الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / أبواب وسراديب (4 من 4)

أبواب وسراديب (4 من 4)

نشرة “الإنسان والتطور”

17-2-2010

السنة الثالثة

  العدد: 901

 

 

أبواب وسراديب (4 من 4)

هذه الحالات ليست حالات إكلينيكية واقعية، ولا حتى مـُتخيلة بشكل روائى شعرى مطلق، ولا هى تصف أشخاصا بالذات، إنها من وحى الفروض العلمية العملية التى استلهمناها من مزيج من الحالات المرضية، والأصدقاء المشاركين، وتراكم الخبرة، وإلهامات الأسطورة الذاتية للمؤلف.

مقدمة:

اكتشفتُ مصادفةً أثناء بحثى فى حاسوبى أننى قمت بتحديث بداية هذه القصيدة بإضافة ستة أسطر لم أثبتها فى الحلقة الأولى من هذه السلسلة “أبواب وسراديب” (1 من 4)، وقد أرجعت سبب هذه الإضافة إلى أننى فزعت من نهاية هذه اللوحة (التى تمثلت فى العثور على طفل فى آخر سرداب وهو يبكى إذْ يتقلب فى “ماء النار”، وقد تجمد جلده (صدف ومحار) وهو لا يستطيع أن يصرخ، ولا حتى أن يموت، ومن هول هذه النهاية رجّحت أن تكون رؤيتى هذه هى مبالغة شديدة نتيجة الخوف من أن يكون هذا هو حقيقة داخل داخلنا إذا مضى الأمر هكذا، وقد تمنيت أن أكتشف خطئى: “أنا نفسى أطلع غلطان” حتى لا أرى كل هذه التشوية الذى يمكن أن يلحق بفطرتنا لأننا لا نراها أصلا، من فرط رعبنا أن نرى الحقيقة (“طفل بيتشوه، من كثر الخوف وسط العميان”).

هل يا ترى نجحت هذه المقدمة المضافة أن تخفف من هذه الرؤية المتألمة المرتعبة؟، هل يمكن أن ينجح هذا الاستدراك فى أن يفتح باب الأمل، إذا نحن غامرنا بالتعرف على بعضنا البعض بما هو نحن “خلقة ربنا”، وبالتالى استطعنا أن نحمل أمانة “أن نكون معاً”، بأقل قدر من إلغاء أحدنا للآخر، وبأكبر من قدر من التحمل للاستمرار، وبالتالى نستحق أن نكون بشرا بحق إذ نتعرف على حقيقتنا الجميلة؟؟

نبدأ هذه النشرة الأخيرة بتلك المقدمة المزيدة وأيضا سوف أنهى الحلقات بها، تأكيد الترجيح الأمل، مهما بلغ الخوف من احتمال مرارة الحقيقة العارية:

ما تيالاّ نقايس نستحملْ، نفضل مع بعض،

دا الموت الوغد بيتسحب من تحت الأرض،

إنما فيه بذرة منسيّهْ،

مِسْتنية،

نرويها نشوفها انها هيه،

تكبر، تمتد! ‏

بهذه السلاسة، تصورت أن المسألة، برغم كل السراديب الخادعة والنهاية المرعبة، لا تحتاج منا إلا أن نتذكر ما نسيناه، وما أنسانا إياه إلا الرعب والجشع الشيطانى أن نذكره، يبدو فعلا، كما يقول المتن فى هذه المقدمة أن كل ما علينا هو أن نُقِرّ بوجود هذه الطبيعة الجميلة الحيوية كأصل للوجود البشرى، وأنها قابلة للنمو والترعرع بمجرد أن نعترف بها ونطلقها على سجيتها معاً “بذرة منسية، مستنية، نرويها نشوفها انها هيّه، تكبر تمتدْ.

وبعد

بعد جرعة التخفيف هذه، ربما يمكننا أن نتحمل أن نواصل فتح آخر الأبواب، الذى فتح لنا حين حاولنا –ساخرين- أن ندفع بخدىّ “الموناليزا” إلى أعلى حتى نمحو ابتسامتها الغاوية الغامضة الواعدة، وإذا باللوحة تتحرك، ونكتشف أنها هى هى الباب الأخير، الذى يظهر من ورائه سرداب يؤدى إلى هذه الصورة هكذا:

….

والساحر قاعد متّـاخِـر،

والآخِـرْ، ما بايلنـْلوش آخِـر.

وعيونه بتوعدْ،

من غير وعد.

يا‏ ‏ترى ‏حانـلاقى ‏قلب‏ ‏نضيفْ‏ ‏وصغيـّر‏ ‏وبرىء ‏،‏

كما‏ ‏قلب‏ ‏العصفور‏ ‏فى ‏الجنة‏؟

ولا‏ ‏حانـلاقى ‏نقايـة‏ ‏مـشمـش‏، ‏مافيهاش‏ ‏ريحـة‏ ‏الـروح‏.‏

واذا‏ ‏حـتـى ‏اتكسرتْ‏،  ‏مرارِتْهَـا‏ ‏صـعْـب‏ْْ ‏؟‏

ويأتى الجواب بظهور ما وراء هذا الباب الأخير وهو تشكيل يعلن التحذير من المراوغة وإخفاء البشاعة وراء وجه أملس ، بالغ البراءة، أو حتى هو يورى كأنه الجمال الخادع، كل هذا تجسد لى فى اسطورة “دوريان جراى”

الشاب‏ ‏وسيم‏ ‏وحليوه‏ .. ‏واقف‏ ‏مـنـطور‏،‏

‏ ‏والوش‏ ‏بريء‏ ‏ربـانـي‏.‏مافيهوش‏ ‏ريحة‏ ‏التعبير‏،‏

لكنْ باينْ، وكإنه جميلْ،

‏ ‏واسمه‏ “‏دوريان‏” ‏

هوا‏ ‏انتِ‏؟ ‏إلصوره‏ ‏اياها؟

ودا‏ ‏صاحبك‏ ‏إللى ‏اتمنى ‏ف‏ ‏يوم‏ ‏يخدعنا‏ ‏

‏ ‏ما‏ ‏تبانـشـى ‏عليه‏ ‏بصمات‏ ‏السن‏،‏

ولا‏ ‏خـتم‏ ‏الشـر‏، ‏ولا‏ ‏صـوت‏ ‏لـضمـير‏.‏

وان‏ ‏كان‏ ‏لازم‏ ‏تتسجل‏ ‏كل‏ ‏عمايـلـه‏:‏

راح‏ ‏عامل‏ ‏صورة‏ ‏يبان‏ ‏فيها‏ ‏التغيير‏.‏

وكإنها‏ ‏صـورة‏ ‏الحــق‏ ‏الجـوانـى ‏الـبـشع‏ ‏العـريـان‏”. ‏

‏قصة‏ ‏صورة‏ “دوريان‏ ‏جراى” ‏لأوسكار‏ ‏وايلد‏” أشهر من أن تحكى،‏ ‏فكرت‏ ‏أن‏ ‏أكتب‏‏ ‏موجزا لها‏، ‏إلا‏ ‏أنى ‏اكتفيت‏ ‏بما‏ ‏ورد‏ ‏فى ‏المتن‏ ‏هنا‏، ‏أما‏ ‏ورود‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏على ‏هذا‏ ‏العمق‏ ‏الرابع‏ ‏فى هذا التشكيل‏، ‏فكان‏ ‏تعبيرا‏ ‏عن ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏البراءة‏ ‏والهدوء‏ ‏والتلميح بالخلود‏ ‏فى ‏المستوى ‏السابق ‏(موناليزا)، ‏لا‏ ‏يدل‏ ‏على ‏عجز‏ ‏فقط‏ ‏عن‏ ‏مواجهة‏ ‏الواقع‏ ‏بل‏ ‏إنه‏ ‏قد‏ ‏يخفى ‏وراءه ‏نقيضه ‏تماما  ‏

هذ‏ه ‏القضية‏ ‏تواجهنى ‏بشكل‏ ‏مؤلم‏ يحذرنى ‏كثيرا‏ ‏من تصديق ظاهر ‏رقة‏ ‏الناس‏ ‏وبراءتهم‏ ‏فى ‏مجتمع‏ ‏قاهر‏ ‏قاس‏ كما هو حالنا الآن، ‏وقد‏ ‏تكرر إعلان‏ ‏شكى ‏فى ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏نقطة‏ ‏وصورة‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏العمل‏ (‏راجع‏ ‏مثلا‏ ‏العين‏ ‏الرابعة نشرة 29-9-2009 ” نحب؟ أم “نلعب حبا”؟)، ونشرة “الحب بالراحة”

الحذر‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏البريئة‏ ‏والبسمة‏ ‏الفطرية‏ ‏الساحرة‏.. ‏هو‏ ‏حذر‏، ‏الانخداع‏ ‏بها‏ ‏وهى‏ ‏تخفى ‏وراءها‏ ‏الوجه‏ ‏الآخر‏ ‏لبشاعة‏ ‏الوجود إذا‏ استسلمنا لها ولم نعتبرها مجرد بداية لرحلة النمو والجدل فى مواجهة بشاعة تشويه التركيب البشرى حين تنفصل طبقاته عن بعضها البعض، فتصبح عرضه لنهش أى ظالم مفترس.‏

‏بعد‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏الرحلة‏ ‏الطويلة‏ ‏والافتراضات‏ ‏المتلاحقة‏، ‏تركنى ‏صاحب‏ ‏هذه‏ ‏العيون‏ ‏فى ‏حيرة‏ ‏من‏ ‏أمره‏ ‏لا‏ ‏أدرك‏ ‏ماذا‏ ‏يقبع‏ ‏فى سراديب ‏أغواره‏ فى نهاية النهاية، ‏بصراحة، عزوتُ هذا الغموض بسبب تكثيف كل هذه الطبقات هكذا،‏ ‏إلى أنه قد ‏أسقط‏ ‏كل‏ ‏ضعفه‏ ‏وشره‏ ‏وقسوته‏ ‏ونوازعه‏ ‏على ‏شريكه هذا‏ وهو (هى) أقرب الناس إليه .. ‏وبذلك‏ ‏بدا‏ ‏هو‏ ‏رائق‏ ‏رقيق‏ ‏ملغز‏، ‏فى حين بدا‏ ‏هذا‏ ‏القريب‏ الحميم ‏مشوها‏ ‏عاجزا‏.. ‏وهذا‏ ‏أشبه‏ ‏بما‏ ‏يعرف‏ ‏فى ‏الطب‏ ‏النفسى ‏بالجنون‏ ‏المُقحم‏ Folie imposé ‏الذى قابلته متواترا فى خبرتى فى ثقافتنا بالذات حين رحت أشاهده فى بعض حالات الإدمان التى أسميتها “الإدمان بالنيابة” حين يدمن الابن نيابة عن والده، أو بعض حالات الانفلات الجنسى بالنيابة حين تنحرف البنت “نيابة” عن أمها …الخ

وبعد

‏لقد‏ ‏أردت‏ من مجمل هذا التشكيل ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏أوضح‏ ‏مدى ‏الصعوبة‏‏ ‏فى ‏إدراك‏ ‏طبقات‏ ‏النفس‏ ‏حين تغطى إحداها الأخرى وكيف أن علينا ألا نتوقف عند مستوى تحتىّ وكأنه نهاية المطاف مهما بدا مفاجأة، فربما وراءه ما هو أكثر غورا وأهم دلالة.

 ‏الفقرة‏ ‏الأخيرة فى المتن‏ ‏كانت من البشاعة والإرعاب ما جعلنى أخففها بالمقدمة المزيدة التى جاءت فى أول هذه النشرة، والتى سنكررها – كما قلنا – فى نهاية القصيدة أيضا.

إنما‏ ‏دى ‏الصورة‏ ‏هنا‏ ‏مايعه‏ ‏؟‏.‏

ما‏ ‏يكونشى ‏جواها‏ ‏البـِشــعه؟

أقلـبـها‏:‏

يظهر‏ ‏لى ‏الباب‏ ‏الأخراني‏.‏

دا‏ ‏مفيش‏ ‏ورا‏ ‏آخر‏ ‏باب‏، ‏ولا‏ ‏أوده‏ ‏ولا‏ ‏بواب‏!!‏

 (5)‏

والاقيلك‏ ‏بحر‏ ‏التيه‏، ‏من‏ ‏تحت‏ ‏البحر‏ ‏الميت‏،‏

والطفلة‏ ‏الغلبانة‏ ‏بتبكى، ‏ولا‏ ‏حد‏ ‏شايـفــها‏ .‏

والميه‏ ‏مية‏ ‏نار‏، ‏والجلد‏ ‏صدف‏ ‏ومحار‏،‏

لا‏ ‏هى ‏قادره‏ ‏تصرّخ‏، ‏ولا‏ ‏راضية‏ ‏تموت‏. ‏

 

يا‏ ‏ترى ‏يا‏ ‏جماعه‏ ‏الطفله‏ ‏دهه‏ “‏صورة‏، ‏صورة‏” ‏دوريان؟

‏ ‏ولا‏ ‏انا‏ ‏غلطان‏ ‏؟‏ ‏

أنا‏ ‏نفسى ‏أطلع‏ ‏غلطان‏،‏

أحسن‏ ‏ما‏ ‏أشوف‏:‏

طفل‏ ‏بيتشوهْ‏، ‏

من‏ ‏كتر‏ ‏الخوفْ‏،‏

وسط‏ ‏العميانْ‏.‏

ملحق الحلقة الأخيرة

اعتذاراً عن احتمال تشويه المتن الشعرى بهذا التشريح الشارح للأسف، نختم حلقات هذه اللوحة – كما فعلنا فى الحلقة الأولى- بإعادة نشر المتن مجتمعا بعد ما أمضينا معه شهرا كاملا نفتح أبوابا، ونتوه فى سراديب،

لعل فى الإعادة فائدة أن تتصدر القصيدة تلك الفقرة المزيدة التى تتركنا آملين بكل المسئولية والتحدى والحفز للفعل معاً، وأيضا أن ننهيها بها، وكأننا نضعها بين “قوسين من الأصل القادر”

‏(1)

ما تيالاّ نقايس نستحملْ، نِفضَل مع بعض،

دا الموت الوغد بيتسحب من تحت الأرض،

إنما فيه بذرة منسيّة،

مستنيّة،

نرويها نشوفها انها هيه،

تكبر، تمتد! ‏

‏(2)

وعيون‏ ‏عمّالة‏ ‏بتوعدْ‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏وعْـد‏.‏

بِتْشاوِرْ: ‏على ‏باب‏ ‏مكتوب‏ ‏فوق‏ ‏منه‏:

 “‏سرداب‏ ‏السعد”‏، ‏

بوابة‏ ‏تصب‏ ‏فْ‏ ‏بوابةْ‏، ‏

والجنَّى ‏بينفُخْ‏ ‏فى ‏الغابةْ‏،‏

والبَنُّورةْ‏ ‏قْـدَّام‏ ‏الساحر‏ْْ،‏

والآخِـرْ‏: ‏ما‏ ‏بايِـنْـلُوشْ‏ ‏آخِـرْ‏.‏

يا‏ ‏ترى ‏حانـْلاقى ‏قلب‏ ‏نضيفْ‏ ‏وصْـغّيـر‏ ‏وبرئ،‏

كما‏ ‏قلب‏ ‏العصفور‏ ‏فى ‏الجنّة‏،‏

ولاّ‏ ‏حانـْلاقىِ ‏نَقَايـَةْ‏ ‏مـِشْمـِشْ‏، ‏جامدة وخايفه وملمومة

واذا‏ ‏حـَتّـى ‏اتكسرت‏ْْ، ‏مرارِتْهـَا‏ ‏صـَعْـبْ‏‏؟‏ ‏

(3)‏

ولقيت‏ ‏فى ‏الأول‏ ‏صورة‏ ‏البومة

بتبصْ‏، ‏وتبحلقْ‏:‏

وتقول‏ ‏جرَى ‏إٍيه‏ْْ‏؟

بتبصـُّولـِى ‏ليهْ‏‏؟

أنا‏ ‏مالِى‏؟

‏ ‏حوَالىّ ‏خراب‏ْْ‏؟

دا‏ ‏خرابـْكُم‏ْْ ‏إٍنتمْ‏.‏

دانا‏ ‏كترَّ‏ ‏خيرى‏.‏

عماله‏ْْ ‏بازَعّق‏ ‏وأقول‏ْْ:‏

‏”‏فيه‏ ‏لسَّه‏ْْ ‏حياة‏ .. ‏حتى ‏فى ‏خرابهْ‏”. ‏

تكونوش‏ ‏عايزينْهَا‏،

تِخْرَب‏ ‏فى ‏السر‏ْْ‏؟

“خليها تعدّى”، “خلّيها تمرّ” !

 

ولا حد ينبّه، ولا حد يزنّ

والإسم حياة، والفعل ” كإن”

وبدال ما نغيّر، نِحْكِى ونفنّ ؟

(4)

وِأقَرَّبْ‏ ‏أكتر‏ ‏مالصَّوره‏ْْ،‏

وأبص‏ ‏ف‏ْْ ‏عين‏ ‏البومه‏.‏

واستغرَب‏ْْ!

دى ‏عيونها‏ ‏إزاز‏.‏

عاملين‏ ‏كده‏ ‏ليه؟

حسِّس‏، ‏جرَّب‏، ‏يمكن‏ْْ،‏

وألاقى ‏العين‏ ‏مش‏ ‏عين‏،‏

‏ ‏دِى ‏زْرَار‏ْْ،‏

‏ ‏وأجرّب‏ ‏أزق‏ُّّ. ‏تتحرك‏ ‏كُـلِّ‏ ‏الصوره‏،‏

والباب‏ ‏التانى ‏يْبان‏:‏

‏(5)‏

الشيخ‏ ‏قاعدْ‏ ‏وِشُّهْ‏ ‏منوّرْ‏،‏

‏ ‏مركون‏ ‏على ‏عصا‏ ‏بيفكر‏.‏

وعنيه‏ ‏بتشع‏ ‏الحكمة‏ْْ.‏

‏ ‏دا‏ ‏شبـهْ‏ ‏سيدنا‏ ‏سليمان‏ ‏

وعيالْ‏ ‏لاِيّامْ‏ ‏دِى ‏غـَلاَبـَهْ‏، ‏

لافى ‏عَـصـَا‏ ‏تـرِْْحَـمْـهُم‏ْْ ‏ولا‏ ‏حـِكْمَة‏،‏

‏ ‏مـِن‏ ‏مـَسَّ‏ ‏الجـَان‏ْْ ‏

والجان‏ْ ‏أيَّامْنَا‏، ‏لابسين‏ ‏جلد‏ ‏الإنسانْ‏. ‏

ولا‏ ‏عاد‏ْْ ‏بـِيْهم‏ ‏الواحد‏ْْ ‏منهم‏ ‏سورة‏ “‏الكرسى‏”، ‏

‏ ‏ولا‏ ‏سورة‏ “‏الناسْ‏”.‏

والحكمة‏ْْ ‏مـَا‏ ‏مَـاتـِتْ‏ ‏مـِنْ‏ ‏مُدَّه‏ْْ.‏

ما‏ ‏فاضلشى ‏إلا‏ ‏الحكمة‏ ‏الموضه‏ْْ،‏

تِلقَاهَا‏ ‏مَلْفُوفهْ‏، ‏

حوالين‏ ‏حِتَّة‏ْ ‏شكولاتهْ‏، ‏جوّا‏ ‏الصالونات‏.‏

‏- ‏إٍلحقنا‏ ‏يا‏ ‏عمّى ‏الشيخ‏ ‏شُفْـنَا‏ .‏

‏ – “‏أَلحقكو‏ ‏ازاىْ؟‏ ‏

إنت‏ ‏اهبل‏‏ْ؟‏ ‏ولاّ ‏بْـتـِسـتهِبلْ؟‏

‏دَانـَا‏ ‏صورهْ‏”. ‏

وأَبُص‏ ‏كويسْ‏.‏

‏”‏دى ‏النملة‏ ‏بتزحف‏ ‏فى ‏بياضها‏”.‏

وعيون‏ ‏الحكمة‏ ‏الصابرة‏ ‏الغرقانة‏ ‏فْ‏ ‏بحر‏ ‏آلام‏ ‏الناس‏،‏

تستنجد‏ ‏بىَّ:‏

‏- ‏إعمل‏ ‏معروف‏ ‏شيل‏ ‏النملة‏ ‏دى ‏بتقرصنى،‏

دَانَا‏ ‏صوره‏ْْ، ‏دَانـَـا‏ ‏ميِّـتْ‏،‏

وعَصاتى ‏السوسْ‏ ‏بهدلها‏،‏

حانْكِفىِ ‏عـَلـَى ‏وِشِّى ‏تَو‏ْ ‏مَا‏ ‏تبقى ‏دِقـِيقْ‏،‏

والكل‏ ‏حايفرح‏.‏

‏ “‏دقِّـى ‏يا‏ ‏مزيكا‏ ،‏

‏ ‏شمِّمنا‏ ‏يا‏ ‏ويكا‏”.‏

‏ “‏إعمل‏ ‏معروف‏ ‏شيل‏ ‏النملة‏” .‏

وِأَحاول‏ ‏اشيِلها‏،‏

أًتاريها‏ ‏التانية‏ ‏زرار‏،‏

والباب‏ ‏المسحوْر‏ ‏بـِيْــزَيـَّقْ‏. ‏

 (6)‏

هوّا‏ ‏انْتِ‏؟

بالبسمة‏ ‏الهاديهْ‏ ‏الناديةْ‏،‏

والعين‏ ‏اللى ‏بْتجرِى ‏وراكْ‏ ‏بِحنانْهاَ‏،‏

‏ ‏وْبتـنِـْدهـَلـَك‏ْْ ‏ماطْرحْ‏ ‏ماتْـرُوحْ‏.‏

هوّا‏ ‏انتِ‏؟‏ ‏موناليزا‏ ‏الطاهرة‏ ‏الفاجرة‏‏؟‏ ‏

الواحد‏ ‏عايز‏ ‏إِيه‏ ‏غير‏ ‏بسمة‏ ‏حُبْ‏، ‏وِحنَان‏ْْ،‏

والصدق‏ ‏الدافىِ ‏وْكُلِّ ‏الطيبَهْ‏ ‏يـْـلِـفــُّـونى،‏

وكإن‏ ‏الشر‏ ‏عمرُه‏ ‏ما‏ ‏كان‏.‏

وكإن‏ ‏الدنيا‏ ‏أمان‏ ‏فى ‏إيمان‏،‏

وكإِن‏ ‏البسمه‏ْْ ‏الصادقة‏ ‏تْدَوِّبْ‏ ‏أيها‏ ‏حقد‏، ‏وأيـُّـهَا‏ ‏خوف‏. ‏

‏….‏

جرى ‏إيه‏؟‏ ‏الواحد‏ ‏كان‏ ‏حايصدق‏، ‏وكإن‏ ‏الصورهْْ‏ ‏حقيقـَهْ؟

يا‏ ‏أخينا‏: ‏

مين‏ ‏المسئول‏ ‏عن‏ ‏بعضيـنَا‏‏؟

عن‏ ‏أكل‏ ‏العيشْ؟‏ ‏

عن‏ ‏قتل‏ ‏الغدر؟

عن‏ ‏طفل‏ ‏عايزْ‏ ‏يِتَربَّى ‏وِسْط‏ ‏المْكَنِ‏، ‏القِرْشْ‏ ‏الدَّوْشَه‏ ‏الدَّمْ‏؟

عن‏ ‏جوع‏ ‏الناس‏‏ْ؟‏ ‏

عن‏ ‏بيع‏ ‏الشرف‏ ‏الأَمل‏ ‏اْلبُكْرَه‏: ‏امبارح‏ْْ‏؟

وأبصّ‏ ‏لْهَــا‏ ‏تانى ‏واقول‏:‏

بالذمه‏ ‏بتضحكى ‏على ‏إيه‏ْْ؟

دى ‏البسمة‏ْْ ‏الحلوة‏ْْ ‏الرايقة‏ْْ ‏المليانـَهْ‏ ‏حنانْ‏ .. ‏وخلاصْ‏،‏

‏ ‏يمكن‏ ‏تبقى ‏مصيبه‏ ‏الأيام‏ ‏دِى!

حا‏ ‏تخلِّى ‏الواحد‏ ‏يتهيأ‏ ‏لـُه‏ ‏إٍن‏ ‏الدنيا‏ ‏بخير‏، ‏وينْامْ‏، ‏

يحلم‏ ‏بالجنه‏ْْ…،‏

وِخلاصْ‏ْْ!‏

وعشان‏ ‏أبـْعـد‏ِْْ ‏تأثيرها‏:‏

قهقهت‏ ‏كما‏ ‏بْـتُـوع‏ ‏الحـتِِّــهْ‏،‏

فى ‏المُــولـدِْ‏.‏

بصِّيتْ‏ ‏لـلصـُّورَهْ‏،‏

طَلَّعتِ‏ ‏لـْسـَانـِى:‏

تكشيره‏ْ ‏امّال‏..! .. ‏كـدَِهـُه‏ْْ!‏

‏ ‏تبويزه‏ ‏امّال‏..! .. كـدَِهـُه‏!”‏

وتغيظنى ‏ولا‏ ‏تـبـوزش‏. ‏

وأنا‏ ‏أعمل‏ ‏عقلى ‏بعـقلـيـها‏ ‏من‏ ‏كـتر‏ ‏الغـيظ‏، ‏

‏ “‏بـلا‏ ‏نيلة‏ ‏بتضحكى ‏على ‏إيه‏ ‏؟‏”‏

وأحاول‏ ‏اشوه‏ ‏ضحكتها‏، ‏وأغطيها‏، ‏

‏ ‏يا‏ ‏خرابى !!‏

الصوره‏ ‏دى ‏رخره‏ ‏بتتحرك‏، ‏

وبيفتح‏ ‏باب‏:‏

‏‏(7)‏

الشاب‏ ‏وسيم‏ ‏وحليوه‏ .. ‏واقف‏ ‏مـنـطور‏،‏

‏ ‏والوش‏ ‏بريء‏ ‏ربـانـي‏.‏مافيهوش‏ ‏ريحة‏ ‏التعبير‏،‏

‏ ‏واسمه‏ “‏دوريان‏” ‏

هوا‏ ‏انتَ‏ ‏الصوره‏ ‏اياها؟

ودا‏ ‏صاحبك‏ ‏إللى ‏اتمنى ‏ف‏ ‏يوم‏ ‏يخدعنا‏ ‏

‏ ‏ما‏ ‏يبانـشـى ‏عليه‏ ‏بصمات‏ ‏السن‏،‏

ولا‏ ‏خـتم‏ ‏الشـر‏، ‏ولا‏ ‏صـوت‏ ‏لـضمـير‏.‏

وان‏ ‏كان‏ ‏لازم‏ ‏تتسجل‏ ‏كل‏ ‏عمايـلـه‏:‏

راح‏ ‏عامل‏ ‏صورة‏ ‏يبان‏ ‏فيها‏ ‏التغيير‏.‏

وكإنها‏ ‏صـورة‏ ‏الحــق‏ ‏الجـوانـى ‏الـبـشع‏ ‏العـريـان‏”. ‏

أقلـبـها‏:‏

يظهر‏ ‏لى ‏الباب‏ ‏الأخراني‏.‏

دا‏ ‏مفيش‏ ‏ورا‏ ‏آخر‏ ‏باب‏، ‏ولا‏ ‏أوده‏ ‏ولا‏ ‏بواب‏!!‏

إنما‏ ‏دى ‏الصورة‏ ‏هنا‏ ‏مايعه‏ ‏؟‏.‏

ما‏ ‏يكونشى ‏جواها‏ ‏البـِشــعه؟

والاقيلك‏ ‏بحر‏ ‏التيه‏، ‏من‏ ‏تحت‏ ‏البحر‏ ‏الميت‏،‏

والطفلة‏ ‏الغلبانة‏ ‏بتبكى، ‏ولا‏ ‏حد‏ ‏شايـفــها‏.‏

والميه‏ ‏مية‏ ‏نار‏، ‏والجلد‏ ‏صدف‏ ‏ومحار‏،‏

لا‏ ‏هى ‏قادره‏ ‏تصرخ‏، ‏ولا‏ ‏راضية‏ ‏تموت‏. ‏

 

يا‏ ‏ترى ‏يا‏ ‏جماعه‏ ‏الطفله‏ ‏دهه‏ “‏صورة‏، ‏صورة‏” ‏دوريان؟

‏ ‏ولا‏ ‏أنا‏ ‏غلطان‏‏؟‏ ‏

أنا‏ ‏نفسى ‏أطلع‏ ‏غلطان‏،‏

أحسن‏ ‏ما‏ ‏اشوف‏:‏

طفل‏ ‏بيتشوه‏، ‏

من‏ ‏كتر‏ ‏الخوف‏،‏

وسط‏ ‏العميان‏.‏

ثم نعيد المقدمة، الأمل، التراجع إلى الأمل:

ما تيالاّ نقايس نستحملْ، نِفضَل مع بعض،

دا الموت الوغد بيتسحب من تحت الأرض،

إنما فيه بذرة منسيّة،

مستنيّة،

نرويها نشوفها انها هيه،

تكبر، تمتد! ‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *