الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الحالة‏ ‏(3) : القط النمر بداخلنا (3 من 3) : خايف تِفْعصنى انت وهوّه، وتقولوا بنْحِبّ!!

الحالة‏ ‏(3) : القط النمر بداخلنا (3 من 3) : خايف تِفْعصنى انت وهوّه، وتقولوا بنْحِبّ!!

نشرة “الإنسان والتطور”

22-9-2009

السنة الثالثة

 العدد: 753

image002

الحالة‏ ‏(3)

القط النمر بداخلنا (3 من 3)

خايف تِفْعصنى انت وهوّه، وتقولوا بنْحِبّ!!

انهيت الجزء الثانى من هذه الحالة قائلا: إن من أخطر المواقف التى قد يمر بها المريض البارنوى (أو أى إنسان يمر بحدة فى مرحلة الموقف البارنوى) هو أن “يتخلى” عن دفاعات الكر والفر، والتوجس والتآمر، فيتراخى “يسيب نفسه” مطمئنا (جدا أو فجأة!!)، أو بتعبير أدق: أن يجرب خبرة الطمأنينة، قبل أوانها، الخطورة تأتى من أنه قد ينقلب فجأة إلى كائن طيب، رخو، هلامى يكاد يكون بلا دفاعات، ومن ثم بلا حول ولا قوة.

اكتشفت أننى صورت هذا الموقف من قبل فى ديوانى “سر اللعبة” بالفصحى فى قصيدة أخرى هى “جبل الرحمات”، (مَنْ يعطى جبل الرحمات الرحمة؟!)، وجدت أن هذا الموقف الباكر يتميز عن الموقف هنا فى أنه أدق وصفا لهذه المغامرة غير المحسوبة عادة، فى هذه القصيدة الحالية من أغوار النفس، سمح الشخص لنفسه أن يتنازل عن دفاعاته بمجرد أن بلغه أن الآخر (الآخرين) لم يتركوه، ولم يكذّبوه: “لسّه‏ ‏حوالىّ ‏ماحدّش‏ ‏خاف‏، ‏ولاَ‏ ‏كدّبنى؟ طب‏ ‏هِه‏ْ: راح‏ ‏اسيبْ‏”،

وهكذا ترك نفسه لهم، فى أمان واعد، وإن كان غير مضمون. فماذا حدث؟

ننظر أولا فى الموقف الأصعب فى القصيدة الباكرة جبل الرحمات، (وقد تناولتُه بالتفصيل فى الكتاب الأول “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” (ص 285- ص 307):

..للضعف الصادق، فى ظل حنان الناس، دورٌ أقوى، وتساقط‏ ‏دمعى ‏أكثرْ‏‏، والتف‏ ‏الكل‏ ‏حوالىّ، يغمرنى ‏بحنان‏ ‏صادق، ‏هدهدة‏ ‏حلوة، ‏وتكورّ‏ ‏جسدى ‏مؤتنسا، ‏فى ‏حضن‏ ‏الودّ‏ ‏ودغدغدته، ‏واهتز‏ ‏كيانى ‏بالفرحة، ‏ليست‏ ‏فرحة، ‏بل‏ ‏شيئا‏ ‏آخر‏ ‏لا‏ ‏يوصف: ‏إحساس‏ ‏مثل‏ ‏البسمة، ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏النسمة‏ ‏فى ‏يوم‏ ‏قائظ، ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏الموج‏ ‏الهادئ ‏حين‏ ‏يداعب‏ ‏سمكة،‏أو‏ ‏مثل‏ ‏سحابة‏ ‏صيف‏ ‏تلثم‏ ‏بََرد‏ ‏القمة، ‏أو‏ ‏مثل‏ ‏سوائل‏ ‏بطن‏ ‏الأم‏ ‏تحتضن‏ ‏جنينا‏ ‏لم‏ ‏يتشكل‏، أى ‏مثل‏ ‏الحب‏..، ‏بل‏ ‏قبل‏ ‏الحب‏ ‏وبعد‏ ‏الحب، ‏شئ ‏يتكور‏ ‏فى ‏جوفى ‏لا‏ ‏فى ‏عقلى ‏أو‏ ‏فى ‏قلبى،  ‏وكأن‏ ‏الحبل‏ ‏السرى ‏يعود‏ ‏يوصلنى ‏لحقيقة‏ ‏ذاتى .. ، هو‏ ‏نبض‏ ‏الكون‏ ‏،هو‏ ‏الروح‏ ‏القدسى، أو‏ ‏الله‏.‏

واقع الحال أن هذا الموقف لا يمكن أن يصل إلى وعى صاحبه لا اثناء العلاج، ولا فى خبرات النمو، بهذه التفاصيل المحددة، ليس لأنه لا يحدث، وإنما لأنه إذا حدث بكل عمقه هكذا، لا يستغرق أكثر من ثوان، بل أقل، لكنه يحدث، ويتجلى فى الإبداع كما يتجلى فى الجنون، ونحن لا ندرك عادة إلا آثاره الإيجابية، أو السلبية،على المدى الطويل، الآثار السلبية هى الأكثر تواترا إذا لم نحسن الإعداد، والاستعداد له، وهى تحدث غالبا نتيجة لسوء التوقيت، واستسهال التخلى والنسيان البعدى.image003

أشرنا، وسوف نشير كثيرا إلى هذه اللحظات الشديدة القصر، التى تتم فيها النقلات النوعية المتناهية الصغر (والتى لها علاقة بحدْس اللحظة عند باشلار، وربما فاليمفتوثانية عند زويل)، هذه اللحظات الدقيقة جدا، يعرفها المعالج بحدسه اليقظ أكثر مما يرصدها بملاحظاته وحساباته، أما المريض (أو أى شخص ينمو)، فهو عاجزعادة عن رصدها إلا إحساسا غامضا إجماليا، لكن مهما ضؤلت هذه اللحظات، ومهما استعصت على الوصف، فإنها تثبت أن لها  أثر باق حقيقى وممتد، ولو بعد سنوات، لسنوات،

 ولعل محمود درويش كان يعنى شيئا من ذلك فى قصيدته «أثر الفراشة».. يقول درويش:

«أثر الفراشة لا يُرَى

أثر الفراشة لا يزول

هو جاذبيةُ غامضٍ يستدرج المعنى، ويرحلْ

حين يتضح السبيلُ

هو خفة الأبدىِّ فى اليومى ّ

أشواق إلى أعلى

وإشراق جميل

هو شامة ٌفى الضوء تومئ

حين يرشدنا إلى الكلماتِ

باطننا الدليل

هو مثل أغنية تحاول ُ

أن تقول، وتكتفى

بالاقتباس من الظلالِ

ولا تقول..

أثر الفراشة لا يُرَى

أثر الفراشة لا يزول!»

المسئولية العلاجية بالذات (والعلاقاتية عامة) المحيطة  بهذه اللحظات العابرة الزاخرة الغامضة هى جسيمة فعلا، ومتى شعر المعالج باحتمال مرور مريضه بمثل هذه الخبرة مهما ضؤلت، فإنه لو غامر بالسماح بها، فلا بد  أن ينتبه إلى ما يمكن أن يترتب عليها، من فرصة رائعة وتغيير جذرى، أو من نكسة تراجع فاندمال بشع.

 إن التخلى عن مثل هذا الشخص (أو المريض) الذى أمِنَ فترك نفسه بلا دفاعات فى رحاب من اعتقد أنه أهل لثقته ولو للحظة أو بعض لحظة هو من أكبر الأخطاء التى يمكن أن تـُرتكب على مسار العلاج، والحمد لله أن قلة من المعالجين هم القادرون على التلويح بمثل هذا الأمان، أو السماح به، لكن المريض، من فرط وخز شوك الموقف البارانوى، ولهيب توجسه وحذره، قد يغامر بخوض التجربة من تلقاء نفسه بدون اختبار احتمال استعداد المعالج أن يتحمله، إن ذلك إذا ما حدث بمبادرة من المريض أو بدعوة ضمنية من المعالج، فإنه ينبغى أن يسارع المعالج بالتواجد المحيط الواثق بجوار المريض، فى متناوله، ولكن من على مسافة مناسبة، حتى لا يتمادى المريض فى الأمل فى الركون إلى أمان مطلق (عادة  حسب تصوره)، أمان يسحبه إلى احتمال الامحاء فى الرعاية الحاوية، ومن ثَمَّ يجد نفسه فى موقف الاحتواء، المغرى بالانسحاب للموقف الشيزيدى ربما بغير رجعة.

الصورة فى قصيدة “جبل الرحمات” تشير إلى خطورة التخلى، حين يتحقق احتمال أن “الآخر”  (الآخرين) لم تبلغه (تبلغهم) هذه النقلة، فيتمادى فى “الكر” دون “الفر” وهو يطلب الإذعان من شخص ألقى سلاح دفاعاته فعلا: (‏‏…. ‏واستسلمتْ، لكنْ‏ ..، ‏لكن‏ْ…، ‏ماذا‏ ‏يجرى؟؟‏ ‏وتزيد‏ ‏الهدهدة‏ ‏علوا‏ .ماذا‏ ‏يجرى؟‏ ‏تعلو ‏أكثر‏ ‏، ليس‏ ‏كذلك‏..، تعلو‏ ‏أكثر)

ولا يتبين الذى يمر بهذه التجربة مدى الخدعة فى أول الأمر، فيظل يستقبل الرسائل آمنا فى البداية، مع احتمال دهشة وبدايات توجس، ولكنه رويدا رويدا يتبين كيف تنقلب الهدهدة إلى صفع، وركل، وطعن، وقد يتأخر إدراك ذلك حتى يكون الأوان قد فات فيعجز الشخص (أو المريض)  أن يستعيد آليات كرّه وفرّه بالرجوع إلى الموقف البارانوى، (“‏‏ليست‏ ‏هدهدة‏ ‏”بل‏ ‏صفعا‏”‏، تعلو‏ ‏أكثر‏، بل‏ ‏ركلاً‏ ‏ضربا‏ً ‏طحنا‏َ، تعلو‏ ‏أكثر‏، أنياب‏ ‏تنهش‏ ‏لحمى، الكلب‏ ‏الذئب‏ ‏انتهز‏ ‏الفرصة‏، اغتنم‏ ‏الضعف‏ ‏وأنى ‏ألقيت‏ ‏سلاحى.)

هذا الموقف يمكن تعميمه إلى بعض المواقف العامة فى الحروب خاصة، حين تستغل الهدنة، أو وقف إطلاق النار، للتجهيز لانقضاض خادع، بعد انخداع أحد الطرفين بإلقاء سلاحه، أو استرخاء دفاعاته، (لا أريد أن أشير إلى هدنة 48 فى فلسطين وما بعدها، وما بعدها، وما بعدها. خلنا فى موقفنا الفردى هنا):

فى حالة حدوث سوء التوقيت هذا، على مسار العلاج، بما يترتب عليه ما ذكرنا بما يمكن أن  ينتهى إليه من تراجع، ومهانة، وإحباط، إذا حدث ذلك  فإن معاودة طرح استعادة الثقة بالمعالج، أو بالوسط العلاجى، تصبح أصعب مما كانت عليه قبل بداية العلاج بشكل أو بآخر.

قبل أن ننبه إلى التحفظات اللازمة لتجنب ذلك، دعونا نقرأ الصورة المقابلة فى “قصيدة القط” من هذا الديوان، فهى أخف:

 يبدو أن صاحب الخبرة فى قصيدة “القط”  من هذا الديوان “أغوار النفس” هو الذى أقدم على التنازل عن دفاعاته البارانوية، بمجرد أن اطمأن إلى أنهم – الآخرين – لم يتركوه ولم يكذبوه  (لسّه‏ ‏حوالىّ ‏ماحدّش‏ ‏خاف‏، ‏ولاَ‏ ‏كدّبنى!! طب‏ ‏هِهْ‏ْ: ‏راح‏ ‏اسيبْ‏”) ‏

دعونا نلاحظ الفرق بين هذا السيبان، وبين ما جاء فى قصيدة جبل الرحمات، فلعلنا ننتبه إلى أن “السيبان”  هنا هو تخل كامل عن دفاعات الموقف البارنوى، يصل إلى الشعور بعودة الجسد نفسه إلى معالم بدائية ممتزجة، بلا حول ولا قوة “(أنا‏ ‏جِسمى ‏اتبعزقْ‏، زىّ ‏فطيرة‏ ‏مشلتتة‏ ‏لسّهْ‏ ‏ما‏ ‏دخلتشِى ‏الفرنْ‏.‏ ولا‏ ‏عادْ‏ ‏لى ‏إيد‏ْْ ‏ولاَ‏ ‏رِجْل‏،‏ ولا‏ ‏قادر‏ ‏اتـْـلَـمْ‏..‏ياحلاوةِ‏ ‏دَقةْ‏ ‏قلبى ‏وهىَّ ‏بْـتِـحويكُم‏ْْ.‏ يا‏ ‏حلاوة‏ ‏نَفَسىِ ‏الطـَّاِلع‏ْْ ‏داخلْ‏ ‏وسْطــيكُمْ‏.‏ طايرْ‏ ‏نواحيكمْ‏.‏ ناحيةْ‏ ‏ربنا‏ ‏فيكُـمْ‏.‏ يا‏ ‏حلاوة‏ٍٍ ‏الحنّيةْ‏ ‏الهاديةْ‏ ‏الناديةْ‏:‏ لا‏ ‏بْتسأل‏ْْ ‏مينْ‏ ‏ولا‏ ‏ليهْ‏!!‏  ولا‏ ‏عاد‏ْْ ‏لى ‏إيد‏ْْ ‏ولا‏ ‏رجلْ ولا‏ ‏عارف‏ ‏اتـــلم‏ْْ.)

ربما يكون الفرق المهم بين هذه الخبرة، وبين ما جاء فى القصيدة الفصحى، هو فى أمرين:

 أن صاحب هذه القصيدة هنا لم يكن مريضا، وبالتالى بدت تلقائيته فى التنازل عن الدفاعات أقوى وأكثر مبادرة ودافعة إلى مواصلة السعى إلى الآخر (“رايح نواحيكم”)، كما أن القوة الضامة المركزية التى أشرت إليها فى مواقع كثيرة من قبل، وهى التى تستلهم قوتها ومشروعيتها من انجذاب الوعى الشخصى إلى ما، وإلى من ، يجمع الناس بعضهم ببعض، (اجتمعا عليه وافترقا عليه)، بل إلى ما، وإلى من، يجمع الأكوان إلى بعضها دون أن ينفصل عن الوعى الشخصى (اقرب إلى حبل الوريد) ربما هذا هو ما عبر عنه الحدس الشعرى، “يا‏ ‏حلاوة‏ ‏نَفَسىِ ‏الطـَّاِلع‏ْْ ‏داخلْ‏ ‏وسْطــيكُمْ‏.‏ طايرْ‏ ‏نواحيكمْ‏.‏ ناحيةْ‏ ‏ربنا‏ ‏فيكُـمْ”، (هذا ضمان موضوعى أتعامل معه فى العلاج الجمعى عمليا، وفى علاج الوسط، وإلى درجة أقل فى العلاج الفردى، بشكل واقعىّ شديد الإفادة).

 أيضا تتميز هذه القصيدة هنا بإضافة تشير إلى أن عدم تدعيم هذا الموقف بالالفاظ (والتفسير) هو أمر مطلوب وجيد، (لا‏ ‏بْتسأل‏ْْ ‏مينْ‏ ‏ولا‏ ‏ليهْ!!)  كما نلاحظ أن ثمة إشارة إلى أن ما يسمى التغير النوعى لإدراك الذات depersonalization(وهو من علامات النمو أكثر منه عرضا مرضيا) قد تم التنويه عنه فى المتن  أيضا “وانا‏ ‏برضه‏ ‏نسيت‏ ‏أنا‏ ‏مين‏، ‏وانا‏ ‏إيهْ”

التراجع  هنا فى هذه القصيدة فقد بدأ من صاحب الخبرة نفسه حين لم يصدق أن هذا الحال يمكن أن يدوم، وأنه لا يمكن أن يُصبر عليه: “ولإمتى ‏كده‏؟؟ لأ‏ ‏مش‏ ‏قادِرْ”‏.‏ لم يكن نتيجة أن الآخر انتهز الفرصة فانقض عليه، إن المطمئن هنا (قبل الأوان) قد يتملكه الخوف، وهو لا يسارع بلوم  الآخرين واتهامهم بالتخلى أو الخيانة، بل إنه يتبين فى نفسه التنشيط الذى حدث للموقف البارنوى داعيا للتراجع، بدءا بالخوف من الاقتراب (لا تقتربوا أكثر)، بالخوف من الثقة، بالخوفمن الحب، بالخوف من الآخر، وهو هنا يدرك مسئوليته فى الدفع والرفض، حتى أنه هو الذى يجهض التجربة، ويسارع بالعودة إلى ميكانزماته البارانوية بكل زخمها: (أصـْل‏ ‏انـَا‏ ‏خايفْ، أنا‏ ‏خايفْ‏ ‏موتْ‏،‏ إخص‏ ‏عَــلىَّ،‏ خايف‏ ‏من‏ ‏إيه‏‏؟ من‏ ‏لمس‏ ‏أْيدين‏ ‏أيها‏ ‏صَاحــىِ‏.‏ أهى ‏كِـدا‏ ‏باظتْ‏،‏ ‏باظت‏ ‏منّى، ‏رِجعتْ‏ “‏لكـنْ‏”:‏  خايف‏ ‏تِـفْـعـَصـْنـِى ‏انـْتَ‏ ‏وهـُوَّه‏ْْ، ‏وتقولوا‏ ‏بـِنـْحـِب‏ْْ.‏) وهو يبرر ذلك ليس بانقضاضهم عليه، وإنما بعجزهم عن رؤيته، عن الاعتراف به، عن حبه. (“إيش‏ ‏عرّفكمْ‏ ‏باللِّى ‏ما‏ ‏كانشِى،‏ باللِّى ‏ما‏ ‏لُوهشِى،‏ باللِّى ‏ما‏ ‏بانْــشىِ‏.‏) وبعودته إلى دفاعاته البارنوية، يرجع التوجس، واليقظة البشعة المتلفتة، (عمّال‏ ‏باحـْسب‏ْْ ‏هـَمـْس‏ ‏حـَفِيفـْكـُمْ‏.‏باحـْسـِبْ‏ ‏خوْفكُـمْ.‏‏خوفـِى ‏مـِنْـكُـم‏ْْ.‏ مخّى ‏مصـَهـْللِ‏، ‏وبـْيـِتـفرّج‏،‏ ولا‏ ‏فيش‏ ‏فايدة‏.)‏

يبدو أن هذه الخبرة هنا هكذا يمكن أن تنتهى بمضاعفات أقل من الخبرة التى وردت فى القصيدة الأولى “جبل الرحمات”، فنلاحظ أن ثمة عودة تلوح  فى اتجاه استعادة دفاعات  الموقف البارنوى دون اندمالات ظاهرة، فيعلن مثل هذا الشخص الجوع إلى الآخر شريطة ألا يقترب، إلا بمقدار، فهو الشك والتوجس، فالتذبذب بين الإقدام  والإحجام الذى يتصف به الموقف البارنوى ، لكنه يبدوا هنا أنه يتزايد باضطراد لا يعد بنهاية قريبة (نـطـّ‏ ‏منّى، ‏غصب‏ ‏عنّى، ‏جوعه‏ ‏مسعور‏ْ، ‏ويعايرنـِى‏.، شككنى ‏فى ‏الكُـلْ‏ ‏كليـِلهْ‏)

مع هذا التراجع والتمادى، يقفز تهديد جديد يلوح بالعودة إإلى الخلف أكثر، إلى الموقف الشيزيدى، رجّعنى ‏للوِحدة‏ ‏النيلة‏!‏ بلا طائل:  لمَّيـتْـنِى، ‏وياريتْنِى ‏لقيتْنى‏…

 ثم مزيد من التراجع إلى التحوصل،

من الصعب تماما أن يواصل مثل هذا الشخص (أو أى شخص) معايشة هذا الموقف طول الوقت، وهو إذ يحبط بكل هذا القدر، يجد نفسه فى مواجهة واقع قاس متربص بعيد مستعد للانقضاض، فيحاول أن يلملم نفسه وكأنه بذلك يحميها من استجداء آخر بلا أمل،

ولكن هذا اللم لا يحقق له وجودا بشريا حقيقيا “يأخذ ويعطى”،

فهو موجود فردا منفصلا،

فهو غير موجود (لمَّيـْتـنِى، ‏وياريتْنِى ‏لقيتْنى‏)

ومع استمرار هذا الوضع يكون المعروض هو نكوص كامل إلى الرحم، أى إلى مكافئاته الممكنة، (الانسحاب- التوقع- اليأس من الحب…إلخ) لكن المتن هنا يعرى هذا الانسحاب باعتبار أن  العودة إلى الرحم هى نكسة وهزيمة، لكنها الحل المطروح الجاهز ظاهر

 (‏فينك‏ ‏يا‏ ‏مّه؟ نفسى ‏اتكوّم‏ ‏جوّاكى ‏تانى،‏ ‏بطنك‏ ‏يامّه‏ ‏أَأْمـَنْ‏ ‏واشرف‏ ‏من‏ ‏حركاتـْـهم‏‏) ولكن هل هو حل فعلا؟؟!!

التراجع المتمادى يقدم هذه الخطوة كأنها حل ممكن، يعفى صاحبنا (يعفينا) من شوك الشك، وإهانة الصد، وقسوة الترك، ليكن، لكن لا بد أن نعلم أنه مهما بدت رغبة المريض (أو السليم) فى تجنب كل ذلك بالانسحاب الأقصى، فإن طبيعة دفع الحياة فى داخله، وفى خارجه أيضا، ترفض هذا الحل،

المتن هنا ينبه إلى صعوبة هذا التراجع مهما لوح بأنه الحل، فيُجرى حوارا بين الرحم (الأم) الملجأ التى تنبه أنه ليس سهلا هذا القرار، وبين المتراجع، تحذر الأم:

 ‏وانْ‏ ‏ما‏ ‏قدرتش‏ْْ!!؟

نرى من خلال هذا الحوار كيف ان الموقف البارنوى المحبط بعد إلقاء سلاح دفاعاته هو أصعب من الموت نفسه، حتى الموت يبدو بعيد المنال:

‏(= “‏إلموت‏ ‏أهون‏”.‏

–       ‏وان‏ ‏ما‏ ‏حصلشِى؟ 

–       = ‏تبقى ‏الفُرجَة‏، ‏وْشـَك‏ّ ‏الغُــرْبـَة‏، ‏وشـُوكِ‏ ‏الوحـْدهْ‏.)

 إذا تبينت حقيقة قنوات النكوص إلى الرحم هكذا، وظهر مدى صعوبتها، وأيضا إذا امتنع العدم (الموت) لم يتبق للشخص إلا العودة إلى الموقف البارنوى الذى يكون قد فقد زخم حدته تماما  بعد أن ألقى سلاحه، فيغلب الجانب السلبى فيه: فهو  لم يعد موقف كر وفر، بل أصبح موقف شلل، وغربة، وألم، وانتظار، وهذا هو أقسى وأذل أوجه الموقف البارنوى: حين يعجز عن الخطو نحو الموقف العلاقاتى (الاكتئابى)،

 وفى نفس الوقت يعجز عن النكوص إلى الرحم،

وأيضا عن الاختفاء العدمى (الموت)، وأيضا وفى نفس الوقت يعجز عن أن يواصل شحذ آليات دفاعه كرا وفرا.

حين تسد الطرق هكذا يعلن المتن شكل المآل المهين ‏(تبقى ‏الفُرجَة‏، ‏وْشـَك‏ّ ‏الغُــرْبـَة‏، ‏وشـُوكِ‏ ‏الوحـْدهْ‏.)

وكأن هذا هو غاية الممكن بعد ذلك الإحباط القاسى.

فى العلاج النفسى، نحاول أن نتجنب هذا المآل الاستسلامى العاجز، حتى لو صاحبه اختفاء الأعراض المزعجة مثل الضلالات والهلاوس، خاصة ضلالات الاضطهاد، ليحل محله ضلالات الإشارة (مثلا)، ولعل هذا هو المقصود بـتبقى الفرجة“، وشك الغربة، وشوك الوحدة”.

تنتهى الفقرة بأن هذا المصير هو الأمر الواقع الجديد (أهو دا اللى حصل!!).

هل يمكن أن يكون ذلك، أو بعض ذلك، هو مآل (أو مضاعفات) بعض العلاج النفسى غير الموفق؟

الإجابة هى بالإيجاب للأسف،

إن تعريض المريض للتخلى عن دفاعاته، دون جاهزية الإحاطة العلاجية، والدعم، والحوار الممتد، يمكن أن يؤدى إلى تأكيد الإمراضية (السيكوباثولوجى) برغم احتمال تخفيف الأعراض الظاهرة.

لا توجد فائدة، والموقف كذلك، إلى التركيز على بحث الأسباب، أو لوم المحيطين، ذلك أن الشخص (أو المريض) فى هذا الموقف يكون مشاركا فاعلا فى تفاقم أحواله، الذى انتهى إلى هذا الاستسلام الذى يبدو أبعد ما يكون عن احتمال إعادة التحريك، فماذا يقيد التساؤل أو البحث عن الأسباب، ونحن أمام واقع جسيم حصل ورسخ 

( – ‏طب‏ ‏ليه‏ ‏يا‏ ‏بنى؟

= ” ‏أهو‏ ‏دا‏ ‏اللى ‏حصلْ‏”.) ‏

فى كثير من الأحيان، يتجمد الموقف عند هذا الاستسلام، شعوريا أو لا شعوريا، فهى لم تعد  معركة كر، ولا هى تجاوزت ذلك إلى مخاطرة علاقة حقيقية بالموضوع مهما كانت ممؤلمة، ولا هى سمحت بعودة إلى الرحم تراجعا طلبا لراحة سلبية وكرامة تجـّنبية، فلا يتبقى أمامه من فرصة تلامس مع آخر إلا بخطف لمحة عاطفية من هنا“، أو توهم رؤية محتملة لوجوده من هناك“، ثم عودة سريعة  إلى الحوصلة الشيزيدية، وهكذا طولالوقت.

(راجع‏ “‏كما‏ ‏كُـنْـتْ‏”‏، قاعدْ‏ ‏ساكتْ‏ ‏تحتِ‏ ‏سرير‏ ‏الستْ،

حاخطــفْ‏ ‏حتة‏ ‏نظرة‏، أو‏ ‏فتفـُوتـِةْ‏ ‏حُـبْ‏،‏

 واجرى ‏آكلها‏ ‏لْوَحْدى،‏ تحت‏ ‏الكرسى ‏الـ‏”‏مِش‏ ‏باين‏”)‏

من‏ ‏هنا‏ ‏وجبت إعادة  ‏التحذير‏ ‏من‏ ‏جديد ضرورة إتقان حسابات التعرض لمثل ‏ ‏هذه‏ ‏الخبرة‏، لأنها  ‏ما‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏محسوبة‏ ‏ومدروسة‏ ‏وتجرى فى ‏مجتمع ‏علاجى سليم، ‏ووسط‏ ‏خاص‏ ‏وداعم وممتد للفترة الكافية، .. ‏مالم‏ ‏تكن‏ ‏هذه‏ ‏الشروط‏ ‏متوافرة‏ ‏فإن‏ ‏التعريض‏ ‏لهذه‏ ‏الخبرة‏ ‏يصبح‏ ‏تخبطا‏ ‏عشوائيا‏ ‏خطرا‏. ‏

أنا لا‏ ‏أنكر‏ ‏أننى ‏فى ‏أول‏ ‏حماسى ‏لهذه‏ ‏الطرق ‏العميقة‏ ‏الرائعة‏ ‏فى العلاج النفسى المكثف، لم‏ ‏أكن‏ ‏كثير‏ ‏الحسابات‏ ‏ولا دقيقها مثل‏ ‏الآن‏، (1) ‏ولذلك‏ ‏فقدت‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏أصدقائى ‏ومازلت‏ ‏متألما‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏لفقدهم‏، ‏ولكن‏ ‏لما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏قد‏ ‏أصابهم‏ ‏من‏ ‏جراء‏ ‏حماسى، ‏وبرغم ‏ ‏هذا‏ ‏الإحباط‏ ‏المبدئى ‏فإن‏ ‏المتابعة ‏‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏بسنوات‏ ‏أثبتت ‏ ‏لى ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏الخبرة‏ ‏مهما‏ ‏ألغيت‏ ‏وحاول‏ ‏صاحبها‏ ‏أن‏ ‏يتناساها‏ ‏أو‏ ‏يطمسها‏ ‏يمكن أن ‏ ‏تعود‏ ‏لتثرى ‏وجوده‏ ‏باختياره‏ ‏ولو‏ ‏بعد‏ ‏حين،‏ ‏الأمر‏ ‏الذى ‏بدأ‏ ‏يخفف‏ ‏من‏ ‏ألمى، ‏ويؤكد‏ ‏لى ‏دائما‏ ‏قدرة‏ ‏الإنسان‏ ‏على ‏استيعاب‏ ‏خبراته الإيجابية ولو‏ ‏طال‏ ‏الزمن ‏.‏

وبعد

نختم الحلقات الثلاثة بإعادة القصيدة مكتملة كما تعودنا،

 مع السماح بالتحسر على ما لحق المتن من تشويه وتشريح بهذا الشرح الذى لا يغفر له إلا أن يكون مفيدا من الناحية العملية:

(1)

والعين‏ ‏الخايَفَةْ‏ ‏اللى ‏بْتِلْمَع‏ْْ ‏فى ‏الضَّلْمَهْ

عمّالة‏ ‏تِختبرِ‏ ‏الناسْ‏:‏

بِتقرّب‏ ‏من‏ ‏بَحْر‏ ‏حَنَانْهُمْ‏،‏

زى ‏القُطّ‏ ‏ما‏ ‏بـَيـْشـَمـِْشمْ‏ ‏لَبَن‏ ‏الطفل‏ ‏بشاربُه‏ْْ.‏

عمّالَـهْ‏ ‏بْتِسْأَل‏:

 ‏عـــايزينّى‏؟

‏ ‏طبْ‏ْ ‏ليه؟

عايزينَّى ‏ليه‏؟

……

بـِصحـِيحْ‏ ‏عـَايـْزِنَّـى؟

بقى ‏حـَدْ‏ ‏شايـِفـْنـِى ‏يـَا‏ ‏نـَاسْ‏؟

مِـشْ‏ ‏لازم‏ ‏الواحـِد‏ْ ‏منكم‏ ‏يعرفْ‏: ‏

هوّه‏ ‏عـَايـز‏ْْ ‏مـِينْ؟

بقى ‏حد‏ ‏شايـِفـْنـِى ‏أنا؟

أنا‏ ‏مينْ‏؟

أنا‏ ‏أطلـع‏ ‏إيه؟‏ ‏وازاى؟

طبْ‏ ‏لـِيه؟

الله‏ ‏يسامـِحْـكُم‏ْْ. ‏مـِشْ‏ ‏قصدِى .

أنا‏ ‏قاعـِد‏ْْ ‏راضى ‏بْخوفِى ‏المِـشْ‏ ‏راَضـِى‏.‏

أنا‏ ‏قاعد‏ ‏لامٍمْ‏ ‏أغـْراَضـِى‏.‏

أنا‏ ‏قاعد‏ ‏راصدْ‏ ‏شاددْ جامد‏،‏

قاعد‏ ‏اتْـصنـَّتْ‏، فاتح وعِيْى الجوّانى

 ‏على ‏همس‏ ‏السِّت‏ْ ‏المِـشْ‏ ‏شايفانى،‏

وأسَهّيها‏،

 ‏واتمَسّح‏ ‏فِ‏ ‏كْـعوب‏ ‏رجليها‏.‏

‏ ‏تـتـْمـَلـْمـِلْ‏،‏

أخطف‏ ‏همسة‏ْْ “‏أَيـْوَه‏ْْ”، ‏أو‏ ‏لـَمـِسـَة‏ “‏يـِمـْكـِن‏ْْ”.‏

واجرى ‏اتدفَّى ‏بْـ‏ “‏يَعْنِى‏”،

 ‏وانسى ‏الـ‏ “‏مـِشْ‏ ‏مـُمْكـِن‏”.‏

(3)

وأُبصّ‏ ‏لْكم‏ْْ ‏مِن‏ ‏تَـحْـتِ‏ ‏لـْتَـحْـت‏،‏

واستَـخـْوِنـْكُـم‏ْْ، ‏واتعرّى ‏يـِمـْكـِنَ‏ ‏اطـَفـَّشـْكُـمْ‏، ‏

وأبويَا‏ ‏النِّمر‏ ‏يفكّركم‏ْ:‏

زى ‏ما‏ ‏هوَّه‏ ‏بياكل‏ ‏التعلبْ‏،‏

أنا‏ ‏باكل‏ ‏الفارْ‏.‏

لكنى ‏لمّا‏ ‏بقيت‏ ‏إنسانْ‏، ‏باكل‏ ‏الأطفالْ‏، ‏

والنسوانْ‏ ‏المِـلْـــكْ‏.‏

(4)

ما‏ ‏تخافُوا‏ ‏بقى ‏منَّى ‏وتتفضّوا‏ ‏

مِنـتــِظْرينْ‏ ‏إيه؟

‏.. ‏لسّه‏ ‏الحدوتة‏ْ ‏ما‏ ‏خُــلـْصـِتْـشِى؟

‏”‏ما‏ ‏لْهاش‏ ‏آخر‏”‏؟

‏{‏طب‏ ‏قولىّ ‏كان‏ ‏فين‏ ‏أولها‏ ‏؟‏…،‏

أو‏ ‏مين‏ ‏كان‏ ‏أصـْله ‏اللى ‏قايلها‏؟‏}‏

(5)

أنا ‏نفسى ‏أصدّقْ‏:‏

إنى ‏مـِتـْعـَازْ‏.‏

مِـتـْعـِاَز‏ْْ ‏وخلاَصْ‏. ‏

إنشالله‏ ‏كَـلاَمْ‏!!‏

                                         …….

عايـْزِنـِّى ‏ازاى؟

عايـزنـى ‏كما‏ ‏الـوَحـْشِ‏ ‏الكَـاسـِرْ‏،‏

ولا‏ ‏مكـسُورِ‏ ‏القـَلـْب‏ ‏ذليلْ‏؟

دانا‏ ‏حِمْلى ‏تقيلْ‏.‏

مـوَّالِى ‏طويلْ‏.‏

والناس‏ْْ ‏مـَلـْـهَّيـةْ‏.‏

إنما‏ ‏حـَاعـْمـِلـْها‏….‏

لسّه‏ ‏حوالىّ ‏ماحدّش‏ ‏خاف‏، ‏ولاَ‏ ‏كدّبنى؟

طب‏ ‏هِه‏ْ: ‏

راح‏ ‏اسيبْ‏. ‏

(6)

أنا‏ ‏جِسمى ‏اتبعزقْ‏،‏

زىّ ‏فطيرة‏ ‏مشلتتة‏ ‏لسّهْ‏ ‏ما‏ ‏دخلتشِى ‏الفرنْ‏.‏

ولا‏ ‏عادْ‏ ‏لى ‏إيد‏ْْ ‏ولاَ‏ ‏رِجْل‏،‏

ولا‏ ‏قادر‏ ‏اتـْـلَـمْ‏..‏

‏…‏

ياحلاوةِ‏ ‏دَقةْ‏ ‏قلبى ‏وهىَّ ‏بْـتِـحويكُم‏ْْ.‏

يا‏ ‏حلاوة‏ ‏نَفَسىِ ‏الطـَّاِلع‏ْْ ‏داخلْ‏ ‏وسْطــيكُمْ‏.‏

طايرْ‏ ‏نواحيكمْ‏.‏

ناحيةْ‏ ‏ربنا‏ ‏فيكُـمْ‏.‏

يا‏ ‏حلاوة‏ٍٍ ‏الحنّيةْ‏ ‏الهاديةْ‏ ‏الناديةْ‏:‏

لا‏ ‏بْتسأل‏ْْ ‏مينْ‏ ‏ولا‏ ‏ليهْ‏!!‏

وانا‏ ‏برضه‏ ‏نسيت‏ ‏أنا‏ ‏مين‏، ‏وانا‏ ‏إيهْ؟

ولا‏ ‏عاد‏ْْ ‏لى ‏إيد‏ْْ ‏ولا‏ ‏رجلْ

ولا‏ ‏عارف‏ ‏اتـــلم‏ْْ.‏

‏(7)‏

ولإمتى ‏كده‏؟؟

لأ‏ ‏مش‏ ‏قادِرْ‏.‏

أصـْل‏ ‏انـَا‏ ‏خايفْ

أنا‏ ‏خايفْ‏ ‏موتْ‏،‏

إخص‏ ‏عَــلىَّ،‏

خايف‏ ‏من‏ ‏إيه‏‏؟

من‏ ‏لمس‏ ‏أْيدين‏ ‏أيها‏ ‏صَاحــىِ‏.‏

‏….

‏أهى ‏كِـدا‏ ‏باظتْ‏،‏

‏ ‏باظت‏ ‏منّى، ‏رِجعتْ‏ “‏لكـنْ‏”:‏

خايف‏ ‏تِـفْـعـَصـْنـِى ‏انـْتَ‏ ‏وهـُوَّه‏ْْ، ‏وتقولوا‏ ‏بـِنـْحـِب‏ْْ.‏

إيش‏ ‏عرّفكمْ‏ ‏باللِّى ‏ما‏ ‏كانشِى،‏

باللِّى ‏ما‏ ‏لُوهشِى،‏

باللِّى ‏ما‏ ‏بانْــشىِ‏.‏

عمّال‏ ‏باحـْسب‏ْْ ‏هـَمـْس‏ ‏حـَفِيفـْكـُمْ‏.‏

باحـْسـِبْ‏ ‏خوْفكُـمْ.‏

‏ ‏خوفـِى ‏مـِنْـكُـم‏ْْ.‏

مخّى ‏مصـَهـْللِ‏، ‏وبـْيـِتـفرّج‏،‏

ولا‏ ‏فيش‏ ‏فايدة‏.‏

‏(8)‏

نـطـّ‏ ‏منّى، ‏غصب‏ ‏عنّى، ‏

‏ ‏جوعه‏ ‏مسعور‏ْ، ‏ويعايرنـِى‏.‏

‏…………‏

شككنى ‏فى ‏الكُـلْ‏ ‏كليـِلهْ‏.‏

رجّعنى ‏للوِحدة‏ ‏النيلة‏!‏

لمَّيـْتـنِى، ‏وياريتْنِى ‏لقيتْنى…‏

‏(9)‏

‏ ‏فينك‏ ‏يا‏ ‏مّه؟

‏ ‏نفسى ‏اتكوّم‏ ‏جوّاكى ‏تانى،‏

‏ ‏بطنك‏ ‏يامّه‏ ‏أَأْمـَنْ‏ ‏واشرف‏ ‏من‏ ‏حركاتـْـهم‏.‏

‏ – ‏وانْ‏ ‏ما‏ ‏قدرتش‏ْْ؟

‏=”‏إلموت‏ ‏أهون‏”.‏

‏ – ‏وان‏ ‏ما‏ ‏حصلشِى؟

‏ = ‏تبقى ‏الفُرجَة‏، ‏وْشـَك‏ّ ‏الغُــرْبـَة‏، ‏وشـُوكِ‏ ‏الوحـْدهْ‏.‏

‏ – ‏طب‏ ‏ليه‏ ‏يا‏ ‏بنى؟

‏= ” ‏أهو‏ ‏دا‏ ‏اللى ‏حصلْ‏”. ‏

(10)‏

راجع‏ “‏كما‏ ‏كُـنْـتْ‏”‏

قاعدْ‏ ‏ساكتْ‏ ‏تحتِ‏ ‏سرير‏ ‏الستْ

حاخطــفْ‏ ‏حتة‏ ‏نظرة‏، ‏

أو‏ ‏فتفـُوتـِةْ‏ ‏حُـبْ‏،‏

واجرى ‏آكلها‏ ‏لْوَحْدى،‏

تحت‏ ‏الكرسى ‏الـ‏”‏مِش‏ ‏باين‏”.‏

 

[1] – (وقت كتابة المتن الأصلى  كان 1976، فالشرح المبدئى 1978، وقد اضطرد  حرصى الذى أثبته عاليه عبر الثلث قرن التالى حتى الآن 2009)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *