الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة التحرير / كيف نحولُ دون ذلك؟ (2 من 2)

كيف نحولُ دون ذلك؟ (2 من 2)

 جريدة التحرير

07-04-2012

تعتعة التحرير

كيف نحولُ دون ذلك؟ (2 من 2)

حمدت الله على جهلى، وعدم متابعتى للمنشور والمكرر هنا وهناك، حين اكتشفت أن الوثيقة التى لخصت بنودها الأسبوع الماضى موجودة ومتاحة فى عشرات المواقع على النت، فرأيت أن الاعتذار واجب، وهأنذا أتقدم به، وبرغم كل ذلك فما زالت الوثيقة تفزعنى مهما بلغ قدمها أو تكرر نشرها، وإليكم أصلها وفصلها وقد نشر محتواها الأسبوع الماضى.

فى عام 1982 نشرت مجلة ” كيفونيم ” التى تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، وثيقة بعنوان ” استراتيجية اسرائيلية للثمانينات “. وقد قدمها الدكتور عصمت سيف الدولة(بعد ترجمتها) كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين فى قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988.

إذن ماذا ؟؟ الآن ونحن سنة2012، وبعد ما جرى ما كان: ما فائدة أن نعرف خطط إسرائيل، بل وأمريكا،  لتفكيك مصر والعالم العربى، ولتخريب اقتصادنا، والاستيلاء على مواردنا الخام بأدنى الأسعار، واستنزاف عقول علمائنا بأخبث الألاعيب؟ ما الفائدة من إعادة نشر هذه الأفكار (التى يُتهم المتحدث بها عادة بالتفكير التآمرى، الذى أفخر به)؟ ما الجديد، والخطة مازالت هى الخطة وأشرس بعد ثلاثة عقود، وهى تسير بخطى راسخة حتى كشفت عن وجهها مؤخرا بصريح التصاريح وبخبيث الاتفاقات؟

ليكن، أو ليكن كل ذلك أوهاما، لكن علينا فى الحالين أن نستعد: المهم: “كيف نحول دون ذلك”.

تصادف أن قرأت فى صحيفة “نهضة مصر” هذا الأسبوع  تقريرا مفصلا بعنوان  برنامج انتخابى لرئيس مصر القادم لتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وكاتبه هو متخصص عالم: د. محمد ابراهيم المصري مدير المركز العربى للدراسات الاستراتيجية والتنموية، وهو ورقة عمل منظمة جدا  تبدأ بإشارات مدعمة بالأرقام لتجارب 6 دول: هى الصين وماليزيا والهند وتركيا وجنوب إفريقيا والبرازيل، وبعد أن تحرك فىّ ما اعتدت من استغراب وحسرة وحسد وحقد، حل محل كل ذلك  أمل ورغبة فى التعلم والاستزادة، فرحت أقرأ التقرير وأنا معجب أشد الإعجاب بالأرقام والإحصاءات، وقبل أن تمتد فرحتى لإمكان التطبيق، وأتساءل “كيف السبيل”؟ رجحت أن هذا الخبير الفاضل عالم وليس سياسيا، وهو يعيش فى كندا، وقد قدر أن برنامجه للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية سوف يستغرق عشر سنوات فقط لا غير، وقد استعمل كلمة “الضِّعف” بسهولة عجيبة، حتى كررها سبعة عشر مرة فى المقال: زيادة إلى “الضِّعف” لكل من: الدخل القومى، والمدخرات والاستثمارات الوطنية وميزانية الدولة فى التعليم والتدريب والصحة والبنية التحتية..إلخ، لكن الحمد لله أنه حين استعمل كلمة “النِّصف” لم يستعملها بنفس الوفرة، فقط استعملها  وهو يعلن خفض نسبة الزيادة السكانية، والبطالة إلى النصف، ولم ينس تخفيض  نسبة الفقر إلى النصف أيضا!! فى نفس المدة!!.

 توقفت أكثر حيرة وانزعاجا:  فلا أنا أشك فى حسن نيته، ولا فى كفاءته العلمية، ولا فى أرقامه الباهرة عن هذه الدول الست، قلت أنتظر حتى آخر المقال لأرى آليات التنفيذ، وإذا به يورد  كلاما مثل الجد فعلا قائلا مثلا: وتكون آلية تنفيذ الخطة من مسئولية “هيئات عامة اقليمية مستقلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية” (التجربة التركية والبرازيلية) وذلك لتفادى الفساد والروتين الحكومى المركزي، وتفعيل المراقبة الشعبية المحليةً، وأضاف كلاما مهما من هذا كثير كثير! فزاد شعورى بغبائى بالإضافة إلى جهلى !!

توقفت أكثر وأكثر حيرة، واستبعدت أن يكون قد بلغ هذا الخبير الفاضل وهو فى كندا ما هو واقعنا الآن.

قلت يبدو أن المسألة واضحة كالشمس عند المختصين المصريين المخلصين وليست مثلما هى عند واحد من الهواة مثلى، ومثل عامة الشعب الذى يعيشها، ومع ذلك رحت أتلفت حولى وأنا أتساءل:

1- كم واحد من المتظاهرين أو المعتصمين المطالبين بحقوقهم الفئوية يثق فى إمكانية تحقيق أى من ذلك من حيث المبدأ، وهل مطالباته تلك هى فى ضوء تلك التنمية بالسلامة؟ ومتى نحقق كل ما يحقق له مطالبه، وهو يشاركنا فى ذلك؟

2- وما هى طبيعة مجموع وعى الناس فى هذه الدول الست،  برغم اختلاف نظمها السياسة، وثقافاتها العامة والخاصة التى جعلتهم يحققون ما جاء فى المقال من أرقام هكذا؟

3- وكم واحد مثلى عندنا امتلأ غيظا مثلما هو حالى الآن، وهو يقرأ مثل هذه المقالات المحترمة، ويرغم نفسه على ان يصدق الأرقام عند غيرنا، ثم يتلفت حوله ليقرأ الواقع فيجد أن عليه لكى يظل عاقلا وهو يصف الواقع الآن أن ينقل كلمة الضِّعف إلى النِّصف، وبالعكس (أن يغير كلمة النِّصف إلى الضِّعف)؟

4- وإذا كانت الديمقراطية هى الحل فى الهند، والإسلام الحضارى هو الحل فى تركيا أو ماليزيا، والانضباط الشمولى هو الحل فى الصين، فما هو موقعنا أو موقفنا نحن “هنا والآن” حتى يمكننا أن نكون مثل هؤلاء أو أولئك شعبا وحكومة؟

5- ولماذا أتساءل هذه التساؤلات بهذه اللهجة السِّماوية دون أن أطرح من جانبى أى اقتراح عملى بناَء، فى أى مجال مهما كان صغيرا متواضعا؟

6- ولمن يمكن أن أتوجه بهذه التساؤلات، بحثا عن رد يشير إلى حل فعلى نبدأ به؟ لنكفّ عن النعابة والتحسر والتيئيس. هل أتوجه إلى مجلس الشعب الذى انتخبه الناس فعلا، وبدايات أدائه لا تبشر بخير؟ أم لرئيس الوزارة الذى بقيت على عمر وزارته ثلاثة أشهر على الأكثر؟ أم للمجلس العسكرى والباقى من عمره هو نفس الباقى من عمر الوزارة تقريبا؟ أم أنتظر حتى أوجه التساءلات للرئيس القادم المنتخب أيا كان؟

وبعد

لماذا أطرح هذه التساؤلات الآن وأنا أعرف أنه لا أحد سوف يجيبنى عليها، وخاصة أولئك المرشحين للرئاسة وفقهم الله جميعا، فهم عندى سواء بالنسبة لمسئوليتهم عن تنفيذ ذلك، نعم سواء، جدا، ولا أقول كيف ذلك، لأنه هو هو ما دفعنى أن أتمنى – فى خيالى – أن تتساوى الأصوات فيما بينهم تماما، ثم نجرى قرعة توفيرا للوقت، ومهما كان الذى سوف يفوز بالقرعة، فهو إن شاء الله بإذن الله من غير مقاطعة… هو الخير والبركة!!

آسف

والله العظيم آسف

أنا مازلت واثقا فى هذا الشعب، وأن البنية التحتية له حين يصلها التهديد الوجودى للبقاء، سوف تندفع من جديد إلى نوع جديد من الثورة بالعمل الجاد المستمر الذى متى بدأ لن يتوقف، لأننى أثق فى رحمة ربنا الذى سيساعدنا أن نولى من يصلح، فننصلح، فينصلح، وهكذا إن آجلا أو عاجلاً.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *