الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يوليو 1987 / يوليو1987- مثل وموال، حدوته

يوليو1987- مثل وموال، حدوته

مثل وموال وحدوته

أولا: العقد الاجتماعى والغش الجماعى

ثانيا: تسطيح التراث بالانكار والاختزال

أولا: العقد الاجتماعى والغش الجماعى

حين أغلنت ظاهرة الغش الجماعى، كانت المفاجأة أنها بمجردأن أعلنت حتى سرت موجة من الدهشة لدى الناس، عامة الناس، وكأنها تقول: “صح النوم” أو “طبعا”، أو “بعد ايه؟” ….. الخ، ورغم بشاعة الظاهرة بكل مقياس الا أنها انتشرت، وتأكدت، وتكررت، حتى صارت سهلة وطبيعية و …. و “شريفة”!!

وقد لاحقتنى عدة أمثلة شعبية كانت تطرح تفسيرات قوية ومتحدية، بدءا من أمثلة سبق أن قرأناها سويا فى هذا الباب، فمن غير المعقول أن هؤلاء الذين يمارسون هذا “التعاون الجماعى” (الغش) يكونون فى نظر أنفسهم، أو فى نظر الحدس الشعبى آثمين أصلا.

وأقتطف هنا – أساسا – ما يتعلق بالمثل العلمى والقول الشائع مما جاء فى دراسة لى مطولة حول هذا الموضوع نشرت فى مكان آخر وأورد فى هذا الباب ما تصورت أنه “العقد الاجتماعى” بين الناس والحكومة، وبين الناس والناس، كما قرأته فى الوعى الشعبى العام المفسر لهذه الظاهرة.

قال لى هذا العقد الاجتماعى “الخاص” بشأن ظاهرة الغش الجماعى.

(1)         “على قد فوله … كيلوله”

فقرأت الناس يقولون بذلك: أن شهادة بلا قيمة ولا جهد (من خلال هذا الغش) هى المؤهل المناسب تماما لوظيفة بلا عمل، ومرتب لا يستر صاحبه ولا يحفظ كرامته أو شرفه.

(2)         (1) “اللى ييجى منه أحسن منه”

        (ب)  “شعرة من دقن الخنزير”

فقرأت استهانتهم بالحكومة والمدرسة، وموقفهم العدائى الحذر من السلطة، فحيث تمارس السلطة نشاطها وتخطيطها بشكل فارغ من المعنى، منفصل عن الناس، تصبح فى موقف العدو الطاغى اللامبالى، الذى يستحل الناس ازاءه كل ما يمكن نهبه واغتصابه منه، والحصول على الشهادة الرسمية (بهذه الطريقة) هو مثال لاسترداد بعض الحق، احسن من لا شئ.

  • (أ) “يا بخت من نفع واستنفع

(ب) “شيلنى وأنا أشيلك”

فقرأت: نتعاون معا نحن أولياء الأمور (والمدرسين أحيانا) ضد من يضحكون على أولادنا بتعليم مثل قلته.

(2) (أ) “كله عند العرب صابون”

    (ب)”كله محصل بعضه”

فقرأت: أنه ما دام حامل الشهادة بحقها، لا يستعمل فى الحياة العملية ما درسه من أجل الحصول عليها، فأنه يتساوى – عند الحكومة وعلى أرض الواقع – مع من حصل على شهادته بلا تحصيل أصلا.

(5)  “خلى الميه “المائة” تبقى ميه وواحد”

فقرأت: أنه مادام أولادنا (الغلابا) يضيعون وقتهم فى تعليم بلا علم، ويعيشون مواطنين بلا مشاركة، ويتوظفون موظفين بلا عمل، وما دامت الدولة تستدين بلا رد، وتخطط بلا انتاج، وما دام، … وما دام … وما دام فــ “خليها تكمل”.

وأخيرا

(6)  “سيب وأنا سيب”

فقرأت الناس تساوم الحكومة، والحكومة تفوت للناس بمعنى:

الناس: خففوا الرقابة والانضباط، وأنا أفوت لكم كرسى السلطة وانجحكم فى الانتخابات.

الحكومة: لا تنقذونى وتحبكوها، وافعلوا – مقابل ذلك ما تريدون (بما فى ذلك الغش).

وليس معنى ذلك أن الحدس الشعبى يبرر الغش .. وانما المعنى الأهم هو أن الغش ليس غريبا عن الحال التى وصلنا اليها، فهو ليس لونا نشازا فاقعا، لأنه على أرضية من نفس اللون، وبالتالى فعلينا، ومن واقع هذا الاحتجاج الشعبى الصارخ الذى أخذ صورة “هذا الغش”، علينا أن ننظر أولا، وجيدا، ثم نحاول الاجابة على السؤال الذى “يقول”:

* كيف تلونت ارضية حياتنا – هكذا – بنفس اللون حتى صار الغش سلوكا شعبيا ذا دلالة؟

كيف، ومتى، ومن الذى لونها؟ ثم راح يكتشف فينا فعلته هو، حتى أخشى أن يصح هنا مثل صارخ صعب، ربما يصور الحكومة وهى”تستعبط” (وهى ترفض النقد الحقيقى) ثم “تضبط فينا”: ما “تفعله فينا” ، يقول المثل (غير المناسب تماما):

“لا تشتم الأحبه تلهيك، وكل اللى فيها تجيبه فيك” وعذرا

ثانيا: تسطيح التراث بالانكار، والاختزال

(تعقيب وحوار حول حواديت العدد الفائت عدد 30 أبريل 1987)

حين نشرت رؤيتى / قراءتى لحواديت أربعة، على لسان طفلة أمية شغالة، وحاولت أن أعرضها على مستويين: الأول  باعتبارها ممثلة لحدس شعبى علم،والثانى باعتبارها متعلقة بخيال وأحلام وموقف الرواية التى لم نستبعد أن تكون قد جمعت، وآلفت، ولفقت، وحورت ما حكته: من عدد من الحواديت وليس مجرد حكاية لما سمعت حين فعلت ذلك، أعلنت فى نهاية المحاولة انزعاجى شخصيا، بل انى لم أخف انزعاجى منذ البداية، فذكرت بعد قراءتى للحدوته الثانية (قمر بين حيطتين) أنى “… أحسب أن القارئ لابد قد انزعج – مثلى وأكثر – من هذا التفسير البالغ الادهاش حتى الرفض، وليطمئن. فلا أنا متمسك به تماما، ولا أنا رافض غيره أصلا، لكننى اكتشفته أثناء القراءة – كتابة – هنا، فلم أرفض ايحاءاته.

ومع ذلك فان الرد الوحيد الذىتلقيته، والذى سأعود اليه حالا لم يلتقط موقفى هذا الذى يبدو أنه يحتاج الى ايضاح أكثر، أورد بعضه كالتالى:

فقد تعود الناس أن يتمسك صاحب الرؤية أو الرأى بما وجده أو رجحه تمسكا شديدا ان لم يكن مطلقا، وقد حاولت أن أكسر ذلك باعلان انزعاجى، وفتح أبوابى لمن يعدل اندفاعتى، ومازلت اتمنى أن يكون الحوار هو هذا الجدل الخلاق، وليس الموافقة التابعة المستسهلة، أو الرفض المتعجل أو المعاند.

وقد عشت بعد نشر هذه المحاولة موجتين من المراجعة، ثم عدت أقرأ ما ذهبت اليه، فاذا بى ازداد تمسكا به، كما ازددت جوعا الى مشاركة أعمق وأدق، حتى وجدتنى أكرر ما انهيت به الدراسة مستغيثا “.. لكنى وحدى هكذا أخشى أن أشطح أكثر، فافيد اقل، أو اصير وحيدا بلا معنى رغم صدق الرؤية ووضوح اليقين”.

(1) يوسف عزب:

ويبدو أن الصديق يوسف عزب قد استجاب بطريقته، وقد رأيت أن أنشر خطابه كاملا وفعلت ذلك فى المسودة، مرجحا أن من الأمانة أن يظهر رأيه كاملا، لكنى عدت وأنا أعيد صياغة هذا الباب الى العدول عن ذلك (1) اذ يبدو أنه لظروف عجلتى واهمالى، قد اضطررته أن يعطينى المسودة دون مراجعة (2) كما أنى وجدت أننى لو أجملت رأيه كما سأجمل ردى، قد أفتح له باب الاعادة فالمعاودة (3) وأخيرا فأن مسئوليتى عما ينشر للقارئ تحتم على أن أحجب بعض ما أراه مشوشا أو متعجلا احتراما للكاتب والقارئ معا.

واكتفى – من حيث الشكل – أن أذكر يوسف أنه كتب “أولا”: دون أى “ثانيا” أو “ثالثا”، .. الخ ثم كتب تحت أولا (1) دون أى (2) أو (3) .. الخ ثم كتب تحت واحد أ، ب، جـ، د،  فهل يا ترى كانت بداية لم تكتمل .. ثم أعتب عليه أنى لم المح فى رده قراءته لنص تفسيرى للحدوتة بقدر ما لمحت فى رده رفضا مطلقا لمحاولة التفسير أو التعميق نفسها، وذلك بالنسبة للحدوته الأولى دون الأخريات، مع أنى ذهبت نفس المذهب، أو قل شطحت نفس الشطح طول الوقت، فلماذا اختص بتعليقه “العام” جدا، هذه الحدوته الأولى بالذات، اللهم الا ان كان لم يقرأ ما بعدها، أو لم يضع يده على الخط المشترك بينها وبين غيرها ذلك أنه قال فى نص خطابه “ليس لى رد الا على الحدوته الأولى” (لماذا؟) ثم أخذ يسرد رفضه بشكل عام وسأكتفى هنا باقتطاف ما يؤيد ما وصلنى مما اعتبرته انكارا شاملا ورفضا مبدئيا للقراءة الأعمق أصلا، يقول:

“…. ان الحدوته الأولى هى مزيج من حكايات عادية جدا دون ان تحمل مضامين بتاتا”.

فلم أفهم يا يوسف ما هو العادى جدا عندك، وكيف أن العادى لا يحمل مضامين بتاتا (أهكذا؟ بتاتا)

ثم تتحدث عن:

“واقع مسقط وبسيط لا يتجاوز مجرد وصف الحال والتمنى …”

وأذكرك أنك بمجرد أن تتحدث عن الاسقاط، فثمة مضامين، ثم انى قصدت القراءة على مستويين لهذا السبب حتى لا أغفل الواقع الخارجى وكيف يمكن أن نسقط عليه واقعنا الداخلى، ثم نستعمل التراث للازاحة والاحياء معا،

وتعود تؤكد يا يوسف:

“ان المسألة تتم على مستوى الوعى الكامل والذى لا يخفى أى أعماق”.

أهكذا؟ ومن أين لك هذا الحسم والجزم، ومتى كانت المسائل عند مثل هذه الطفلة المحرومة الشغالة الأمية .. تنم على مستوى الوعى الكامل؟ وأين ذهب ما وراء الوعى؟ أم لأنها شغالة، وأمينة ولم يبق الا ظاهرها؟؟ وتصور يايوسف أن أحدا قال عن كتابتك الطليقة فى هذا العدد مثل ذلك ثم تقول تأكيدا:

“وليس هناك أى صراعات داخلية”.

يا خبر .. !!

أعتقد أنه يحق لى أن أكف عن عتابك وأنى بذلك أبرئ ساحتى بالنسبة لرفض نشر نص تعليقك ما دام الأمر فى النهاية هو رفض أى أعماق وأى صراعات .. وأى .. وأى …، فقد بلغ من رفضك أى تفسير خاص أنك جعلت الأصل فى الحدوته أنها للتخويف بما هو غول أو جنى) وأنه لابد أن يتخفى، وبالتالى فصورة الأستاذ (كما وردت فى الحدوته) ليست الا وسيلة، أى وسيلة، للتخفى، مثلها مثلها يتخفى الجنى فى صورة “حمار” كما ذكرت دون تفريق، هكذا بالصدفة البحته مما لا يحتاج الى تفسير، فقط ننتبه الى “التذكر للتخويف”.

فاعذرنى يا يوسف، وتقبل شكرى الجاد، ثم دعوتى لك أن تعيد – كما سأعيد – قراءة الحواديت الأربعة.

ثم دعنى بعد ذلك آمل أن نعود تشاركنى – جادا معانيا – (رفضا أو قبولا)، تشاركنى – مثلا رؤيتى لتعدد الذوات (محمد + محمد برضه) وعكس العلاقة الأوديبية، وتداخل الحلم مع اليقظة، وتعدد أشكال العدوان: من العدوان بالالغاء، الى العدوان بالالتهام الى العدوان بالحرمان، الى العدوان الصريح ..، ألم تنتبه مثلا الى المأزق الطفلى: الالتهام فى مقابل الحضانة؟ .. وغير ذلك جدا وكثيرا، فماذا وصلك تحديدا؟ وماذا رفضت تفصيلا؟ وهل حاولت أن تعيش متقمصا – علاقتك بالسلطة (الغول)، وكفاحك اليها وهل حاولت ضدها، ؟ لو كنت حاولت فاكتشفت أبعادا أخرى، أو عدلت أبعادا مقترحة، لكنت كسرت وحدتى، اذ أحسست بمعاناة المشارك المجتهد، لكن “هكذا”؟ لا !! فعذرا، برجاء أن تقرأ خطابك وتفسيراتى مرة أخرى مع مراعاة التخفيف من تعميماتك (كم مرة استعملت “دائما”؟).

وأخيرا فانك لم تلاحظ نص قبولى لأى تفسير آخر جاد ومواكب مهما اختلف مع ما ذهبت اليه ألم أقل نصا “ولا أنا رافض غيره اصلا” وبالتالى فأن ما ختمت به تعليقك هو سؤال ليس له موقع اصلا حين تقول عنى أنى أربط “.. تفصيلات المسيرة التطورية للانسان .. باستنتاجات من هذه القصص، فهل هذه التفاصيل والمعرفة عن المسيرة التطورية تسقط اذا وجدت تفسيرات أخرى للقصص؟”

بالذمة يا يوسف هل هذا سؤال؟

وهل يحتاج الى جواب؟

اليس لى أن اطالبك أن تحاول؟

(2) أما أمين ريان (انظر أيضا الافتتاحية) فقد طمأننى بوعد شديد المسئولية، وأنا فى انتظاره بكل يقظة آملة .. اذ يقول فى خطابه

“….. سيطول ردى على (خاتمة فيها توضيح ورجاء) فقد أهاجت ما طمس من المراجع، أو ما يحاول المرء ان يدفنه من الوعى، وهدفى أن أسبق توافه الأمور فأسارع بالرد الآن، لذلك اسمح لىأن أرسل هذه السطور فورا، وأنا أكتب من الآن باقى الرد ليلحق بها”.

وقد أشار فيما أشار الى التقاطه محور نظرتى للعدوان وصور ظهوره فى هذه الحواديت وغيرها، وفى انتظاره أقول:

الواقع أنى كلما اقتربت من رؤية العدوان، فاعلان ذلك، باظهاره، واظهار دوره الايجابى (والسلبى) فى حياتنا الابداعية خاصة، هاج النقاد والباحثون والعلماء ورفضونى ابتداء ثم تماما،

  • قابلت ذلك من دارسى الابداع المنهجيين.
  • ومن النقاد (مثلا: فى ندوة عن كتاب “بعض أوراقى” للكاتبة الصحفية سلوى العنانى).
  • ومن الرومانسيين الحالمين
  • ومن التحليليين النفسيين الدائرين فى دائرة الجنس أولا ثم أخيرا.

فأتصور أن ما لحق بهذه الغريزة الرائعة من تشويه واخفاء وانكار هو أكبر ما برر ظهورها حاليا فى أبشع صورها التاريخية (القتل التكنولوجى الجماعى عن بعد … الحرب الحديثة!!) – وقد رجحت أن مقاومة يوسف أن يفهم ما ذهبت اليه، هى نابعة من الخوف من رؤية العدوان داخلنا ثم خارجنا هكذا بهذا الحجم والبشاعة (الغول)، ذلك أن الاحاطة بموضوع العدوان، كجزء لا يتجزأ من تاريخنا وحاضرنا معا، لم تعد مطروحة على الوعى البشرى أصلا بما تستحق من عناية، ولا بما يناسب موضوعها (العدوان) من أدوات رؤية ولغة ايضاح.

  • ثم أرشدتنى هالة نمر الى دراسة قارنت – عرضا اجمالا – بين حدوتة الأستاذ الغول بالذات كما تروى فى الحكايات الشعبية فى الكويت ([1]) وكما جاءت فى مرجعنا هذا.

وبصفة عامة فانى لم ألتق بما ذهب اليه الباحث قليلا أو كثيرا رغم أنه (1) التقط حكاية “الفتاة المقهورة” (2) وأكد على تكرار تصوير الأستاذ أو المطوع أو العريف أو الملا أو الفقى فى هذه الصورة (الغول) (3) وجعل يعلى من “قضية” الكتمان والصبر ([2]) فتكون النهاية السعيدة جزاء هذا وذاك .. الخ.

أقول ان كل ذلك لم يضف الى قليلا أو كثيرا، فاستقبلته كما استقبلت خطاب يوسف، (وليس خطاب أمين)، وصبرت حتى فوجئت به (بالباحث) يقول (ص 229):

والحكايات الشعبية بصفة عامة لابد وأن تفسر على ضوء علم النفس الاجتماعى، ولكن للأسف مازال المجتمع العربى فى مختلف قطاعاته خاليا من كثير من الدراسات الاجتماعية الميدانية الواقعية لواقع المشكلات النفسية التى تحوط حياة الانسان العادى.

فوقفت عند “لابد”

متذكرا النقطة “دائما” التى راح يوسف يكررها.

ووقفت عند قوله “واقع المشكلات النفسية التى تحوط حياة الانسان العادى”.

وتذكرت تأكيدات يوسف أنها حكاية عادية جدا، وأنها لا تحمل أى مضامين بتاتا، ….. الخ وازاء هذا فقد رحت أفضل الا تحمل مضامين أصلا اذا كانت سوف تختزل هكذا (ولو تحت عنوان علم النفس الاجتماعى) الى دراسة ميدانية لمشكلات “تحوط” حياة الانسان، وتصورت مدى التسطيح والعصرنة المحتملة بكل التشويه القادم مع أدوات علم محدودة، وكمية، تحت زعم تقنينها وتعادلها، ثم عدت أرفض وأرفض حين قدم الباحث تفسيره لحكاية العريف، الفقى، الأستاذ الغول من خلال صورته الشائعة فى الريف (فى الكتاتيب خاصة) وما يقابلها عند اخواننا العرب.

“وكان الملا أو الفقى يتصف دائما بالقسوة على الأولاد والبنات فى التعليم، وعقابه لمن يخطئ عقابا شديدا”.س

الى أن قال:

“كما أن حالات الهروب من البيت أو المدرسة كان مردها تلك الشخصية بمكوناتها الجسمية والنفسية.

(كذا؟)

ثم قال:

“كما ارتبط وجودها الثقافى بالمقولة السائدة الخاطئة عن رجال الدين وقسوتهم”.

ثم راح الباحث يثير الانتباه الى ضرورة دراسة تلك الشخصية التى كان لها دور مباشر فى ثقافة المجتمعات العربية.

ثم ينتهى خطيبا ليقول (حامدا شاكرا كما تصورت) أنه:

“… وفى الواقع أن سلطان مثل هؤلاء المدعين قد انتهىالآن ..تحت تأثير رجال الدين المستنيرين وبخاصة رجال الأزهر الشريف الذين أخذوا علىعاتقهم نشر العلم والمعرفة الدينية الصحيحة وتطهير المعتقد الدينى من الخرافات والأوهام وتدعيم المعرفة الدينية للانسان بالايمان السوى والمعرفة الواعية دون أوهام اسطورية، أو تفسيرات وثنية، وخرافات وثنية” انتهى والحمد الله.

وهنا عذرت يوسف عذرا شديدا، وفضلت أن أحذو حذوه فأعتبر الحدوته بلا مضامين أصلا، فلأن تترك “هكذا” بما هى، تخترق وتنتقل وتبقى، لهو خير ألف مرة من أن يكون هذا هو “الدرس الوعظى” الذى أخرج به منها، وقد رجعت أقارن بين هذا التسطيح من جانب هذا الباحث، وذلك الانكار والاختزال من جانب يوسف عزب أقارن بين هذا وذاك وبين استشهاد الناقد الشاعر حلمى سالم فى العدد الفائت، وتوضيحه لكيفية تضمين التراث الشعبى بكل أبعاده المتداخلة فى التعامل الداخلى الضمنى مع التراث ([3])، لا التعامل الخارجى القشرى الذى يرصع النص (الشعرى) ويبهظه .. الخ” الى أن يقول “…. تسرى فى المقطع روح أسطورية شعبية تتقمص الصور وبعض المفردات”

فأين هذا من حكاية علم النفس الاجتماعى، ودور الأزهر فى تدعيم المعرفة الدينية .. دون أوهام اسطورية أو تفسيرات وثنية؟

على أن رفضى لهذا الاستسهال والتسطيح والانكار والاختزال لا يعنى – تلقائيا – تمسكى بما ذهبت اليه من قراءة تركيبية خاصة، ومع أنى زدت يقينا بحقى فى هذه القراءة، فأنى مازلت منزعجا منها، منتظرا رد أمين ريان وغيره مستغيثا به (وبسائر القراء المشاركين)، من نفسى، ومن يوسف، ومن صفوت كمال معا.

وقد نستمر.

وقد نلتقى.

[1] – الحكاية الشعبية الكويتية تأليف صفوت كمال (1986) الطبعة الأولى وزارة الاعلام دولة الكويت) ادارة الثقافة الصحية والصحافة والرقابة مركز رعاية الفنون الشعبية.

[2] – جاء فى الصورة الكويتية أن ما طلبته الفتاة المحرومة كان لعبة الصبر وليس علبة الصبر، ولعل الخلط بدأ لفظيا ثم حوله التراث، أو لعلهما صورتان مختلفتان من البداية، لكنها تؤديان نفس الدلالة.

[3] – عدد 30 ص 67

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *