الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يوليو 1987 / يوليو 1987- العلاقة بين كثافة الشبكة الاجتماعية واعادة الدخول إلى المستشفيات

يوليو 1987- العلاقة بين كثافة الشبكة الاجتماعية واعادة الدخول إلى المستشفيات

العلاقة بين كثافة الشبكة الاجتماعية

واعادة الدخول الى المستشفيات النفسية

بين المرضى الشبان [1]

بالرغم من التقاؤل القديم الذى صاحب محاولات التقايل من بقاء المرضى العقليين بالمصحاب العقلية والمستشفيات، الا أن جزءا أساسيا من هؤلاء المرضى مازال غير قادر على التكيف مع مجتمعه بالخارج وان كان قد استبدل البقاء المزمن بالمستشفيات بتعدد مرات دخوله اليها وخروجه منها.

وقد وجد أن أغلب هؤلاء المرضى الذين تتعدد مرات دخولهم وخروجهم هم من الشباب النشط اجتماعيا، الذى ما زال يحمل فى داخله رغبة فى الحياة العادية وغالبيتهم لم يودع بالمستشفيات لمدد طويلة.

وقد بذلت العديد من المحاولات والدراسات من أجل فهم السبب الذى يجعل بعض المرضى قادرا على البقاء بمجتمعه، ويجعل البعض الآخر يعاود دخول المستشفيات للعلاج.

وتفترض بعض الدراسات بعض العوامل التى تؤدى الى ذلك منها : درجة وشدة المرض النفسى، الانقطاع عن العلاج بمجرد الخروج، تفضيل البقاء بالمصحات، وانعدام الذى يؤسس على تعاون المجتمع بالخارج.

وتقدم هذه الدراسة مفهوما اضافيا لذلك، يفترض ان كثافة واستقرار الشبكة الاجتماعية للمرضى من أهم العوامل التى تحدد نجاح المريض فى البقاء بمجتمعه الخارجى بنجاح وأن العودة الى المصحة العقلية ليس الا انعكاسا لانهيار الشبكة الاجتماعية، للمريض بالخارج.

وتقترح الدراسة أن الشبكة الاجتماعية للمرضى النفسيين لها خصائص مختلفة، خاصة من جهة كثافتها، ومن جهة ارتباط اعضاءها بالبعض وعلى العموم، فقد وجد أن شبكة المرضى النفسيين اضيق من الأفراد الطبيعيين فمتوسط الشبكة الاجتماعية للمريض 4 – 5  أفراد، بينما للفرد العادى قد يبلغ متوسطها ما بين 20 – 30 فردا.

وقد وجد سوكولوفسكى sokolovsky أن صغار السن والشباب أكبر قدرة على اقامة شبكتهم الاجتماعية، وأن نسبة اعادة دخولهم الى المستشفيات أقل على أنه يجب فى نفس الوقت الاعتراف بأن ضخامة الشبكة الاجتماعية لا يعكس بالضرورة وجود سند ودعم اجتماعى أكبر للمريض.

أما عن “كثافة” الشبكة الاجتماعية، وهى درجة التلاحم والاتصال بين اعضاء الشبكة الاجتماعية، فقد وجد أن كلا من ازدياد الكثافة (ازدياد علاقة اعضاء الشبكة وارتباطهم ببعضهم، وقلة الكثافة (قلة العلاقة والارتباط بين اعضاء الشبكة) لهما تأثير معوق بالنسبة للمريض الصغير السن، فالكثافة العالية لا تسمح بأقامة علاقة خاصة ولا تسمح بمسافة كافية للتحرك، والكثافة القليلة لا تسمح بعلاقة قريبة وتكون متناثرة ومغتربة وعلى هذا فأن الكثافة المتوسطة هى الكثافة المثلى والاكثر ثباتا واستقرار.

التعليق :

ينبهنا هذا البحث الى حقيقة قديمة، وهى ان الانسان كائن اجتماعى، ون هذه الصكة ليست ضرورية لاقامة مجتمع ما فحسب، وانما هى أساسية فى اقامة دعائم الصحة النفسية، وليس المقصود بالمجتمع هو مجرد التواجد معا، بقدر ما نعنى دلالة هذا التواجد وطبيعته، وكذلك جرعة التواجد معا وتناسبها مع درجة الاحتياج.

وعلينا ونحن نعالج المريض (وخاصة الشباب) أن ننتبه الى أنه عضو فى مجتمع، فاذا كان الأمر متعلقا بدخوله المستشفى، فهو ضيف زائر – مهما طات اقامته – ضيف قادم من مجتمع، راجع الى مجتمع حتما حتما، بالتالى على الطبيب ن يدرس من أين أتى، ولماذا، ثم يحاول أن يعد : بتدخل ففى مثابر : الى أين سوف يذهب، وكيف، ولا يكفى أن يكلف بهذا من هو “أخصائى اجتماعى” بل هى مهمة الطبيب الأولى، يعاونه فيها من يعاونه، لأن تقسيم المهمة العلاجية بين مختصين يحل احتمال تقسيم المريض الى اجزاء دون وعى كاف من المسئولين عن العلاج، لذلك وجب على الطبيب استيعاب ومعايشة ما يعنيه لفظ المجتمع بشكل أو بآخر.

وقد لاحظنا فى ممارستنا فى مصر خاصة أن العلاقات الاجتماعية شديدة الحرارة، وشديدة التشابك، بدرجة تسمح لنا بافتراض أن مرض فرد واحد من الأسرة يقوم بوظفة دفاعية للأسرة ككل، أو بتعبير آخر، فان استعمال افراد الأسرة لمرض أحدهم استعمالا خاصا معوقا (بالاسقاط أو الازاحة) قد يجعل تواجد هذا المريض فى هذه الأسرة أكثر ضررا عليه من غير ذلك وهذه العلاقة معروفة عند الأطفال خاصة، الا أننا لاحظنا هنا فى مصر أنها متواترة فى كل الأعمار، ويبدو أن درجة الاعتمادية الاسرية تمتد عندنا فى كل مراحل العمر بشكل أو بآخر.

والأمر يحتاج الى ابحاث لفحص هذه الجوانب، لتحديد نوعية، وكم، ومدى غور الكثافة الاجتماعية فى المجتمع المصرى عامة ومجتمع المرضى النفسيين فى مصر خاصة، وذلك قبل ان ننقل معطيات الغرب حرفيا الى مجتمعنا.

[1] – Mary Dozier, Ph.D

Mary Dozier, Ph.D

Maxine Harris,

Helen Bergman, A.C.S.W

Social Nework Density and Rehospitalization among young patients Hospital and Community Psychiatry, Jan. 1987. Vol 38. No. 1.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *