الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (170) من موقف “التيه”

حوار مع مولانا النفّرى (170) من موقف “التيه”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 10-2-2016

السنة التاسعة

العدد: 3085

  حوار مع مولانا النفّرى (170) 

  من موقف “التيه”

وقال مولانا النفرى أنه: وقال لى:

أوقفنى فى التيه فرأيت المحاج كلها تحت الأرض وقال لى ليس فوق الأرض محجة، ورأيت الناس كلهم فوق الأرض والمحجات كلها فارغة ورأيت من ينظر إلى السماء لا يبرح من فوق الأرض ومن ينظر إلى الأرض ينزل إلى المحجة ويمشى فيها.

فقلت لمولانا:

“التيه”/”الغيب”/”المحجة”

تداخلت هذه الكمات مع بعضها البعض ففرحت بعدم التمييز،

 أما “الأرض” هنا فقد وصلتنى كما كانت تصلنى من جارتنا خالتى فاطمة حين أتعثر صغيرا وأقع على الأرض طفلا، فتقفز فى نفس الثانية صائحة: “باسم الله حارسك وضامنك، وقعت على أختك تحت الأرض: أحسن منك”،

 وحين تعرفت على “مولانا كارل يونج” أرشدنى إلى ما تحت الأرض على أنه الوجه الظاهر فوق سطح الوعى، وأنه ليس إلا غطاء محدد المعالم، أما تحت الأرض: “التيه: المغارة لا علامة فيها يُهتدى بها”، فهو ذلك الذى أوقفك فيه، حتى رأيتَ فأريْتَنَا كل المحاج التى يمكن أن نَحُجّ  إليها دون علامة يُهتدى بها، اللهم إلا بوصلة داخلنا إليه،

 الناس، أغلب الناس أو كلهم، يظلون فوق الأرض، يترددون أن يدخلوا التية تحت الأرض برغم شوقهم للمحاجّ، وهم ينظرون إلى السماء من فوق الأرض مع ان من صدق شوقه لأى من محجة من المحجات فلن يجدها إلا تحت الأرض، وعليه يغامر بالمشى فى التيه بلا علامة يهتدى بها، فيهتدى بتوجُّه البوصلة تلقائيا،

 أما من يظل ينظر إلى السماء فهو لا يبرح من فوق الأرض فلا ينزل تحتها، وقد يحسب أنه إذا نظر إلى أعلى فلا شك أنه أعلى، فى حين أن ما وصلنى أن من نظر إلى الأرض هو الذى ينزل المحجة ويمشى فيها بلا دليل إلا الطريق المستقيم: المحجة البيضاء، الصراط المستقيم الذى ندعوه أن  يهديَنا إليه، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم.

ثم يُلْحِقُ مولانا أنه:

 وقال لى:

              “من لم يمش فى المحجة لم يهتد إلىّ”

فرحت أخفض بصرى من التعلق بالسماء أملاً أن تأتينى الشجاعة  أن أنزل إلى المحجة فأتعرف على صراط الذين أنعم عليهم دون دليل إلا هو،

 ليس لى اختيار،

 إذا غلبنى الخوف أو خفْتُ من حيرتى فى التيه إليه، فقد حرمت نفسى من الصراط المستقيم، ومن أن أهتدى إليه مهما اجتهدت إليه طالما جَمّدَنى الخوف الحسابات فوق الأرض، فحال بينى وبين ما تحتها من محاجّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *