الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة التحرير / صورة “طبق الأصل”: قطار وقطار!!

صورة “طبق الأصل”: قطار وقطار!!

جريدة التحرير

26-1-2013

تعتعة التحرير

صورة “طبق الأصل”: قطار وقطار!!

مقدمة:

عثرت فى حاسوبى على هذا المقال القديم الذى نشر فى الوفد فى 7 مارس 2002، ولأول وهلة حضرنى دفاع النظام الحالى عن نفسه بأن هذه الكوارث الحالية هى من آثار النظام القديم المهمل السيىء  جدا !! لكننى حين أعدت قراءته، وجدت وجه الشبه بين النظامين هو الأقرب لى،

المقال:

(المقال  كله قديم، إلا ما بين قوسين فهو إضافة لازمة للتحديث 2013 بعد الحذف الذى وضعت نقطا “….”، مكانه) .

… هل توجد علاقة بين قطار جحيم الموت …، وهزيمة يونيو، والكارثة الاقتصادية التى نمر بها، والكوارث القادمة التى تنتظر الإعلان -لا قدر الله – لكنّها قادمة؟

…. وماذا ينفع الحداد؟ أو التعويض، أو العويل، أو العديد؟ أو الاستقالة؟ أو التحقيق؟ أو التصريحات؟ أو التعازى؟ أو محاكمة المسئولين؟ أو عقاب المقصرين؟ ماذا ينفع كل ذلك إذا كانت الأسباب هى هى، والنظام هو هو، والمسئولون هم هم؟

 لعل أبعد الناس عن المسئولية المباشرة هم الذى استقالوا، أو استجابوا لأوامر إقالتهم. إن نظاما تغيبُ فيه سلطة الدولة، …، كما يغيب الخوف من  المحاسَبة الشعبية، ومن سلطة القانون، ومن احتمال ترك الكرسى،  لا يمكن أن يفرز إلا ما يؤدى إلى مثل هذه الكوارث التى تحدث وكأنها بالصدفة…..!!، تبدو الصدفة فى شكل مس كهربائى، أو انفجار بوتاجاز، أو أحداث الأمن المركزى “1986”، (أو خطأ عامل مزلقان أو ضعف كابِحَات قطار “2013”)  …،. لكن الحتمية هى فى القرارات التحتية، والخبطات التفردية، والنظام المتهالك، من أول السماح بمرور سفن إسرائيل سنة 1956 دون الرجوع للشعب، أو حتى إخطاره، حتى التصرف المتخبط فى الأزمة الاقتصادية الراهنة مرورا بنظم التربية والتعليم التى يتم تخطيطها فى المكاتب بعيدا عن نبض الواقع وحقيقة تقييم نتائج الإنجاز. إنه خيط واحد يربط بين التهاون فى السماح بموقد جاز فى قطار متهالك، والتهاون فى حق الناس أن يشاركوا فى قرارات السيادة والكرامة.

كل المصائب التى تبدو طارئة ليست السبب، لكنّها النتيجة لنظام لا يريد أن ينصت، أو يواكب العصر، أو يرسو على بر، ليتمكن هو نفسه من إعادة تقييم أدائه، أو تعديل أخطائه.

…..

إن رهطا من أهلـنا قضوا نحبهم فى قطار متهالك (بينهم أطفال وجنود شرفاء 2013) . القطار لا يصلح للاستخدام الآدمى، ولا الحيوانى، ولم نتعلم ولن نتعلم على ما يبدو!

……..

هذا الفقد الذى بدا كارثة إنسانية بكل ما تعــنى الكارثة، ليس أهم فقدٍ مررنا به أو نمر به، ولا هو أخطر فقد أو أقساه. إن المتابع لما كتب عن الحادث وبعـده،  بما فى ذلك ما حدث من استقالات أو إقالات، لا يمكن أن يطمئِـنَ إلى أن المسئولين قد  أدركوا معنى ومغزى ما حدث تماما، لا يبدو أن أحدا منهم قد قارن بين هذا الموت ….وبين   الخمسة عشر ألفا الذين استشهدوا فى قطار البشر الزاحف إلى الخلف سيرا على الأقدام فى يونيو 1967، وطبعا لم يتذكر أحد منهم موت عشرات الآلاف فى حفر قناة السويس، أو فى بناء الهرم الأكبر، كان قدماء المصريين يعيشون الوعى بالموت بشكل  جعـلهم يبنون كل هذه المقابر الأهرامية، على حساب حياة الأحياء الذين بنوها. حتى الخلود بعد الموت كان من نصيب الخاصة فقط،.

بعد هزيمة يونيو، ورغم الاعتراف بالمسئولية، ورغم ظاهر التمسك بالزعيم الذى أقر بمسئوليته، قامت مظاهرات الطلبة تقول “… لا صدقى ولا الغول، عبد الناصر المسئول”، كان الهتاف يفيد أن النظام هو الذى ينبغى أن يساءَل دون التركيز على فرد أو أفراد ليسوا سوى ترس فى عجلة أكبر، بعضها فقط هو الظاهر فوق السطح. لا يوجد فرد أو سلاح يمكن أن يهزمَ إهمالُه شعبا بأكمله، أو جيشا بكل فِرقه. إن المسئول هو النظام. ثم كان بيان30 مارس …إلخ (فما بالك ببيانات هذه الأيام!! 2013)

فى يوليو سنة 1997، سمحتْ هذه الصحيفة بنشر خطاب مفتوح (منى) موجه للرئيس مباشرة، جاء فيه ما أقتطف منه ما يلى (الوفد 19 نوفمبر 1997)

“….الأمر- يا سيادة الرئيس – (“مبارك”، بما يسرى أيضا على “د. مرسى”، بعد 15 سنة)، لا يحتاج منك.. كل ذلك الجهد حتى تعرف …:”هل يوجد فى مصر دولة أم لا”؟، ….مع غياب الدولة لابد من فشل الحلول الجزئية من حيث أن الإصلاح …. لن يتم بزيادة إجراءات الأمن عشوائيا، ولا بتغيير مسئول، ولا بنقل عشرين لواء إلى مصلحة السجون  وإدارة المجارى، ولا بإرهاقكم!! – سيادة الرئيس – بكل هذا المجهود والترحال!!!، وإنما يتم بإعادة تشكيل الدولة خارجنا، ومن ثم ّ داخلنا، وذلك بالتأكيد على وضوح القيم  وعمومية الانتماء، وحتم العدل..إلخ…إلخ”

فما فائدة أن نعيد التنبيه والتحذير والتفسير، ما دامت المسألة كلها مازالت تسير كيفما اتفق، إن الذى يمنع مثل هذه الحوادث، من أول الكوارث الجسيمة السرطانية الجماعية: هزيمة 67، حتى ما هو مثل كارثة قطار موت الفقراء ..(والأطفال والجنود 2013) ، هو أحد أمور ثلاثة، بل جميعها!

(1) إما دولة عصرية قوية تطبق القانون على كل الناس دون استثناء، ….وبالتالى يخاف رجل الصيانة كما يخاف أى وزير من مغبة الإهمال. فيطمئن الناس، ويسلمون، ونكسب الحروب0 والسلام معا

 (2) وإما حس حضارى، يؤكد وجود القيم  الحضارية داخل كل أو معظم أفراد شعب ما، الحاكم منهم والمحكوم،  

(3) وإما محاسبة دينية ملاحِقَةْ تتمثل فى استعادة الوعى الشعبى والإيمانى الذى يذكرنا أن الله هو المحاسِب الأول “من أخذ الأجرة حاسبه الله على العمل” وأن “..الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره”، و أن  “..الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”،

إن المطلوب فورا هو البحث عن وسائل إعادة  تأسيس دولة تحمل مسئوليتها، تجاه شعبٍ “غُلب غلابه”، وجاعَ أغلبه، وجهـُل طلابه، وتسطح علماؤه، واهتز اقتصاده، لكن أفراد هذا الشعب ما زالوا يحاولون باستمرار، برغم تصريحات المسئولين على الناحية الأخرى.

 

وبعد:

قلت إن كل هذا، فيما عدا ما بين الاقواس، مكتوب من أحد عشرة سنة فأكثر، مع التذكرة باختلاف الرقم القومى للرئيسين!!

ثم قام مشروع الثورة، ولاحت فرصة إعادة تأسيس تلك الدولة لتحمل مسئوليتنا، وسٍُرق المشروع، وتسلمه غيرُ أهله،

وما زال أفراد الشعب “يحاولون” ويموتون وينتصرون باستمرار

 وما زال المسئولون “يصرّحون”  ويكذبون ويذهبون باستمرار!!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *