الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ الصفحة 52 من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ الصفحة 52 من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

5-1-2012

السنة الخامسة

العدد: 1588

M_AFOUZ

ص 52 من الكراسة الأولى

5-1-2012

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏

‏Naguib mahfouz‏

الصبر‏ ‏جميل

الاعتماد‏ ‏علي‏ ‏النفس‏ ‏سياسة‏ ‏النجاح

الابداع‏ ‏خلية‏ ‏مفاجأت

لا تيأس‏ ‏من‏ ‏رحمة‏ ‏الله

إن‏ ‏الله‏ ‏مع‏ ‏الصابرين

العدل‏ ‏أساس‏ ‏الملك

نجيب‏ ‏محفوظ

‏ 25/3/1995

القراءة:

لم أعرف حتى الآن دلالة ثابتة تشير، ولو كاحتمال، إلى: متى يكتب شيخى فى تدريباته اسمه بالإنجليزية، صحيح أن ذلك يحدث نادرا، وربما استطعت لاحقا أثناء الدراسة الشاملة أن أكتشف مصاحبات هذه القفزة الأجنبية إلى وعيه، يمكن ببساطة أن يكون نوعا من التدريب يجرب به قدرته من اليسار لليمين، بعد أن أطمأن إلى بدايات الكتابة بالعربية من اليمين، كما يمكن أى احتمال آخر، دعونا ننتظر:(1)

بعد البسملة واسمه بالعربية ثم بالإنجليزية يذكرنا بموقفه الرائع من كل ما حدث وهو يعلن مكرراً أن “الصبر جميل” أنظر مثلا الصفحة رقم  (1) & (2)  نشرة 31-12-2009& عدد 853&  تاريخ الصفحة 25-1-1995، 26-1-1995

فى تلك النشرة ظهر تعبير “الصبر جميل” فى اولها، وناقشنا ما أوصله لكل المحيطين به فعلا لا قولا عن جمال الصبر، كما أنهى تلك الصفحة بقفلة تقول “إن الله مع الصابرين”، ثم حضرت نفس القفلة اليوم مبكرة سطرا واحداً “إن الله مع الصابرين” مؤكدا – لنا- أن الذى يجعل الصبر جميلا هو أن الصابرين بحق ينعمون بصحبة الله عز وجل.

 يا خبر!! كم يحب هذا الرجل ربنا، وهو حب معدِ لأننى على يقين أن مثل هذا الحب ينتقل إلى كل من حوله حتى اولئك الذين يتصورون أنهم بعيدون عن ذلك .

فى هذه الحلقة اليوم لحقت بعبارة “إن الله مع الصابرين” ما أنهى به التدريب من أن “العدل أساس الملك”

وقد سبق أن ذكرت هذه العبارة فى نشرة 8-12-2011& عدد 1560& قراءة صفحة(48) & تاريخ الصفحة 18-3-1995

أما عن العدل (فقط): فقد وردت فى 4 نشرات، يمكن أيضا للقارىء أن يعود إليها بالروابط التالية: 2-4-2011، 9-4-2011، 16-4-2011، 23-4-2011.

ثم نرجع إلى التتابع هنا فى هذه الصفحة، فهل يا ترى هناك علاقة بين الصبر الجميل و”العدل أساس الملك”؟ وهل إذا أنا تكلمت عن العلاقة التى خطرت لى حالا، وهى واهية جدا، سوف يستقبلها أحد كاحتمال وارد، دون اتهامى بالتعسف؟

خطر لى أن العدل إذا اقترن بالملك، فإن الحاكم سوف يجد نفسه يحتاج لصبر أكبر من صبر أيوب حتى يواصل تدعيم هذا الأساس، الحاكم الذى على نفسه بصيرة، سوف يجد نفسه وهو يعدل بين الناس ويحكم لفريق منهم بحقهم، مهاجَمٌ من الفريق الآخر الذى يتصور أنه أولى بهذا الحق، وهو إذ يحكم بالعدل متجنبا التأثر بشنآن قوم، ليسوا من ناسه يصبح أقرب للتقوى، لكنه سوف يجد نفسه ملزما بعدل يتضاعف مسئوليته إذ يرجع إلى نفسه وهو عليها بصيرا، فيجد الأمور ليست سهلة كما يتصور العامة، القاضى الذى حكم على ضباط السيدة زينب بالبراءة اليوم (28 ديسمبر 2011)، كان يعلم جيدا ماذا ينتظره (بل وينتظر القضاء كله) من هجوم وتشكيك وتشويه قبل أن يصدر حكمه الذى هو أساس جلوسه على هذا المقعد.

العلاقة موجودة بين لزوم العدل، وضرورة من يعرف معنى تعبير “تكوين عقيدة القاضى” الذى يستعمله رجال القضاء، ومدى صعوبة الوصول إليه، فالقاضى الأمين الذى قد يعانى من نقص الأدلة، ويختنق من مبدأ الشرعية الذى يسجن حركته داخل نصوص ثابتة محكمة “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” لابد أن يدرك الربط بين الصبر حتى لو وصف بالجمال وبين العدل الذى هو أساس الملك.

 ثم ننتقل الآن للجديد فى هذه الصحفة.

حين يُثبت الاستاذ أن “الاعتماد على النفس أساس النجاح” الأرجح عندى هو أنه لا يحكى قولا مرسلا شائعا، بل لعله يعلمنا، أو يسمح لنا أن نتعلم منه، بعدا أعمق، فبالرغم من أنه شخصيا هو المثال الاعظم فى شق طريقه، وتسيير مسار حياته بكل عناد وثقة واستغناء عن الوظيفة الجامعية، وعن الاستاذية، وعن السفر للخارج، وعن اللجوء إلى أية معارف يسهلون له طريق النشر حتى فى بدايات حياته، برغم حقيقة كل هذه الاستغناءات، فإنه لم يستغن عن العلاقات الشريفة المتبادلة مع أى ممن يجد عنده ما يريد، وعادة هم الذين يعرضون العون، المعادلة الصعبة كانت فى تحقيق حبه للناس بهذا الحميمية والتسامح والكرم والترحيب، وفى نفس الوقت اكتفائه بنفسه مثابرا متحديا حتى حقق نفسه عزيزا مكرما، ليس فقط بنوبل فمازالت هذه الجائزة تمثل عندى تكريما للجائزة، وتبرئة نسبية لبعض اختياراتها من بعض الشبهات، وليست دليلا فى ذاتها على تميزه.

ثم إن للنجاح عند محفوظ شأن آخر غير النجاح الشائع المتمثل فى كرسى سلطة ما، أو تحقيق تفوق على آخر أو تكاثر فى امتلاك للامتلاك، النجاح عند محفوظ هو المعادل الموضوعى للجهد المبذول والأمل المعقود فى إبلاغ الرسالة لصالح الناس والتواصل مع المتلقى بما ينبغى، كما ينبغى، بهذا النوع من النجاح بالصبر والمثابرة والصدق فى كل مراحل وتجليات حياته وخاصة فى الابداع، حقق نجيب محفوظ المعجزة.

ثم إنه لم يقل الاعتماد على النفس “أساس النجاح” بل قال “سياسة النجاح”، وهناك فرق: حيث السياسة تخطيط أما الأساس فقد يقتصر على الأرضية.

وأخيرا: عودة إلى  “لا تيأس من رحمة الله”

يا ترى هل عاد يخاطب نفسه فى ظروفنا الصعبة المتحدية هذه؟  أم أنه يخاطبنا نحن الذين نلتف حوله نتعلم من موقفه؟ أم يخاطب ناس مصر اليوم بالذات (2012) أنا لم أره يائسا أبداً، ومع ذلك فلم يفتر نهائيا فى مواصلة الحفاظ على الأمل هكذا، وليس أدلّ على ذلك من مواصلة الإبداع فى ظل هذه الظروف المستحيلة حتى آخر لحظة حين قرر أن يرحل!!

أفضل أن أتلقى هذه الرسالة لى شخصيا، ثم لنا الآن

وحين يؤكد شيخى أن صحبة الله (إن الله مع الصابرين) هى المشجع الأول، وأحيانا الأوحد لدرء اليأس فهو يقربنا إلى الله حسب كل ايجابيات ثقته ونوره الذى يشع من علاقته به.

ثم اختم القراءة بالرجوع إلى جملة متوسطة احترت فيها تقول:

 “الإبداع خلية مفاجآت”

بصراحة قرأتها فى المرة الأولى على أنها “خليقة” وليست “خلية”، ربما لقربها من التخليق والتخلق والتشكيل بمعنى الإبداع، لكننى حين فحصتها أكثر، وأيضا حين توقفت عند كلمة “مفاجآت” حضرتنى خبرة شخصية قديمة حين كنت أرعى بضع خلايا للنحل فى حظيرة والدى، وكان يكلفنى طفلا (حوالى العاشرة…..) لأهش عنها وأقتل الدبابير المهاجمة وكان يحاسبنى بعدد الدبابير التى أقتلها، على ما أذكر ربما كان الخمسة بقرش صاغ، وكنت كلما اقتربت من خلية النحل لأصطاد زنبورا مهاجما، كان النحل يهب علىّ بشكل مفزع (وأنا لابس الوجه الوقائى/الوش) فأتراجع ثم أواصل طمعا فى القرش صاغ: وكان هجوم النحل الذى أقوم بحمايته مفاجأة لى فى كل مرة برغم تكرار النص.

حضرتنى هذه الصورة حين قرأت “الإبداع خلية مفاجأت” (لاحظ غياب أداة التعريف الـ .. فقد كتب خلية “مفاجآت” وليس خلية “المفاجآت”)

فانتقلتُ من خلية النحل إلى خبرة الإبداع الحقيقى: المبدع يدخل الخبرة لا يعرف طريقه إلى أين، وقد تهب عليه الرؤى والأفكار ومستويات الوعى بشكل لم يتوقعه، فيصبر ويتراجع ويعود ويعاود، حتى ينجح برغم هجوم المفاجآت التى لم تحضر فى وعيه من البداية، ثم هو يبدأ، ويتحملها، ويتعامل معها، ويقلبها وهو يواصل التشكيل مستعدا لأية مفاجآة أخرى تهز ما بناه، وقد تغير اتجاهه، وقد تفجر ما لا يعرف …الخ.

هل كان الاستاذ يقصد مثل ذلك؟

ربما

شكرا يا شيخى فقد أهديتنى اليوم ذكريات عزيزة وعلمتنا سرا من أسرار الإبداع، كما تفعل الجديد أبدا.

*****

ملحوظة: “…فى صفحة (1) حلقة 25 /1/ 95 كتب الأستاذ “الله مع الصابرين”، فقط  بعد اسمىْ كريمتيه، ثم ألحقها بأنه “سبحان الملك الوهاب” لينهى التدريب بـ: “سلمى يا سلامة، وخفيف الروح بيتعاجب” وقد وصلتنى بهجته آنذاك بما جعلنى أشعر أن الربط بين “إن الله مع الصابرين”، حتى وصل إلى “خفيف الروح بيتعاجب” هو إعلان بهجة دليلا على أنه قد اختار الصبر بمحض إرادته، وأنه لا يشكو منه، بل يتمتع به.

أما فى نشرة 31-12-2009 صفحة (1&2) فقد الحق بمقولة “الصبر جميل” أنه  “نصيبك فى الحياة لازم يصيبك”، وكأنه يتقبل جرعات الواقع بشكل أكثر ألما وتحديدا واحتراما معا..”

قارن هذا وذاك بما خطر لى أثناء قراءة هذه الصفحة، وانتظر القراءة الشاملة.

[1] – برجاء ملاحظة حرف “u” بعد حرف “g” فى اسمه!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *