الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ قراءة أخرى للحلم (40) تقاسيم على اللحن الأساسى

فى رحاب نجيب محفوظ قراءة أخرى للحلم (40) تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”محفوظ

الخميس: 12-10-2017

السنة الحادية عشرة

العدد:  3694

     فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (40- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (40)

قبيل‏ ‏المساء وأنا‏ ‏عائد‏ ‏إلى ‏بيتى ‏متدثرا‏ ‏بالمعطف‏ ‏والكوفية‏ ‏اعترض‏ ‏سبيلى ‏صبى ‏وصبية‏ ‏غاية‏ ‏فى ‏الجمال‏ ‏والتعاسة‏ ‏وطلبا‏ ‏منى ‏ما‏ ‏أجود‏ ‏به‏ ‏لوجه‏ ‏الله‏ ‏وبحثت‏ ‏فى ‏جيبى ‏عن‏ ‏فكة‏ ‏فلم‏ ‏أجد‏ ‏فأخرجت‏ ‏ورقة‏ ‏من‏ ‏ذات‏ ‏الجنيهات‏ ‏الخمسة‏ ‏وطلبت‏ ‏من‏ ‏الصبى ‏أن‏ ‏يذهب‏ ‏الى ‏أقرب‏ ‏كشك‏ ‏ويشترى ‏لى ‏قطعة‏ ‏شيكولاتة‏ ‏ويجيئنى ‏بالباقى. ‏وما‏ ‏غاب‏ ‏الصبى ‏عن‏ ‏عينى ‏حتى ‏بكت‏ ‏الصبية‏ ‏واعترفت‏ ‏لى ‏بأن‏ ‏أخاها‏ ‏يعاملها‏ ‏بغضب‏ ‏شديد‏ ‏ويدفعها‏ ‏لارتكاب‏ ‏الأخطاء‏ ‏فهى ‏تزداد‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏انحرافات‏ ‏وشرا‏ ‏وتدعو‏ ‏الله‏ ‏أن‏ ‏ينقذها‏ ‏مما‏ ‏تعانى. ‏تأثرت‏ ‏وتحيرت‏. ‏ثم‏ ‏عرفت‏ ‏أن‏ ‏الصبى ‏لن‏ ‏يعود‏ ‏وأدركت‏ ‏مدى ‏حماقتى ‏لما‏ ‏أوليته‏ ‏من‏ ‏ثقة‏ ‏وتذكرت‏ ‏كيف‏ ‏يتهمنى ‏أهلى بالطيبة والغفلة ولكنى لم أترك له أخته وأخذتها إلى بيتى لتبدأ حياة جديدة مع أهلى. ‏وتحسنت‏ ‏أحوالها‏ ‏وبدت‏ ‏وكأنها‏ ‏من‏ ‏الأسرة‏ ‏لا شغالة ‏لها‏.‏

وذات‏ ‏يوم‏ ‏جاء‏ ‏لى ‏شرطى ‏ومعه‏ ‏الصبى ‏الأخ‏ ‏ولما‏ ‏رأى ‏أخته‏ ‏أمسك‏ ‏بها‏. ‏وعلمت‏ ‏أنى ‏مطلوب‏ ‏فى ‏القسم‏ ‏وهناك‏ ‏وجُهت‏ ‏إلىّ ‏تهمة‏ ‏اغتصاب‏ ‏البنت‏ ‏والاحتفاظ‏ ‏بها‏ ‏فى ‏بيتى ‏بالقوة‏ ‏وذهلت‏ ‏أمام‏ ‏ما‏ ‏يوجه‏ ‏إلى ‏وطلبت‏ ‏من‏ ‏البنت‏ ‏أن‏ ‏تتكلم‏ ‏فبكت‏ ‏ووجهت‏ ‏إلىّ ‏من‏ ‏الكبائر‏ ‏ما‏ ‏لم‏ ‏يخطر‏ ‏لى ‏على ‏بال‏. ‏وكان‏ ‏المحضر‏ ‏يسجل‏ ‏كل‏ ‏كلمة‏ ‏والدنيا‏ ‏تسود‏ ‏فى ‏عينى ‏وعلى ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏إيمانى ‏الراسخ‏ ‏فلم‏ ‏تغب‏ ‏عنى ‏خطورة‏ ‏الموقف‏.‏

التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

ولا أعرف لماذا صدق الضابط أقوالى بالحرف الواحد، وصرفنى وهو يكاد يعتذر، ولم أحاول أن أتمادى فى كرمه وأطلب منه أن يقبض على الولد بتهمة البلاغ الكاذب، وأن تنال البنت جزاءها بتهمة الشهادة الزور، فيكفى أننى نفذت بجلدى وحمدت الله ، وقررت أن أكون أكثر حذرا مهما بدت البراءة على من يستدرون العطف، كما تعلمت كيف يخفى الجمال حتى فى الصغار كل هذا الخبث والتحايل، وبعد أيام لمحت الضابط أمام عجلة قيادة سيارة ملاكى لا تبدو تابعة للشرطة وقد وقفت أمام باب سوبر ماركت قريب، ويبدو أنه كان ينتظر أحدا يحمل له ما اشتروه فقد كان دائم التلفت نحو الباب، فتمهلت بحب استطلاع لا أعرف مصدره، وفعلا أقبلت سيدة محترمة تدفع عربة أمامها مليئة بالمشتروات ، وكانت نفس البنت تسير وراءها وهى تحمل ما خف من مشتروات لم تسعها العربة، ولم أسمح لنفسى أن أشك فى الضابط ، وإنما شككت فى تعرفى على البنت، لكنها هى التى رمت ما كانت تحمل واندفعت نحوى صاحئة : أهه أهه هذا هو أبى الحقيقى، فنظر إلىّ حضرة الضابط

وبدا لى أنه عرفنى، فنهر البنت بشدة، لكنها ظلت متدفعة فى اتجاهى فقفز الضابط من السيارة ولحقها بسرعة وجذبها وحشرها فى السيارة حشرا وأنا متجمد فى مكانى منتظرا دورى غير فاهم شيئا، وانطلقت السيارة بما فيها ومن فيها.

 

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *