الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد يوليو 1986 / عدد يوليو1986-مثـل ومـوال فى لعبة العلاقات البشرية

عدد يوليو1986-مثـل ومـوال فى لعبة العلاقات البشرية

مثـل ومـوال

فى لعبة العلاقات البشرية

أخيرا صدر كتاب الأمثال العامية، بقلم العلامة المحقق “أحمد تيمور باشا” عن مركز الأهرام للترجمة والنشر، فى طبعة أنيقة، وملحق به أضافة جديدة قام بها المركز مشكورا، وهى “الكشاف الموضوعى” (!) ومع تقديرنا لهذه الخطوة الجادة والمفيدة، فاننا نريد أن نتذكر، ونتذاكر بعض الدلالات التى يوحى بها هذا العمل الرائد، ومن ذلك أن هذا العمل ما زال أشمل وأوفى وأدق من أغلب (أو كل: حسب ما أعرف) ما صدر حديثا فى نفس الموضوع (الامثال)، رغم ظهور وسائل التسجيل الاحدث وتعدد أقسام “الدراسات الشعبية” فى الجامعات، والمعاهد العليا المتخصصة .. ووفرة الدراسات العليا .. الخ، ولابد من الوقوف احتراما لهذا “الباشا” الذى اهتم “هكذا” بكلام “عامة” الناس البسطاء، ولنتساءل عن القيم المتمثلة فى هذا العمل وهى “الاتقان” أساسا ثم “المثابرة”، وهل يمكن ارجاعها – فقط – الى جهد فردى يدل على “الانتماء” و “الامانة”، أم أنها صفة دالة لما هو أكثر، وهل “التفرغ” الذى تتيحه سعة الرزق هو الذى ساعد على ذلك، أم أنه الالتزام التلقائى بالوجود النافع للناس، كل الناس؟ وأين مثل هذا التفرغ الآن بعد أن توارى “البديل الرسمى” الذى ظهر فى الستينات.

وماذا يفعل “باشوات” هذا الزمان الآن بنقودهم ووقتهم، وماذا يعمل اساتذته بطلبته وتراثه؟؟

ثم تقول: انه بعد صدور هذه الطبعة الجديدة أصبح لهذا الباب (مثل وموال) مصدر منظم مبوب يحتاج لمراجعة واعادة قراءة وسبر غور .. الخ وقد استعنا فى العدد السابق بكشافه الموضوعى فى باب “صداقة” الا أننا لاحظنا عدة ملاحظات كانت سببا فىالتردد هذه المرة فى الاعتماد على نفس الفهرست بنفس الطريقة، ولزم علينا أن نوصى بمراجعة هذا “الكشاف الموضوعى”(1).

فمثلا: ورد مثل “آدى السما وآدى الأرض”، ومثل اللى ما يروح الكوم ويتعفر لما يروح الحلة يتحسر” ورد هذان المثلان فى الأمثلة المدرجة تحت “الصبر” – حين راوتنا الشكوك حول احقية هذين المثلين (وغيرهما) فى هذا الموضع (الصبر)، راجعنا شرح المحقق فوجدنا كلمة “الصبر” قد وردت – لفظا – فى شرحه، ويبدو أن هذا هو المبرر لهذه الفهرسة هكذا، وربما تم ذلك بوسائل “كمبيوتورية” أحدث، لكن مجرد الاعتماد على ورود كلمة “صبر” دون النظر فى السياق ودون الرجوع الى نص المثل أساسا، لا يكفى، ففى المثل الأول يقول المحقق:

يضرب (المثل) لمن يطلب المستحيل، ويكثر ضربه عند فقد الأولاد للتسلية والحث على الصبر …

فهنا نلاحظ أن المحقق أورد “رأيه” فى المثل وأين يكثر ضربه، وهذا ليكفى (مع شكره واحترام رأيه بداهة) ثم أنه أورد عبارة “للحث على الصير”، والمثل الذى يحث على شئ، غير الذى يدل عليه، فمثلا لا نستطيع ان ندرج نفس هذا المثل تحت باب “التسلية” لمجرد أن من رأى المؤلف أنه يضرب للتسلية (أو السلوى) ومن عمق آخر نجد أن رأى المؤلف يتضمن وجهة نظر جيدة، وان كانت غير مباشرة، فالمثل هكذا (آدى السما وآدى الأرض) هو دعوة مباشرة لمواجهة الواقع “كما هو” – وهذا قد يتضمن ويتطلب “صبرا ما” – ومواجهة الواقع تتكرر فى أمثلة بال حصر، وهى قد تواكب الصبر “ان صبرتم اجرتم وامر الله نافذ” .. وقد لا تواكب الصبر مثل “آدى الله وآدى حكمته” و “آدى الجمل وآدى الجمال” بل ان الدعوة الى مواجهة الواقع قد نواكب الحسم الفورى وعدم التأجيل مع قبول التمادى فى الدور المختار، مثل: “اللى بدك تقضيه امضيه، واللى عايز ترهنه بيعه، واللى بدك تخدمه طيعه”، فالسياق فى مثل هذه الأمور أهم من ورود اللفظ أو العبارة.

والمثل الثانى (اللى ما يروح الكوم ويتعفر …. الخ) هو دعوة الى الجد والعمل قبل أن يكون دعوة الى الصبر، ان كان دعوة الى الصبر أصلا كما سنرى، ذلك لأن تعبير “يصبر على (التعفير)” لا يفيد الصبر بمعنى التحمل والتأجيل بقدر ما يفيد معنى احتراق المشاق مع ضبط الانفعال المعوق مما يشمل الكفاح والخشونة والعرق والاجتهاد، وكل هذا قد يكون الجانب “الفعال” الايجابى لما هو صبر “على” وربما هذا ما برر ادراجه تحت ما هو “صبر”، ولكنه ليس مبررا كافيا من وجهة نظرنا، ذلك أن هذا المثل “اللى ما يروح الكوم ويتعفر..” أو “اللى عايز الجميلة يدفع مهرها” أو “لابد للشهد من لبر النحل”.. الخ هو المقابل لقولتا “من جد وجد، ومن زرع حصد”، وبديهى انه لا يتوارد الى الذهن أى معنى للصبر – المعتاد من خلال هذا القياس، وليس من المستحسن أن نستسهل فرط التضمين هذا ونحن نحاول أن “نبوب” لهذا السفر الضخم اللهم الا اذا شمل تفاصيل وتفاسير أكثر فأكثر، مثل أن نقسم الصبر الى: الحث على الصبر، الصبر على الفقد، الصبر على المشقة، الصبر التأمل، الصبر المواجهة.

وبصفة عامة، ليس من حقنا أن نلجأ الى كلمة “صبر” بملحقاتها من حروف الجر خاصة كما وردت فى استعمالات اللغة العربية الفصحى قبل أن تتعمق فى مضمونها فى اللغة العامية، والعامة لا يتكلمون عن الصبر بالمعنى الايجابى المكافحى الفعال، بقدر ما يتكلمون عن صورته التحملية فى شكل الانتظار وعدم الشكوى:

الصبر يا مبتلى أفضل من الهذيان

وأفضل من الحج ومن صيام رمضان

وصبر أيوب هو النموذج الشائع لمضمون الكلمة، والبحث عن الصبر عند العطار (يا عطارين دلونى ..)، أو افتقاد شجر الصبر وقت البلاء يازارع الصبر هوا الصبر شجره قل

ولا سواقى الوداد شحت وماءها قل

أو طول الانتظار:

الصبر من كتر صبرى اشتكى منى

ثم ننتقل بعد هذه التحفظات المبدئية الى مثل استرعى انتباهنا فى هذا السفر الجليل وهو يحتاج الى قراءة واعادة قراءة مما نعتبره

موضوع اليوم …. يقول المثل:

“الابد اللى ما تقدرش تقطعها بوسها”

ويقول المؤلف شارحا المراد: حاسن القوى واخضع له ما دمت عاجزا عنه، ثم يقول: والعرب تقول فى هذا المعنى “لاين اذا عزك من تخاشن” (انتهى).

ولنا هنا وقفة:

فهذا المثل قد يوحى بما نحب أن نشيعه على ناسنا من اتهام بالجبن أو النفاق، ويبالغ فىهذا الاتهام أولئك الطفيليون الرومانسيون أو المحرضون المتحمسون، ولكن المثل فى عمقه انما يعرى طبيعة بشرية أصيلة رغم خفائها، وقد دأبنا مؤخرا على أن نقلل من قيم “التكيف” أو “الملاينة” (تكتيكا او بعد نظر) لحساب قيم “المثالية” البراقة، أو الأخلاق ذات البعد الأوحد المسطح، دون عمق واقعى مسئول، وبدأ الخلط واضحا بين ما هو تشكل، بمعنى conformiy اى أن يصيغ الواحد منا نفسه كما يراد له تماما حتى يصبح “مقلوبا” يتماثل مع من حوله بلا كيان ذاتى، وبين التكيف بمعنى adjustment وهو العملية التى تسمح للانسان أن يعيش كائنا اجتماعيا متعاونا، متنازلا، فارضا، مبدعا متلقيا، وكل هذا يحتاج الى درجة هائلة من مرونة ذاتية متفجرة، لا تخشى الظاهر لثقتها من صلابة الباطن وسلامة اتجاه المسيرة وقد سمح لنا مراجعة هذا المثل أن نعيد النظر فى هذه الامور لنواجه عدة قضايا على الوجه التالى:

1 – أن احد الاساسات المبدئية فى علاقة البشر بعضهم ببعض هو: الحرب المعلنة والخفية، فالآخر “ليس جحيما” كما يقول غلاة الفكر الانفرادى، فى نفس الوقت ليس نعيما كما يقول غلاة الطفلية الرومانسية لكنه “التحدى والمواجهة” وفى نفس الوقت هو الضرورة والتكامل” ونقطة البداية فى العلاقة بالآخر هى الحرب (الموقف البارنوى فى النمو: الكر والفر) ولا يستطيع الطفل (أو الانسان عبر شطوره) أن ينتقل الى مرحلة “الحب” (فى الموقف الاكتئابى) الا اذا اجتاز مرحلة العدوان بالتحدى فى مواجهة الآخر: الأم فالأب على معيار النمو) بنجاح، ثم يدرك من خلال الضرورة وعدم القدرة على (وكذلك عدم الرغبة فى) التخلص من الآخر أن الآخر هو “المقرر / المختلف / اللازم / المفيد معا” – وهنا يقترب الطفل من أمه طائعا مختارا محتميا خاضعا ولكن عمق اعماقه لا ينسى أنه كان (ومازال فى وجوف وجوده) يريد أن يتخلص منها بترا حتى يرتد الى مرحلة الاحتواء الأعمى داخلها (الموقف الشيزويدى) وكأنه يتكرها باخفائها، بل بالاختفاء فيها – ولكن مادامت المسيرة ذات الاتجاه النمائى حتمية، بل بالاختفاء فيها – ولكن مادامت المسيرة ذات الاتجاه النمائى حتمية، ومادامت هذه هى طبيعتها البشرية الرائعة، فلابد من معركة، فهزيمة مختارة، فتسليم مشروط بشروط خفية تقلب فى النهاية – خسارة المعركة الظاهرة الى مكسب نموى أكيد.

هذه هى المعركة الاولى مع الأم (كالآخر)

وثمة معركة أخرى أكثر شيوعا وأكثر تحديدا، وهى معركة الطفل (الذكر خاصة) مع الأب، وهى ما يقال لها عقدة أوديب، تلك العقدة التى بولغ فىتفسيراتها جنسية فرويدية فلسفية، لكن النظرة الى هذه العلاقة يمكن أن يكون مباشرا من خلال أن الوالد آخر، قوى، قاهر، وهو بهذه الصورة يمثل قمة ما هو آخر قوى، قاهر وهو بهذه الصورة يمثل قمة ما هو آخر بمعنى التحدى والمواجهة – وبما أنها معركة حتمية بطبيعة التواجد البشرى على مسيرة النمو، وبما أنها، أيضا معركة محسومة لصالح الأقوى فى هذه المرحلة، فإن المبالغة فى محاولة ايجاد تفسيرات ثانوية لها فيما يتعلق “بالتنافس على الام” لا مبرر لها بداية، ومع أنها معركة غير متكافئة فلابد للطفل – حتى ينمو – من دخولها، وهو بين احتمالات ثلاث:

  • أما أن يتوقف عندها ويظل فيها مدى الحياة (وهذا ما نشاهده فى مسوخ دون كيشوتات أشباه الثوار الدائمين، الذين لا يستطيعون تبرير وجودهم الا بصراع مع سلطة ما، وادعاء حرية ما لا تتحقق أبدا بحيث لو اختفى مثل هذا العدو صاحب السلطة لاصطنعوا قائدا قاهرا ليحاربوه بلا انقطاع.
  • واما أن يتقمص الطفل (النامى) هذا الآخر القوى القاهر، (التقمص بالمعنى) وتختفى المعركة مؤقتا ولكن هذا الاختفاء (بالتقمص) هو عادة مرحلة نمو الاحتمال الثالث حين يشتد العود النامى، أما اذا ظل هكذا طول العمر فهو توقف النمو الدائم مما يمكن أن يندرج تحت نوع من أنواع ما يسمى: اضطراب الشخصية.
  • واما أن يعترف بدرجة ما من الوعى بتفاوت القوى، فيستسلم بدرجة ما من المناورة، ليتجنب الأوهام شبه الثورية (الحل؟) أو الجمود شبه الانتصارى (الحل ب) الاثنان وقد عبر المثل المختار لهذه الحلقة عن مرحلة النضج الصعبة التى تعترف بالواقع فتقبل الهزيمة المؤقتة، لا أكثر ولا أقل:

“الايد اللى ما تقدرش تقطعها بوسها”

فالتقبل هنا ليس بالضرورة رضوخا بقدر ما هو اعتراف بعجز مرحلى، تمهيدا لتقوية منتظمة، ثم معركة أكثر كفاءة.

على أن ثمة احتمال آخر يوحى به نفس المثل، كذلك أن هذا التقبيل قد يكون نوعا من العدوان السلبى (مثل جدل العبد والسيد) (2) بمعنى أنه: اذا كنت أنا الأضعف: فاحملنى (أيها الأقوى الغبى) وادفع ثمن استمرار عنفوانك “يا سيد” .. الخ.

وفى الحالين يكون “الوعى” بهذا الضعف والتسليم هو سر القوة الخفية، ودعوة للاستعداد، فهو تأجيل المعركة بدلا من الاستمرار فى معركة بلا معركة (الحل أ) أو الانكار بدلا من المعركة أصلا بالتواجد (الحل ب) – وقد تصورت يوما أن “كامب ديفيد”، هى نوع من هذه المناورة النموية، وحلمت – حتى اليقين – بأنا سنفعلها بمجرد أن تحدد أبعاد هذه اليد التى عجزنا عن قطعها “الآن” فقبلنا، كراهية وعدوانا، ثم قبلناها مناورة وانتظارا، ثم قبلناها تحديا واذلالا، ثم قبلناها تنافسا فتجاوزا (مثل المانيا واليابان مع الحلفاء!!) ثم لا نضطر إلى تقبيلها تحفزا وانقضاضا، وكنت أتصور أن ذلك الفلاح العظيم داخل السادات يرسم لكل هذا بذكاء سبعة آلاف عام، ولم أستطع أن أتحقق من هذا الفرض لأنه “ساداتا” آخر، انتحر “ساداتى” الفلاح خارج حساباتى.

وعلى ذلك فالمسألة فى هذا المثل ليست ترويجا للفناق كما يبدو من أول وهلة، وانما هى وعى بالعدوان من “الأخر” الأقوى (مرحليا) واحتراما للامكانيا الآتية، واستعمالات للعدوان السلبى المنهك (بكسر الهاء) ثم تحفزا واستعداد للجولة القادمة – أحسب أن هذا ما يفعله الشعب المصرى طوال تاريخه مع طغاته ومحتليه.

وقد يكمل هذا المعنى ويوضحه (وأن ناقضه ظاهريا) مثل آخر يقول:

“واللى ماتقدرش توافقه نافقه”

فبالرغم من أن هذا المثل يبدو عكس الأول من حيث أن البداية لم تكن معركة (قطع اليد) فى حين أن النهاية بدت مماثلة (باعتبار أن بوس اليد يقابل النفاق) إلا أن النظرة الثانية تقول أن هذا المثل يوضح أولا: أن الموافقة ليست هى النفاق، ولكنها عكسه، فهى موافقة المحاور المجتهد للاقتناع، فإذا كان ذلك يعنى أن الانسانية فى مرحلة استعمال هذا المثل الجديد قد تطورت فلم تعد قاهرا ومقهورا، فإن الآخر يصبح رفيقا/خصما/عدوا، فى آن ويصبح الحوار ممكنا، والموافقة محتملة، فإذا ثبت أنه حوار كاذب (ديمقراطية طورية) فقد لزم اللجوء الى نفس المناورة السابقة، فالديمقراطية الكاذبة تساوى القهر الصريح سواء بسواء.

فإذا تصورنا التحام المثلين فى تكامل فلنا أن نتصور العلاقة النموية البشرية وهى تتدرج على النحو التالى:

  • محاولة للتفاهم الحوار الحقيقى (الموافقة)

(ب) عجز عن التفاهم محاولة للقهر من جانب الأقوى، والرد بمحاولة البتر (قطع اليد) من جانب الأضعف (حالا).

(جـ) ادراك “فرق القوى” (المرحلى)

(د) تكتيك النفاق أو “بوس” اليد (مرحلى)

(هـ) عودة إلى المحاولة (أ) بعد اشتداد العود .. (وهكذا).

وقد يؤكد معنى “الموافقة” الذى ذهبنا إليه استعمال نفس الكلمة فى مثل آخر بطريقة دالة:

“اللى ترافقه وافقه”

فالرفيق هنا ليس هو الآخر (التحدى/المواجهة، فحسب، لكنه المحاور (المختلف المكمل) – وفرق بين قولهم “اللى ترافقه وافقه”، وبين الجزء الأخير الذى ورد فى المقدمة من أنه “اللى بدك تخدمه طيعه” بما لا يحتاح إلى تعليق. كما قد يؤكد ما ذهبنا إليه عامة، ذلك المثل الآخر يقول:

“اللى ماتقدرش عليه،

فارقه،

أو بوس أيده”

وهكذا نرى أن قطع اليد (البتر) فى المثل الأول هو المرادف للمفارقة فى هذا المثل، يصبح البديل – إذا لزمنت الصحبة لظرف ضرورة الواقع ولو مرحليا – هو “بوس” اليد لا تسليما، وانما تكتيكا (نفس الحكاية)

وشتان بين تقبيل اليد، أو النفاق الواعى، احتراما للواقع، واستعداد للانقضاض، وبين استسلام مهين، أو مثالية عاجزة، وقولهم:

“اللى يربط فى رقبته حبل، ألف مين يسحبه”

هو نقيض بوس اليد الواعى، تكتيكا ومواجهة، لأن هذا الموقف (الحبل الجاهز للسحب) ليس فيه “آخر” (التحدى المواجهة) بل هو ردة الى الذات، و”مونولوج” معها وضياع فى أوهام بطولات “ديكورية” وقد استقبلت – ربما خطأ – أن هذا الحبل قد لايكون بالضروة وهما بثورة زائفة، أو بسلام مخزون حتى يصدأ، أو فى خطبة معادة أو نفط مهدر، أو قرش مستودع عند عدو، وكل هذا حبال مربوطة فى رقاب فاقدى الوعى بشكل أو بآخر.

هكذا يحاول هذا المثل العامى أن يوقظنا من أوهامنا، ويفل اغترابنا، رغم مايحمل من آلام المواجهة، وما يفرضه من ثمن النمو الصعب فى عالم يتحدى الوقت، بأقل درجة من العدل “الجاهز”.

[1] – وكنا نفضل اسم “ثبت بالموضوعات أو فهرست الموضوعات” حتى لا تذهب صفة “الموضوعى” الى معنى آخر.

[2] – هيجل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *