الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (66) الإدراك (27) السماح بعدم الفهم ينشط الإدراك (2)

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (66) الإدراك (27) السماح بعدم الفهم ينشط الإدراك (2)

نشرة “الإنسان والتطور

11-4-2012

السنة الخامسة25-1-2012

 العدد: 1985

 

الأساس: الكتاب الأول: الافتراضات الأساسية (66)

الإدراك (27)

السماح بعدم الفهم ينشط الإدراك (2)

 

قراءة فى لعبة تجربتى العلاج الجمعى:

 ياخبر!! ده أنا لما ما بافهمشى يمكن… (نشرة 3-4-2012)

يا خبر!! دا انا لو ما فهمتش يمكن ….. (نشرة 4-4-2012)

مقدمة:

فى محاولة عاجلة لقراءة معنى التجربة (التجربتين) سوف أكتفى بالتعليق الشامل على ما يمكن الخروج به من هذه الممارسة البسيطة الواقعية التى تمثل جزءًا يسيرا جدا (ليس أكثر من 10% على حد تقديرى) مما يجرى فى العلاج الجمعى كمثال.

مراجعة:

وأنا أعد نشرة اليوم لاحظت فرقا – لم أتبينه من قبل – بين اللعبتين فى لفظين: ففى التجربة الأولى كانت العبارة “ياخبر!! ده أنا لما ما بافهمشى يمكن…”، أما فى التجربة الثانية: فكانت “يا خبر!! دا انا لومافهمتش يمكن …..”، لاحظت هذا الفرق بين “لما مابافهمش”، وبين “لو مافهمتش” فشعرت أن جمع هذه الاستجابات إلى تلك قد لا يجوز، حيث أن تعبير “ما بافهمشى” يحرك عدم الفهم كاحتمال وارد فى أى وقت، استجابة لأى مثير أو معلومة أو علامة، فى حين أن تعبير “أنا لو مافهمتش” قد يوجه المشارك إلى موضوع حالىّ حول مسألة أو تفاعل مطروح فى المجموعة فى الجلسة المعنية أو فى غيرها.

وقبل الانتقال إلى الانطباعات العامة أود أن أوجز بعض الخطوط العريضة التى أردت أن أوصلها من خلال هذه المغامرة:

أولا: إن العلاج عامة والعلاج الجمعى خاصة (على الأقل كما نمارسه فى قصر العينى أساسا) هو مجال بحث شديد التميز.

ثانيا: إن النتائج التى تخرج من التجارب فى هذه الممارسات لا تقتصر على توضيح آلية العلاج النفسى كأحد وسائل العلاج بل تمتد إلى التكامل والتبادل مع أساسيات العلاجات الأخرى من مدخل منظورالنمو على أساس التطور البيولوجى الفردى الممثل للتطور البيولوجى التاريخى.

ثالثا: إن تلقائية المرضى والمعالجين، وابتداع التجارب مباشرة تمثل منهجا مستقلا، ربما يكون مكملا للمناهج الأخرى، ولا مانع أن يكون معارضا لها.

رابعا: إن تفسير جزئيات النتائج هو مجرد إشارة إلى مغزى النتائج وحتى الآن لم أجد المنهج الشامل الذى يستطيع أن يستوعب ولو جلسة واحدة بتفسير يقترب من التفسيرات الحاسمة والمختزلة التى اعتدناها ونحن نقرأ عن علاجات أخرى.

خامسا: إن المرضى (والمعالجين) يستطيعون أن يقتحموا مسائل جوهرية وفلسفية بلغة عامة وبسيطة دون أن تسمى كذلك ( أن تسمى جوهرية وفلسفية).

سادسا: إن ما يخرج من التجريب أو بتعبير أدق مناقشة الخبرة من المرضى والمعالجين يمكن تقييمه أو على الأقل الاستفادة منهم، فى فهم التركيب البشرى للأسوياء (أو بتعبير أدق لغير المرضى!!).

سابعا: إن عدم الفهم الذى ظهر فى التجربة هو قريب تماما من المفهوم الفينومينولوجى الذى لن أتطرق الآن إلى تفصيله مكتفيا بالإشارة إلى مصطلحين هما “تأجيل الحكم” وايضا “الوضع بين قوسين”، وكذلكإن عدم الفهم مرتبط أيضا بمفهوم بعض محكات النضج مثل “تحمل الغموض Tolerance of ambiguity

ثامنا: إن عدم الفهم أيضا مرتبط بالوجه الإيجابى لمرحلة تناقض ثنائية الوجدان ambivalence فى الموقف الاكتئابى لمدرسة التحليل النفسى الانجليزية (العلاقة بالموضوع) وهو ما تناولناه فى كثير من مواقع “فقة العلاقات البشرية”.

تاسعا: إن جدل النمو لا يتواصل على مستوى شعورى بل هو نتيجة جدل نقائض كثيرة من بينها “جدل الفهم مع عدم الفهم”

عاشرا: إن الاختلافات الفردية فى تفسير الاستجابات (نشرة 28/3/2012) شديدة الأهمية فى متابعة مسار فرد بذاته، لكن التجليات الكلية فى الوعى الجمعى لها بعد آخر مكمّل كما سنحاول فى هذه النشرة الحالية كعينة محدودة.

(وهذا هو موضوع هذه النشرة)

المجموعة الأولى:

الاستجابات الواعدة باحتمال إيجابى: 

 وهى تشمل الاستجابات الدالة على احتمال إيجابى من الوعى بعدم الفهم ناهيك عن السماح به، و هى الاستجابات التى أفادت بشكل أو بآخر أنه مادام عدم الفهم يقوم بوظيفة ما فى التعرف على داخلنا وخارجنا، ومن ضمنها أن يظهر لنا جانبا من جوانب نشاط الإدراك على مستوى معرفى أعمق، فإن النظر فى احتمال السماح بعدم الفهم يمكن أن يظهر لنا طبيعة الفهم، (التفكير “حل المشاكل”)، وأنه يمكن أن يكون تفكيرا مرنا يقوم بوظيفته وفى نفس الوقت يسمح بنشاط آليات معرفية أخرى بجواره، وبالتالى يمكنه أن يتزحزح قليلا عن موقفه أو موقعه ليكتمل بضده أو بما شاع أنه عكسه.

نلحق بعد كل استجابة بين قوسين اسم المشارك (ة) ثم حرف (ت) الدال على التجربة الأولى أو ت2 الدال على التجربة لمن شاء أن يرجع إلى الأصل مكتملا (نشرة 3-4-2012)

… يمكن  أحافظ على نفسى  (منى : ت 1)،   ده أحسن لى  (منى : ت 1)    أمشى أحسن  (منى : ت 1) ،  – أكون أجمل  (منى : ت 1)أكون مبسوطه اكتر  (منى : ت 1) ،  أرتاح   (أحمد : ت 1)  – يبقى احسن  (نصره: ت 1) ،فهمت الناس اللى حواليا  (نصره: ت 1)  –  أبقى احسن من كده  (نصره: ت 1) ،ارتاح  (هالة: ت 1)أفرح عشان اللى مستنينى  (يحيى : ت 1) ،باحس أنى أقدر أتواضع أحسن من كده(يحيى:ت 1) باحس أن أنا بنى آدم قريب من ربنا (يحيى : ت 1) باحس (مخاطبا نفسه) أنك لسه عايش (يحيى:ت 1)  – ابقى احسن   (محمد: ت 2) ،استريحت من كل المشاكل دى  (محمد: ت 2)حافظت على صحتى  (محمد: ت 2) ،ربنا يستجيب لدعوتى  (محمد: ت 2)ظروفى بقت احسن من كده  (محمد: ت 2) ،ما اكرهش حد  (رضا: ت 2)أستريح (ياسمين: ت: 2) ،أحسن لى  (دينا: ت 2)أرتاح (دينا: ت 2) ،أريح دماغى  (دينا: ت 2)أبقى أسعد  (دينا: ت 2) ،أحسن  (أحمد: ت 2)ماكنتش تعبت  (أحمد: ت 2) ، –  ماتعبش  (أحمد: ت 2)أحسن  (أحمد: ت 2) ،ماكنش ده حالى  (أحمد: ت 2)أرتاح  (أحمد: ت 2) ،أعمل إبداع أكتر من كده (يحيى: ت 2) ،ربنا يستجيب دعايا أسرع يعنى إنى أكمل يعنى  (يحيى: ت 2)

القراءة:

نأمل هنا أن ننتبه كيف أن السماح بعدم الفهم النشط (أضفت الآن كلمة النشط) أو الاعتراف بدوره قد سمح بالتذكرة بأنها عملية إيجابية أساسا وليس مجرد “نفى الفهم”

فمجموع هذه الاحتمالات فى هذه المجموعة تشير بوضوح إلى أى مما يلى كأمثلة لجدوى عدم الفهم:

أولا: كشفت على أن عدم الفهم هو عملية إيجابية جارية

ثانيا: أننا يمكن أن نرصدها بأمانة عن طريق هذه التلقائية السلسلة

ثالثا: أنها تجرى فى نفس الوقت سواء رصدناها بوعينا الظاهر أم لا

رابعا: أنها يمكن أن تكون مكملة لما نسميه الفهم

خامسا: أنها يمكن أن تحتل مساحة أكبر فى نشاط ما نسميه الإدراك

****

المجموعة الثانية:

الاستجابات الحذرة من “عدم الفهم” ومضاعفاته: 

 وهى المجموعة التى ظهر فيها الخوف الشديد من آثار التخلى عن الفهم دون يقين باحتمال تنشيط معرفى بديل أو مواز أو مكمل، وبالتالى فقد بدا الفهم فى هذه المجموعة أقرب إلى آلية دفاعية (ميكانزم) كما ذكرنا، ونجمعها متجاورة فيما يلى:

… يمكن  أتعب   (أحمد : ت1)  –  كل حاجة تبوظ  (أحمد: ت1) – كنت أتجننت  (نصره: ت 1)    أنهار وأتعب   (هالة: ت 1) – ماعرفش أعالجك  (يحيى: ت 2)  – اتعب شوية   (هالة: ت 1) ، – أترعب من المشوار الطويل (يحيى: ت 1) – ما احسش بيك (محمد نشأت : ت: 2) ، – ابعد بعيد قوى(محمد نشأت : ت:2) – ما اعرفش اتعلم منك حاجه  (محمد نشأت : ت: 2) ، – اللى انا عملته راح على الارض (محمد نشأت : ت: 2) – ما اعيش حياتي(رضا: ت:2) ، – الدنيا تتهد (ياسمين: ت 2) – دى تبقى كارثه   (ياسمين: ت 2) ، – ما أبدأش حياتى  (سحر: ت 2) – ضعت  (سحر : ت 2)  – حا أرجع لورا (سحر : ت 2) – ما أتقدمتش  (سحر : ت 2) ،-  أهد كل اللى بنيته (سحر : ت 2)  – ما اقفش على رجليا (رضا: ت2) ، – ما اشتغلش تانى  (رضا: ت2) – أضيع (دينا : ت 2) ، – أروح فى داهيه  (دينا : ت 2) – أظلم نفسى  (دينا : ت 2) ، – أكذب  (عبد المجيد: ت 2) – أضايق  (عبد المجيد: ت 2) ، – ما أكملش (عبد المجيد: ت 2) – أضايق (عبد المجيد: ت 2) ، – ما أتغيرش (عبد المجيد: ت 2) – ما أعملش حاجات كتير(عبد المجيد: ت 2) ، – ما أتكلمش (عبد المجيد: ت 2) – أخسر حاجات كتير  (عبد المجيد: ت 2) ، –يسجنونى (يحيى: ت 2) – يكفّرونى  (يحيى: ت 2) ، – أروح فى 60 داهيه  (يحيى: ت 2)

القراءة:

نلاحظ هنا أن التوقف عن الفهم ترتب عليه خوف من الفراغ، ومن فقد التحكم، ومن الوعى بالمشوار الطويل، ومن العزوف (الفاهم) عن الشعور بالآخر، ومن البعد عن الآخر ومن الموت، ومن انهيار كل شىء ومن وقوع كارثة، ومن التوقف عن الحياة، ومن الضياع ومن التراجع (التدهور) ومن عدم التقدم ومن هدم ما تم بناؤه، ومن اهتزاز الموقف ومن التوقف عن العمل ومن الذهاب فى داهية، ومن ظلم النفس ومن الكذب، والضيق والتوقف عن النمو والعمل وعن الكلام، ومن الخسارة، ومن الجنون ومن التفكير

وعلى ذلك فيمكن تكرار التوصية لنظر إلى وظيفة الفهم هنا باعتباره:

أولا: حماية موضوعية ضد المجهول

ثانيا: ميكانزم عقلنة إيجابية (أو سلبية)

ثالثا: معوق للنمو إذا أفرط فى استعماله

رابعا: غير كاف لاستكمال النهل من المعرفة

****

المجموعة الثالثة:

الاستجابات محتملة الدلالات المتنوعة : 

 هى المجموعة التى لم أستطع الجزم بما تعنى الاستجابات فيها بشكل محدد، فاعتبرتها “مفترقية” يمكن أن نتبين موقعها حسب تطور التفاعل فى العلاج الجمعى أو غيره أو بالمتابعة ورصد التغيرات المحتملة واقعيا على مسيرة التعافى.

… يمكن ابقى واحد تانى (محمد نشأت: ت2)  – ما ابقاش بنى ادم(محمد نشأت: ت2)،   – الدنيا تبقى صعب قوى(محمد نشأت:ت2)  – ما كنتش جيت هنا (رضا: ت2) ،  أموت   (أحمد: ت 1) ،  كسرت الدنيا دى   (نصرة: ت1) – أخلص عليك  (هالة: ت 1) ،  – الامور تتغير (محمد: ت 2)  – ما كانش حصل كل ده  (محمد: ت 2)،  – ما اجيش هنا  (رضا: ت2)  – ما اعرفش احبك  (رضا: ت2) ،  أهرب زى دينا ما هربت (ياسمين: ت 2)  – ما أجيش هنا تانى (ياسمين: ت 2) ،  – ما أكونش أنا ياسمين  (ياسمين: ت 2) – ما أفهمش  (سحر: ت 2) ،    مش حا أقدر أطاوعك  (سحر: ت 2) – أنسى كل حاجه  (سحر: ت 2)، – أتفاجأ فى الآخِر (دينا: ت2) أندم  (دينا: ت2)،أحزن  (أحمد: ت2)، – ماجيش هنا (أحمد: ت2) – أتعب (أحمد: ت2)،  – ما أتعبش (أحمد: ت2) – أشك فى نفسى (عبد المجيد: ت 2)،   ماعرفكش  (يحيى: ت 2)

القراءة:

فى هذه المجموعة وجدت استجابات لم أستطع أن أحسم إن كانت تتسمك بالفهم كميكانزم أم أنها منتهزة فرصة عدم الفهم لإطلاق ما لا يمكن معرفة طبيعته إلا بتتبع مساره ومن ذلك: قال أحدهم “يمكن أموت” لم أستطع أن أحسم الموقف هل هو يعنى أن الفهم هو الذى يحافظ على حياته وبالتالى فهو يرفض التخلى عنه أو أن الفهم هو عائق له يمنعه من التحلص من قشرة الحياة التى تبدو وكأنها حياة، وكذلك “كسرت الدنيا” أو“أخلص عليك” لا يمكن الحكم هل المقصود هو تكسير الدنيا للثورة على الفهم الجامد أو الزائف أم للتحطيم العشوائى؟ ثم من هو الذى حين سيسمح له عدم الفهم العشوائية أن “يخلص عليه”؟ هل هذا يعنى إطلاق العدوان التحطيمى أم الاقتراب المغامر لكسر جمود العلاقة، وحين نصل إلى أن عدم الفهم (الفهم الآخر) سوف يسمح بالتغيير (يمكن الأمور تتغير، أو أبقى واحد تانى أو حتى ماابقاش بنى آدم)، هل المقصود هو أن الفهم يعوق التغيير الذى هو أساسى العلاج الجمعى؟ أم أنه يحمى صاحبه ضد التغيير العشوائى؟، وحين يعلن البعض أن السماح بعدم الفهم سيجعله لا يحضر ثانية، أو أنه كان سيحميه من أن يحضر (بعض الجلسات العلاجية) هل هذا يعنى اكتشاف أن التغيير مؤلم ومسئولية مربوطة بالفهم حسب التعاقد العلاجى؟ أم أنه سوف يسهل له الانسحاب؟ ثم ما المقصود بأن عدم الفهم يجعل مشاركا لا يفهم، هل يعنى أن الفهم لديه هو الوسيلة الأهم للتفاعل، أم أنها فرصة لفتح قنوات أخرى؟ “يمكن ما افهمشى” وأخيرا عن تغير الذات “ماكونشى أنا ياسمين” هل هو تغير النمو المحتمل أم فقد الهوية؟ ثم “رفض الطاعة”، هل هو ثورة أو خلُفْ؟وعن المفاجأة هل هى تنشيط الدهشة أم رعب البصيرة المفاجئة؟

……….

……….

لكل ذلك تركت هذه المجموعة باحتمالاتها لما يتبين من آثار التجربة دون حسم كما ذكرت.

وبعد

أشعر أن من واجبى أن اعتذر جادا لمن لم يستطع أن يتابعنا، وأن أرجوه فى نفس الوقت أن يبذل جهدا أكبر ليصل بنفسه إلى ما يريد، مكتفيا بأن أطلب من أى معترض أن يسمح لنفسه ولنا أن يلعب نفس اللعبة

أو ربما يسمح لى أن اقترح لعبة تساعده ولو على سبيل المزاح ربما تساعده فى إعادة القراءة مثل:

“…. ياه!!! يبدو أن هناك احتمال آخر ربما يكون ….”  أكمل من فضلك

أو لعبة أخرى تقول:

“…. يستحيل أن أواصل متابعة هذا الكلام الفارغ أنا راضٍى بما هو …” أكمل من فضلك

شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *