الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ قراءة أخرى للحلم (32) تقاسيم على اللحن الأساسى

فى رحاب نجيب محفوظ قراءة أخرى للحلم (32) تقاسيم على اللحن الأساسى

نشرة “الإنسان والتطور”13-4-2017

الخميس: 17-8-2017

السنة العاشرة

العدد: 3638                          

فى رحاب نجيب محفوظ

قراءة أخرى للأحلام الأولى (32- 52)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نواصل تقديم الــ 52 حلما الأولى بأسلوب: “التناصّ النقدى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (32)

حدثنى ‏الزميل‏ ‏القديم‏ ‏إنه‏ ‏ذاهب‏ ‏للعمل‏ ‏فى ‏اليمن‏ ‏وقال‏ ‏لى ‏إن‏ ‏ثمة‏ ‏كلاما‏ ‏يدور‏ ‏حول‏ ‏دعوتى ‏للعمل‏ ‏فى ‏اليمن‏ ‏وحثنى ‏على ‏القبول‏ ‏فوعدت‏ ‏بالتفكير‏ ‏فى ‏الموضوع‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏أبدى ‏أى ‏حماس‏ ‏له‏. ‏وفى ‏البيت‏ ‏الذى ‏أعيش‏ ‏فيه‏ ‏وحيداً‏ ‏مع‏ ‏كلبتى ‏فكرت‏ ‏فى ‏الأمر‏ ‏على ‏غير‏ ‏المتوقع‏. ‏وشجعنى ‏على ‏ذلك‏ ‏نفورى ‏من‏ ‏كلبتى ‏الذى ‏تولّد‏ ‏منذ‏ ‏أخذ‏ ‏وجهها‏ ‏يتغير‏ ‏ويتخذ‏ ‏صورة‏ ‏وجه‏ ‏إنسان‏. ‏كانت‏ ‏وهى ‏كلبة‏ ‏خالصة‏ ‏جذابة‏ ‏ومسلية‏ ‏أما‏ ‏بعد‏ ‏التغيير‏ ‏المذهل‏ ‏فلم‏ ‏تعد‏ ‏كلبة‏ ‏ولا‏ ‏بلغت‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏إنسانا‏ًً، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏أجد‏ ‏نفسى ‏فى ‏حجرة‏ ‏مكتبى ‏فى ‏اليمن‏ ‏وسكرتيرى ‏الخاص‏ ‏واقف‏ ‏بين‏ ‏يدى، ‏وكانت‏ ‏الحرارة‏ ‏شديدة‏، ‏فسألت‏ ‏السكرتير‏ ‏عن‏ ‏حال‏ ‏الجو‏ ‏فى ‏هذا‏ ‏البلد‏ ‏فقال‏ ‏لى ‏إنه‏ ‏دافئ‏ ‏شتاء‏ ‏وشديد‏ ‏الحرارة‏ ‏بقية‏ ‏فصول‏ ‏السنة‏ ‏ولكن‏ ‏المبنى ‏مرتفع‏ ‏جدا‏ًً ‏وكلما‏ ‏ارتفع‏ ‏تحسن‏ ‏الجو‏ ‏وأنه‏ ‏ما‏ ‏على ‏كلما‏ ‏ضقت‏ ‏بالجو إلا‏ ‏أن‏ ‏أكتب‏ ‏التماسا‏ًً ‏للمدير‏ ‏للنقل‏ ‏إلى ‏طابق‏ ‏أعلى. ‏سررت‏ ‏بعد‏ ‏اكتئاب‏ ‏وقمت‏ ‏إلى ‏النافذة‏ ‏ونظرت‏ ‏إلى ‏أعلى ‏فرأيت‏ ‏المبنى ‏عظيم‏ ‏الارتفاع‏ ‏حتى ‏خيل‏ ‏إلى ‏أنه‏ ‏يلامس‏ ‏السماء‏.‏

ورأيت‏ ‏رؤوسا‏ ‏تطل‏ ‏من‏ ‏النوافذ‏ ‏العالية‏ ‏فارتعش‏ ‏قلبى ‏لرؤيتها‏ ‏إذ‏ ‏رأيت‏ ‏فيها‏ ‏وجوه ‏أحبة‏ ‏الزمان‏ ‏الأول‏. ‏سررت‏ ‏سرورا‏ًً ‏لا‏ ‏مزيد‏ ‏عليه‏ ‏وحمدت‏ ‏الله‏ ‏على ‏قبولى ‏الدعوة‏ ‏للعمل‏ ‏فى ‏اليمن‏ ‏السعيد‏.‏

التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

وزادت الحرارة فى اليوم التالى حتى لم أعد أطيقها، وقررت أن أتبع نصيحة السكرتير وأن اطلب نقلى إلى أعلى طابق ممكن وأسررت فى نفسى أننى بذلك سوف أكون بين أحبه الزمان الأول، لكن السكرتير نبهنى إلى أن تقديم الالتماس هو من حقى، أما الاستجابة له فهى تتوقف على شروط كثيرة، فقلت أننى مستعد للوفاء بأى شرط مقابل أن أتخلص من هذا الحر القاتل، ولم ألمّح له برغبتى فى الاقتراب من وجوه الأحبه، وإذا به يسألنى مباشرة: هل أنت قريب أى منهم فتعجبت للسؤال وكأنه قرأ داخلى، فأجبت بالنفى لكنهم أحبة الزمان الأول، وقد اشتقت إليهم كما اشتقت للزمان الأول،  قال: إن كنت جادا فى مشاعرك  فعليك أن تدفع الثمن، وحين طلبت أن يوضح لى الثمن قال: هم يشترطون ألا تتكلم مع مخلوق من هؤلاء السكان فى الأدوار العليا، وأن تنكر أي علاقة سابقة بأى منهم، وكدت أعترض لكن الحرارة تشتد من حولى فوافقت دون أن أسأل من جديد خشية أن تكون الإجابة شروطا جديدة.

ذهب السكرتير وجلست إلى مكتبى أنتظر عودته بالرد فإذا بجسم طرى يقترب من ساقى اليسرى، ويلامس أسفلها برقة، فنظرت ناحيته فإذا بكلبتى المسخ تنظر إلىّ نظرة هى مزيج من الفرحة والشماتة، ولم أفزع ولم أفهم، وإذا بالباب يفتح ويدخل سكرتيرى من جديد، فتهتاج الكلبة المسخ وتهاجمه فورا وبوحشية لم أعهدها فيها ولا مرة واحدة، مع أنه هو الذى كان يرعاها ويقدم لها المأكل والمشرب منذ اقتنيتها، وحاولت أن أحول دون أن تواصل هجمهتها، لكنها اندفعت إلى الأوراق التى كانت فى يده ووضعتها بين فكييها ثم نظرت  إلى النافذة المفتوحة واندفعت نحوها وقفزت منها، وحين عدت إلى السكرتير وجدته مغمى عليه.

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *