ ‏هناك‏ ‏فى ‏الشمال‏ ‏مازالت‏ ‏تعبد‏ ‏الشيطان، وسأله أحدنا عن ماذا وصله من ‏وجهة‏ ‏نظر‏ ‏هذه‏ ‏ الجماعة تبريرا لهذه العبادة، فقال – اجتهادا غالبا – ‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يأتى ‏منه‏ ‏سوى ‏الخير، ‏فلا‏ ‏يخشى ‏منه‏، فهو لا يحتاج إلى أن نرشوه بالعبادة حتى ينزل الخير على البشر،  ‏أما‏ ‏الشيطان‏ ‏فإنهم‏ ‏بعبادتهم له، يتقون شره، ثم أضاف معلومة طريفة، وهى أن هذه الجماعة تتجنب استعمال حرف الشين، ليختص معبودهم الشيطان بهذا الحرف وحده، فمثلا هى   تتجنب‏ ‏أو‏ ‏تستبدل‏ ‏ألفاظا مثل  ‏”شطاطة‏” ‏الكبريت‏، باسم آخر (لا أذكره) فعقب‏ ‏الأستاذ‏ ‏ضاحكا‏: ‏فماذا‏ ‏كانوا‏ ‏يسمون‏ “‏الشيشكلى‏”، وكنت كدت أنسى أنه قائد الانقلاب الثانى بعد حسنى الزعيم فى سوريا، ولا هذا ولا ذاك أدركه بعض الحاضرين ‏محمد‏ ‏يحيى (إبنى)  ‏الذى ‏سألنى ‏عن‏ ‏الاسم‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏.‏

سألت‏ ‏الأستا‏ذ  ‏كيف‏ ‏يتصور‏ ‏البعض أن‏ ‏صدام‏ حسين  ‏قضى ‏على ‏الإرهاب‏ ‏فى ‏العراق؟  ‏فقال‏ ‏الاستاذ‏: ‏إنه‏ ‏أمم‏ ‏الإرهاب‏ ‏فأصبح‏  ‏هو‏ ‏الإرهابى ‏الأكبر‏ ‏أو‏ ‏الأوحد‏.‏

لا حظ  ‏حسن‏ ‏ناصر‏ ‏بحب طيب أن ‏صوت‏ ‏الأستاذ‏ ‏قد‏ ‏تحسن‏ ‏ كثيرا، فحمدت‏ ‏الله‏ ‏كثيرا‏.‏

وانصرفت‏ بعد أن نبهنى الأستاذ أن اليوم هو الثلاثاء، وأن هذا هو موعد عيادتى.

يا لهذا الوالد

هو أجمل والد بين كل آبائى الذين استعرتهم خفية  طوال حياتى (سبق الكلام عليهم تقريبا).‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *