الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى: ملف الاضطرابات الجامعة (25) الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا صعوبة (استحالة) القياس وحتمية البلاغ

الأساس فى الطب النفسى: ملف الاضطرابات الجامعة (25) الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا صعوبة (استحالة) القياس وحتمية البلاغ

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 23-1-2016

السنة التاسعة

العدد: 3067

الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسية الفصل السابع: 

ملف الاضطرابات الجامعة (25)

الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا

صعوبة (استحالة) القياس

 وحتمية البلاغ

مقدمة

انتهت نشرة الأحد  الأسبوع الماضى بالإشارة إلى أهم وظيفتين من وظائف الأنا بالنسبة لاهتماماتى الجارية، وأننى سوف أحاول أن أناقشهما هذا الأسبوع، وهما :

الوظيفة (11) “التكامل وعمل الولاف”

 والوظيفة (12) النكوص التكيفى فى خدمة الأنا  ARISE

وهما الأقرب إلى “الإبداعية” كأساس لنبضات “للواقع/الوعى/الوجود” البشرى، وبالتالى فهما الأقرب لما أسميناه: “الشخص فى الْيَتَكون”

ثم إنى عدت إلى النشرة الأسبق أراجع ما ورد فى تعريف بللاّك لكل منهما، واسمحوا لى بإعادة ذلك مع ما طرحت من تساؤلات:

 الوظيفة: (11) التكامل وعمل الولاف    Synthetic – Integrative Functioning 

(أ)  التوليف بين ما يبدو متباينا أو متناقضا من مواقف، وقيم، ومشاعر، وأفكار، وتمثلات داخلية عن الذات.

(ب)  التوليف والتكامل بين داخل الفرد وسلوكه الخارجى.

فجاءت  تساؤلاتى كالتالى:

  1. ما دور الإبداع هنا وعلاقته بالتوليف؟
  2. هل هو التوليف بين ما يبدو متناقضا، أم ما هو متناقض فعلا؟
  3. ما هى آليات التعرف على داخل الفرد حتى يستطيع القيام بالتوليف؟
  4. هل التوليف بين الداخل والخارج عموما، أم بين الداخل والسلوك الخارجى؟

الوظيفة: (12) النكوص التكيفى فى خدمة الأنا  Adaptive Regression in the Service of the Ego (ARISE)  

وهى عملية ذات شقين:

(أ) القدرة على ارخاء حدة ادراك الخارج وكذلك حدة المنظومة المفهومية، مع زيادة القدرة على الوعى بالداخل (ما قبل الشعور واللاشعور).

(ب) القدرة على استعمال نتائج هذا النكوص والعمليات الأولية لخلق أشكال وحلول جديدة عن طريق التوليف الابداعى.

فكانت تساؤلاتى كالتالى :

  1. ما هى ضمانات التفرقة بين “الوعى بالداخل” وبين الاستبطان المعقلن؟
  2. ما حدود إرخاء حدة إدراك الخارج؟ وكيف؟
  3. وما حدود إرخاء حدة المنظومة المفهومية وتعريفها؟
  4. هل هو النكوص أم قبول التصالح فالتوليف مع مستويات الوعى الأقدم والأكثر تلقائية؟ وكيف نرصد أيا من ذلك؟
  5. وماذا عن ضرورة توسيع مفهوم الإبداع، ومستوياته، مع اعتبارات علاقته بمستويات الوعى.

وبعد

عدت اليوم لأجيب على هذه الأسئلة فوجدت أننى سوف أفتح ملف الإبداع كله، وكيفية قياسه، وأشكال تجلياته، ما دمنا فى صدد قياس وظيفتين هما الإبداع ذاته، علما بأن هاتين الوظيفتين كما وصفهما بللاّك هما اللذان شجعانى على اقتراح هذا البديل عن مفهوم وظائف الذات، وهو “الشخصية فى “اليتكوّن”

أساس هذه الفكرة الأساسية هو أن الشخصية البشرية (وغالبا ما قبلها) دائمة النبض الحيوى تبدع نفسها باستمرار، صحيح أن هذا الإبداع لا يتم فى دائرة وعى اليقظة كله، ولا هو يتم فى خط مستقيم بل فى نبض مستمر، ولا هو يمكن رصده من خارجه، فكيف بالله نقيس هذه الوظيفة.

لكننى عدت مرة أخرى لمراجعة تعريف بللاّك وطريقة التقييم الإكلينيكى فى رسالة أ.د. رفعت محفوظ، فلم أجد لحيرتى حلاّ.

ويبدو أننى تقدمت خطوتين فارتكبت ما هو أغْـمَضْ:

الواقع: الإبداع: الوعى

بعد أن وسّعنا مفهوم الواقع ليشمل مستويات الوعى، ودوائر المحيط، مع التركيز على هنا والآن، كاد الواقع يصبح مرادفا للوعى، فأين يقع الأبداع منهما؟

 وجدت إجابة جاهزة مزعجة (لى أولا) تقول: لا يمكن أن يتطابق الواقع مع كل مستويات الوعى المذكورة إلا من خلال حركية نبض الإبداع المستمرة،

 وعلى ذلك: فقد خطر لى أن هاتين الوظيفتين إنما تقيسان هذه العملية الإبداعية الأصيلة التى تكاد تكافئ الحياة البشرية السليمة.

وفى اجتهاد مندفع رحت أرضّ بعض معالم ما يشير إلى ذلك، ووضعت عنوانا غريبا يقول:

كفاءة مسيرة النمو فى الشخصية: “فى اليتكون،”

تتناسب كفاءة الوجود لنكون بشرا سويا، دائمى النبض نحوه، على ما يلى:

1)    مدى المرونة فى الانتقال من مستوى وعى إلى آخر بدرجة غير ملموسة لا تعرف عادة إلا بنتائجها.

2)    قدر الشعور بالتجدد بعد نوم كل ليلة، مهما كان هذا الذى أسميه “التجدد” ضئيلا (1)

3)    القدرة على التمييز بين ما هو “ممكن”، وما هو “مثالى”،  وما هو “عملى”، وما هو “خيالى” مع قبول كل ذلك من حيث المبدأ،

4)    القدرة على ملء الوقت بالأوْلى فالأوْلى والتحرك فيما بين ما ورد فى (3) بكفاءة

5)    القدرة على اختيار الظروف الأنسب لتطبيق هذا الترتيب ثم تعديله إن لزم الأمر.

6)    القدرة على تقمص أكثر من مستوى من مستويات الوعى فى حركية العلاقة بالآخر (الموضوع) مما يترتب على ذلك من القدرة على تحمل الغموض إذا وصلت رسائل متناقصة من مستويات مختلفة.

7)    مدى التمتع بالحفاظ على الدهشة المتجددة حتى فى استقبال نفس المثير.

8)    القدرة على السماح بمعايشة الحلم (وعى الحلم) دون الاستعجال فى حكيه

9)    القدرة على قبول تفسير الحلم كفرض متواضع، والاهتمام أكثر بتأثيره.

10)    القدرة على التعامل مع الزمن باعتباره وعيا حاضرا كيانيا متجددا، .

11)    القدرة على قبول فكرة التغيّر  مهما كان ضئيلا، واحتمال نتائجه.

12)    استيعاب مدى نشاط الوعى البينشخصيى ، دون محو الاختلاف الفردى.

13)    القدرة على المثابرة بعد انتهاء الجهد الظاهر.

14)    القدرة على الوعى بالنهاية الحتمية لحياة الفرد ، (الأفراد)

15)    القدرة على استيعاب اتساع درجات تداخل حركية دوائر الوعى من الفرد إلى الجماعة، إلى الوطن، إلى أهل الدين، إلى النوع، إلى المطلق، إلى غير المتناهى، إلى “المابعد” إليه…… 

وبعد

بعد أن انتهيت من رصد ما خطر لى هكذا، بل إنى أوقفت ما كاد يتمادى فى نفس الاتجاه، عدت أقرأ ما كتبت، ووصلت إلى ما يلى :

  • هذه مواصفات غير قابلة للقياس أصلا
  • حتى بالتقييم الإكلينكيى هى بعيدة عن أى تحديد عملى
  • فإذا تمادى وَهْمُ احتمال قياسها فلا بد أن نرضى باحتمال رصد أقل قدر منها (واحد فى الألف مثلا!).
  • وبما أن هذا مستحيل من الناحية العملية، فلا مفر من أن نرضى بما وصل إلينا، لا نهمله، ولا نقيسه.
  • إذن ما فائدة ذكرها أصلا؟

ليس عندى إجابة

لكن: عندى أسئلة

هل يُنْقَدُ الشعر إلا شعرا؟

وهل يقاس الحلم أصلا؟

دعونا نعرض أى قدر من المعرفة أمام أى وعى يمكن أن يصله منها ما تيسر

والله من وراء القصد.

 

[1]– ولعل العامة يسمونه: نوم العافية، ويسمونه أيضا “أكل الرز مع الملايكة”، ويصفه عمق الإيمان حين يذكرنا أنه: الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *