الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ قراءة الحلم (33) تقاسيم على اللحن الأساسى

فى رحاب نجيب محفوظ قراءة الحلم (33) تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”13-4-2017

الخميس: 24-8-2017

السنة العاشرة

العدد:   3645                        

فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (33- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (33)

ماذا‏ ‏حل‏ ‏بالشارع‏ ‏بل‏ ‏بالحى ‏كله؟‏.. ‏على ‏ذاك‏ ‏لم‏ ‏أكن‏ ‏أتوقع‏ ‏خيرا‏ ‏فيما‏ ‏أرى‏.‏

الحى ‏كله‏ ‏كأنما‏ ‏هرم‏ ‏به‏ ‏العمر‏ ‏فذهب‏ ‏رونقه‏ ‏وتناثرت‏ ‏القمامة‏ ‏هنا‏ ‏وهناك‏ ‏وصادفنى ‏أحد‏ ‏العاملين‏ ‏فسألته‏:‏

‏- ‏ماذا‏ ‏جرى؟

فأجاب‏ ‏وهو‏ ‏يبتسم‏:‏

‏- ‏البقاء‏ ‏لله‏ ‏وحده‏، ‏وسبحان‏ ‏مغير‏ ‏الأحوال‏.‏

وقصدت‏ ‏مسكن‏ ‏صديقى ‏متوقعاً‏ ‏أن‏ ‏يحيق‏ ‏به‏ ‏ما‏ ‏حاق‏ ‏بالحى ‏كله‏ ‏أو‏ ‏أكثر‏، ‏ولا‏ ‏أنكر‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏وساطتى ‏للحصول‏ ‏على ‏بعض‏ ‏الأدوية‏ ‏الضرورية‏ ‏من‏ ‏الخارج‏ ‏كما‏ ‏كانت‏ ‏مكالمة‏ ‏تليفونية‏ ‏منه‏ ‏تحل‏ ‏أعصى ‏المشكلات‏ ‏فى ‏المصالح‏ ‏الحكومية‏، ‏وجدته‏ ‏كاسف‏ ‏البال‏ ‏لا‏ ‏يأمل‏ ‏خيرا‏ًً ‏فى ‏شئ‏.. ‏فعزيته‏ ‏وقلت‏ ‏له‏ ‏إنه‏ ‏صاحب‏ ‏مهنة‏ ‏على ‏أى ‏حال‏.‏

فقال‏ ‏متهكما‏ًً:‏

‏- ‏ستثبت‏ ‏لك‏ ‏الأيام‏ ‏أننا‏ ‏…..‏ ‏أسوأ‏ ‏من‏ ‏غيرنا‏.‏

وساءلت‏ ‏نفسى ‏ترى ‏هل‏ ‏يوجد‏ ‏حقا‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏أسوأ‏، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏حضر‏ ‏نفر‏ ‏من‏ ‏الشبان‏ ‏والشابات‏، ‏ومع‏ ‏كل‏ًٍّ ‏حقيبته‏ ‏ملأها‏ ‏بأشيائه‏ ‏المودعة‏ ‏فى ‏الشقة‏ ‏مثل‏ ‏البيجامات‏ ‏والملابس‏ ‏الداخلية‏ ‏والقمصان‏ ‏النسائية‏ ‏الفاتنة‏ ‏وداهنات‏ ‏وروائح‏ ‏عطرية‏.‏

وحمل‏ ‏كل‏ ‏حقيبته‏ ‏وذهب‏.. ‏نطق‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏بما‏ ‏كانت‏ ‏تؤديه‏ ‏شقته‏ ‏من‏ ‏خدمات‏ ‏كما‏ ‏فطن‏ بتدهوره‏.. ‏وتساءلت‏ ‏فى ‏نفسى.. ‏ترى ‏هل‏ ‏كان‏ ‏ينعم‏ ‏بالفخر،‏ ‏أو‏ ‏أنه‏ ‏تجرع‏ ‏المذلة‏ ‏والقهر‏؟

 التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

وسارعت إلى شقتى ورحت أتأمل أشيائى أنا الآخر، وأحضرت حقيبتين كنت قد أعددتهما للسفر، وبدأت أجمع حاجاتى العزيزة أنا أيضا دون تفكير، لكننى فجأة اكتشفت أننى أمارس كل هذا كالآلة، وكأن صورة الشبان والشابات قد انطبعت داخلى دون إرادة، وجعلتـْنى مجرد آلة للمحاكاة، فأخرجت كل ما جمعت بالحقيبتين وألقيت بها مبعثرة على السرير وجلست على الأرض أتأمل، لكننى لم أجد فى ذهنى أية فكرة محددة تستاهل التأمل اللهم إلا حكاية ما إذا كنت أنعم بالفخر أم أتجرع المذلة والهوان،

ودق جرس الباب فأنقذنى من محاولة الرد على السؤال، وحين فتحت وجدت ابنة البواب السمراء الجميلة التى بدأت علامات أنوثِتها تلوح منذ عام، وجدتها تسألنى باسمة “عايز حاجة يا سِيدى” فقلت لها: نعم، قالت: تحت أمرك ، قلت: ادعى لى، قالت: ربنا يهّدى سرك، ويمتعك بصحتك، ولا يـِحْـوِجك لهم، قلت لها: ربنا يخليكى وماذا أيضا؟ قالت: ربنا يجعل عمرك فى حجر صوّان، لا ينكسر ولا ينهان، وفجأة دخل علينا أبوها وأخوها وأنهالوا عليها ضربا بعصىّ غليظة كانا يحملانها ثم جَرُّوها جرًّا أمامهما وهى تصرخ وتستغيث بى وأنا لا أعرف ماذا أفعل، ولم يوجهوا لى أى اتهام أو حديث، وتذكرت صديقى وهو ينبهنى لما تخبئه الأيام.

 

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *