الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يناير 1987 / يناير1987-شعر أنقب عن وطن

يناير1987-شعر أنقب عن وطن

شعر

أنقب‏ ‏عن‏ ‏وطن

عبدالمقصود‏ ‏عبد‏ ‏الكريم

فى ‏دمى

صرة‏ ‏تتدلى

وقلب‏ ‏تفتت‏ ‏فوق‏ ‏الموائد

ثم‏ ‏تبعثر‏ ‏فى ‏جرة‏ ‏حملت‏ ‏زاد‏ ‏قومى

‏ – ‏القريش‏ ‏المعتق‏ ‏والماء‏-‏

قلب‏ ‏تجمع‏ ‏فى ‏جسد‏ ‏الصحراوات‏ ‏كالبهلوان‏.‏

فى ‏دمي

صرة‏ ‏تتدلي

أخزن‏ ‏فيها‏ ‏بقايا‏ ‏البلاد‏ ‏التى ‏سقطت

وبقايا‏ ‏البشر‏.‏

برهة‏، ‏كالمهرج‏، ‏أضحك

ملء‏ ‏فضاءات‏ ‏زنزانتي

لرهة‏، ‏كالمهرج‏، ‏أغضب

ملء‏ ‏الفضاءات

لكننى ‏دائما

وبقايا‏ ‏البلاد‏ ‏التى ‏سقطت

وبقايا‏ ‏البشر

دائما‏، ‏نتسامر‏ ‏فى ‏ليلنا‏ ‏الأزلي‏.‏

تقيم‏ ‏النواقيس‏ ‏فى ‏هامتى ‏الباهتة

مأتما‏ ‏الذى ‏مات‏ – ‏عرسا‏ ‏لأرملته

أترنح‏ ‏مثل‏ ‏الذى ‏مات‏،‏

أحمل خارطة فى دماى

أحمل‏ ‏فى ‏القلب‏ ‏ما‏ ‏يشبه‏ ‏الغيمة

وأدوخ‏.‏

صرة‏ ‏فى ‏دمى

فى ‏فؤادى ‏الدواليب

رائحة‏ ‏تتسلل‏ ‏من‏ ‏جثتى

جثتى ‏تتخزن‏ ‏بين‏ ‏القطارات

قلبى ‏يقرفص‏ ‏فى ‏زاوية

ويموت‏.‏

أخوض‏ ‏الدمار‏ ‏بشرخ‏ ‏عنيد

أجازف

بالجثة‏ ‏المائتة

وأجازف‏،‏

أضحك‏ ‏لامرأة‏ ‏لست‏ ‏أعشقها

وفتى ‏لست‏ ‏أكرهه

أبصق‏ ‏القلب‏ ‏فى ‏المرتين

وأفركه‏ ‏بالحذاء‏ ‏المهلهل‏ ‏مثل‏ ‏صبى ‏فقير

وأمضى ‏الى ‏وطن‏ ‏يشبه‏ ‏الغيمة‏،‏

أنقب‏ ‏بين‏ ‏الخراب‏ ‏القديم

وبين‏ ‏الخراب‏ ‏الحضاري

لست‏ ‏أشم‏ ‏الخراب‏ ‏المقيت

ولست‏ ‏أشم‏ ‏الخراب‏ ‏الوسيم

ولكنني تستميل‏ ‏فؤداى ‏البقايا‏،‏

بقايا‏ ‏الثياب‏، ‏بقايا‏ ‏القديد‏،‏

بقايا‏ ‏البلاد‏ -‏

أنقب‏ ‏عن‏ ‏وطن‏ ‏يشبه‏ ‏القلب

أو‏ ‏يشبه‏ ‏الصرة‏ ‏القاحلة‏.‏

فى ‏دمي

وطن‏ ‏يتدلى – ‏أنقب‏ ‏عن‏ ‏وطن‏،‏

تستميل‏ ‏فؤداى ‏الحوائط

قابلة‏ ‏لانهيار‏ ‏وشيك

وتجذب‏ ‏رأسى ‏البقايا

وأكتب‏ ‏لامرأة‏ ‏لست‏ ‏أعشقها

وفتى ‏لست‏ ‏أكرهه

وأفتش‏ ‏بين‏ ‏الفضاءات‏ ‏عن‏ ‏وطن

لست‏ ‏أعرفه‏.‏

أتساءل‏ ‏مثل‏ ‏الفلاسفة‏ ‏الحكماء

ومثل‏ ‏النبيين‏:‏

هل‏ ‏وطن‏ ‏المرأة‏ ‏الرجل‏ ‏الوغد

هل‏ ‏وطن‏ ‏الرجل‏ ‏المرأة‏ ‏الخاطئة؟

أتسأءل‏: ‏هل‏ ‏وطنى ‏وطن

أم‏ ‏خيالى ‏المحنط

مثل‏ ‏لى ‏غربتى ‏وطنا

يعتريه‏ ‏المزاج‏ ‏الحضارى ‏حينا

وحينا‏ ‏يحن‏ ‏الى ‏الكهنوت

ودوما‏ ‏يتوه‏.‏

فى ‏دمى ‏وطن‏ ‏يتدلي

وأحلم‏ ‏فى ‏وطن‏. ‏ثم‏ ‏أحلم

يفلت‏ ‏مني‏، ‏أصيح‏:‏

فى ‏دمى ‏وطن‏ ‏يتدلي

‏ ‏وفى ‏الحيل‏ ‏كينونتى ‏تتدلي

وينقلب‏ ‏الملكوت

أرى ‏الأرض‏ ‏تمسى ‏على ‏قرنها

وأرى ‏شاعرا‏ ‏يتدلي

وكل‏ ‏الفضاءات‏ ‏تصغر‏، ‏تصغر

تصبح‏ ‏قبرا‏ ‏بحجم‏ ‏الجسد‏.‏

القاهرة‏ – ‏مارس‏ 1986‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *