الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد أكتوبر 1987 مارس 1988 / عدد أكتوبر1987-مارس1988-كتاب هام: “نـظـر”

عدد أكتوبر1987-مارس1988-كتاب هام: “نـظـر”

كتاب هام: “نـظـر”

قراءة وتقديم: عصمت داوستاشى

إن عشقنا فعذرنا                           إن فى وجهنا نظر!

كتاب هام فريد، فى اعتقادى أنه الأول من نوعه فى المكتبة العربية؛ وأنه مدرسة متكاملة تفيد الفنان التشكيلى كما تفيد المتذوق للفن، والمثقف بصفة عامة لما يحتويه من معلومات شاملة فى الحياة، رغم واجهته التخصصية فى فن الرسم.

ومؤلف هذا الكتاب واحد من أهم الرسامين المصريين، هو الفنان محيى الدين اللباد، رسام الكاريكاتير المشهور، والمخرج الفنى لكثير من المجلات والجرائد والمطبوعات، ورسام كتب الأطفال المميزة. وقد يكون الفنان اللباد معروفا على مستوى الدولة العربية والعالم المتحضر أكثر مما هو معروف فى بلده.

والكتاب عبارة عن كم هائل من الرسوم من أنحاء الدنيا مقدمة بتعليق من الفنان اللباد فى شكل أدبى رفيع . ولا أجد أمامى إلا ان أقدم فقرات مكتوبة مع الرسوم المرفقة لها لكى ألقى الضوء على هذا الكتاب الذى قوبل بالصمت، ربما لعدم الفهم، والأصح لقلة النظر!! رغم أنه كتاب جدير بأن يكون فى مكتبة أى إنسان، بل أنى أنصح من ليس لديه مكتبة أن يبدأ بهذا الكتاب(1).

وصف موضوعات الكتاب:

صفحة (1) بيضاء.

صفحة (2) التصميم والطباعة والنشر ورقم الإيداع.

صفحة (3) رسم لزجاجة قطرة بها عين تحتها كلمة اللباد وبالإنجليزية Eye Drops، وفوق الزجاجة كلمة (نظر!).

وقد يعنى ذلك أن قطرة اللباد هى النافعة للعين وللنظر..

وأنا أرى أن العين المصرية فى حاجة لقطرة تجلى النظر (أليس كذلك!)..

صفحة (4) بيضاء.

صفحة (5) تحت عنوان (هذا العمل)، وهى مقدمة للمؤلف، يقول فيها إن هذا الكتاب: “..ليس كتابا بالضبط، بل هو ما يسمى فى بلاد أخرى – ألبوم، ويعطى هذا الاسم هناك للمطبوعات التى تجمع أعمالا (وبالذات المصورة أو المرسومة) نُشرت من قبل فى مجلات وصحف، بلا تدخل جديد أو جهد مكرر. تطبع كما هى طمعاً فى جمهور قد يهمه اقتناؤها مجمعة… ولعلها تكون سابقة مستغربة فى بلادنا أن تجمع مثل هذه الموضوعات المصورة، “وتُنشر”، وقد شجع بعض القراء والزملاء والأصدقاء الفنان اللباد على هذه الخطوة الجريئة، ولولا تهور الناشر، وحنان مؤسسة روز اليوسف (حسب تعبيرات الكاتب) حيث يعمل الفنان بها رساما، لما نشر هذا الكتاب، خاصة، وكما يقول اللباد: “إذا كانت “الحصة” التى أتمتع بها من صفاقة الإفتاء، والإدلاء بالآراء، والمجاهرة بتجسيلها كتابة (وبالعربية الفصحى!)، ونشرها علنا، ومن الإدعاء وتقمص دور الأستاذ أحيانا – كانت تلك (الحصة) قد استنفذت فى نشر هذه الموضوعات فى حينها بمجلة (صباح الخير)”.

ويضم هذا الكتاب (آسف: الألبوم) ما سبق نشره فى مجلة صباح الخير منذ بدأ ظهور الباب (نظر!) فى منتصف أغسطس 1985، وحتى آخر فرصة ممكنة قبل طباعته. (ومازال الفنان اللباد يواصل كتابة هذا الباب “(نظر!” بنفس المجلة، وبإحباط شديد سنوضح سببه فى نهاية هذا العرض للكتاب).

وفى نهاية هذه المقدمة يقول اللباد بشأن هذا الكتاب: “أنه سيتحمل المسئولية عن المسألة بالكامل!”، ونعقب فنقول: أنه جدير بتحمل هذه المسئولية، ونتمنى أن تتكرر فى كتاب قادم مصحوب هو الآخر بتهور الناشر، وبحنان “روز اليوسف” مضافا إلى ذلك مزيدا من العيون المبصرة المبحلقة باحترام وحب لقطرة عمنا اللباد.

صفحة (6) بيضاء.

صفحة (7) العنوان الفرعى للكتاب، بيت شعر من تأليف بشارة الخورى، ولحن غناء محمد عبد الوهاب، وتفسير اللباد، وبيت شعر يقول:

إن عشقنا فعذرنا

أن فى وجهنا نظر!

صفحة (8) يبدأ بمقدمة لباب (نظر!) الذى بدأ اللباد فى نشره بمجلة صباح الخير فى أغسطس سنة 1985 يقول فيها: “سيكون كشكولا عن الأعمال والنشاطات التى تتوجه إلى العين .. سواء كانت محلية أو أجنبية .. سيهتم بلغة البصر التى يمكن أن يتواصل بها كل الناس على اختلاف لغاتهم الشفهية والمكتوبة. لن يكون بابا للمتخصصين. ولا نظريا، ولا بابا للنقد التشكيلى”.

ثم يرجو من القراء الإفصاح عن رأيهم فى الباب (وهذا ما لم يحدث – انظر نهاية الموضوع).

أفريقيا ! أفريقيا !

فى نفس الموضوع يعدنا المؤلف بأنه سيقدم لنا معرضا آخر مقاما فى مدينة تورينو الإيطالية، وعنوانه الرئيسى (القصص المرسومة comic Strpis عن أفريقيا) وهو معرض قد ساهم الفنان فيه باختياره، وإرساله لرسوم رسامين عرب، ومن مجلات أطفال عربية حول موضوع المعرض.

ويختتم الفنان اللباد عرض موضوعه الأول والمنشور على صفحتين بنشر شعار يميز العام العالمى للمرأة والعقد العالمى لها (بمناسبة انتهائه)؛ وكانت هيئة الأمم المتحدة قد اختارت شعارا مرسوما، اتفقت كل “الأمم” الأعضاء على استخدام الشعار نفسه طوال عام 1975 والعشر سنوات التالية؛ ويمثل هذا الشعار البصرى شكلا لحمامة ويضم علامة الجنس الأنثوى ♀ وعلامة التساوى (=). (انظر الرسم، ولكن إسرائيل فاجأت العالم بامتناعها عن استعمال الشعار المرسوم الذى استعمله كل العالم، لأنها اعتبرت علامة الأنوثة صليبا، ورفضته لهذا السبب، ووضعت إسرائيل لنفسها شعارا خاصا بالعام العالمى للمرأة ضمنته نجمة داود (كأغلب شعاراتها المرسومة) انظر الرسم).

وبعد ذلك يتكلمون عن التعصب الدينى ضدهم؟

معرض ملصقات اليابان:

يقدم لعرض نظمته وزارة الخارجية اليابانية ودار على معظم بلدان أفريقيا تحت عنوان أنقذوا الطبيعة فى أفريقيا”. وهو معرض للملصقات بالغ الأهمية (فهى ملصقات غير ملصقات الأفلام المصرية، وغير ملصقات الحملات الانتخابية “وهو عندنا ملصقات غير ذلك؟”).

فى الملصقات اليابانية رأينا اللغة البصرية الذكية، والبلاغة، ولماحية الفنان، وثقافته وجديته”.

ويعرض الكتاب ملصقات من المعرض، ثم يعلق المؤلف عليه بقوله:

“أنقذوا الطبيعة فى أفريقيا – أى: من الجفاف والتصحر، وتدمير البيئة الطبيعية. وهى دعوات تنتشر فى الدول الصناعية الغنية التى تملك الوقت لهذه “الفنطزية” التى لا يتمتع بها الموضوع نفسه “أهل أفريقيا”؛ لا يتمتعون بها لأنهم يصارعون الحياة، ويتصارعون”.

ويستمر الكتاب فى تقديم موضوعاته الممتعة والمتنوع، بالكلمة الذكية اللماحة، والنقد الموضوعى، والسخرية اللاذعة، بجوار مختارات اللباد من الرسوم الخاصة بالموضوع.

ولأنه كتاب حافل ثرى بموضوعاته، فلا يمكننى أن أقدمها جميعها، واستشهد على ذلك بفهرست الكتاب حيث تم تبويب موضوعاته على النحو التالى:

كاريكاتير: ومن موضوعاته: بيكاسو والكاريكاتير، الشيوعيون يضحكون، جَمَل (بفتح الجيم والميم) وكمبيوتر، المهرج رئيسا، عبر السميع رساما – العربى القبيح.

ثقافة الطفل: ومن موضوعاته: طرزان – هل هو عدو أم صديق؟؛ الفأر القومى؛ المفاتيح مع العيال؛ كتاب مرسوم للأطفال العميان؛ الفرخة لها بيت، والشاذلى القليبى له بيت، والكاتب والرسام ليس لهما بيت.

الخط العربى وتصميم الحروف: ومن موضوعاته: حروف معبرة – الطغراء قمة الجمال فى الخط العربى – الخط مسألة سيادة.

إخراج وتصميم الصحف والكتب: ومن موضوعاته: ثوب الجريدة القشيب – تقاليد جميلة فى الكتابة العربية – هؤلاء الرسامون ورسومهم البذيئة.

حروف معبرة

من موضوعات الكتاب وهى تصميمات الفنان الأمريكى “جون لانجدون” والفكرة الرئيسية فيها تعتمد على اللعب بحرف “أ” فى كل تسمية منها (ذلك الحرف الذى يعنى “أنا” باللغة الإنجليزية). وتكتشف – بالصدفة – أن هذا الحرف (أنا) موجود فى كل التسميات الثمانية المنشورة فوق هذا الكلام.

(لاحظ اختفاؤه فى كلمة ammesia “الأخيرة” حيث كان يقع بين الـ S والـ A).

ثوب الجريدة القشيب:

تصميم فائز بالجائزة الذهبية لتصميم ملاحق الصحف. وهو تصميم لصفحة من ملحق خاص بالرحلات فى صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية وكان موضوع الملحق عن بلدنا، وفيه استخدم المصمم منظراً مرسوماً لنخيل مصر. بحيث تكون جذوعه هى الفواصل الرأسية بين أعمدة الصفحة.


تراث جرافيكى: ومن موضوعاته: البحث عن أبو زيد فى طوكيوا – رسوم لا تشبه غيرها.

رسم (7)

رسم ورسامون: وقد قدم وكتب عن الفنانين (نبيل تاج – صاروخان – شافال الفرنسى – أنور (اليابان) – جورج البهجورى – الناصر الخمير (تونس) – عبد السميع – سعيد العدوى – صلاح جاهين – فؤاد الفتيح (اليمن) – ماهر – قاسى (الجزائر) – سول ستاينبرج أو بيكاسو الكاريكاتير (أمريكا) وغيرهم.

وبالكتاب مجموعة كبيرة من الرسوم الكاريكاتورية للفنان اللباد، وهى رسوم مميزة بنقدها الاجتماعى والسياسى، وتنشر فى ثير من المجلات بمصر والخارج، وقد عانى اللباد فى الآونة الأخيرة من نشر رسومه دون أخذ إذن منه مما سبب له ذلك كثيرا من الأضرار حتى أنه لجأ أخيرا إلى كتابة عبراة “حقوق الرسم محفوظة للرسام” إلى جوار رسومه الكاريكاتيرية، والعبارة فى حد ذاتها نكتة، ولكن ماذا يفعل الفنان وهو يصرخ قائلا “الكاريكاتور – يا سادة – ليس دائما نقشا لطيفا تزين به الصفحات، أو تخفف به النصوص ثقيلة الدم، كما أنه ليس شخبطة سهلة تملأ بها الفراغات الماكيت؛ لكنه رأى. بل هو الرسام نفسه. ولا يملك أحد حق استعماله كيفما كان سوى صاحبه”. واللباد يعلم أنه لا حقوق محفوظة للرسام فى الوطن العربى .. بل حتى الحقوق الحياتية فى أن يظل الرسام يرسم، غير مضمونه على الإطلاق؛.

وأخيراً ؛ تم إغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطينى المعروف ناجى العلى .. قتلوه حتى يحطموه ريشته .. فأى حقوق يجنيها الفنان الرسام فى وطن يعتبر الفن شيئاً هامشيا. ولو تعدى هذه الهامشية يصفى فوراً.

* * *

إن كتاب نظر، (أو الألبوم، أو الكشكول، أو أى اسم آخر لهذا العمل الخلاق للفنان الأديب محيى الدين اللباد) يعد عملا رائدا فى مجال الكتاب العربى، ورغم ذلك يشعر الفنان بالحزن للتجاهل الذى قوبل به (نظر!) سواء عند نشر موضوعاته فى مجلة صباح الخير، أو بعد طبعها فى كتاب؛ وأرجو أن يأذن لى الفنان اللباد بنشر مقتطف من رسالة شخصية مرسلة منه لى، وهى أول رسالة أتلقاها من الفنان الكبير، (وأرجو أن تستمر مراسلاته) يقول فى سطورها: “منذ أسابيع أصابنى يأس شديد، وتسلل الإحباط إلى جلدى، وفكرت أن انشر فى المجلة التى أعمل بها عموداً فى آخر الباب أطلب فيه من القراء الذين يطلبون (نظر!) أن يكتبوا لى رسائل، فإذا اجتمعت عندى مائة رسالة من تلك الرسائل سأواصل العمل بحماس، لأنى فى بعض اللحظات أعتقد أن لا أحد يهتم بتلك الصفحات. لم أفعل ذلك أيضاً لقلة الهمة”.

وأنا شخصياً أود أن يستمر الفنان اللباد فى تحرير صفحته المميزة (نظر!) وفى جمعها فى كتب .. أود أن يستمر لأنى شخصيا استمتع وأستفيد بما يكتب وينشر. إنه يفتح لى نافذة رائعة على الفن والثقافة، ويجعل الدور الذى تقوم به عينى ممتعا. وأعتقد أن هذا الرأى ليس رأيى الشخصى فقط؛ وأن قطرة اللباد .. مفيدة وناجحة.

[1] –  اسم الكتاب: نظر اسم المؤلف: اللباد القطع: 20x 28 سم. الغلاف: كرتون مليع 3 لون. عدد الصفحات: 152 عدد الصفحات: 152 صفحة أبيض وأسود. الناشر: العربى للنشر والتوزيع. رقم الإيداع فى دار الكتب القومية: 2990/87. تاريخ النشر: فبراير 1987م – الثمن: ثلاثة جنيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *