الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فشل علاقة الموت المتبادل: عدما (1 من 3) (1) دراكيولا

فشل علاقة الموت المتبادل: عدما (1 من 3) (1) دراكيولا

نشرة “الإنسان والتطور”

10-3-2010

السنة الثالثة

العدد: 922

10-3-2010

هذه الحالات ليست حالات إكلينيكية واقعية، ولا حتى مـُتخيلة بشكل روائى شعرى مطلق، ولا هى تصف أشخاصا بالذات، إنها من وحى الفروض العلمية العملية التى استلهمناها من مزيج من الحالات المرضية، والأصدقاء المشاركين، وتراكم الخبرة، وإلهامات الأسطورة الذاتية للمؤلف.

فشل علاقة الموت المتبادل: عدما (1 من 3)

(1) دراكيولا

مقدمة:

هذا التشكيل مستوحى من تصور مبالغ فيه عن نوع من العلاقات بين البشر، هو أقرب إلى التهلكة المتبادلة، وإن كانت تسمى فى بعض مراحلها بنفس الاسم: “الحب”، هو تشكيل من أبشع ما تصورت (وبينى وبينكم، ما عايشت) مما أسميه أيضا “الصفقات القاتلة لطرفيها”، برغم أنه شائع تحت نفس الاسم (مرة أخرى: الحب).

هذه علاقة تتجاوز كثيرا صفقة الاحتياج المتبادل، والتأمين الثنائى، (نشرة 25-8-2009 دفاعات ضد “حركية” تجليات”الحب”على مسار النضج) وهى أيضا تعرى مستوى أخطر وأخبث لا يقارن بمستوى ما سبق أن نقدناه من الغمر بالحنان حتى الإغراق بلا علاقة حقيقية، مثلما ورد فى (نشرة 20-1-2010 ” الحب بالراحة”).

 ‏‏ترددت‏ ‏كثيرا‏ ‏فى ‏محاولة‏ ‏مواجهة‏ ‏هذه‏ ‏الخدعة، وتشريح أبعادها، ‏ ‏ولكنى ‏لم‏ ‏أملك‏ ‏إزاء‏ ‏حقيقة‏ ‏ما وصلنى من مخاطرها وخداعها ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏أعريها‏ وهى ‏بكل هذه البشاعة، وبما تثيره من ألم أيضا.

التناول هنا يعرى تلك الطبقة الأعمق من النفس البشرية التى لا تحقق أمانها إلا من خلال الالتهام المسعور، بكل عواقبه السلبية حتى: الهلاك والإهلاك.

الموت الذى يتكرر ذكره هنا هو نوع آخر من المفاهيم التى استعملت فيها نفس اللفظ “الموت”، هذا النوع من الموت المذكور هنا يمكن أن يطلق عليه “حركية العدم“، وهو غير “الموت السكون ضد الحركية” أصلا، وهو أيضا غير “الموت الهيام التلاشى” فى بعضنا البعض (باموت فيه وبيموت فيّه)، كل هذه تنويعات لبعض أشكال الموت بمعناه السلبى الساكن العدمى، أما الموت الذى سبق أن تناولته باعتباره “نقلة الوعى الشخصى إلى الوعى الكونى(نشرة 8-7-2009 “إحياء المعنى يملأ الكلام!!)، وأيضا باعتباره “ازمة نمو” (نشرة 10-6-2009 ” صعوبات مبدئية، وخطوط عامة)، فهو عكس كل هذا الإهلاك والعدم والإعدام على طول الخط.

الموت هنا فى هذا التشكيل هو خليط من أنواع المجموعة السلبية الأولى، وهو أقرب إلى غريزة ‏ ‏الموت‏ التى قال بها سيجموند فرويد ولم يتعهدها بالقدر الكافى، وهى الغريزة المسئولة عن التدمير، والتهلكة، والانسحاب فالعدم، ضد الحب والقرب والإبداع وإعادة الولادة، والتعرية شديدة الصعوبة حيث الخلط وارد، الإنكار جاهز، والأسماء التى يسمى بها هذا الموت قد تكون العكس تماما، (تصور أنه يسمى هنا “الحب”!؟).

أنا‏ ‏مــش‏ ‏عندى ‏إلا‏ ‏الموت‏.‏

باشترى ‏بيه‏ ‏الناس وباسمّيه‏ “‏حب‏”.‏

والناس‏ ‏عايزه‏ ‏تحب‏ ‏تحب‏ ‏تموت‏،‏

أيوه‏ ‏تموت‏،‏

جوا‏ ‏بطن‏ ‏الحوت‏ ‏

‏هذا التشكيل هو أخطر أنواع ما يسمى الحب الثنائى (حصريا إن صح التعبير المستحدث).

نقد‏ ‏الحب‏ ‏الثنائى المتفرد ‏وارد‏ ‏منذ‏ ‏أفلاطون‏ ‏الذى نقده ووصف حبا أرحب وأرقى، فاتَّهم  ‏ظلما‏ ‏بأنه‏ ‏دعى ‏إلى ‏ما‏ ‏تصوروه‏ ‏أنه‏ ‏الحب‏ ‏العذرى، حتى ‏أصبحت‏ ‏كلمة‏ ‏الحب‏ ‏الأفلاطونى ‏دالة‏ ‏على ‏الخيال‏ ‏واللاواقعية‏ ‏وهى غير ذلك‏، ‏حقيقة‏ ‏أن‏ ‏الإنسان‏ ‏برغم‏ ‏مرور‏ ‏آلاف‏ ‏السنين‏ – ‏لم‏ ‏يرتق‏ ‏بعد‏ ‏إلى ‏ممارسة القدرة‏ ‏على ‏الحب‏ ‏انطلاقا من هذا الحب الثنائى، الحب الثنائى طبيعة بشرية، وتنظيم اجتماعى، وتطور طبيعى، لكن ليس على حساب القدرة على الحب، أو على حساب الانطلاق منه إلى مزيد من الحب، التوفيق بين هذا الحب الثنائى والحفاظ على القدرة على الحب إنما يتم بأن يكون الشريك هو ممثل للجنس الآخر، أو للجنس البشرى عامة، بما عبرت عنه هكذا: “أحبك بالأصالة عن نفسك، والنيابة عن سائر النوع، أو سائر البشر”، وهو ما تبينت صعوبته حتى الرفض فى (نشرة 20-8-2009 دفاعات ضد “حركية” تجليات”الحب” على مسار النضج) “دفاع ضد الحب العام”

‏أن‏ ‏تكون‏ ‏العلاقة‏ ‏الثنائية‏ ‏مجرد‏ ‏تنظيم‏ ‏اجتماعى ‏ودينى يحتوى حب اثنين فأكثر هو أمر طبيعى ومهم ووارد باعتباره اختبارا للتطور والتكامل معا بما يتيح أيضا أفضل مجال‏ ‏صحى ‏لتربية‏ ‏الأطفال‏ ..، لكن الانطلاق منه إلى حب أكبر فأكبر، ليس على حسابه، (ليس على حساب الحب الثنائى) هو أمر صعب كما بينّا فى أكثر من نشرة، كما أن العجز عن تحقيق ذلك الحب الممتد الأكبر لا ينبغى أن يقلل من ضرورة السعى لتحقيقه، فهو‏ ‏الحب‏ ‏ ‏الأرقى ‏والأبقى ‏حتى ‏لو‏ ‏أجلت‏ ‏ممارسته‏ ‏على ‏أرض‏ ‏الواقع مهما أجلت‏، ‏إن الصعوبة لا ينبغى أن تنتقص ‏ ‏من لزومه أو تخدش من صلابته. (دع جانبا الآن العوامل التى تسمح بذلك سواء فى الفرد أو فى المجتمع أو فى التربية أو فى العلاقة بالكون ..إلخ).

فى نفس الوقت علينا أن نحترم النقد المتواصل لأنواع الحب الأخرى، لأنها ليست كلها سطحية أو بلا لازمة، ولكن لأنها تعلن عن مرحلة نقص رائعة، ربما ضرورية، على طريق مسيرة الإنسان الحالية. إن فشل المؤسسة الزواجية الذى تعلَنُُ زيادته باستمرار هو بمثابة دعوة إلى الانتقال منها وبها إلى ما يعد به التقارب بين البشر من تطور وتكافل لصالح النوع كافة.

اود لو ‏أعتذر‏ ‏ابتداء‏ ‏عن‏ ‏البشاعة‏ ‏التى ‏قد‏ ‏رسمتُ‏ ‏بها‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ (كما سترد: هكذا)

 ‏إلا‏ ‏أنى ‏لا‏ ‏أملك‏ ‏أمام‏ ‏التزامى ‏بمحاولة‏ ‏الصدق‏ ‏فى ‏تقديم‏ ‏ما‏ ‏رأيت‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏أقدمها كما وصلتنى فشكلتها بما رأيت، وقد يغفر لى ما انفتح فى آخرها من باب أمل واعد برغم كل ما تقدم من قبح وموت والتهام وعدم، هكذا أطل الأمل واثقا فى النهاية وصاحبتنا تقول:

لو ما لاقيش الموت حوالىّ حاموّت موتى

…….

لحظة كل شواهد القبر تطلعّ خضرة

…….

لحظة طفلة صغيرة ثايرة تقدر تقتل

تقتل وحش يمص الدم

*****

‏‏تبدأ‏ ‏الصورة‏، ‏بتعرية تعلن أن المتحدثة البادئة هى العيون الأخرى (عيون جوه عيون بتقول: = مستوى منظومى أعمق من الوعى)،

وهى عيون تبدو محذِّرة (حاسب عندك)، لكنه ليس تحذيرا بالمعنى العادى، لكنه نوع من التحدى المنذر بالتمادى إن لم نتبه إلى جدية النذير:

وعيون جوا عيون بتقول:

حاسب عندك:

إوعى ‏كـمنك‏ ‏عطشان‏ ‏تعمى ‏وتشرب‏ ‏منى،‏

أنا‏ ‏مــش‏ ‏عندى ‏إلا‏ ‏الموت‏.‏

باشترى ‏بيه‏ ‏الناس‏ ‏وباسمّيه‏ “‏حب‏”.‏

والناس‏ ‏عايزه‏ ‏تحب‏ ‏تحب‏ ‏تموت‏،‏

أيوه‏ ‏تموت‏،‏

جوا‏ ‏بطن‏ ‏الحوت‏ ‏

والبوسه‏ ‏بتشلب‏ ‏دم‏، ‏

والحضن‏ ‏مغاره‏ ‏ملانه‏ ‏البنج‏ ‏السحر‏ ‏السم‏.‏

‏يبدأ الطفل حديث الولادة فردا يتحسس طريقه خائفا من العالم الخارجى، وهو يبنى علاقاته الأولى مع هذا العالم بقوانين عدم الأمن ‏(‏وهو‏ ‏الموقف‏ ‏البارنوى ‏أساسا‏) ‏فيروح ‏يمارس‏ ‏علاقته بالآخر من خلال الكر والفر، الذى هو اعتراف ضمنى بالآخر، برغم ظاهر الحذر واحتمال سلبية المآل، ومع ذلك فهى علاقة موضوعية لا تسمى حبا طبعا، لكن بها من ‏التواصل‏ ‏ما يتفق مع قوانين هذا الموقف‏ (‏وقد تناولناها بالتفصيل فى نشرة سابقة ‏صورة‏ “‏القط‏” أساسا (نشرة 15-9-2009 ” القط/النمر بداخلنا)‏ ‏ وقد يتعمق هذا الموقف البارانوى بمزيد من عدم الأمان المتضاعف يتزايد حتى يبرر الانسحاب إلى حيث “لا – موضوع” (الموقف الشيزيدى)، وقد سبق أيضا الإشارة إليه فى نفس النشرة، (راجع ساكت تحت سرير الست حاخطف حتة نظرة من ستى واجرى آكلها لوحدى تحت الكرسى المِشْ بَايِنْ)، وقد يحل الموقف البارنوى بحل أكثر عدمية، وذلك باقتحام التهامى يختفى معه الموضوع من العالم الخارجى فى داخل المهاجم الملتهم الخائف فى نفس الوقت، هذا ما أشرنا إليه فى نفس قصيدة القط أيضا‏ (‏باكل‏ ‏الأطفال‏ ‏والنسوان‏ ‏المِلك‏).

 دراكيولا هنا لا تلتهم الموضوع لتستمتع بذلك، بقدر ما أنها تلتهمه لتلغيه، أى أن ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏تجسد‏ ‏الجانب‏ ‏الإلتهامى ‏بالذات‏، وفى نفس الوقت هى تعلن أن الضحية تشارك فى التسليم لهذا الالتهام، وأنها (الضحية) تتغافل عن طبيعته، حتى تسميه بنفس الاسم “الحب”، (والناس عايزة تحب تحب تموت)، لكن “دراكيولا” هنا تبدو أكثر أمانة وأقل مناورة، فهى تعلن أن هذا الذى تسميه الضحية حبا، ليس إلا الموت، وأن هذا النوع من الموت هو هو ما تستلم له الضحية، وما تنخدع فيه تحت اسم الحب، مع أنه – من نص أقوال الملتهِم – ليس إلا عدم داخل “بطن الحوت”، مع أن آثار الجريمة ماثلة للعيان، والدم يلطخ الشفاه (والبوسة بتشلب دم)

أنا‏ ‏مــش‏ ‏عندى ‏إلا‏ ‏الموت‏.‏

باشترى ‏بيه‏ ‏الناس‏ ‏وباسميه‏ “‏حب‏”.‏

والناس‏ ‏عايزه‏ ‏تحب‏ ‏تحب‏ ‏تموت‏،‏

أيوه‏ ‏تموت‏،‏

جوا‏ ‏بطن‏ ‏الحوت‏ ‏

والبوسة‏ ‏بتشلب‏ ‏دم‏، ‏

‏كيف بالله عليكم، يمكن أن يكون هذا هو حقيقة الجارى فى مثل هذه العلاقات، وفى نفس الوقت، تسعى إليه غالبية الناس؟ (والناس عايزه تحب تحب تموت، أيوه تموت، جوا بطن الحوت)، يبدو أن هذا النص فى المتن، يريد أن يؤكد أنه مهما تواتر هذا النوع من العلاقات، ومهما كان هو المتاح، إلى أن تعريته ربما تكون أول خطوة لتجاوزه.

أحيانا يكون الدافع لقبول هذا النوع من التسليم لمثل هذه العلاقة وبرغم ما تحمل طبيعتها من إرهاصات الإلغاء والمحو بالالتهام وغيره، وأيضا برغم ما يعلن من أنه جريمة ملطخة بالدم، أحيانا يكون مطلوبا كنوع من التخدير هربا من وحدة بشعة لا تطاق.

يقول المتن‏ ‏إن‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏الحب‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏الموت‏ ‏نفسه‏ ‏فى ‏أخفى‏ ‏صوره‏، ‏التخدير هنا ليس فقط تغييبا للوعى، لكنه تخدير بسم زعاف مدسوس داخل كهف العدم الذى يمثله هنا: “‏بطن‏ ‏الحوت‏”، ربما كرمز ‏للعودة‏ ‏إلى ‏الرحم‏ ‏القبر، (وليس الرحم لإعادة الولادة = خروج يونس من بطن الحوت استجابة لتواصل وعيه مع الوعى الكونى المطلق، نتيجة وعيه بانحرافة مساره سابقا: لا إله إلا انت سبحانك، إنى كنت من الظالمين)، الانسحاب هنا بالالتهام الدراكيولى إلى جوف الحوت هو انسحاب بلا رجعة.

يعرف كل من يتابع هذه النشرة عزوفى عن، بل رفضى لأية، محاولة مما يسمى “التفسير العلمى لأى نص مقدس”، لهذا أنبه أن هذا ليس تفسيرا علميا لأى نص، بقدر ما هو تذكرة بفرض أساسى يكاد يكون فكرة محورية استلهمتها من مصادر هذا العمل، فكرة تلتف حولها فروض هذا العمل “فقه العلاقات البشرية”، ها هى:

 “إن العلاقة الثنائية” وجها لوجه، دون رابط مساعد يجمعهما، ويتصاعد بهما إلى المطلق، هى التى أنشأت كل هذه الصعوبات الحالية، وقد سبق أن أشرت بحذر شديد، إلى معنى “اجتمعا عليه”، و”افترقا عليه”، فى الحديث الشريف وأيضا “تحابا فيه”، وبالتالى فلابد من أن ثمَّ برنامجا آخر يلزم للحفاظ على التواصل والاستمرارية بين اثنين، التفرقة هنا بين العودة إلى بطن الحوت بلا رجعة، وبين العودة إلى الرحم (فى النوم أو فى الحلم أو فى النكوص فى خدمة الذات ARISE Adaptive Regression in the Service of the Ego التى وصفها بللاك Bellack كأحد أهم وظائف الذات)، هذه التفرقة يعززها الفرض الذى أقدم من خلاله متن العلاقات البشرية هنا، هكذا:

.. إذا لم يتواجد وعى جمعى يجمع بين وعى الأفراد بعضهم لبعض، فإن الصعوبة تزداد أضعافا مضاعفة بالنسبة للعلاقات الثنائية حصريا،

 (ويضيف الفرض الذى أطرحه):

 إن الوعى الجمعى نفسه يمتد فى وعى النوع إلى وعى الكون لتتواصل دورات التناسق بين هارمونية الذات وهارمونية الكون (إلى وجه الحق تعالى). فإذا أنكرت هذه الوصلة (تحت أى اسم) تتعرى هذه الصفقات المهلكة بمثل هذا التقارب القاتل لطرفيه، كما يعلمنا المتن.

والحضن‏ ‏مغاره‏ ‏ملانه‏ ‏البنج‏ ‏السحر‏ ‏السم‏.‏

‏ ‏وبــدال‏ ‏ما‏ ‏الزهره‏ ‏الطفله‏ ‏تنبت‏ ‏جوه‏ ‏الورده‏ ‏القلب‏،‏

بنبيع‏ ‏بعضينا‏ ‏لبعـــض‏، ‏والقبض‏ ‏عدم‏ .‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏معجزه‏ ‏حا‏ ‏تطـلع‏ ‏يونس‏ ‏زى ‏زمان‏،‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏برهان‏،‏

نكــروا‏ ‏الرحمان‏. ‏

وبعد

أتوقف هنا مضطرا وأوصى- قبل أن نكمل- بقراءة القصيدة كلها دون شرح، ثم نعاود تناول الأجزاء جزءًا جزءًا:

كل القصيدة:

‏(1)‏

وعيون‏ ‏جوا‏ ‏عيون‏ ‏بتقول‏:‏

‏”‏حاسب‏ ‏عندك‏”!

إوعى ‏كـمنك‏ ‏عطشان‏ ‏تعمى ‏وتشرب‏ ‏منى،‏

أنا‏ ‏مــش‏ ‏عندى ‏إلا‏ ‏الموت‏.‏

باشترى ‏بيه‏ ‏الناس‏ ‏وباسميه‏ “‏حب‏”.‏

والناس‏ ‏عايزه‏ ‏تحب‏ ‏تحب‏ ‏تموت‏،‏

أيوه‏ ‏تموت‏،‏

جوا‏ ‏بطن‏ ‏الحوت‏ ‏

والبوسة‏ ‏بتشلب‏ ‏دم‏، ‏

والحضن‏ ‏مغاره‏ ‏ملانه‏ ‏البنج‏ ‏السحر‏ ‏السم‏.‏

‏ ‏وبــدال‏ ‏ما‏ ‏الزهره‏ ‏الطفله‏ ‏تنبت‏ ‏جوه‏ ‏الورده‏ ‏القلب‏،‏

بنبيع‏ ‏بعضينا‏ ‏لبعـــض‏، ‏والقبض‏ ‏عدم‏ .‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏معجزه‏ ‏حا‏ ‏تطـلع‏ ‏يونس‏ ‏زى ‏زمان‏،‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏برهان‏،‏

نَكَــُروا‏ ‏الرحمان‏. ‏

‏(2)‏

لسه‏ ‏عيونها‏ ‏بتقول‏:‏

إوعـــك‏ ‏منى ..!‏

‏… ‏لو‏ ‏بتحب‏ ‏صحيح‏ ‏ما‏ ‏تصحصح‏.‏

لو‏ ‏تتأمل‏ ‏حبه‏ ‏حا‏ ‏تعرف‏،‏

لو‏ ‏ماتخافش‏ ‏الموت‏ ‏حاتشوفنى ‏إنى ‏الموت‏،‏

وبامص‏ ‏الدم‏ .‏

لكن‏ ‏الدم‏ ‏المالح‏ ‏ينزل‏ ‏يهــرى ‏ف‏ ‏جوفى،‏

ويخلــينى ‏أعطش‏ ‏أكتر‏.‏

ولا‏ ‏يروينى ‏إلا‏ ‏الدم‏.‏

ولا‏ ‏يروينى ‏الدم‏.‏

ولا‏ ‏يروينى ‏إلا‏ ‏أشوفك‏ ‏ميت‏ ‏زيي‏.‏

وارمى ‏مصاصتك‏،‏

وأرجع‏ ‏أشكى ‏وأبكى ‏وأحكى، ‏

‏”‏نفس‏ ‏القصـــة‏”.‏

‏(3)‏

لو‏ ‏ماتخافشى ‏الموت‏: ‏موتنى،‏

موت‏ ‏موتى،‏

لو‏ ‏بتحب‏ ‏الدنيا‏ ‏صحيح‏، ‏إوعى ‏تسيبنى ‏لنفسي‏.‏

‏(4)‏

بس‏ ‏الموت‏ ‏جواك‏ ‏بيقولى: ‏إوعك‏ ‏تصحى .‏

أيوه‏ ‏صحيح‏ ‏أنا‏ ‏جيتكو‏ ‏لوحدى !‏

جيتكم‏ ‏ليه‏ ‏؟

أخفى ‏جريمتى ‏؟

جيت‏ ‏أتعلم‏: ‏لما‏ ‏أمص‏ ‏الدم‏ ‏ما‏ ‏بانـشى ‏؟

ما‏ ‏يطرطــشى ‏؟

جيتكو‏ ‏أموت‏ ‏وسطيكـم‏ ‏يعني؟

واسمى ‏باحاول‏ ‏؟

ولا‏ ‏بيـنـشى ‏؟‏ ‏

‏(5)‏

إنما‏ ‏باظت‏ ‏منى ‏اللعبه‏، ‏

ولا‏ ‏كنت‏ ‏اعرف‏.‏

ولا‏ ‏كنت‏ ‏اعرف‏ ‏إن‏ ‏الناس‏ ‏الحلوه‏ ‏كتار‏. ‏

ولا‏ ‏كنت‏ ‏اعرف‏ ‏إن‏ ‏صباع‏ ‏الرجل‏ ‏الحى،‏

أقوى ‏كتير‏ ‏من‏ ‏مليون‏ ‏ميت‏. ‏

آه‏ ‏ياخساره‏ ‏فقستوا‏ ‏اللعبه‏.‏

وانا‏ ‏فرحانه‏،‏

وخايفه‏،‏

وعايزه‏،‏

ورافضه‏،‏

نوركم‏ ‏جامد‏ ‏يعمى ‏عـنيه‏.‏

‏ ‏زى ‏فراشه‏ ‏تحب‏ ‏النور‏،‏

تجرى ‏عليه‏، ‏وتحوم‏ ‏حواليه

وتموت‏ ‏فيه‏،‏

ترقص‏ ‏قبل‏ ‏ما‏ ‏تطلع‏ ‏روحها‏،‏

‏”‏آه‏ ‏يا‏ ‏حلاوه‏ ‏النور‏ ‏موتني‏” ‏

‏….‏

هوا‏ ‏النور‏ ‏بيموت‏ ‏برضه‏ ‏إلا‏ ‏الضلمه‏ ‏؟‏ ‏

بعدها‏ ‏نور‏ ‏الفجر‏ ‏بيشرق‏ ‏من‏ ‏جواي‏.‏

‏(6)‏

بس‏ ‏انا‏ ‏خايفة

‏ ‏أصلى ‏ضعيفة‏، ‏وطفلة‏ ‏لـوحدى، ‏وباحْبِى ‏ف‏ ‏حجر‏ ‏الناس‏ ‏واتلخبط‏.‏

لأ‏، ‏حاستني‏..، ‏لأ‏ ‏مش‏ ‏طالـعـة‏ .‏

خايفه‏ ‏لـدكـهـه‏ ‏تمثل‏ ‏دورى:‏

تختفى ‏تحت‏ ‏الجلد‏، ‏أو‏ ‏ورا‏ ‏ضحكة‏،‏

أو‏ ‏تتصرف‏ ‏زى ‏الناصحة‏،‏

‏ ‏تعرض‏ ‏فكره‏، ‏

يمكن‏ ‏تنسوا‏. ‏

وانت‏ ‏تعوزها‏ ‏تانى ‏فى ‏السر‏.‏

‏(7)‏

دكــهه‏ ‏التانية‏ ‏الوغدة‏ ‏تقول‏:‏

بكره‏ ‏حا‏ ‏تحتاج‏ ‏موتى ‏يا‏ ‏موت‏، ‏ونموت‏ ‏جمعا‏.‏

بكره‏ ‏حاتحتاج‏ ‏تخفى ‏جريمـتـك‏، ‏جوا‏ ‏جريمتى،‏

بكره‏ ‏بتاع‏ ‏الناس‏ ‏بينور‏.‏

بكره‏ ‏بتاعى ‏وحش‏ ‏يعور‏،‏

آه‏ ‏فين‏ ‏بكره‏، ‏آه‏ ‏من‏ ‏بكره‏.‏

‏(8)‏

ترجع‏ ‏برضه‏ ‏الطفلة‏ ‏تعافر‏، ‏وبتستنجد‏: ‏

شمس‏ ‏الحق‏ ‏اللى ‏فى ‏عنيكم‏ ‏تقتل‏ ‏ليلى ‏اللى ‏اسمه‏ ‏بكره‏، ‏

ليل‏ ‏اللعبة‏ ‏الضلمة‏ ‏التانية‏، ‏ليل‏ ‏السرقة‏ ‏الوسخه‏ ‏العامية‏.‏

ليل‏ ‏الوغد‏ ‏يموت‏ ‏روحى، ‏وروحك‏ ‏فيه‏.‏

وغد‏ ‏الطمع‏ ‏الخوف‏ ‏الهرب‏ ‏الكلبشة‏ ‏فينا‏، ‏

حاكم‏ ‏الخوف‏ ‏عايز‏ ‏يسحبنا‏ ‏بـعـيد‏ ‏وحدينا‏.‏

‏(9)‏

‏ ‏بس‏ ‏التانية‏ ‏الناصحة‏ ‏كهينة‏ ‏وعارفه‏ ‏طريقها‏:‏

واقـفه‏ ‏تعايـره‏:‏

إوعى ‏تلومني‏.

إنت‏ ‏عايـزنى ‏كده‏.‏

تقتل‏ ‏روحك‏ ‏وبتتمسكن‏، ‏وتقول‏ ‏حاسبي؟

‏ ‏هوا‏ ‏انا‏ ‏ممكن‏ ‏أقتل‏ ‏إلا‏ ‏اللى ‏اختار‏ ‏قتله‏ ‏؟

تبقى ‏جريمة‏ ‏عاملها‏ ‏اتنين‏.‏

كل‏ ‏جريمة‏ ‏عاملها‏ ‏اتنين‏.‏

ذنب‏ ‏المقتول‏ ‏زى ‏القاتل‏،

‏أصله‏ ‏استسلم‏. ‏

‏(10)‏

وانا‏ ‏حذرته‏ ‏وقلتله‏ ‏حاسب‏.‏

إوعك‏ ‏تعمي‏.‏

إوعى ‏لاموتك‏ ‏يحـليلى ‏موتي‏.‏

أنا‏ ‏نبـهتك‏ .. ‏إوعك‏ ‏تنسي‏. ‏

لو‏ ‏مالاقيش‏ ‏الموت‏ ‏حوالى، ‏حاموت‏ ‏موتي‏. ‏

لكن‏ ‏الطفله‏ ‏عفية‏ ‏وصاحية‏، ‏تضرب‏ ‏تقلب‏، ‏وبتتنطط‏:‏

‏- ‏أنا‏ ‏صاحياِلك‏،‏

إنتى ‏تموتى ‏تروحى ‏ف‏ ‏داهيه‏، ‏أنا‏ ‏ماباموتشي‏. ‏

أنا‏ ‏باستنى ‏اللحظة‏ ‏بتاعتى، ‏علشان‏ ‏أطلع‏.‏

أنا‏ ‏جايباكى ‏هنا‏ ‏برجليكى .. ‏علشان‏ ‏أشبع‏.‏

من‏ ‏ورا‏ ‏ضهرك‏ .‏

بعد‏ ‏شويه‏ ‏أجرى ‏وابرطع‏.‏

غصبن‏ ‏عنك‏ .‏

‏ ‏غصبن‏ ‏عنه‏. ‏ 

‏(11)‏

أنا‏ ‏طول‏ ‏عمرى ‏واقفه‏ ‏استـنى ‏اللحظه‏ ‏دهيه‏:‏

لحظة‏ ‏كل‏ ‏شواهد‏ ‏القبر‏ ‏تزرع‏ ‏خضره‏.‏

لحظة‏ ‏كل‏ ‏الناس‏ ‏الحـلـوه‏ ‏تموت‏ ‏موتي‏.‏

لحظة‏ ‏طفله‏ ‏صغيره‏ ‏ثايره‏، ‏تقدر‏ ‏تقتل‏.‏

تقتل‏ ‏وحش‏ ‏يمص‏ ‏الدم‏.‏

لحظة‏ ‏لما‏ ‏الله‏ ‏سبحانه‏ ‏يرضى ‏عليَّا:‏

‏”‏أحلف‏، ‏يحصـل‏ .‏

أصلــه‏ ‏وعـدنـى،‏

‏ ‏وانا‏ ‏صدقتــه‏.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *