الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ قراءة الحلم (34) تقاسيم على اللحن الأساسى

فى رحاب نجيب محفوظ قراءة الحلم (34) تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”13-4-2017

الخميس: 31-8-2017

السنة العاشرة

العدد: 3652                          

فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (34- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (34)

عند‏ ‏منعطف‏ ‏من‏ ‏منعطفات‏ ‏الحارة‏، ‏رأيت‏ ‏أمامى ‏الصديقين‏ ‏الشقيقين‏ ‏اللذين‏ ‏طال‏ ‏غيابهما‏ ‏وأحزننى ‏غاية‏ ‏الحزن‏، ‏وبهتنا‏ ‏ثم‏ ‏فتحت‏ ‏الأذرع‏ ‏وكان‏ ‏العناق‏ ‏الحار‏، ‏وتذاكرنا‏ ‏الأحزان  و‏‏الأفراح‏ ‏والليالى ‏الملاح‏،  ‏وطلبا‏ ‏منى ‏زيارة‏ ‏سكنى ‏فمضيت‏ ‏بهما ‏إليه‏ ‏على ‏بعد‏ ‏أمتار‏، ‏وتفحصاه‏ ‏حجرة‏ ‏بعد‏ ‏حجرة‏ ‏وضحكا‏ ‏طويلا‏ًً ‏كعادتهما‏ ‏ثم‏ ‏أعربا‏ ‏عن‏ ‏أسفهما‏ ‏لبساطة‏ ‏المأوى، ‏ثم‏ ‏سخرا‏ ‏منى ‏بلسانيهما‏ ‏اللاذعين‏ ‏الجذابين‏. ‏وسألانى ‏عن‏ ‏عملى ‏الذى ‏أعيش‏ ‏منه‏، ‏فأجبت‏ ‏بأننى ‏عازف‏ ‏رباب‏ ‏وأتغنى ‏بعذابات‏ ‏الحياة‏ ‏وغدر‏ ‏الدهر‏، ‏وعزفت‏ ‏لهما‏ ‏وغنيت‏ ‏فقالا‏ ‏إنها‏ ‏حياة‏ ‏أشبه‏ ‏بالتسول‏ ‏ولذلك‏ ‏فهما‏ ‏لا‏ ‏يدهشان‏ ‏لما‏ ‏يبدو‏ ‏فى ‏وجهى ‏من‏ ‏آثار‏ ‏الضعف‏ ‏والبؤس‏ ‏وقالا‏ ‏لى ‏أنهما‏ ‏بحثا‏ ‏عنى ‏طويلا‏ ‏حتى ‏عثرا‏ ‏على، ‏وتبين‏ ‏لهما‏ ‏أن‏ ‏قلقهما‏ ‏على ‏كان‏ ‏فى ‏محله‏ ‏وأنهما‏ ‏يبشرانى‏ ‏بالفرج‏.. ‏حمدت‏ ‏الله‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏ولكن‏ ‏ما‏ ‏الذى ‏يبشراننى ‏به‏ ‏قالا‏ ‏ستهاجر‏ ‏معنا‏ ‏إلى ‏المكان‏ ‏الجميل‏ ‏والرزق‏ ‏الوفير‏، ‏فسألت‏ ‏كيف‏ ‏يتيسر‏ ‏لى ‏ذلك‏ ‏فقالا‏ ‏إنهما‏ – ‏كما‏ ‏أعلم‏ – ‏يمتان‏ ‏بصلة‏ ‏لأصحاب‏ ‏النفوذ‏ ‏ولا‏ ‏خير‏ ‏يجئ‏ ‏إلا‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏أصحاب‏ ‏النفوذ‏.‏

وتأبطا‏ ‏ذراعى ‏وسارا‏ ‏بى ‏إلى ‏الخارج‏، ‏حتى ‏بلغنا‏ ‏أحد‏ ‏الرجال‏ ‏العظام‏ ‏شكلا‏ًً ‏وموضوعا‏ًً، ‏واستمع‏ ‏للحكاية‏ ‏بوجه‏ ‏محايد‏، ‏وقال‏ ‏لى ‏إن‏ ‏الهجرة‏ ‏تحتاج‏ ‏لهمة‏ ‏عالية‏ ‏وصبر طويل‏، ‏فوعدنى ‏خيرا‏ًً ‏وقال‏ ‏الصديقان‏، ‏إنهما‏ ‏يطمئنانى.. ‏فقال‏:‏

‏- ‏انتظرونى ‏عند‏ ‏الجامع‏ ‏على ‏طلوع‏ ‏الفجر‏.‏

 التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

وعند الجامع قبيل الأذان وأنا أتطلع فى السماء أحاول أن أتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، كنت متأكد أنهما لن يحضرا بالرغم من أنهما قالا أنهما بحثا عنى طويلا حتى عثرا علىَ، وأنهما قلقان علىّ، وأنا صدقتهما، فما الذى منعهما من المجئ، وأذن الفجر وأجاد المؤذن ترديد أن “الصلاة خير من النوم”، وكدت أن أخرج ربابتى وأنغم الأذان، وبعد الانتهاء من الصلاة عدت أنتظر غلق باب المسجد وأردد وكأنى أعزف على ربابتى أن النوم خير من الانتظار، وشعرت بربابتى فى حضنى بشكل لم أشعر به من قبل، وسألتنى، ولكن: من قال لهما أنى أفكر فى الهجرة، صحيح أننى واثق من همتى العالية، وصبرى الطويل وهما لا تحتاجهما الهجرة كما قال الرجل العظيم، لكننى على يقين من أن البقاء يحتاج إلى نفس هذه البضاعة أضعافا مضاعفا،

وحين تأكدت تماما – بعد انتظارى حتى طلوع الشمس- من استحالة حضورهما برغم همتى العالية وصبرى الطويل، غمرنى فرح خفى، وقلت فى سرى “يستأهلان” هذا هو اختيارهما.

وهذا هو اختيارى الأفضل.

 

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *